فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {ومن دونهما جنتان} [الرحمن: 62]


[ قــ :45612 ... غــ :45613 ]
- ( { سُورَةُ الرَّحْمانِ} )

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة: { الرَّحْمَن علم الْقُرْآن} ( الرحمان: 1، 2) قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أَجمعُوا على أَنَّهَا مَكِّيَّة إلاَّ مَا روى همام عَن قَتَادَة أَنَّهَا مَدَنِيَّة.
قَالَ: وَكَيف تكون مَدِينَة وَإِنَّمَا قَرَأَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسوق عكاظ فَسَمعته الْجِنّ، وَأول شَيْء سَمِعت قُرَيْش من الْقُرْآن جَهرا سُورَة الرحمان.
قَرَأَهَا ابْن مَسْعُود عِنْد الْحجر فضربوه، حَتَّى أثروا فِي وَجهه وَفِي رِوَايَة سعيد عَن قَتَادَة أَنَّهَا مَكِّيَّة،.

     وَقَالَ  السخاوي: نزلت قبل ( هَل أَتَى) ( الْإِنْسَان: 1) بعد سُورَة الرَّعْد، وَهِي ألف وسِتمِائَة وَسِتَّة وَثَلَاثُونَ حرفا، وثلاثمائة وَإِحْدَى وَخَمْسُونَ كلمة، وثمان وَسَبْعُونَ آيَة.
نزلت حِين قَالُوا: وَمَا الرحمان؟ وَكَذَا وَقعت السُّورَة بِدُونِ الْبَسْمَلَة عِنْدهم، وَزَاد أَبُو ذَر الْبَسْمَلَة، والرحمان آيَة عِنْد الْأَكْثَرين وارتفاعه على أَنه مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر أَو بِالْعَكْسِ، وَقيل: الْخَبَر { علم الْقُرْآن} وَهُوَ تَمام الْآيَة.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بِحُسْبَانٍ: كَحُسْبَانِ الرَّحى

أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { وَالشَّمْس وَالْقَمَر يحسبان كحسبان الرَّحَى} ( الرَّحْمَن: 5) مَعْنَاهُ: يدوران فِي مثل قطب الرَّحَى، والحسبان قد يكون مصدر حسبت حسابا وحسبانا مثل الغفران والكفران والرجحان وَالنُّقْصَان والبرهان، وَقد يكون جمع حِسَاب كالشهبان والركبان والقضبان والرهبان، وَالتَّقْدِير: الشَّمْس وَالْقَمَر يجريان يحسبان، وَتَعْلِيق مُجَاهِد رَوَاهُ عبد بن حميد عَن شَبابَُة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَنهُ، وَلَفظ أبي يحيى عَنهُ.
قَالَ: يدوران فِي مثل قطب الرَّحَى، كَمَا ذَكرْنَاهُ وَعَن الضَّحَّاك بِعَدَد يجريان، وَقيل: بِحِسَاب ومنازل لَا يعدونها.
وَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَعَن ابْن زيد وَابْن كيسَان: بهما تحسب الْأَوْقَات والأعمار والآجال، وَعَن السّديّ يأجل كآجال النَّاس، فَإِذا جَاءَ أجلهما هلكا، وَعَن يمَان، يجريان بِأَجل الدُّنْيَا وقضائها وفنائها.

وَقَالَ غَيْرُهُ: { وَأَقِيمُوا الوَزْنِ} يُرِيدُ لِسَانَ المِيزانِ

أَي:.

     وَقَالَ  غير مُجَاهِد فِي تَفْسِير قَوْله عز وَجل: { وَأقِيمُوا الْوَزْن بِالْقِسْطِ وَلَا تخسروا الْمِيزَان} ( الرَّحْمَن: 9) ( يُرِيد لِسَان الْمِيزَان) رُوِيَ هَكَذَا عَن أبي الدَّرْدَاء فَإِنَّهُ قَالَ: أقِيمُوا لِسَان الْمِيزَان بِالْقِسْطِ.
أَي: بِالْعَدْلِ، وَعَن ابْن عُيَيْنَة: الْإِقَامَة بِالْيَدِ والقسط بِالْقَلْبِ ( وَلَا تخسروا الْمِيزَان) أَي: لَا تطفقوا فِي الْمكيل والموزن.

وَالعَصْفُ يَقْلُ الزَرْعِ إذَا قُطِعَ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ أنْ يُدْرِكَ فَذالِكَ العَصْفُ وَالرَّيْحَانُ وَرَكُلُهُ وَالحبُّ الَّذِي يُؤْكَلُ مِنْهُ وَالرَّيْحَانُ فِي كَلامِ العَرَبِ الرِّزْقُ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ وَالعَصْفُ يُرِيدُ المَأْكُولَ مِنَ الحَبِّ وَالرَّيْحَانُ النَّضِيجُ الَّذِي لَمْ يُؤْكَلْ:.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ العَصْفُ وَرَقُ الحِنْطَةِ:.

     وَقَالَ  الضَحَّاكُ العَصْفُ التِّبْنُ:.

     وَقَالَ  أبُو مَالِكٍ العَصْفُ أوَّلُ مَا يَنْبُتُ تُسَمِّيهِ النَّبَطُ هَبُورَا:.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ العَصْفُ وَرَقُ الحِنْطَةِ وَالرَّيْحَانِ الرِّزْقُ

أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَالْحب والعصف وَالريحَان} ( الرحمان: 21) .

     وَقَالَ : العصف بقل الزَّرْع إِذا قطع مِنْهُ شَيْء قبل أَن يدْرك، أَي: الزَّرْع فَذَلِك هُوَ العصف، كَذَا نقل عَن الْفراء، وَعَن ابْن كيسَان: العصف ورق كل شَيْء خرج مِنْهُ الْحبّ يَبْدُو أَولا وَرقا ثمَّ يكون سوقا، ثمَّ يحدث الله تَعَالَى فِيهِ أكماما، ثمَّ يحدث فِي الأكمام الْحبّ.
وَعَن ابْن عَبَّاس: ورق الزَّرْع الْأَخْضَر إِذا قطعت رؤوسه ويبس هُوَ العصف.
قَوْله: ( وَالريحَان ورقه) ، أَي: ورق الْحبّ، وَفِي بعض النّسخ رزقه بالراء ثمَّ الزَّاي، وَنقل الثَّعْلَبِيّ عَن مُجَاهِد: الريحان الرزق، وَعَن مقَاتل بن حَيَّان: الريحان الرزق بلغَة حمير، وَعَن ابْن عَبَّاس: الريحان الرّبع، وَعَن الضَّحَّاك: هُوَ الطَّعَام، فالعصف هُوَ التِّين وَالريحَان ثَمَرَته، وَعَن الْحسن وَابْن زيد: هُوَ ريحانكم هَذَا الَّذِي تشمونه، وَعَن ابْن عَبَّاس.
هُوَ خضرَة الزَّرْع.
قَوْله: ( وَالْحب الَّذِي يُؤْكَل مِنْهُ) ، أَي: من الزَّرْع.
قَوْله: ( وَالريحَان فِي كَلَام الْعَرَب الرزق) ، الرَّاء وَالزَّاي، تَقول الْعَرَب: خرجنَا نطلب ريحَان الله أَي: رزقه.
قَوْله: ( وَقَالَ بَعضهم والعصف يُرِيد الْمَأْكُول من الْحبّ) ، أَرَادَ بِالْبَعْضِ الْفراء فَإِنَّهُ قَالَ: العصف الْمَأْكُول من الْحبّ وَالريحَان النضيج الَّذِي لم يُؤْكَل، النضيج فعيل بِمَعْنى المنضوج، يُقَال: نضج الثَّمر وَاللَّحم نضجا ونضجا، أَي: أدْرك فَهُوَ نضيج وناضج وأنضجته أَنا.
قَوْله: ( وَقَالَ غَيره) ، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِد: العصف ورق الْحِنْطَة.
كَذَا رَوَاهُ ابْن أبي نجيح عَنهُ.
قَوْله: ( وَقَالَ الضَّحَّاك: العصف التِّين) ، كَذَا ذكره فِي تَفْسِيره من رِوَايَة جُوَيْبِر عَنهُ.
قَوْله: ( وَقَالَ أَبُو مَالك) : لَا يعرف اسْمه.
قَالَه أَبُو زرْعَة.
.

     وَقَالَ  غَيره: اسْمه غَزوَان وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ غَيره، وَهُوَ كُوفِي تَابِعِيّ ثِقَة.
قَوْله: ( النبط) بِفَتْح النُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة وبالطاء الْمُهْملَة، وهم أهل الفلاحة من الْأَعَاجِم ينزلون بالبطائح بَين العراقين.
قَوْله: ( هبورا) بِفَتْح الْهَاء وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة المخففة وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا رَاء، وَهُوَ دقاق الزَّرْع بالنبطية، وَقد قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { كعصف مَأْكُول} هُوَ الهبور، وَقَول أبي مَالك رَوَاهُ يحيى بن عبد الحميد عَن ابْن الْمُبَارك عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَنهُ.
قَوْله: ( وَقَالَ مُجَاهِد) إِلَى آخِره، رَوَاهُ عبد بن حميد عَن شَبابَُة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد.

وَالمَارِجُ اللَّهَبُ الأصْفَرُ وَالأخْضَرُ الَّذِي يَعْلُو النَّارَ إذَا أُوقِدَتْ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَخلق الجان من مارج من نَار} ( الرحمان: 51) وَفسّر المارج بِالَّذِي ذكره، وَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم بِسَنَدِهِ عَن مُجَاهِد وَهُوَ من: مرج الْقَوْم إِذا اخْتَلَط، وَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ لِسَان النَّار الَّذِي يكون فِي طرفها إِذا التهب، وَقيل: من مارج من لَهب صَاف خَالص لَا دُخان فِيهِ، والجان أَبُو الْجِنّ، وَعَن الضَّحَّاك: هُوَ إِبْلِيس، وَعَن أبي عُبَيْدَة: الجان وَاحِد الْجِنّ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَالَ مُجَاهِأ رَبُّ المَشْرِقَيْنِ لِلشَّمْسِ فِي الشتَّاءِ مَشْرِقٌ وَمَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ وَرَبُّ المَغْرِبَيْنَ مَغْرِبُها فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { رب المشرقين وَرب المغربين} ( الرحمان: 71) وَفَسرهُ بِمَا ذكره، وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن الْمُبَارك حَدثنَا زيد أخبرنَا ابْن ثَوْر عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد.

لَا يَبْغِيَانِ: لَا يَخْتَلِطانِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ بَينهمَا برزخ لَا يبغيان} ( الرَّحْمَن: 91، 02) أَي: لَا يختلطان وَلَا يتغيران وَلَا يَبْغِي أَحدهمَا.
على صَاحبه.
وَعَن قَتَادَة: لَا يطغيان على النَّاس بِالْغَرَقِ، وَالْمرَاد بِالْبَحْرَيْنِ بَحر الرّوم وبحر الْهِنْد، كَذَا رُوِيَ عَن الْحسن.
قَالَ: وَأَنْتُم الحاجز بَينهمَا، وَعَن قَتَادَة: بَحر فَارس وَالروم بَينهمَا برزخ وَهُوَ الجزائر، وَعَن مُجَاهِد وَالضَّحَّاك: يَعْنِي بَحر السَّمَاء وبحر الأَرْض يَلْتَقِيَانِ كل عَام، وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَالَ: بَينهمَا من الْبعد مَا لَا يَبْغِي أَحدهمَا على صَاحبه، وَتَقْدِير.
قَوْله: يَلْتَقِيَانِ.
على هَذَا أَن يلتقيا فَحذف: أَن وَهُوَ شَائِع فِي كَلَام الْعَرَب.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { وَمن آيَاته يريكم الْبَرْق} ( الرّوم: 42) أَي: أَن يريكم الْبَرْق، وَهَذَا يُؤَيّد قَول من قَالَ: إِن المُرَاد بِالْبَحْرَيْنِ بَحر فَارس وبحر الرّوم، لِأَن مَسَافَة مَا بَينهمَا ممتدة.

المُنْشَآتُ مَا رُفِعَ قِلْعُهُ مِنَ السفُنِ فَأمَّا مَا لَمْ يُرْفَعْ قَلْعُهُ فَلَيْسَ بَمُنْشَأةٍ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَله الْجوَار الْمُنْشَآت فِي الْبَحْر كالأعلام} ( الرَّحْمَن: 42) وفسرها بِمَا ذكر، وَهُوَ قَول مُجَاهِد أَيْضا، والجواري السفن الْكِبَار جمع جَارِيَة، والمنشآت المقيلات المبتديات اللَّاتِي أنشأت جريهن وسيرهن، وَقيل: الْمَخْلُوقَات المرفوعات المسخرات، وَقَرَأَ حَمْزَة وَأَبُو بكر عَن عَاصِم بِكَسْر الشين، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا.
قَوْله: ( قلعه) بِكَسْر الْقَاف وَاقْتصر عَلَيْهِ الْكرْمَانِي، وَحكى ابْن التِّين فتحهَا أَيْضا، وَهُوَ الشراع.

وَقَالَ مجَاهِدٌ: كَالفَخَّارِ.
كَمَا يُصْنَعُ الفخارُ

أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { خلق الْإِنْسَان من صلصال كالفخار} ( الرَّحْمَن: 41) قَوْله: ( كَمَا يصنع) على صِيغَة الْمَجْهُول.
أَي: يصنع الخزف وَهُوَ الطين الْمَطْبُوخ بالنَّار، وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ صانعه، فَافْهَم، وَهَذَا فِي بعض النّسخ مُتَقَدم على مَا قبله، وَفِي بَعْضهَا مُتَأَخّر عَنهُ.

النُّحَاس: الصُّفْرُ، يُصَبُّ عَلَى رُؤُوسِهِمْ يُعَذَّبُونَ بِهِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ من نَار ونحاس فَلَا تنتصران} ( الرَّحْمَن: 53) وَفسّر النّحاس بِمَا ذكره، وَكَذَا فسره مُجَاهِد، وَفِي بعض النّسخ: نُحَاس الصفر بِدُونِ الْألف وَاللَّام وَهُوَ الأصوب لِأَنَّهُ فِي التِّلَاوَة كَذَا قَوْله: ( فَلَا تنتصران) أَي: فَلَا تمتنعان.

خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ يَهُمُّ بَالمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ الله عَزَّ وَجَلَّ فَيَتْرُكُهَا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: { وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} ( الرَّحْمَن: 64) وَفَسرهُ بقوله: ( يهم) أَي: يقْصد الرجل بِأَن يفعل مَعْصِيّة أرادها ثمَّ ذكر الله تَعَالَى وعظمته وَأَنه يُعَاقب على الْمعْصِيَة ويثيب على تَركهَا فيتركها فَيدْخل فِيمَن لَهُ جناتان، وَفِي بعض النّسخ:.

     وَقَالَ  مُجَاهِد: خَافَ مقَام ربه إِلَى آخِره، وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن بكار بن قُتَيْبَة.
حَدثنَا أَبُو حُذَيْفَة حَدثنَا سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد.

الشُوَاظُ: لَهَبُ مِنْ نَارٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ} ( الرَّحْمَن: 53) وَفَسرهُ بِأَنَّهُ: { لَهب من نَار} وَهُوَ قَول مُجَاهِد أَيْضا: وَقيل: هُوَ النَّار الْمَحْضَة بِغَيْر دُخان، وَعَن الضَّحَّاك.
هُوَ الدُّخان الَّذِي يخرج من اللهب لَيْسَ بِدُخَان الْحَطب.

مُدْهَامَتانِ سَوْدَاوَانِ مِنَ الرَّيِّ
أَي: من شدَّة الخضرة صَارَت سوداوان لِأَن الخضرة إِذا اشتدت شربت إِلَى السوَاد.

صِلْصَالٍ خُلِطَ بِرَمْلٍ فَصَلْصَلَ كَمَا يُصَلْصِلُ الفَخَّارُ وَيُقالُ منْتنٌ يُرِيدُونَ بِهِ صلَّ يُقالُ صَلْصالُ كَمَا يُقالُ صَرَّ البابُُ عِنْدَ الإغْلاقِ وَصَرْصَرَ مِثْلَ كَبْكَبْتُهُ يَعْنِي كَبَبْتَهُ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { خلق الْإِنْسَان من صلصال كالفخار} وَلم يثبت هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر.
قَوْله: ( خلق الْإِنْسَان) ، أَي آدم.
( من صلصال) أَي: من طين يَابِس لَهُ صلصلة كالفخار.
وَفَسرهُ البُخَارِيّ بقوله: خلط برمل الطين إِذا خلط برمل ويبس صَار قَوِيا جدا بِحَيْثُ أَنه إِذا ضرب خرج لَهُ صَوت، وَأَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: ( فصلصل كَمَا يصلصل الفخار) أَي: الخزف، وصلصل فعل مَاض، ويصلصل مضارع، والمصدر صلصلة وصلصال.
قَوْله: ( وَيُقَال منتن يُرِيدُونَ بِهِ صل) ، أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه يُقَال: لحم منتن يُرِيدُونَ بِهِ أَنه صل، يُقَال: صل اللَّحْم يصل بِالْكَسْرِ صلولاً أَي: أنتن مطبوخا كَانَ أَو نيا.
وأصل مثله.
قَوْله: ( يُقَال: صلصال كَمَا يُقَال: صر الْبابُُ) ، أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن صلصل مضاعف صل كَمَا يُقَال: صر الْبابُُ إِذا صَوت فيضاعف وَيُقَال صَرْصَر كَمَا ضوعف كبيته فَقيل كبكبته، وكما يُقَال فِي كَبه كبكبه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { فكبكبوا فِيهَا} ( الشُّعَرَاء: 49) أَصله: كبوا يُقَال: كَبه لوجهه أَي: صرعه فأكب هُوَ على وَجهه، وَهَذَا من النَّوَادِر أَن يُقَال: أفعلت أَنا وَفعل غَيره.
فَاكَهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ:.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ لَيْسَ الرُّمَّانُ وَالنَّخْلُ بِالفَاكِهَةِ وَأمَّا العَرَبُ فَإنَّها تَعُدُّها فَاكِهَةً كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى} ( الْبَقَرَة: 832) فَأَمَرَهُمْ بِالمُحَافَظَةِ عَلَى كُلِّ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ أعَادَ العَصْرَ تَشْدِيدا لَهَا كَمَا أُعِيدَ النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ وَمِثْلُها { ألَمْ تَرَ أنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ} ( الْحَج: 81) ثُمَّ قَالَ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العَذَابُ وَقَدْ ذَكَرَهُمْ فِي أوَّلِ قَوْلِهِ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فيهمَا فَاكِهَة ونخل ورمان} ( الرَّحْمَن: 86) أَي: فِي الجنتين اللَّتَيْنِ ذكرهمَا بقوله: { وَمن دونهمَا جنتان} ( الرحمان: 26) فالجنان أَرْبَعَة ذكرهَا الله تَعَالَى بقوله: { وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} ( الرَّحْمَن: 64) ثمَّ قَالَ: { وَمن دونهمَا جنتان} ( الرَّحْمَن: 64) أَي: وَمن دون الجنتين الْأَوليين الموعودتين لمن خَافَ مقَام ربه جنتان أخريان، وَعَن ابْن عَبَّاس.
وَمن دونهمَا يَعْنِي: فِي الدرج، وَعَن ابْن زيد، فِي الْفضل.
قَوْله: ( وَقَالَ بَعضهم) ، قَالَ صَاحب ( التَّوْضِيح) يَعْنِي: بِهِ أَبَا حنيفَة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قيل: أَرَادَ بِهِ أَبَا حنيفَة.
قلت: لَا يلْزم تَخْصِيص هَذَا القَوْل بِأبي حنيفَة وَحده فَإِن جمَاعَة من الْمُفَسّرين ذَهَبُوا إِلَى هَذَا القَوْل.
قَالَه الْفراء فَإِنَّهُم قَالُوا: لَيْسَ الرُّمَّان وَالنَّخْل بالفاكهة لِأَن النّخل ثمره فَاكِهَة وَطَعَام، وَالرُّمَّان فَاكِهَة ودواء.
فَلم يخلصا اللتفكه، وَمِنْه قَالُوا: إِذا حلف لَا يَأْكُل فَاكِهَة فَأكل رمانا أَو رطبا ثمَّ لم يَحْنَث.
قَوْله: ( وَأما الْعَرَب فَإِنَّهَا تعدها فَاكِهَة) هَذَا جَوَاب البُخَارِيّ عَمَّا قَالَ بَعضهم: لَيْسَ الرُّمَّان وَالنَّخْل بالفاكهة وَلَهُم أَن يَقُولُوا: نَحن مَا ننكر إِطْلَاق الْفَاكِهَة عَلَيْهِمَا ولكنهما غير متمحضين فِي التفكه، فَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة لَا يدخلَانِ فِي قَول من حلف لَا يَأْكُل فَاكِهَة.
قَوْله: ( كَقَوْلِه عز وَجل) إِلَى آخِره، ملخصه أَنه من عطف الْخَاص على الْعَام.
كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَإِنَّهُ أَمر بالمحافظة على الصَّلَوَات ثمَّ عطف عَلَيْهَا قَوْله: وَالصَّلَاة الْوُسْطَى، مَعَ أَنَّهَا دَاخِلَة فِي الصَّلَوَات تشديدا لَهَا.
أَي: تَأْكِيدًا لَهَا وتعظيما وتفضيلاً كَمَا أُعِيد النّخل وَالرُّمَّان أَي: كَمَا عطفا على فَاكِهَة وَلَهُم أَن يَقُولُوا: لَا تسلم أَن فَاكِهَة عَام لِأَنَّهَا نكرَة فِي سِيَاق الْإِثْبَات فَلَا عُمُوم.
قَوْله: ( وَمثلهَا) ، أَي: وَمثل فَاكِهَة ونخل ورمان.
قَوْله تَعَالَى: { ألم تَرَ أَن الله يسْجد لَهُ من فِي السَّمَوَات} إِلَى آخِره، وَلَهُم أَن يمنعوا المشابهة بَين هَذِه الْآيَة وَبَين الْآيَتَيْنِ المذكورتين لِأَن الصَّلَوَات، وَمن فِي الأَرْض عامان بِلَا نزاع بِخِلَاف لفظ: فَاكِهَة فَإِنَّهَا نكرَة فِي سِيَاق الْإِثْبَات كَمَا ذكرنَا.
قَوْله: ( وَقد ذكرهم) أَي: كثير من النَّاس فِي ضمن من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض.

وَقَالَ غَيْرُهُ أفْنَانٍ أغصانٍ
أَي: قَالَ غير مُجَاهِد: وَإِنَّمَا قُلْنَا كَذَا لِأَنَّهُ لم يذكر فِيمَا قبله صَرِيحًا إلاَّ مُجَاهِد،.

     وَقَالَ : ( أفنان أَغْصَان) وَذَلِكَ فِي قَوْله: ( ذواتا أفنان) وَهُوَ جمع فنن كَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس.
وَفِي التَّفْسِير: ( ذواتا أفنان) أَي: ألوان فعلى هَذَا هُوَ جمع فن وَهُوَ من قَوْلهم افتن فلَان فِي حَدِيثه إِذا أَخذ فِي فنون مِنْهُ وضروب، وَعَن عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس: { ذواتا أفنان} ( الرَّحْمَن: 84) قَالَ: الأغصان على الْحِيطَان، وَعَن الضَّحَّاك: ألوان الْفَوَاكِه.

{ وَجَنى الجَنَتَيْنِ دَانَ} مَا يجتنى قريب ( الرَّحْمَن: 45)

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وجنى الجنتين دَان فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} ( الرَّحْمَن: 45) وَفَسرهُ بقوله: ( مَا يجتنى) أَي: الَّذِي يجتنى من أَشجَار الجنتين دَان أَي: قريب يَنَالهُ الْقَائِم والقاعد والمضجع، وَهَذَا سقط من رِوَايَة أبي ذَر.

وَقَالَ الحَسَنُ فَبِأَيِّ آلاءِ نِعَمِهِ.
.

     وَقَالَ  قَتَادَرُ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَعْنِي الجِنِّ وَالإنْسَ

أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَقَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: { فَبِأَي آلَاء لابكم تُكَذِّبَانِ} فالحسن فسر: آلَاء، بِالنعَم وَقَتَادَة فسر: رَبكُمَا بالجن وَالْإِنْس، والآلاء جمع: إِلَى، بِالْفَتْح وَالْقصر وَقد تكسر الْهمزَة وربكما خطاب للجن وَالْإِنْس وَإِن لم يتَقَدَّم ذكرهم وَإِنَّمَا قَالَ: تُكَذِّبَانِ بالتثنية على عَادَة الْعَرَب وَالْحكمَة فِي تكرارها أَن الله تَعَالَى عدد فِي هَذِه السُّورَة نعماءه ثمَّ اتبع ذكر كل كلمة وصفهَا ونعمة ذكرهَا بِهَذِهِ الْآيَة وَجعلهَا فاصلة بَين كل نعمتين لينبههم على النعم ويقررهم بهَا.
وَقَالَ أبُو الدَّرْدَاءِ { كلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} ( الرَّحْمَن: 92) يَغْفِرُ ذَنْبا وَيَكْشِفُ كَرْبا وَيَرْفَعُ قَوْما آخَرِينَ.

أَي: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء عُوَيْمِر بن مَالك فِي قَوْله تَعَالَى: { كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن هِشَام بن عمار.
قَالَ: حَدثنَا الْوَزير ابْن صَالح أَبُو روح الدِّمَشْقِي.
قَالَ: سَمِعت يُونُس بن ميسرَة جلس يحدث عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء عَن سيدنَا سيد المخلوقين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله عز وَجل: { كل يَوْم فِي شَأْن} قَالَ: من شَأْنه أَن يغْفر ذَنبا ويفرج كربا وَيرْفَع قوما وَيَضَع آخَرين.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَرْزَخٌ: حَاجِزٌ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ بَينهمَا برزخ لَا يبغيان} ( الرَّحْمَن: 91، 02) أَي: حاجز بَينهمَا.
وَقيل: حَائِل لَا يتَعَدَّى أَحدهمَا على الآخر من قدرَة الله وحكمته الْبَالِغَة.

الأنَامُ الخَلْقُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَالْأَرْض وَضعهَا للأنام} ( الرَّحْمَن: 01) وَعَن ابْن عَبَّاس وَالشعْبِيّ: الْأَنَام.
كل ذِي روح، وَقيل: الْإِنْس وَالْجِنّ.

نَضَّاخَتَانِ: فَيَّاضَتَانِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فيهمَا عينان نضاختان} ( الرَّحْمَن: 66) وَفَسرهُ بقوله: { فياضتان} وَقيل: ممتلئتان، وَقيل: فوارتان بِالْمَاءِ لَا ينقطعان، وَعَن الْحسن: ينبعان ثمَّ يجريان، وَعَن سعيد بن جُبَير: نضاختان بِالْمَاءِ وألوان الْفَاكِهَة، وَعَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: ينضخان بِالْخَيرِ وَالْبركَة على أهل الْجنَّة، وأصل النضخ الرش وَهُوَ أكبر من النَّضْح، بِالْحَاء الْمُهْملَة.

ذُو الجَلالِ: ذُو العَظَمَةِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { تبَارك اسْم رَبك ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام} ( الرَّحْمَن: 83) أَي: ذُو العظمة والكبرياء.
قَوْله: ( وَالْإِكْرَام) ، أَي: ذُو الْكَرم، وَهُوَ الَّذِي يُعْطي من غير مَسْأَلَة وَلَا وَسِيلَة، وَقيل: المتجاوز الَّذِي لَا يستقصى فِي العتاب.

وَقَالَ غَيْرُهُ مَارِجٌ خَالِصٌ مِنَ النَّارِ يُقالُ مَرَجَ الأمِيرُ رَعِيَتَهُ إذَا خَلاَّهُمْ يَعْدُوا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَرَجَ أمْرُ النَّاسِ مَرِيجٍ ملْتَبِسٌ مَرَجَ اخْتَلَطَ البَحْرَانِ مِنْ مَرَجْتَ دَابَتَكَ تَرَكْتَها.

أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { وَخلق الجان من مارج من نَار} ( الرَّحْمَن: 51) وَهَذَا مُكَرر لِأَنَّهُ ذكر عَن قريب، وَهُوَ قَوْله: والمارج اللهب الْأَصْفَر، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوْفِي.
قَوْله: ( قَالَ مرج الْأَمِير رَعيته) ، إِشَارَة إِلَى أَن لفظ: مرج يسْتَعْمل لمعان، فَمن ذَلِك قَوْلهم: مرج الْأَمِير، وَهُوَ بِفَتْح الرَّاء رَعيته إِذا خلاهم يَعْنِي إِذا تَركهم يعدو أَي: يظلم بَعضهم بَعْضًا.
وَمن ذَلِك: مرج أَمر النَّاس هَذَا بِكَسْر الرَّاء، وَمَعْنَاهُ اخْتَلَط واضطرب، قَالَ أَبُو دَاوُد مرج أَمر الدّين فاعددت لَهُ.
أَي: قد أَمر الدّين وَمن هَذِه الْبابُُ مريج فِي قَوْله تَعَالَى: { فِي أَمر مريج} ( ق: 5) أَي: ملتبس، وَهَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر وَحده أَعنِي قَوْله مريج ملتبس.
قَوْله: ( مرج الْبَحْرين) ، اخْتَلَط البحران هَذَا فِي رِوَايَة غير أبي ذَر.
قَوْله: ( من مرجت دابتك) ، بِفَتْح الرَّاء وَمَعْنَاهُ تركتهَا ترعى وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يذكر هَذَا عقيب قَوْله: مرج الْأَمِير رَعيته إِذا خلاهم يعدو بَعضهم على بَعضهم، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ: وَلَكِن فِي هَذَا الْموضع تَقْدِيم وَتَأْخِير بِحَيْثُ يَقع الالتباس فِي التَّرْكِيب وَالْمعْنَى أَيْضا.
وَالظَّاهِر أَن النساخ خلطوا مَفْتُوح الرَّاء بمكسور الرَّاء.

سَنَفْرُغُ لَكُمْ سَنُحاسِبُكُمْ لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { سنفرغ لكم أَيهَا الثَّقَلَان} ( الرَّحْمَن: 13) وَفَسرهُ بقوله: ( سنحاسبكم) والفراغ مجَاز عَن الْحساب وَلَا يشغل الله شَيْء عَن شَيْء، وروى ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: هُوَ وَعِيد من الله لِعِبَادِهِ، وَلَيْسَ بِاللَّه شغل، وَقيل: مَعْنَاهُ سنقصدكم بعد الإهمال ونأخذ فِي أَمركُم، وَعَن ابْن كيسَان: الْفَرَاغ للْفِعْل هُوَ التوفر عَلَيْهِ دون غَيره.

وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي كَلامِ العَرَبِ لأتَفَرَّغَنَّ لَكَ وَمَا بِهِ شُغْلٌ يَقُولُ: لآخَذَنَّكَ عَلَى غرَّتِكَ.

أَي: الْمَعْنى الْمَذْكُور مَعْرُوف ومستعمل فِي كَلَام الْعَرَب، يَقُول الْقَائِل: لأتفرغن لَك من بابُُ التفعل من الْفَرَاغ، وَفَسرهُ بقوله: يَقُول: لآخذنك على غرتك، أَي: على غَفلَة مِنْك،.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ فِي قَوْله: { سنفرغ لكم} ( الرَّحْمَن: 13) هَذَا وَعِيد وتهديد من الله عز وَجل، كَقَوْل الْقَائِل: لأتفرغن لَك، وَمَا بِهِ شغل قَالَه ابْن عَبَّاس وَالضَّحَّاك.