فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وإن يونس لمن المرسلين} [الصافات: 139]


[ قــ :76351 ... غــ :76352 ]
- ( سُورَةُ: { وَالصَّافَاتِ} )

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة: { وَالصَّافَّات} وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ سُورَة: وَهِي مَكِّيَّة بالِاتِّفَاقِ إلاّ مَا رُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن زَيْدَانَ.
قَوْله: { قَالَ قَائِل مِنْهُم إِنِّي كَانَ لي قرين} ( الصافات: 15) إِلَى آخر هَذِه الْقِصَّة، وَهِي ثَلَاثَة آلَاف وَثَمَانمِائَة وَسِتَّة وَعِشْرُونَ حرفا، وَثَمَانمِائَة وَسِتُّونَ كلمة وَمِائَة وَاثْنَانِ وَثَمَانُونَ آيَة.

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

ثبتَتْ الْبَسْمَلَة هُنَا عِنْد الْكل.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَيُقْذَفُونَ مِنْ كلِّ جَانِبٍ يُرْمَوْنَ

أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { ويقذفون من كل جَانب دحورا} ( الصافات: 8) وَفسّر: ( يقذفون) بقوله: ( يرْمونَ) وَفِي التَّفْسِير: يرْمونَ ويطردون من كل جَانب من حميع جَوَانِب السَّمَاء أَي جِهَة صعدوا للاستراق.
قَوْله: ( دحورا) ، أَي: طردا مفعلو لَهُ أَي: يطردون للدحور، وَيجوز أَن يكون حَالا.
أَي: مدحورين، وَهَذَا إِلَى قَوْله: ( لازب لَازم) يثبت فِي رِوَايَة أبي ذَر.

وَاصبٌ دَائِمٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَلَهُم عَذَاب واصب} ( الصافات: 9) وَفَسرهُ بقوله: ( دَائِم) نَظِيره قَوْله: { وَله الدّين واصبا} وَعَن ابْن عَبَّاس شَدِيد وَقَالَ الْكَلْبِيّ: مرجع، وَقيل: خَالص.

لازِبٌ لازِمٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { أَنا خلقناهم من طين لازب} ( الصافات: 11) وَفَسرهُ بقوله: ( لَازم) فِي التَّفْسِير: طين لازب أَي: جيد حر يلصق ويعلق بِالْيَدِ، واللازب بِالْمُوَحَّدَةِ وَاللَّازِم بِالْمِيم بِمَعْنى وَاحِد، وَالْبَاء بدل من الْمِيم كَأَنَّهُ يلْزم الْيَد، وَعَن السّديّ: خَالص، وَعَن مُجَاهِد وَالضَّحَّاك: منين.

تَأْتونَنَا عَنِ اليَمِينِ يَعْنِي الجنَّ الكُفَّارُ تَقُولُهُ لِلْشيْطانِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { قَالُوا إِنَّكُم كُنْتُم تأتوننا عَن الْيَمين} ( الصافات: 82) وَفَسرهُ بقوله: ( الْجِنّ) بِالْجِيم.
وَالنُّون الْمُشَدّدَة هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني،.

     وَقَالَ  عِيَاض: هَذَا قَول الْأَكْثَرين، ويروى: يَعْنِي الْحق، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْقَاف الْمُشَدّدَة فعلى هَذَا يكون لفظ الْحق تَفْسِير للْيَمِين أَي: كُنْتُم تأتوننا من جِهَة الْحق فتلبسونه علينا.
وَقَوله: ( الْكفَّار) مُبْتَدأ أَو تَقول خَبره أَي: تَقول الْكفَّار هَذَا القَوْل للشياطين، وَأما رِوَايَة الْجِنّ بِالْجِيم وَالنُّون: فَالْمَعْنى: الْجِنّ الْكفَّار تَقوله للشياطين، وَهَكَذَا أخرجه عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فَيكون لفظ: الْكفَّار على هَذَا صفة للجن فَافْهَم، فَإِنَّهُ مَوضِع فِيهِ دقة.

غَوْلٌ: وَجَعُ بَطْنٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { لَا فِيهَا غول وَلَا هم عَنْهَا ينزفون} ( الصافات: 74) وَفسّر قَوْله: غول بقوله: ( وجع بطن) وَهَذَا قَول قَتَادَة، وَعَن الْكَلْبِيّ: لَا فِيهَا إِثْم نَظِيره: ( لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم) ( الطّور: 32) وَعَن الْحسن: صداع، وَقيل: لَا تذْهب عُقُولهمْ.
وَقيل: لَا فِيهَا مَا يكره، وَهَذَا أَيْضا لم يثبت لأبي ذَر.

يُنْزَفُونَ: لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَلَا هم عَنْهَا ينزفون} وَفَسرهُ بقوله: لَا تذْهب عُقُولهمْ، هَذَا على قِرَاءَة كسر الزَّاي، وَمن قَرَأَهَا بِفَتْحِهَا فَمَعْنَاه لَا ينفذ شرابهم، وَفِي التَّفْسِير: لَا يَغْلِبهُمْ على عُقُولهمْ وَلَا يسكرون بهَا، يُقَال: نزف الرجل فَهُوَ منزوف ونزيف إِذا سكر وَزَالَ عقله، وأنزف الرجل إِذا فنيت خمره.

قَرِينٌ: شَيْطَانٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { قَالَ قَائِل مِنْهُم إِنِّي كَانَ لي قرين} ( الصافات: 15) وَفَسرهُ بقوله: ( شَيْطَان) يَعْنِي: كَانَ لي قرين فِي الدُّنْيَا، فَهَذَا وَمَا قبله لم يثبت لأبي ذَر.

يَهْرَعُونَ: كَهَيْئَةِ الهَرْوَلَةِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فهم على آثَارهم يهرعون} ( الصافات: 7) وَفَسرهُ بقوله: ( كَهَيئَةِ الهرولة) أَرَادَ أَنهم يسرعون كالمهرولين، والهرولة الْإِسْرَاع فِي الْمَشْي.

يَزِفُونَ: النَّسَلانُ فِي المَشْيِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يزفون} ( الصافات: 49) وَفسّر الزف الَّذِي يدل عَلَيْهِ يزفون، بقوله: ( النسلان فِي الْمَشْي) والنسلان بِفتْحَتَيْنِ: الْإِسْرَاع مَعَ تقَارب الخطا، وَهُوَ دون السَّعْي، وَقيل: هُوَ من زفيف النعام وَهُوَ حَال بَين الْمَشْي والطيران.
.

     وَقَالَ  الضَّحَّاك: يزفون مَعْنَاهُ يسعون، وَقَرَأَ حَمْزَة بِضَم أَوله وهما لُغَتَانِ.

وَبَيْنَ الجَنَّةِ نَسَبا.
قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: المَلائِكَةُ بَنَاتُ الله وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الجِنِّ،.

     وَقَالَ  الله تعَالَى { وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجَنَّةُ أنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} ( الصافات: 851) سَتَحْضَرُ لِلْحِسابِ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا} الْآيَة، وَهَذَا كُله لم يثبت لأبي ذَر، أَي: جعل مشركو مَكَّة بَينه، أَي: بَين الله، وَبَين الْجنَّة أَي: الْمَلَائِكَة وسموهم جنَّة لاجتنابهم عَن الْأَبْصَار، وَقَالُوا الْمَلَائِكَة: بَنَات الله.
قَوْله: وأمهاتهم أَي: أُمَّهَات الْمَلَائِكَة بَنَات سروات الْجِنّ أَي: بَنَات خواصهم، والسروات جمع سراة والسراة جمع سري وَهُوَ جمع عَزِيز أَن يجمع فعيل على فعلة، وَلَا يعرف غَيره.
قَوْله: ( وَلَقَد علمت الْجنَّة أَنهم) أَي: أَن قائلي هَذَا القَوْل لمحضرون فِي النَّار ويعذبهم وَلَو كَانُوا مناسبين لَهُ أَو شُرَكَاء فِي وجوب الطَّاعَة لما عذبهم.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لَنَحْنُ الصَّافُّونَ: المَلائِكَةُ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون} ( الصافات: 561، 661) الصافون هم الْمَلَائِكَة.
هَذَا أخرجه ابْن جرير عَنهُ بِزِيَادَة: صافون نُسَبِّح لَهُ،.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ: أَي: لنَحْنُ الصافون فِي الصَّلَاة.

صِرَاطِ الجَحَيمِ سَوَاءِ الجَحِيمِ وَوَسَطِ الجَحِيمِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فاهدوهم إِلَى صِرَاط الْجَحِيم} ( الصافات: 32) قَوْله: فَاطلع فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيم.
وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن هَذِه الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة بِمَعْنى وَاحِد.
وَفِي التَّفْسِير: صِرَاط الْجَحِيم طَرِيق النَّار، والصراط الطَّرِيق، وَلم يثبت هَذَا لأبي ذَر وَالَّذِي قبله أَيْضا.

لَشَوْبا يُخْلَط طَعَامُهُمْ وَيُسلطُ بِالحَمِيمِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { ثمَّ إِن لَهُم عَلَيْهَا لشوبا من حميم} ( الصافات: 76) وَفسّر: ( شوبا) بقوله: ( يخلط) إِلَى آخِره.
قَوْله: ( ويساط) أَي: يخلط من ساطه يسوطه سَوْطًا أَي: خلطه.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: السَّوْط خلط الشَّيْء بعضه بِبَعْض، وَالْحَمِيم: هُوَ المَاء الْحَار.

مَدْحُورا: مَطْرُودا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { قَالَ اخْرُج مِنْهَا مذؤوما مَدْحُورًا} ( الصافات: 81) لَكِن هَذَا فِي الْأَعْرَاف وَلَيْسَ هُنَا مَحَله، وَالَّذِي فِي هَذِه السُّورَة هُوَ قَوْله: ( ويقذفون من كل جَانب دحورا) وَقد مر بَيَانه عَن قريب، وَفسّر: ( مَدْحُورًا) بقوله: ( مطرودا) لِأَن الدَّحْر هُوَ الطَّرْد والإبعاد.

بَيْضٌ مَكْنُونٌ: اللؤْلُؤ المَكْنُونُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله: ( كأنهن بيض مَكْنُون) ( الصافات: 94) وَفَسرهُ: بقوله: ( اللُّؤْلُؤ الْمكنون) يَعْنِي: فِي الصفاء واللين، وَالْبيض جمع بَيْضَة، وَفِي التَّفْسِير: مَكْنُون أَي: مَسْتُور، وَقيل: أَي مصون، وكل شَيْء صنته فَهُوَ مَكْنُون فَكل شَيْء أضمرته فقد أكننته، وَإِنَّمَا قَالَ: مَكْنُون مَعَ أَنه صفة بيض، وَهُوَ جمع بِالنّظرِ إِلَى اللَّفْظ.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ يُذْكَرُ بِخَيْرٍ
وَفِي بعض النّسخ: بابُُ وَتَركنَا، وَفِي الْبَعْض، بابُُ قَوْله: وَتَركنَا، وَهَذَا ثَبت للنسفي وَحده أَي: تركنَا على آلياسين فِي الآخرين، وَقيل: على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي ( تَفْسِير النَّسَفِيّ) قَرَأَ ابْن عَامر وَنَافِع وَيَعْقُوب آل ياسين بِالْمدِّ، وَالْبَاقُونَ الياسين بِالْقطعِ وَالْكَسْر، وَمن قَرَأَ الياسين فَهِيَ لُغَة فِي النَّاس كَمَا يُقَال: ميكال فِي مِيكَائِيل، وَقيل: هُوَ أَرَادَ جمع الياس وَأَتْبَاعه من الْمُؤمنِينَ.
قَوْله: ( يذكر) بِخَير تَفْسِير قَوْله: وَتَركنَا عَلَيْهِ، وَقيل: أَي: ثَنَاء حسنا فِي كل أمة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.

يَسْتَسْخِرُونَ يَسْخَرُونَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَإِذا رَأَوْا آيَة يستسخرون} ( الصافات: 41) وَفَسرهُ بقوله: ( يسخرون) .

بَعْلاً: رَبّا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { أَتَدعُونَ بعلاً وتذرون أحسن الْخَالِقِينَ} ( الصافات: 521) وَفسّر: ( بعلاً) بقوله: ( رَبًّا) وَهُوَ اسْم صنم كَانُوا يعبدونه، وَمِنْه سميت مدينتهم، بعلبك، وَلم يثبت هَذَا إلاَّ للنسفي.


(بابُُ قَوْلِهِ: { وَإنَّ يُونُسَ لِمَنْ المُرْسَلِينَ} (الصافات: 931)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَإِن يُونُس لمن الْمُرْسلين} .



[ قــ :4544 ... غــ :4804 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا جَرِيرٌ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ أبِي وَائلٍ عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عنهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يَنْبَغِي لأحَدٍ أنْ يَكُونَ خَيْرا مِنِ ابنِ مَتَّى..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من ابْن مَتى) ويروى من يُونُس بن مَتى، وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، والْحَدِيث قد مضى فِي أَوَاخِر سُورَة النِّسَاء، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :4545 ... غــ :4805 ]
- حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِر حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ قَالَ حدَّثني أبِي عَنْ هِلالِ بنِ عَلِيٍّ مِنْ بَنِي عَامِر بنِ لُؤَيٍّ عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسارٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ قَالَ أنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لَا تخفى وَمضى الحَدِيث أَيْضا فِي سُورَة النِّسَاء فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن سِنَان عَن فليح عَن هِلَال عَن عَطاء بن يسَار إِلَى إخره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصًى.