فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {وربك فكبر} [المدثر: 3]

(بابُُُ قَوْلِهِ: { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (المدثر: 3)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وَرَبك فَكبر} أَي: فَعظم وَلَا تشرك بِهِ، وَهَذَا التَّكْبِير قد يكون فِي الصَّلَاة وَقد يكون فِي غَيرهَا.
وَلما نزل ذَلِك قَامَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكبر فكبرت خَدِيجَة وفرحت وَعلمت أَنه الْوَحْي من الله تَعَالَى، وَالْفَاء على معنى جَوَاب الْجَزَاء أَي: قُم فَكبر رَبك، وَكَذَلِكَ مَا بعده.
قَالَ الزّجاج، وَقيل: الْفَاء صلَة كَقَوْلِك: زيدا فَاضْرب.



[ قــ :4658 ... غــ :4924 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ حدَّثنا عَبْدُ الصَّمَدِ حدَّثنا حَرْبُ حدَّثنا يَحْيَى قَالَ سَألْتُ أبَا سَلَمَةَ أيُّ القُرْآنَ أُنْزِلَ أوَّلُ افَقَالَ: { يَا أيُّها المُدَثِّرُ} فَقُلْتُ أُنْبِئتُ أنَّهُ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبَّكَ الَّذِي خَلَقَ} فَقَالَ أبُو سَلَمَةَ سَألْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِ الله أيُّ القُرْآنِ أُنْزِلَ أوَّلُ فَقَال: { يَا أيَّها المُدَّثِّرُ} فَقُلْتُ أُنْبِئْتُ أنَّهُ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فَقَالَ لَا أُخْبِرُكَ إلاَّ بِمَا قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاوَرْتُ فِي حِرَاءٍ فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ الوَادِيَ فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَإذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى عَرْشٍ بَيْنَ السَّماءِ وَالأرْضِ فَأتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدا وَأُنْزِلَ عَلَيَّ: { يَا أيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَإنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (المدثر: 1، 3) .

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور بن بهْرَام الكوسج أبي يَعْقُوب الْمروزِي عَن عبد الصَّمد ابْن عبد الْوَارِث الْبَصْرِيّ عَن حَرْب بن شَدَّاد عَن يحيى بن أبي كثير.

قَوْله: (أول) ، قَوْله: (أنبئت) على صِيغَة الْمَجْهُول.
أَي: أخْبرت.
وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن حَرْب.
قلت: إِنَّه بَلغنِي أَن أول مَا نزل اقْرَأ وَلم يبين يحيى بن أبي كثير من أنبأه بذلك وَلَعَلَّه يُرِيد عُرْوَة بن الزبير، كَمَا لم يبين أَبُو سَلمَة من أنبأه بذلك، وَلَعَلَّه يُرِيد عَائِشَة فَإِن الحَدِيث مَشْهُور عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة.
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، كَمَا تقدم فِي بَدْء الْوَحْي من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَنهُ مطولا.
قَوْله: (فَاسْتَبْطَنْت) ، أَي: وصلت بطن الْوَادي.
قَوْله: (على عرش) ويروى: على كرْسِي.