فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {وظل ممدود} [الواقعة: 30]


[ قــ :32130 ... غــ :32131 ]
- ( { سُورَةُ الْوَاقِعَةِ} )

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة الْوَاقِعَة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَكِّيَّة وَاخْتلف فِي { وَأَصْحَاب الْيَمين} ( الْوَاقِعَة: 72) وَفِي: { أفبهذا الحَدِيث أَنْتُم مدهنون} ( الْوَاقِعَة: 18) وَالْأولَى نزلت فِي أهل الطَّائِف وإسلامهم بعد الْفَتْح وحنين، وَالثَّانيَِة نزلت فِي دُعَائِهِ بالسقيا.
فَقيل: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا، فَنزلت { وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} وَكَانَ عَليّ يقْرؤهَا: وتجعلون شكركم، وَهِي ألف وَسَبْعمائة وَثَلَاثَة أحرف، وثلاثمائة وثمان وَسَبْعُونَ كلمة.
وست وَتسْعُونَ آيَة، وَالْمرَاد بالواقعة: الْقِيَامَة.

( بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
لم تثبت الْبَسْمَلَة إلاَّ لأبي ذَر وَحده.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: رُجَّتْ: زُلْزِلَتْ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { إِذا رجت الأَرْض رجا} ( الْوَاقِعَة: 4) وَفَسرهُ بقوله: ( زلزلت) وَرَوَاهُ الْفرْيَابِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد،.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ: أَي: رجفت وتحركت تحريكا من قَوْلهم: السهْم يرتج فِي الْغَرَض.
أَي: يَهْتَز ويضطرب وأصل الرج فِي اللُّغَة التحريك، يُقَال: رجحته فارتج، فَإِن ضاعفته قلت: رجرجته فترجرج.

بُسَّتْ فُتَّتْ ولُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّوِيقُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وبست الْجبَال} ( الْوَاقِعَة: 5) وَفَسرهُ بقوله: ( فتت) وَهُوَ أَيْضا تَفْسِير مُجَاهِد، وَكَذَلِكَ: ( لتت) تَفْسِير مُجَاهِد، وَيُقَال: بست ولتت بِمَعْنى وَاحِد أَي: صَارَت كالدقيق المبسوس، وَهُوَ المبلول: والبسيسة عِنْد الْعَرَب الدَّقِيق والسويق بلت ويتخذ زادا، وَعَن عَطاء: بست أذهبت ذَهَابًا وَعَن ابْن الْمسيب: كسرت كسرا.
وَعَن الْحسن: قلعت من أَصْلهَا فَذَهَبت بَعْدَمَا كَانَت صخورا صمًّا، وَعَن عَطِيَّة تبسط بسطا كالرمل وَالتُّرَاب.

المَخْضُودُ: المُوقَرُ حَمْلاً وَيُقَالُ أيْضا: لَا شَرْكَ لَهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فِي سدر مخضود} ( الْوَاقِعَة: 482) وَفَسرهُ بقوله: ( الموقر حملا) بِفَتْح الْقَاف والحاء هَذَا تَفْسِير الْأَكْثَرين.
قَوْله: ( وَيُقَال أَيْضا: لَا شوك لَهُ) لأبي ذَر، والخضد فِي الأَصْل الْقطع كَأَنَّهُ خضد شوكه أَي: قطع وَنزع، وَعَن الْحسن: لَا يعقر إلايدي.
وَعَن ابْن كيسَان: هُوَ الَّذِي لَا أَذَى فِيهِ، وَعَن الضَّحَّاك: نظر الْمُسلمُونَ إِلَى وَج وَهُوَ وَاد فِي الطَّائِف مخصب فَأَعْجَبَهُمْ سدرها.
قَالُوا: يَا لَيْت لنا مثلهَا.
فَأنْزل الله عز وَجل هَذِه الْآيَة.

مَنْضُودٍ المَوْزُ أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وطلح منضود} ( الْوَاقِعَة: 92) وَلم يثبت هَذَا هُنَا لأبي ذَر، وَفَسرهُ بالموز، والطلح جمع طَلْحَة قَالَه أَكثر الْمُفَسّرين وَعَن الْحسن، لَيْسَ هُوَ بموز وَلكنه شجر لَهُ ظلّ بَارِد طيب، وَعَن الْفراء وَأبي عُبَيْدَة: الطلح عِنْد الْعَرَب شجر عِظَام لَهَا شوك.
والمنضود: المتراكم الَّذِي قد نضده الْحمل من أَوله إِلَى آخِره لَيست لَهُ سوق بارزة، وَفِي ( الْمغرب) النضد ضم الْمَتَاع بعضه إِلَى بعض منسقا أَو مركوما.
من بابُُ ضرب.

وَالعُرُبُ المُحَبَّباتُ إلَى أزْوَاجِهِنَّ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فجعلناهن أَبْكَارًا عربا أَتْرَابًا} ( الْوَاقِعَة: 63، 73) وفسرها: بالمحببات جمع المحببة اسْم مفعول من الْحبّ،.

     وَقَالَ  ابْن عُيَيْنَة فِي تَفْسِيره: حَدثنَا ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ( عربا أَتْرَابًا) قَالَ: هِيَ المحببة إِلَى زَوجهَا.
.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ: عربا عواشق مُتَحَببَات إِلَى أَزوَاجهنَّ، قَالَه الْحسن وَمُجاهد وَقَتَادَة وَسَعِيد بن جُبَير وَرِوَايَة عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَالْعرب جمع عرُوبَة وَأهل مَكَّة يسمونها العربة بِكَسْر الرَّاء، وَأهل الْمَدِينَة الغنجة، بِكَسْر النُّون.
وَأهل الْعرَاق: الشكلة، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْكَاف، وَقد مر هَذَا فِي كتاب بَدْء الْخلق فِي صفة الْجنَّة، والأتراب المستويات فِي السن وَهُوَ جمع ترب بِكَسْر التَّاء وَسُكُون الرَّاء يُقَال: هَذِه ترب هَذِه أَي: لدتها.

ثُلةٌ أُمةٌ
أَي: معنى قَوْله تَعَالَى: { ثلة من الْأَوَّلين} ( الْوَاقِعَة: 93) أمة.
وَقيل: فرقة.

يَحْمُومٌ دُخَانٌ أسْوَدُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وظل من يحموم} ( الْوَاقِعَة: 34) وَفَسرهُ بِدُخَان أسود لِأَن الْعَرَب تَقول للشَّيْء الْأسود يحموما.

يُصِرُّونَ يُدِعُونَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَكَانُوا يصرون على الْحِنْث الْعَظِيم} ( الْوَاقِعَة: 64) وَفَسرهُ بقوله: ( يديمون) والحنث الْعَظِيم، الذَّنب الْكَبِير وَهُوَ الشّرك، وَعَن أبي بكر الْأَصَم: كَانُوا يقسمون أَن لَا بعث وَأَن الْأَصْنَام أنداد الله تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا، وَكَانُوا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ فَلذَلِك حنثهم.

الْهِيمُ الإبِلُ الظَّمَاءُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فشاربون شرب الهيم} ( الْوَاقِعَة: 55) وَلم يثبت هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر.
والهيم جمع هيماء يُقَال جمل أهيم وناقة هيماء وإبل هيم.
أَي: عطاش، وَعَن قَتَادَة، هُوَ دَاء بِالْإِبِلِ لَا تروى مَعَه وَلَا تزَال تشرب حَتَّى تهْلك، وَيُقَال لذَلِك الدَّاء: الهيام، والظماء بالظاء الْمُعْجَمَة جمع ظمآن والظماء الْعَطش.
قَالَ تَعَالَى: { لَا يصيبهم ظمأ} ( التَّوْبَة: 021) وَالِاسْم الظمىء بِالْكَسْرِ، وَقوم ظماء أَي عطاش، والظمآن العطشان.

لَمُغْرَمُونَ: لَمُلْزَمُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { إِنَّا لمغرمون بل نَحن محرومون} ( الْوَاقِعَة: 66، 76) وَفَسرهُ بقوله: ( لملزمون) اسْم مفعول من الْإِلْزَام، وَاللَّام للتَّأْكِيد، وَعَن ابْن عَبَّاس.
وَقَتَادَة: لمعذبون.
من الغرام وَهُوَ الْعَذَاب، وَعَن مُجَاهِد: ملقون للشر، وَعَن مقَاتل: مهلكون وَعَن مرّة الْهَمدَانِي محاسبون.

مَدِينِينَ مُحَاسَبِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فلولا إِن كُنْتُم غير مدينين} ( الْوَاقِعَة: 68) أَي: غير محاسبين،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: غير مربوبين من دَان السُّلْطَان رَعيته إِذْ ساسهم، وَجَوَاب: لَوْلَا قَوْله: ترجمونها.
أَي: تردون نفس هَذَا الْمَيِّت إِلَى جسده إِذا بلغت الْحُلْقُوم إِن كُنْتُم صَادِقين.

رَوْحٌ جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ وَرَيْحَانٌ الرِّزْقُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم} ( الْوَاقِعَة: 88، 98) وَسقط هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَعَن ابْن زيد: روح عِنْد الْمَوْت وَرَيْحَان يجنى لَهُ فِي الْآخِرَة، وَعَن الْحسن، أَن روحه تخرج فِي الريحان، وَعَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد: فَروح أَي رَاحَة وَرَيْحَان مستراح، وَعَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير: الريحان رزق، وَقد مر هَذَا عَن قريب.

وَنَنَشْأكُمْ فِي أيِّ خَلْقٍ نَشَاءُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وننشئكم فِيمَا لَا تعلمُونَ} ( الْوَاقِعَة: 16) أَي: نوجدكم فِي أَي خلق نشَاء فِيمَا لَا تعلمُونَ من الصُّور.
وَقَالَ غَيْرُهُ تَفَكَّهُونَ تَعَجَبُونَ

أَي: قَالَ غير مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلَو نشَاء لجعلناه حطاما فظللتم تفكهون} ( الْوَاقِعَة: 56) وَفَسرهُ بقوله: ( تعْجبُونَ) وَكَذَا فسره قَتَادَة.
وَعَن عِكْرِمَة: تلامون، وَعَن الْحسن: تَنْدمُونَ، وَعَن ابْن كيسَان: تَحْزَنُونَ.
قَالَ: وَهُوَ من الأضداد تَقول الْعَرَب: تفكهت أَي: تنعمت وتفكهت أَي: حزنت، وَقيل: التفكه التَّكَلُّم فِيمَا لَا يَعْنِيك، وَمِنْه قيل للمزاح: فاكه.

عُرُبا مُثَقَّلَةً وَاحِدُها عَرُوبٌ مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ يُسَمِّيها أهْلُ مَكَّةَ العَرَبَةَ وَأهْلُ المَدِينَةِ الضَجَةَ وَأهْلُ العِرَاقِ الشَّكِلَةَ.

هَذَا كُله لم يثبت فِي رِوَايَة أبي ذَر وَهُوَ مُكَرر لِأَنَّهُ مضى فِي صفة الْجنَّة.
وَهنا أَيْضا تقدم وَهُوَ قَوْله: وَالْعرب المحببات إِلَى أَزوَاجهنَّ، وَقد ذَكرْنَاهُ نَحن أَيْضا عَن قريب.

وَقَالَ فِي خَافِضَةٌ لِقَوْمٍ إلَى النَّارِ وَرَافِعَةً إلَى الجَنَّةِ
أَي: قَالَ غير مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة خافضة رَافِعَة} ( الْوَاقِعَة: 1، 3) أَي: الْقِيَامَة أَي: يَوْم الْقِيَامَة تخْفض قوما إِلَى النَّار وترفع آخَرين إِلَى الْجنَّة.
وَعَن عَطاء: خفضت قوما بِالْعَدْلِ وَرفعت قوما بِالْفَضْلِ.

مَوْضُونَةٍ: مَنْسُوجَةٍ.
وَمِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { على سرر موضونة} ( الْوَاقِعَة: 51) أَي: منسوجة وَلم يثبت هَذَا إلاّ لأبي ذَر، وَقد تقدم فِي صفة الْجنَّة.
قَوْله: ( موضونة) ، مرمولة مشبكة بِالذَّهَب وبالجواهر قد أَدخل بَعْضهَا فِي بعض مضاعفة كَمَا يوضن حلق الدرْع.
قَوْله: ( وَمِنْه) ، أَي: وَمن هَذَا الْبابُُ ( وضين النَّاقة) وَهُوَ بطان منسوج بعضه على بعض يشد بِهِ الرجل على الْبَعِير كالحزام للسرج.

وَالكُوبُ: لَا آذَانَ لَهُ وَلا عُرْوَةَ.
وَالأبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالعُرَى
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { بأكواب وأباريق} ( الْوَاقِعَة: 81) وَتَفْسِيره ظَاهر، والأكواب جمع كوب، والأباريق جمع إبريق سمي بذلك لبريق لَونه.

مَسْكُوب: جارٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَماءٍ مسكوب} ( الْوَاقِعَة: 13) أَي: جَار، وَفِي التَّفْسِير: مَنْصُوب يجْرِي دَائِما فِي غير أخدُود وَلَا مُنْقَطع.

وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ
عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَرْفُوعَة على الأسرة، وَعَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ: لَو طرح فرَاش من أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلهَا لم يسْتَقرّ فِي الأَرْض إلاَّ بعد سبعين خَرِيفًا.

مُتْرَفِينَ: مُتَنَعِّمِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { إِنَّهُم كَانُوا قبل ذَلِك مترفين} ( الْوَاقِعَة: 54) وَفَسرهُ بقوله: منتعمين، وَهَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بتاء مثناة من فَوق بعْدهَا نون من التنعم وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ممتعين، بميمين بعدهمَا تَاء.
قَالَ بَعضهم: من التَّمَتُّع وَهُوَ غلط بل هُوَ من الإمتاع.
يُقَال: أمتعت بالشَّيْء.
أَي: تمتعت بِهِ، قَالَه أَبُو زيد، وَإِنَّمَا يُقَال من التَّمَتُّع إِن لَو كَانَت الرِّوَايَة متمتعين.

مَا تُمْنُونَ: هِيَ النُّطْفَةُ فِي أرْحَامِ النِّسَاءِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { أَفَرَأَيْتُم مَا تمنون أأنتم تخلفونه أم نَحن الخالفون} ( الْوَاقِعَة: 85، 95) وَفسّر قَوْله: ( مَا تمنون) بقوله: ( النُّطْفَة فِي الْأَرْحَام) لِأَن مَا تمنون هِيَ النُّطْفَة الَّتِي تصب فِي الْأَرْحَام وَهُوَ من أمنى يمني إمناء، وقرىء بِفَتْح التَّاء من منى يمني،.

     وَقَالَ  الْفراء: يَعْنِي النطف إِذا قذفت فِي الْأَرْحَام أأنتم تخلقون تِلْكَ النطف أم نَحن.

لِلْمُقوِينَ لِلْمُسَافِرِينَ وَالْقِيُّ القفرُ

وَهَذَا لم يثبت لأبي ذَر، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { نَحن جعلناها تذكره ومتاعا للمقوين} ( الْوَاقِعَة: 37) وَفسّر المقوين بالمسافرين وَهُوَ من أقوى إِذا دخل فِي أَرض القي فَألْقى، والقواء القفر الخالية الْبَعِيدَة من الْعمرَان والأهلين، وَيُقَال: أقوت الدَّار إِذا خلت من سكانها،.

     وَقَالَ  مُجَاهِد: للمقوين للمستمتعين بهَا من النَّاس أَجْمَعِينَ الْمُسَافِرين والحاضرين يستضيئون بهَا فِي الظلمَة ويصطلون بهَا فِي الْبرد وينتفعون بهَا فِي الطَّبْخ وَالْخبْز ويتذكرون بهَا نَار جَهَنَّم ويستجيرون الله مِنْهَا.
.

     وَقَالَ  قطرب: المقوى من الأضداد يكون بِمَعْنى الْفَقِير وَيكون بِمَعْنى الْغَنِيّ.
يُقَال: أقوى الرجل إِذا قويت دوابه وَإِذا أَكثر مَاله.

بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ: بِمُحْكَمِ القُرْآنِ، وَيُقَالُ: بِمَسْقَطِ النُّجُومِ إذَا سَقَطْنَ، ومَوَاقِعُ وَمَوْقِعٌ وَاحِدٌ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} ( الْوَاقِعَة: 57) وَفَسرهُ بشيئين أَحدهمَا قَوْله: ( بمحكم الْقُرْآن) .

     وَقَالَ  الْفراء: حَدثنَا فُضَيْل ابْن عَبَّاس عَن مَنْصُور عَن الْمنْهَال بن عَمْرو.
.

     وَقَالَ : قَرَأَ عبد الله ( فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم) قَالَ: بمحكم الْقُرْآن، وَكَانَ ينزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نجوما وبقراءته قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ، وَخلف، وَالْآخر بقوله: ( ومسقط النُّجُوم إِذا سقطن) ومساقط النُّجُوم مغْرِبهَا، وَعَن الْحسن: انكدارها وانتشارها يَوْم الْقِيَامَة، وَعَن عَطاء بن أبي رَبَاح: منازلها.
قَوْله: ( فَلَا أقسم) ، قَالَ أَكثر الْمُفَسّرين مَعْنَاهُ: أقسم، وَلَا نسلة.

     وَقَالَ  بعض أهل الْعَرَبيَّة، مَعْنَاهُ فَلَيْسَ الْأَمر كَمَا تَقولُونَ: ثمَّ اسْتَأْنف الْقسم.
فَقَالَ: أقسم قَوْله: ( ومواقع وموقع وَاحِد) لَيْسَ قَوْله: ( وَاحِد) بِالنّظرِ إِلَى اللَّفْظ وَلَا بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْنى، وَلَكِن بِاعْتِبَار أَن مَا يُسْتَفَاد مِنْهُمَا وَاحِد، لِأَن الْجمع الْمُضَاف والمفرد الْمُضَاف كِلَاهُمَا عامان بِلَا تفَاوت على الصَّحِيح، قَالَ الْكرْمَانِي: إِضَافَته إِلَى الْجمع تَسْتَلْزِم تعدده.
كَمَا يُقَال: قلب الْقَوْم وَالْمرَاد قُلُوبهم.

مُدْهِنُونَ: مُكذِّبُونَ، مِثْلُ: لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { أفبهذا الحَدِيث أَنْتُم مدهنون} ( الْوَاقِعَة: 78) أَي: مكذبون، وَكَذَا فسره الْفراء هُنَا.

     وَقَالَ  فِي قَوْله: لَو تدهن فيدهنون.
أَي: تكفر لَو يكفرون، يُقَال: قد ادهن أَي: كفر.
قَوْله: ( أفبهذا الحَدِيث) يَعْنِي: الْقُرْآن ( مدهنون) قَالَ ابْن عَبَّاس: أَي: كافرون، وَعَن ابْن كيسَان: المدهن الَّذِي لم يفعل مَا يحِق عَلَيْهِ ويدفعه بِالْمَالِ، وَعَن المؤرخ المدهن: الْمُنَافِق الَّذِي يلين جَانِبه ليخفي كفره، وادهن وداهن وَاحِد وَأَصله من الدّهن.

فَسَلامٌ لَكَ.
أيْ مُسَلَّمٌ لَكَ إنَّكَ مِنْ أصْحَابِ اليَمِينِ وَأُلْغِيَتْ إنَّ وَهُوَ مَعْناها كَما تَقُولُ أنْتَ مُصَدَّقٌ مُسافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ إذَا كَانَ قَدْ قَالَ إنِّي مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ وَقَدْ يَكُونُ كَالدُّعاءِ لهُ كَقَوْلِكَ فَسَقْيا مِنَ الرِّجالِ إنْ رَفَعْتَ السَّلامَ فَهُوَ مِنَ الدُّعَاءِ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَأما إِن كَانَ من أَصْحَاب الْيَمين فسلام لَك من أَصْحَاب الْيَمين} ( الْوَاقِعَة: 09، 19) وَأَشَارَ إِلَى أَن كلمة: أَن، فِيهِ محذوفة وَهُوَ قَوْله: { أَنَّك من أَصْحَاب الْيَمين} .
قَوْله: ( وألغيت: إِن) بالغين الْمُعْجَمَة من الإلغاء، وروى: وألقيت بِالْقَافِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
قَوْله: ( وَهُوَ مَعْنَاهَا) أَرَادَ بِهِ أَن كلمة: إِن، وَإِن حذفت فمعناها مُرَاد.
قَوْله: ( كَمَا تَقول) إِلَى قَوْله: ( عَن قَلِيل) ، تَمْثِيل لما ذكره أَي: كَقَوْلِك لمن قَالَ إِنِّي مُسَافر عَن قريب أَنْت مُصدق مُسَافر عَن قَلِيل أَي أَنْت مُصدق إِنَّك مُسَافر عَن قَلِيل، فَحذف لفظ: إِن، هُنَا أَيْضا، وَلَكِن مَعْنَاهَا مُرَاد قَوْله: ( وَقد يكون) ، أَي: لفظ سَلام.
( كالدعاء لَهُ) أَي: لمن خاطبه من أَصْحَاب الْيَمين، يَعْنِي: الدُّعَاء لَهُ مِنْهُم كَقَوْلِك، فسقيا لَك من أَصْحَاب الْيَمين، وانتصاب: سقيا على أَنه مصدر لفعل مَحْذُوف تَقْدِيره: سقاك الله سقيا، وَأما رفع السَّلَام فعلى الِابْتِدَاء.
وَإِن كَانَ نكرَة لِأَنَّهُ دُعَاء وَهُوَ من المخصصات وَمَعْنَاهُ: سلمت سَلاما ثمَّ حذف الْفِعْل وَرفع الْمصدر.
وَقيل: تَعْرِيف الْمصدر وتنكيره سَوَاء لشُمُوله فَهُوَ رَاجع إِلَى معنى الْعُمُوم،.

     وَقَالَ : الزَّمَخْشَرِيّ: مَعْنَاهُ سَلام لَك يَا صَاحب الْيَمين من إخوانك أَصْحَاب الْيَمين، أَي: يسلمُونَ عَلَيْك،.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ: فسلام لَك رفع على معنى: فلك سَلام أَي: سَلامَة لَك يَا مُحَمَّد مِنْهُم فَلَا تهتم لَهُم، فَإِنَّهُم سلمُوا من عَذَاب الله تَعَالَى،.

     وَقَالَ  الْفراء: مُسلم لَك أَنهم من أَصْحَاب الْيَمين، وَيُقَال: لصَاحب الْيَمين إِنَّه مُسلم لَك أَنَّك من أَصْحَاب الْيَمين، وَقيل: سَلام عَلَيْك من أَصْحَاب الْيَمين.
قَوْله: ( إِن رفعت السَّلَام) قيل: لم يقرأه أحد بِالنّصب فَلَا معنى لقَوْله: إِن رفعت، وَأجِيب بِأَن: سقيا بِالنّصب يكون دُعَاء، بِخِلَاف السَّلَام فَإِنَّهُ بِالرَّفْع دُعَاء وَبِالنَّصبِ لَا يكون دُعَاء.
تُورُونَ: تَسْتَخْرِجُونَ أوْرَيْتُ: أوْقَدْتُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: { أَفَرَأَيْتُم النَّار الَّتِي تورون} ( الْوَاقِعَة: 17) وَلم يثبت هَذَا لأبي ذَر، وَفسّر: ( تورون) بقوله: ( تستخرجون) وَفِي التَّفْسِير: تقدحون.
وتستخرجون من زندكم وشجرتها الَّتِي تقدح مِنْهَا النَّار المرخ والعفار.
قَوْله: ( أوريت أوقدت) يَعْنِي: معنى أوريت أوقدت.
وأصل تورون توريون استثقلت الضمة على الْبَاء فنقلت إِلَى مَا قبلهَا والتقى الساكنان وهما الْوَاو وَالْيَاء فحذفت الْيَاء فَصَارَ: تورون.

لَغْوا: بَاطِلا تأثِيما: كَذِبا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا وَلَا تأثيما} ( الْوَاقِعَة: 52) فِيهَا أَي: فِي جنَّات النَّعيم، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، هَكَذَا رَوَاهُ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ، وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيقه.


(بابُُ قَوْلِهِ: { وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} (الْوَاقِعَة: 03)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { ظلّ مَمْدُود} أَي: دَائِم لَا تنسخه الشَّمْس، وَعَن الرّبيع: يَعْنِي ظلّ الْعَرْش، وَعَن عَمْرو ابْن مَيْمُون: مسيرَة سبعين ألف سنة.



[ قــ :4617 ... غــ :4881 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ أبِي الزِّنادِ عَنِ الأعْرَجِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ يَبْلُغُ بِهِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّها مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُها وَاقْرَؤا إِن شِئْتُمْ: { وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} .

عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَبُو الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز والْحَدِيث مضى فِي كتاب بَدْء الْخلق فِي: بابُُ صفة الْجنَّة.

قَوْله: (يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ليبدل على أَنه سَمعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جزما وَيدْفَع بِهِ احْتِمَال أَنه سَمعه مِمَّن سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.