فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وثيابك فطهر} [المدثر: 4]

(بابُُُ قَوْلِهِ: { ثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (المدثر: 4)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وثيابك فطهر} قَالَ الثَّعْلَبِيّ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: مَعْنَاهَا لَا تلبسها على مَعْصِيّة وَلَا على غدرة، وَالْعرب تَقول للرجل إِذا وفى وَصدق: إِنَّه طَاهِر الثِّيَاب، وَإِذا غدر ونكث: إِنَّه لدنس الثِّيَاب، وَعَن أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لَا تلبسها على عجب وَلَا على ظلم وَلَا على إِثْم والبسها وَأَنت طَاهِر، وَعَن ابْن سِيرِين وَابْن زيد: نقِّ ثِيَابك واغسلها بِالْمَاءِ وطهرها من النَّجَاسَة، وَذَلِكَ أَن الْمُشْركين كَانُوا لَا يتطهرون فَأمره أَن يتَطَهَّر ويطهر ثِيَابه.
وَعَن طَاوُوس وثيابك فقصر وشمر، لِأَن تَقْصِير الثِّيَاب طهرة لَهَا.



[ قــ :4659 ... غــ :4925 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ ح وحدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبَرَنِي أبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عَنهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُحَدِّث عَنْ فَتْرَةِ الوَحْي فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ فَبَيْنَا أنَا أمْشِي إذْ سَمِعْتُ صَوْتا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحَراءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ فَجَثِثْتُ مِنْهُ رُعْبا فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمَّلُونِي زَمَّلُونِي فَدَثَّرُونِي فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: { يَا أيتُّها المُدَّثِّرُ} إلَى { وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر: 1، 5) قَبْلَ أنْ تُفْرَضَ الصلاةُ وَهِيَ الأوْثَانُ..
هَذَا أَيْضا حَدِيث جَابر الْمَذْكُور وَلَكِن رَوَاهُ من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَذكره من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن يحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير الْمصْرِيّ عَن اللَّيْث بن سعد عَن عقيل، بِضَم الْعين ابْن خَالِد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
وَالْآخر: عَن عبد الله بن مُحَمَّد المسندي عَن عبد الرَّزَّاق الخ.

قَوْله: (وَهُوَ يحدث عَن فَتْرَة الْوَحْي) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال وَهَذَا مشْعر بِأَنَّهُ كَانَ قبل نزُول: { يَا أَيهَا المدثر} (المدثر: 1) وَحي وَلَيْسَ ذَلِك إلاَّ سُورَة اقْرَأ على الصَّحِيح.
قَوْله: قَوْله: { على كرْسِي} وَفِي الحَدِيث الَّذِي مضى على عرش وَلَا تفَاوت بَينهمَا بِحَسب الْمَقْصُود.
وَهُوَ مَا يجلس عَلَيْهِ وَقت العظمة { فَجَثَتْ} على صِيغَة الْمَجْهُول من الجأث، بِالْجِيم والهمزة والثاء الْمُثَلَّثَة، وَهُوَ الْفَزع والرعب وَالْخَوْف،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَفِي بَعْضهَا: فجثثت بالمثلثتين من الجث وَهُوَ الْقلع والرعب.
قَوْله: (قيل أَن تفرض الصَّلَاة) غَرَضه أَن تَطْهِير الثِّيَاب كَانَ وَاجِبا قبل الصَّلَاة قَوْله: (وَهِي) أَي: الرجز هِيَ الْأَوْثَان، وَإِنَّمَا أنث بِاعْتِبَار أَن الْخَبَر جمع وَإِنَّمَا فسر بِالْجمعِ نظر إِلَى الْجِنْس.