فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} [الجمعة: 3]


[ قــ :12350 ... غــ :12351 ]
- ( { سُورَةُ الجُمْعَةِ} )

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة الْجُمُعَة وَمر الْكَلَام فِي ضبط الْجُمُعَة وَمَعْنَاهُ فِي كتاب الصَّلَاة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَدَنِيَّة بِلَا خلاف،.

     وَقَالَ  السخاوي: نزلت بعد التَّحْرِيم وَقيل: التغابن، وَهِي سَبْعمِائة وَعِشْرُونَ حرفا.
وَمِائَة وَثَمَانُونَ كلمة وَإِحْدَى عشرَة آيَة.

( بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) لم تثبت الْبَسْمَلَة وَلَفظ سُورَة إلاَّ فِي رِوَايَة أبي ذَر.


(بابٌُ قَوْلِهِ: { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} (الْجُمُعَة: 3)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وَآخَرين مِنْهُم} فِيهِ وَجْهَان من الْإِعْرَاب: أَحدهمَا: الْخَفْض على الرَّد إِلَى الْأُمِّيين مجازه: وَفِي آخَرين.
الثَّانِي: النصب على الرَّد إِلَى الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله: (وَيُعلمهُم) أَي: وَيعلم آخَرين مِنْهُم أَي: من الْمُؤمنِينَ الَّذين يدينون بِدِينِهِ.
قَوْله: (لما يلْحقُوا بهم) ، أَي: لم يدركوهم، وَلَكنهُمْ يكونُونَ بعدهمْ.

وَقَرَأَ عُمَرُ: { فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ الله} ثَبت هَذَا هُنَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده، وَعمر هُوَ ابْن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن الصَّباح حَدثنَا روح بن عبَادَة نَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان، سَمِعت سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب.



[ قــ :4633 ... غــ :4897 ]
- حدَّثني عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني سُلَيْمَانُ بنُ بِلالٍ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ أبِي الغَيْثِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ كُنَّا جُلُوسا عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الجُمْعَةِ: { وَآخَرَينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} (الْجُمُعَة: 3) قَالَ.

قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَألَ ثَلاثا وَفِينا سَلْمانُ الفَارِسِيُّ وَضَعَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ لَوْ كَانَ الإيمانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ أوْ رَجُلٌ مِنْ هاؤُلاءِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: { وَآخَرين مِنْهُم} وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي الْمَدِينِيّ.
وثور باسم الْحَيَوَان الْمَشْهُور.
ابْن زيد الديلِي وَأَبُو الْغَيْث، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالتاء الْمُثَلَّثَة: سَالم مولى عبد الله بن مُطِيع.

والْحَدِيث أخرجه أَيْضا عَن عبد الله بن هِلَال وَعَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن قُتَيْبَة، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير وَفِي المناقب عَن عَليّ بن حجر.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فيهمَا عَن قُتَيْبَة.

قَوْله: (جُلُوسًا) أَي: جالسين.
قَوْله: (فَنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْجُمُعَة.
{ وَآخَرين} ) قَالَ بَعضهم: كَأَنَّهُ يُرِيد أنزلت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة من سُورَة الْجُمُعَة.
قلت: التَّفْسِير بِالشَّكِّ لَا يجدي، وَالْمعْنَى: مثل رِوَايَة مُسلم نزلت عَلَيْهِ سُورَة الْجُمُعَة.
فَلَمَّا قَرَأَ { وَآخَرين مِنْهُم} وَهنا كَذَلِك لما قَرَأَ: { وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} قَالَ: قلت: من هم يَا رَسُول الله؟ وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ، قَالُوا: من هم يَا رَسُول الله؟ وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ.
فَقَالَ لَهُ رجل، وَفِي رِوَايَة الدَّرَاورْدِي، قيل من هم وَعند التِّرْمِذِيّ: فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله من هَؤُلَاءِ الَّذين لم يلْحقُوا بِنَا.
قَوْله: (فَلم يراجعوه) وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: فَلم يُرَاجِعهُ أَي: فَلم يُرَاجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّائِل أَي لم يعد عَلَيْهِ جَوَابه حَتَّى سَأَلَ ثَلَاثًا.
أَي: ثَلَاث مَرَّات، وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، يدل عَلَيْهِ صَرِيحًا رِوَايَة الدَّرَاورْدِي.
قَالَ: فَلم يُرَاجِعهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى سَأَلَ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا.
قَوْله: (عِنْد الثريا) هُوَ كَوْكَب مَشْهُور.
قَوْله: (رجل أَو رجال) .
شكّ من سُلَيْمَان بن بِلَال بِدَلِيل الرِّوَايَة الَّتِي أوردهَا بعْدهَا من غير شكّ مُقْتَصرا على قَوْله: (لَنَالَهُ رجال من هَؤُلَاءِ) ، وَكَذَا هُوَ عِنْد مُسلم وَالنَّسَائِيّ، قَوْله: (من هَؤُلَاءِ) أَي: الْفرس، بِقَرِينَة، سلمَان الْفَارِسِي.
.

     وَقَالَ : الْكرْمَانِي أَي: الْفرس يَعْنِي الْعَجم وَفِيه نظر لَا يخفى ثمَّ إِنَّهُم اخْتلفُوا فِي آخَرين مِنْهُم فَقيل: هم التابعون وَقيل: هم الْعَجم وَقيل أبناؤهم، وَقيل: كل من كَانَ بعد الصَّحَابَة.
.

     وَقَالَ  أَبُو روق جَمِيع من أسلم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: أحسن مَا قيل فيهم أَنهم أَبنَاء فَارس بِدَلِيل هَذَا الحَدِيث، لَنَالَهُ رجال من هَؤُلَاءِ، وَقد ظهر ذَلِك بالعيان فَإِنَّهُم ظهر فيهم الدّين وَكثر فيهم الْعلمَاء وَكَانَ وجودهم كَذَلِك دليلاا من أَدِلَّة صدقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكر أَبُو عمر: أَن الْفرس من ولد لاوذ بن سَام بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، وَذكر عَليّ بن كيسَان النسابة وَغَيره أَنهم من ولد فَارس بن جَابر بن يافث بن نوح، وَهُوَ أصح مَا قيل فيهم.
.

     وَقَالَ  الرشاطي: فَارس الْكُبْرَى ابْن كيومرت، وَيُقَال: حيومرت بن أميم بن لاوذ، وَقيل: حيومرت بن يافث، وَقيل: هُوَ فَارس بن ناسور بن سَام بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، وَمِنْهُم من زعم أَنهم من ولد يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقيل: من ولد هَذَا رام بن إرفخشد ابْن سَام، وَأَنه ولد بضعَة عشر رجلا كلهم كَانَ فَارِسًا شجاعا فسموا الْفرس بالفروسية.
وَقيل: إِنَّهُم من ولد بوان بن إيران بن الْأسود بن سَام، وَيُقَال لَهُم بالجزيرة الحضارمة، وبالشام: الجرامقة، وبالكوفة: الأحامرة، وبالبصرة: الأساورة، وباليمن: الْأَبْنَاء والأحرار، وَفِي كتاب (الطَّبَقَات) لصاعد: كَانَت الْفرس أول أمرهَا مُوَحدَة على دين نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِلَى أَن أَتَى برداسف المشرقي إِلَى طهمورس ثَالِث مُلُوك الْفرس بِمذهب الحنفاء وهم الصابئون، فَقبله مِنْهُ وَقصر الْفرس على التشرع بِهِ فاعتقدوه جَمِيعًا نَحْو ألف سنة ومائتي سنة إِلَى أَن تمجسوا جَمِيعًا بِظُهُور زرادشت فِي زمن بستاسف ملك الْفرس حِين مضى من ملكه ثَلَاثُونَ سنة، ودعى إِلَى دين الْمَجُوسِيَّة من تَعْظِيم النَّار وَسَائِر الْأَنْوَار وَالْقَوْل: بتركيب الْعَالم من النُّور والظلام واعتقاد القدماء الْخَمْسَة إِبْلِيس والهيولى وَالزَّمَان وَالْمَكَان وَذكر آخر فَقبل مِنْهُ بستاسف وَقَاتل الْفرس عَلَيْهِ حق انقادوا جَمِيعًا إِلَيْهِ ورفضوا دين الصابئة.
واعتقدوا زرادشت نَبيا مُرْسلا إِلَيْهِم، وَلم يزَالُوا على دينه قَرِيبا من ألف سنة وَثَلَاث مائَة سنة إِلَى أَن أباد الله عز وَجل.
ملكهم على عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.





[ قــ :4633 ... غــ :4898 ]
- حدَّثنا عَبْد الله بنُ عَبْدِ الوَهَابِ حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ أخْبَرَنِي ثَوْرٌ عَنْ أبِي الغَيْثِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَنَا لَهُ رِجالٌ مِنْ هاؤُلاءِ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْمَذْكُور وَأخرجه عَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب أبي مُحَمَّد الحَجبي الْبَصْرِيّ عَن عبد الْعَزِيز.
قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم.
وَكَذَا قَالَه الكلاباذي.
.

     وَقَالَ  أبي نعيم والجياني: هُوَ الدَّرَاورْدِي، وَأخرجه مُسلم عَن قُتَيْبَة عَن الدَّرَاورْدِي وَجزم بِهِ الْحَافِظ الْمزي أَيْضا.