فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، لن يغفر الله لهم، إن الله لا يهدي القوم الفاسقين} [المنافقون: 6]

(بابٌُ .

     قَوْلُهُ : { سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ الله لَهُمْ إنَّ الله لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ} (المُنَافِقُونَ: 6)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { سَوَاء عَلَيْهِم} إِلَى آخر الْآيَة، كَذَا للأكثرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر { سَوَاء عَلَيْهِم استغفرت لَهُم} الْآيَة أَي: سَوَاء عَلَيْهِم الاسْتِغْفَار وَعَدَمه لأَنهم لَا يلتفتون إِلَيْهِ وَلَا يعتدون بِهِ لِأَن الله لَا يغْفر لَهُم.



[ قــ :4640 ... غــ :4905 ]
- (حَدثنَا عَليّ حَدثنَا سُفْيَان قَالَ عَمْرو سَمِعت جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا فِي غزَاة.
قَالَ سُفْيَان مرّة فِي جَيش فَكَسَعَ رجل من الْمُهَاجِرين رجلا من الْأَنْصَار فَقَالَ الْأنْصَارِيّ يَا للْأَنْصَار.

     وَقَالَ  الْمُهَاجِرِي يَا للمهاجرين فَسمع ذَاك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ مَا بَال دَعْوَى جَاهِلِيَّة قَالُوا يَا رَسُول الله كسع رجل من الْمُهَاجِرين رجلا من الْأَنْصَار فَقَالَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة فَسمع بذلك عبد الله بن أبي فَقَالَ فَعَلُوهَا أما وَالله لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل فَبلغ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ عمر فَقَالَ يَا رَسُول الله دَعْنِي أضْرب عنق هَذَا الْمُنَافِق فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعه لَا يتحدث النَّاس أَن مُحَمَّدًا يقتل أَصْحَابه وَكَانَت الْأَنْصَار أَكثر من الْمُهَاجِرين حِين قدمُوا الْمَدِينَة ثمَّ إِن الْمُهَاجِرين كَثُرُوا بعد قَالَ سُفْيَان فحفظته من عَمْرو قَالَ عَمْرو سَمِعت جَابِرا كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله فَسمع بذلك عبد الله بن أبي إِلَى قَوْله الْأَذَل فوجهه أَن الْآيَة الْمَذْكُورَة نزلت فِيهِ فَمن هَذَا الْوَجْه تَأتي الْمُطَابقَة وَقد أخرج عبد بن حميد من طَرِيق قَتَادَة وَمن طَرِيق مُجَاهِد وَمن طَرِيق عِكْرِمَة أَنَّهَا نزلت فِي عبد الله بن أبي وَعلي هُوَ ابْن عبد الله بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار أَبُو مُحَمَّد الْمَكِّيّ والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن الْحميدِي وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن ابْن أبي عَمْرو وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّير وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن عبد الْجَبَّار وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور قَوْله " فِي غزَاة " وَهِي غَزْوَة بني المصطلق قَالَه ابْن إِسْحَاق قَوْله " فَكَسَعَ " من الكسع وَهُوَ ضرب الدبر بِالْيَدِ أَو بِالرجلِ وَيُقَال هُوَ ضرب دبر الْإِنْسَان بصدر قدمه وَنَحْوه وَالرجل الْمُهَاجِرِي هُوَ جَهْجَاه بن قيس وَيُقَال ابْن سعيد الْغِفَارِيّ وَكَانَ مَعَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُود فرسه وَالرجل الْأنْصَارِيّ هُوَ سِنَان بن وبرة الْجُهَنِيّ حَلِيف الْأَنْصَار قَوْله " يَا للْأَنْصَار " اللَّام فِيهِ لَام الاستغاثة وَهِي مَفْتُوحَة وَمَعْنَاهَا أغيثوني قَوْله " مَا بَال دَعْوَى جَاهِلِيَّة " أَي مَا شَأْنهَا وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة إِنْكَار وَمنع عَن قَول يَا لفُلَان وَنَحْوه قَوْله " دَعُوهَا " أَي اتْرُكُوا هَذِه الْمقَالة وَهِي دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة وَهِي قبل الْإِسْلَام قَوْله " فَإِنَّهَا مُنْتِنَة " بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق من النتن أَي أَنَّهَا كلمة قبيحة خبيثة وَكَذَا ثَبت فِي بعض الرِّوَايَات قَوْله " فَقَالَ فَعَلُوهَا " أَي أفعلوها بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام فحذفت أَي فعلوا الأثرة أَي تركناهم فِيمَا نَحن فِيهِ فأرادوا الاستبداد بِهِ علينا وَفِي مُرْسل قَتَادَة فَقَالَ رجل مِنْهُم عَظِيم النِّفَاق مَا مثلنَا وَمثلهمْ إِلَّا كَمَا قَالَ الْقَائِل سمن كلبك يَأْكُلك قَوْله " دَعه " أَي اتركه قَوْله " لَا يتحدث النَّاس " بِرَفْع يتحدث على الِاسْتِئْنَاف وَيجوز الْكسر على أَنه جَوَاب قَوْله دَعه قَوْله " فحفظته من عَمْرو " كَلَام سُفْيَان أَي حفظت الحَدِيث من عَمْرو بن دِينَار وَعَمْرو قَالَ سَمِعت جَابِرا كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْغُزَاة -