فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [ق: 39]

(بابُُ قَوْلِهِ: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ} (ق: 93)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَسبح بِحَمْد رَبك} الْآيَة، وَوَقع فِي بعض النّسخ: بابُُ { فسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا} .

     وَقَالَ  بَعضهم: كَذَا لأبي ذَر فِي التَّرْجَمَة: وَفِي سِيَاق الحَدِيث وَلغيره.
وَسبح، بِالْوَاو فيهمَا وَهُوَ الْمُوَافق للتلاوة فَهُوَ الصَّوَاب، وَعِنْدهم أَيْضا.
وَقيل الْغُرُوب، وَهُوَ الْمُوَافق لآيَةَ السُّورَة قلت: لَا حَاجَة إِلَى هَذِه التعسفات وَالَّذِي فِي نسختنا هُوَ نَص الْقُرْآن فِي السُّورَة الْمَذْكُورَة، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُمْدَة، فلأي ضَرُورَة يحرف الْقُرْآن وينسب إِلَى أبي ذَر أَو غَيره؟ .



[ قــ :4588 ... غــ :4851 ]
- حدَّثنا إسْحاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ عنْ جرِيرٍ عنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسِ بنِ أبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرٍ بنِ عَبْدِ الله قَالَ كُنَّا جُلُوسا لَيْلَةً مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَظَرَ إلَى القَمَرِ لَيْلَةَ أرْبَعَ عَشْرَةَ فَقَالَ إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هاذا لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ فإنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ} .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: { وَسبح بِحَمْد رَبك} إِلَى آخِره وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه، وَجَرِير بن عبد الحميد وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد البَجلِيّ الْكُوفِي، وَقيس بن أبي حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، واسْمه عَوْف البَجلِيّ قدم الْمَدِينَة بَعْدَمَا قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ فضل صَلَاة الْعَصْر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن الْحميدِي، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (لَا تضَامون) ، بالضاد الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمِيم من الضيم وبتشديدها من الضَّم، أَي: لَا يظلم بَعْضكُم بَعْضًا بِأَن يستأثر بِهِ دونه أَو لَا يزاحم بَعْضكُم بَعْضًا.
قَوْله: (فَإِن اسْتَطَعْتُم) ، إِلَى آخِره، يدل على أَن الرُّؤْيَة قد ترجى بالمحافظة على هَاتين الصَّلَاتَيْنِ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أما لفظ: فسبح، فَهُوَ بِالْوَاو وَلَا بِالْفَاءِ وَالْمُنَاسِب للسورة، وَقبل الْغُرُوب لَا غُرُوبهَا،.

     وَقَالَ  بَعضهم: لَا سَبِيل إِلَى التَّصَرُّف فِي لفظ الحَدِيث، وَإِنَّمَا أورد الحَدِيث هُنَا لِاتِّحَاد دلَالَة لآيتين انْتهى.
قلت: الَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي هُوَ الصَّحِيح لِأَن قِرَاءَة: فسبح، بِالْفَاءِ تصرف فِي الْقُرْآن، والْحَدِيث هُنَا بِالْوَاو، وَفِي النّسخ الصَّحِيحَة كَمَا فِي الْقُرْآن، وَقد رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر مُوَافقا لِلْقُرْآنِ وَلَفظه عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد بِلَفْظ: ثمَّ قَرَأَ: { وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل الْغُرُوب} وَالظَّاهِر أَن نُسْخَة الْكرْمَانِي كَانَت بِالْفَاءِ وَقبل غُرُوبهَا، فَلذَلِك قَالَ مَا ذكره.





[ قــ :4589 ... غــ :485 ]
- حدَّثنا آدَمُ حدَّثنا وَرْقَاءُ عنِ ابنِ أبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجاهِدٍ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ أمَرَهُ أنْ يُسَبِّح فِي أدْبَارِ الصَّلَواتِ كُلِّها يَعْنِي قَوْلَهُ وَأدْبَارَ السُّجُودِ.

آدم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، واسْمه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد أَصله من خُرَاسَان سكن عسقلان، وورقاء، تَأْنِيث الأورق بِالْوَاو وَالرَّاء ابْن عمر الْخَوَارِزْمِيّ بن أبي إِيَاس، وَاسم أبي نجيح يسَار.
ضد الْيَمين الْمَكِّيّ.

قَوْله: ( قَالَ ابْن عَبَّاس) ، وَفِي كثير من النّسخ قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس.
قَوْله: ( أمره) ، أَي: أَمر الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسبح، وَالْمرَاد من التَّسْبِيح هَذَا حَقِيقَة التَّسْبِيح لَا الصَّلَاة وَلِهَذَا فسره بقوله: يَعْنِي قَوْله: وأدبار السُّجُود، يَعْنِي: أدبار الصَّلَوَات، وَتطلق السَّجْدَة على الصَّلَاة بطرِيق ذكر الْجُزْء وَإِرَادَة الْكل.







[ قــ :54380 ... غــ :54381 ]
- ( { سُورَةُ والطُّور} )

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة وَالطور، وَفِي بعض النّسخ سُورَة الطّور، بِدُونِ الْوَاو، وَفِي بعض النّسخ: وَمن سُورَة الطّور.

     وَقَالَ  أَبُو الْعَبَّاس: مَكِّيَّة كلهَا.
وَذكر الْكَلْبِيّ أَن فِيهَا آيَة مَدَنِيَّة.
وَهِي قَوْله: { إِن الَّذين ظلمُوا عذَابا دون ذَلِك وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ} (الطّور: 74) زعم أَنَّهَا نزلت فِيمَن قتل ببدر من الْمُشْركين، وَهِي ألف وَخَمْسمِائة حرف، وثلاثمائة واثنتا عشرَة كلمة وتسع وَأَرْبَعُونَ آيَة.
.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ: كل جبل طور وَلَكِن الله عز وَجل، يَعْنِي بِالطورِ هُنَا الْجَبَل الَّذِي كلم الله عَلَيْهِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، بِالْأَرْضِ المقدسة وَهُوَ بمدين واسْمه زبير،.

     وَقَالَ  مقَاتل بن حَيَّان: هما طوران، يُقَال لأَحَدهمَا طورزيتا وَللْآخر تينا لِأَنَّهُمَا ينبتان الزَّيْتُون والتين، وَلما كذب كفار مَكَّة أقسم الله بِالطورِ وَهُوَ الْجَبَل بلغَة النبط الَّذِي كلم الله عَلَيْهِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، بِالْأَرْضِ المقدسة.
.

     وَقَالَ  الْجَوْزِيّ: وَهُوَ طور سيناء،.

     وَقَالَ  أَبُو عبد الله الْحَمَوِيّ فِي كِتَابه (الْمُشْتَرك) طورزيتا مَقْصُورا علم لجبل بِقرب رَأس عين، وطورزيتا أَيْضا جبل بِالْبَيْتِ الْمُقَدّس، وَفِي الْأَثر: مَاتَ بطورزيتا سَبْعُونَ ألف نَبِي قَتلهمْ الْجُوع، وَهُوَ شَرْقي وَادي سلوان، وَالطور أَيْضا علم لجبل بِعَيْنِه مطل على مَدِينَة طبرية بالأردن، وَالطور أَيْضا جبل عِنْد كورة تشْتَمل على عدَّة قرى بِأَرْض مصر بَين مصر وجبل فاران، وطور سيناء قيل: جبل بِقرب أيله، وَقيل: هُوَ بِالشَّام وسيناء حجارية، وَقيل: شجر فِيهِ وطور عَبْدَيْنِ اسْم لبلدة من نَصِيبين فِي بطن الْجَبَل المشرف عَلَيْهَا الْمُتَّصِل بجبل الجودي، وطور هَارُون، عَلَيْهِ السَّلَام، علم لجبل مشرف فِي قبل الْبَيْت الْمُقَدّس فِيهِ فِيمَا قبل قبر هَارُون، عَلَيْهِ السَّلَام.

(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
لم تثبت الْبَسْمَلَة إلاَّ لأبي ذَر وَحده.

وَقَالَ قَتَادَةَ مَسْطُور مَكْتُوب

أَي: قَالَ قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: { وَكتاب مسطور} (الطّور: ) أَي: مَكْتُوب، وَسقط هَذَا من رِوَايَة أبي ذَر وَثَبت للباقين فِي التَّوْحِيد وَوَصله البُخَارِيّ فِي كتاب خلق الْأَفْعَال من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ الطُّورُ الجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَةِ

رَوَاهُ عَنهُ ابْن أبي نجيح، وَفِي (الْمُحكم) الطّور الْجَبَل وَقد غلب على طور سينا جبل بِالشَّام وَهُوَ بالسُّرْيَانيَّة طورى وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ طورى وطوراني، وَقد ذكرنَا فِيهِ غير ذَلِك عَن قريب.

رَقٍّ مَنْشُور: صَحِيفَةٍ

قَالَ مُجَاهِد أَيْضا: وَالرّق الْجلد، وَقيل: هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَعَن الْكَلْبِيّ: هُوَ مَا كتب الله لمُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، فِيهِ التَّوْرَاة ومُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، يسمع صرير الْقَلَم وَكَانَ كلما مر الْقَلَم بمَكَان حرفه إِلَى الْجَانِب الآخر كَانَ كتابا لَهُ وَجْهَان، وَقيل: دواوين الْحفظَة الَّتِي أَثْبَتَت فِيهَا أَعمال بني آدم، وَقيل: هُوَ مَا كتب الله فِي قُلُوب أوليائه من الْإِيمَان بَيَانه.
قَوْله: { كتب فِي قُلُوبهم الْإِيمَان} (المجادلة: ) .

وَالسَّقْف المَرْفُوعِ سماءٌ

سقط هَذَا لأبي ذَر، وَذكر فِي بَدْء الْخلق سَمَّاهَا سقفا لِأَنَّهَا للْأَرْض كالسقف للبيت، دَلِيله قَوْله تَعَالَى: { وَجَعَلنَا السَّمَاء سقفا مَحْفُوظًا} (الْأَنْبِيَاء: 3) .

المَسْجُورِ: المُوقِدِ
وَقع فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ والنسفي: الموقر، بالراء وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، قَالَ: الموقد يَعْنِي بِالدَّال، وروى الطَّبَرِيّ أَيْضا من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة الْمَسْجُور المملو، وَعَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي قَوْله تَعَالَى: { وَالْبَحْر الْمَسْجُور} (الطّور: 6) هُوَ بَحر تَحت الْعَرْش غمره كَمَا بَين سبع سموات إِلَى سبع أَرضين وَهُوَ مَاء غليظ يقاله: بَحر الْحَيَوَان يمطر الْعباد بعد النفخة الأولى أَرْبَعِينَ صباحا فينبتون فِي قُبُورهم.

وَقَالَ الحَسَنُ: تُسْجَرُ حَتَّى يَذْهَبَ مَاؤُها فَلا يَبْقَى فِيهِا قَطْرَةٌ أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: تسجر الْبحار حَتَّى يذهب مَاؤُهَا، رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: (وَإِذا الْبحار سجرت) ، (التكوير: 6) .

وَقَالَ مُجَاهِدٌ ألَتْناهُمْ نَقَصْناهُمْ

أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { وَمَا ألتناهم من عَمَلهم من شَيْء} (الطّور: 1) أَي: مَا نقصناهم من الألت وَهُوَ النَّقْص والبخس،.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ، عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يرفع ذُرِّيَّة الْمُؤمن فِي دَرَجَته وَإِن كَانُوا دونه فِي الْعَمَل لتقر بهم عينه ثمَّ قَرَأَ: { وَالَّذين آمنُوا وأتبعناهم ذرياتهم} .

وَقَالَ غَيْرُهُ تَمُورُ: تَدُورُ

أَي: قَالَ غير مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { يَوْم تمور السَّمَاء مورا} (الطّور: 9) أَي: تَدور دورا كدوران الرَّحَى وتكفأ بِأَهْلِهَا تكفؤ السفين ويموج بَعْضهَا فِي بعض، وأصل المور الِاخْتِلَاف وَالِاضْطِرَاب، وَجَاء عَن مُجَاهِد أَيْضا: تدرو دورا، رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ.

أحْلامُهُمْ: العُقُولُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { أم تَأْمُرهُمْ أحلاهم بِهَذَا أم هم قوم طاغون} (الطّور: 3) وَهَكَذَا فسره ابْن زيد بن أسلم.
ذكره الطَّبَرِيّ عَنهُ.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: البَرُّ اللَّطِيفُ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { إِنَّه هُوَ الْبر الرَّحِيم} (الطّور: 8) وَفسّر الْبر باللطيف، وَسقط هَذَا هُنَا فِي رِوَايَة أبي ذَر وَثَبت فِي التَّوْحِيد.

كِسْفا: قِطْعا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: { وَإِن يرَوا كسفا من السَّمَاء سَاقِطا} (الطّور: 44) الْآيَة وَفسّر الكسف بِالْقطعِ، بِكَسْر الْقَاف جمع قِطْعَة،.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة، الكسف جمع كسفة مثل السدر جمع سِدْرَة، وَإِنَّمَا ذكر قَوْله سَاقِطا على اعْتِبَار اللَّفْظ، وَمن قَرَأَ بِالسُّكُونِ على التَّوْحِيد فَجَمعه أكساف وكسوف.

المنُونُ المَوْتُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { (أم يَقُولُونَ شَاعِر تَتَرَبَّص بِهِ ريب الْمنون} (الطّور: 03) وَفسّر: الْمنون بِالْمَوْتِ، وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: { ريب الْمنون} قَالَ: الْمَوْت.

وَقَالَ غَيْرُهُ: يَتَنَازَعُونَ: يَتَعَاطَوْنَ
أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { يتنازعون فِيهَا كأسا لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم} (الطّور: 3) وَفسّر: (يتنازعون) بقوله: (يتعاطون) وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة وَزَاد فِيهِ: يتداولون.
قَوْله: (كأسا) أَي: إِنَاء فِيهِ خمر (لَا لَغْو فِيهَا) قَالَ قَتَادَة: هُوَ الْبَاطِل وَعَن مقَاتل بن حبَان: لَا فضول فِيهَا، وَعَن ابْن زيد: لَا سبابُ وَلَا تخاصم فِيهَا، وَعَن عَطاء: أَي لَغْو يكون فِي مجْلِس مَحَله جنَّة عدن والساقي فِيهِ الْمَلَائِكَة وشربهم على ذكر الله وريحانهم تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة وَالْقَوْم أضياف الله تَعَالَى؟ .





[ قــ :4590 ... غــ :4853 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخْبرنا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةَ أبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ شَكَوْتُ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّى أشْتَكِي فَقَالَ طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ فَطُفْتُ وَرَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي إلَى جَنْبِ البَيْتِ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ..
مطابقته للسورة، ظَاهِرَة، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن هُوَ الْمَشْهُور بيتيم عُرْوَة بن الزبير، وَأم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ اسْمهَا هِنْد.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْحَج فِي: بابُُ الْمَرِيض يطوف رَاكِبًا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ قَوْلهَا: ( شَكَوْت) أَي: شَكَوْت مرضِي.





[ قــ :4591 ... غــ :4854 ]
- حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرٍ بنِ مُطْعمٍ عَنْ أبِيهِ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ سَمِعْتُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَما بَلَغَ هاذِهِ الآيَةَ: { أمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أمْ هُمْ الخَالِقُونَ أمْ خَلَقُوا السَّماوَاتِ وَالأرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ أمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ} ( الطّور: 53، 73) كَادَ قَلْبِي أنْ يَطِيرَ.

قَالَ سُفْيَانُ فَأمَّا أنَا فَإنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدٍ بنِ جُبَيْرٍ بنِ مُطْعمٍ عَنْ أبِيهِ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ لَمْ أسُمَعْهُ زَادَ الَّذِي قَالُوا لِي..
مطابقته للسورة ظَاهِرَة.
والْحميدِي عبد الله بن الزبير، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَمُحَمّد بن جُبَير ابْن مطعم الْقرشِي أَبُو سعيد النَّوْفَلِي.
يروي عَن أَبِيه جُبَير بن مطعم بن عدي بن نَوْفَل الْقرشِي النَّوْفَلِي.

قَوْله: ( حَدثُونِي عَن الزُّهْرِيّ) ، اعْترض الْإِسْمَاعِيلِيّ هُنَا بِالَّذِي رَوَاهُ من طَرِيق عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء وَابْن أبي عمر.
كِلَاهُمَا عَن ابْن عُيَيْنَة: سَمِعت الزُّهْرِيّ قَالَ مُصَرحًا عَنهُ بِالسَّمَاعِ، وهما ثقتان.
قيل: هَذَا لَا يرد لِأَنَّهُمَا مَا أوردا من الحَدِيث إلاَّ الْقدر الَّذِي ذكر الْحميدِي عَن سُفْيَان أَنه سَمعه من الزُّهْرِيّ بِخِلَاف الزِّيَادَة الَّتِي صرح الْحميدِي عَنهُ بِأَنَّهُ لم يسْمعهَا من الزُّهْرِيّ، وَإِنَّمَا بلغته عَنهُ بِوَاسِطَة.
قَوْله: ( فَلَمَّا بلغ هَذِه الْآيَة) ، إِلَى آخر الزِّيَادَة الَّتِي قَالَ سُفْيَان إِنَّه لم يسْمعهَا عَن الزُّهْرِيّ، وَإِنَّمَا حدثوها عَنهُ أَصْحَابه.
قَوْله: ( أم خلقُوا من غير شَيْء) ، كلمة أم ذكرت فِي هَذِه السُّورَة فِي خَمْسَة عشر موضعا مُتَوَالِيَة متتابعة، وَمعنى: { أم خلقُوا من غير شَيْء} ( الطّور: 53) من غير تُرَاب.
قَالَه ابْن عَبَّاس، وَقيل: من غير أَب وَأم كالجماد لَا يعْقلُونَ وَلَا يقوم لله عَلَيْهِم حجَّة، أَلَيْسَ خلقُوا من نُطْفَة ثمَّ من علقَة ثمَّ من مُضْغَة؟ قَالَه عَطاء.
.

     وَقَالَ  ابْن كيسَان: مَعْنَاهُ أم خلقُوا عَبَثا وَتركُوا سدًى لَا يؤمرون وَلَا ينهون أم هم الْخَالِقُونَ لأَنْفُسِهِمْ؟ فَإِذا بَطل الْوَجْهَانِ قَامَت الْحجَّة عَلَيْهِم بِأَن لَهُم خَالِقًا.
قَوْله: ( أم خلقُوا السَّمَوَات وَالْأَرْض) ( الطّور: 63) يَعْنِي: إِن جَازَ أَن يدعوا خلق أنفسهم فَلْيَدعُوا خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَذَلِكَ لَا يُمكنهُم، فَقَامَتْ الْحجَّة عَلَيْهِم، ثمَّ أضْرب عَن ذَلِك بقوله: ( بل لَا يوقنون) إِشَارَة إِلَى أَن الْعلَّة الَّتِي عاقتهم عَن الْإِيمَان هِيَ عدم الْيَقِين الَّذِي هُوَ موهبة من الله وَفضل وَلَا يحصل إِلَّا بتوفيقه.
قَوْله: ( أم عِنْدهم خَزَائِن رَبك) ، ( الطّور: 73) قَالَ ابْن عَبَّاس: الْمَطَر والرزق، وَعَن عِكْرِمَة: النُّبُوَّة، وَقيل: علم مَا يكون.
قَوْله: ( أم هم المسيطرون) ، أَي: أم هم المسلطون الجبارون، قَالَه أَكثر الْمُفَسّرين، وَعَن عَطاء أم هم أَرْبابُُ قاهرون، وَعَن أبي عُبَيْدَة تسيطرت عليّ، أَي: اتخذتني خولاً لَك.
قَوْله: ( قَالَ: كَاد قلبِي) ، أَي: قَالَ جُبَير بن مطعم: قَارب قلبِي الطيران،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: كَانَ انزعاجه عِنْد سَماع الْآيَة لحسن تلقيه مَعْنَاهَا ومعرفته بِمَا تضمنته من بليغ الْحجَّة.

قَوْله: ( قَالَ سُفْيَان) ، هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
قَوْله: ( لم أسمعهُ) ، أَي: لم أسمع الزُّهْرِيّ ( زَاد الَّذِي قَالُوا لي) يَعْنِي: بالبلاغ، وَالضَّمِير فِي: زَاد، يرجع إِلَى الزُّهْرِيّ.
وَقَوله: ( الَّذِي قَالُوا لي) فِي مَحل النصب مَفْعُوله فَافْهَم.