فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} [المنافقون: 3]

(بابُُ قَوْلِهِ: { ذَلِكَ بَأنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} (المُنَافِقُونَ: 3)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { ذَلِك بِأَنَّهُم} الْآيَة.
قَوْله: (ذَلِك) أَشَارَ مَا وصف من حَال الْمُنَافِقين فِي النِّفَاق وَالْكذب بِالْإِيمَان، أَي ذَلِك كُله بِسَبَب أَنهم آمنُوا أَي نطقوا بِكَلِمَة الشَّهَادَة وفعلوا كَمَا يفعل من يدْخل فِي الْإِسْلَام ثمَّ كفرُوا ثمَّ ظهر كفرهم بعد ذَلِك، فطبع على قُلُوبهم حَتَّى لَا يدخلهم الْإِيمَان جَزَاء على نفاقهم فهم لَا يفقهُونَ صِحَة الْإِيمَان وإعجاز الْقُرْآن كَمَا يفهمهُ الْمُؤْمِنُونَ.



[ قــ :4637 ... غــ :4902 ]
- حدَّثنا آدَمُ حدَّثنا شُعْبَةُ عنِ الحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ كَعْبٍ القُرَظِيَّ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ أرْقَمَ رَضِيَ الله عنهُ قَالَ لَمَا قَالَ عَبدُ الله بنُ أُبَيٍّ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ الله.

     وَقَالَ  أيْضا لَئِنْ رَجَعْنا إلَى المَدِينَةِ أخْبَرْتُ بِهِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلامَنِي الأنْصارُ وَحَلَفَ عَبْدُ الله بنُ أُبَيٍّ مَا قَالَ ذَلِكَ فَرَجَعْتُ إلَى المَنْزِلِ فَنِمْتُ فَدَعَانِي رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ إنَّ الله قَدْ صَدَقَكَ وَنَزَلَ { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا} الآيَةَ.
.

     وَقَالَ  ابنُ أبِي زَائِدَةَ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ عَمْروٍ عنْ ابنِ أبِي لَيْلَى عَنْ زَيْدٍ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

هَذَا طَرِيق آخر من حَدِيث زيد أخرجه عَن آدم بن أبي إِيَاس عَن شُعْبَة عَن الحكم، بِفتْحَتَيْنِ ابْن عتيبة مصغر عتبَة الْبابُُ.

قَوْله: (سَمِعت مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ) ، زَاد التِّرْمِذِيّ فِي رِوَايَته مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة.
قَوْله: (أخْبرت بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، قَالَ بَعضهم: أَي: على لِسَان عمي، جمعا بَين الرِّوَايَتَيْنِ.
قلت: لَا يحْتَاج إِلَى هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي يُخَالف ظَاهر الْكَلَام بل الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن يُقَال: إِنَّه أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَن أنكر عبد الله بن أبي ذَلِك.
قَوْله: (فدعاني) ، أَي: فطلبني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

قَوْله: (وَقَالَ ابْن أبي زَائِدَة) ، وَهُوَ يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن مرّة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن زيد،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ابْن أبي ليلى إِذا أطلقهُ المحدثون يعنون بِهِ عبد الرَّحْمَن، وَإِذا أطلقهُ الْفُقَهَاء يُرِيدُونَ بِهِ ابْنه مُحَمَّدًا القَاضِي الإِمَام، وَهَذَا التَّعْلِيق أسْندهُ النَّسَائِيّ فِي (سنَنه الْكُبْرَى) .