فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا، وقال: لأوتين مالا وولدا} [مريم: 77]

( { أفَرَأيْتَ الَّذِي كَفَرَ بآياتِنا.

     وَقَالَ  لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَداً}
(مَرْيَم: 77)

وَفِي بعض النّسخ: بابُُ قَوْله: { أَفَرَأَيْت الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا} الْآيَة.
قَوْله: (أَفَرَأَيْت) بِمَعْنى: أخبر، وَالْفَاء جَاءَت لإِفَادَة مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ التعقيب كَأَنَّهُ قَالَ: أخبرهُ أَيْضا بِقصَّة هَذَا الْكَافِر، وَاذْكُر حَدِيثه عقيب حَدِيث أُولَئِكَ، وَالْفَاء بعد همزَة الِاسْتِفْهَام عاطفة على جملَة: الَّذِي، الْعَاصِ بن وَائِل كفر بِآيَاتِنَا الْقُرْآن،.

     وَقَالَ : لَأُوتَيَنَّ مَالا وَولدا، يَعْنِي: فِي الْجنَّة بعد الْبَعْث، قَالَ ذَلِك استهزاء، قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ: ولدا، بِضَم الْوَاو وَسُكُون اللَّام وَالْبَاقُونَ بفتحهما، وهما لُغَتَانِ: كالعرب وَالْعرب.



[ قــ :4476 ... غــ :4732 ]
- حدَّثنا الحمَيْدِيُّ حَدثنَا سُفْيانُ عنِ الأعْمَشَ عنْ أبي الضُّحَى عنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَمِعْتُ خَبَّاباً قَالَ جِئْتُ العاصِيَ بنَ وائِلٍ السَّهْمِيَّ أتَقاضاهُ حَقاً لي عِنْدَهُ فَقَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفرَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْتُ لَا حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ قَالَ وَإنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إنَّ لي هُناكَ مَالا وَوَلَداً فأقْضِيكَهُ فَنَزَلَتْ هاذِهِ الْآيَة: { أفَرَأيْتَ الَّذِي كَفَرَ بآياتِنا.

     وَقَالَ  لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَداً}
..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحميدِي، عبد الله بن الزبير، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَأَبُو الضُّحَى مُسلم ابْن صبيح، ومسروق هُوَ ابْن الأجدع، وخبابُ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى: ابْن الْأَرَت، بِفَتْح الْهمزَة وَالرَّاء وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق.

والْحَدِيث مر فِي الْبيُوع فِي: بابُُ الْقَيْن والحداد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن بشار عَن ابْن أبي عدي عَن شُعْبَة عَن سُلَيْمَان عَن أبي الضُّحَى إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (العَاصِي بن وَائِل) ، هُوَ وَالِد عَمْرو ابْن الْعَاصِ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور، كَانَ لَهُ قدر فِي الْجَاهِلِيَّة وَلم يوفق لِلْإِسْلَامِ،.

     وَقَالَ  الْكَلْبِيّ: كَانَ من حكام قُرَيْش، وَفِي (التَّوْضِيح) : الْعَاصِ بِلَا يَاء وَلَيْسَ من الْعِصْيَان إِنَّمَا هُوَ من عصى يعصو إِذا ضرب بِالسَّيْفِ قلت: لَا مَانع أَن يكون من الْعِصْيَان بل الظَّاهِر، أَنه مِنْهُ، وَإِنَّمَا حذفت الْيَاء للتَّخْفِيف،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْعَاصِ، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وبكسرها أجوفياً وناقصياً.
قلت: إِذا كَانَ أجوفياً يكون من العوص، وَإِذا كَانَ ناقصياً يكون من الْعِصْيَان، وَوَائِل بِالْهَمْزَةِ بعد الْألف.
قَوْله: (فَقلت: لَا) ، أَي لَا أكفر، قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَفْهُوم الْغَايَة أَنه يكفر بعد الْمَوْت.
قلت: لَا يتَصَوَّر الْكفْر بعد الْمَوْت فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أكفر أبدا، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: { لَا يذوقون فِيهَا الْمَوْت إلاَّ الموتة الأولى} (الدُّخان: 65) فِي أَن ذكره للتَّأْكِيد.

رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وشُعْبَةُ وحَفْصٌ وأبُو مُعاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عنِ الأعْمَشِ

أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور هَؤُلَاءِ الْخَمْسَة عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش، أما رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش إِلَى آخرهَا فوصلها البُخَارِيّ بعد هَذَا، وَهُوَ قَوْله: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير أخبرنَا سُفْيَان عَن الْأَعْمَش إِلَى آخِره، وَأما رِوَايَة شُعْبَة فَكَذَلِك وَصلهَا البُخَارِيّ عقيب رِوَايَة مُحَمَّد بن كثير عَن بشر بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة إِلَى آخِره، وَأما رِوَايَة حَفْص وَهُوَ ابْن غياث فوصلها فِي الْإِجَارَة فِي: بابُُ هَل يُؤجر الرجل نَفسه من مُشْرك، عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش، وَأما رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم، بِالْمُعْجَمَةِ وَالزَّاي، فوصلها أَحْمد قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدثنَا الْأَعْمَش إِلَى آخِره، وَأما رِوَايَة وَكِيع فوصلها البُخَارِيّ أَيْضا عَن يحيى عَن وَكِيع عَن الْأَعْمَش إِلَى آخِره، وَعَن قريب تَأتي.