فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} [النجم: 18]

(بابٌُ: { لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الكُبْرَى} (النَّجْم: 81)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلَقَد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ بابُُ: وَهَذِه التَّرْجَمَة لأبي ذَر وَحده.
قَوْله: (لقد رأى) ، أَي: مُحَمَّد رفرفا أَخْضَر من الْجنَّة سد الْأُفق، وَعَن الضَّحَّاك: سِدْرَة الْمُنْتَهى، وَعَن مقَاتل: رأى جِبْرِيل فِي صورته الَّتِي تكون فِي السَّمَوَات، وَقيل: الْمِعْرَاج وَمَا رأى تِلْكَ اللَّيْلَة فِي مسراه فِي بدئه وَعوده.



[ قــ :4595 ... غــ :4858 ]
- حدَّثنا قَبِيصَةُ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ الأعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عنهُ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى قَالَ: رَأَى رَفْرَفا أخْضَرَ قَدْ سَدَّ الأُفْقَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ.

قَوْله: (عَن عبد الله) ، أَي: عَن عبد الله بن مَسْعُود فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة.
قَوْله: (رأى رفرفا) ، الخ ظَاهره يغاير قَوْله فِي الحَدِيث السَّابِق، وَهُوَ قَوْله: رأى جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، لَهُ سِتّمائَة جنَاح، وَلَكِن يُوضح المُرَاد حَدِيث النَّسَائِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن عبد الله عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: أبصرني الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل على رَفْرَف مَلأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فَيجمع بَينهمَا أَن الْمَوْصُوف جِبْرِيل وَالصّفة هِيَ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا والرفرف هُوَ الْحلَّة، وروى التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن ابْن مَسْعُود: رأى جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي حلَّة من رَفْرَف قد مَلأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض،.

     وَقَالَ : حَدِيث صَحِيح.
.

     وَقَالَ  تَعَالَى: { متكئين على رَفْرَف خضر} (الرحمان: 67) وأصل الرفرف مَا كَانَ من الديباج رَقِيقا حسن الصَّنْعَة ثمَّ اشْتهر اسْتِعْمَاله فِي السّتْر.
وَكلما فضل من شَيْء فعطف وثنى فَهُوَ رَفْرَف، وَيُقَال: رَفْرَف الطَّائِر بجناحيه إِذا بسطهما.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الرفرف الْبسَاط، وَقيل: الْفراش، وَقيل: ثوب كَانَ لباسا لَهُ.
قلت: جَاءَ فِي حَدِيث آخر، رأى جِبْرِيل فِي حلتي رَفْرَف،.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { متكئين على رَفْرَف} هِيَ رياض الْجنَّة، وَهُوَ جمع رفرفة والرفارف جمع الْجمع، وَعنهُ: الرفرف فضول الْمجَالِس والبسط، وَعَن قَتَادَة وَالضَّحَّاك: مجَالِس خضر فَوق الْفرش الْحسن،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: هُوَ الْبسط، وَعَن ابْن عُيَيْنَة: هُوَ الزرابي، وَعَن ابْن كيسَان: الْمرَافِق، وَعَن ابْن أبي عُبَيْدَة: حَاشِيَة الثَّوْب، وَقيل: كل ثوب عريض عِنْد الْعَرَب فَهُوَ رَفْرَف.