فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {فأما من أعطى واتقى} [الليل: 5]

(بابٌُُ قَوْلِهِ: { فَأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى} (اللَّيْل: 5)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { فَأَما من أعْطى} أَي: فَأَما من أعْطى مَاله فِي سَبِيل الله، وَاتَّقَى ربه واجتنب مَحَارمه.



[ قــ :4681 ... غــ :4945 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا سُفْيَانُ عَن الأعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمانِ السلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ فِي جَنَازَةٍ فَقَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَّ النَّارِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ الله أفَلا نَتَّكِلُ فَقَالَ اعْمَلُوا فَكُلُّ مُيَسَّرٌ ثُمَّ قَرَأَ: { فَأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} إلَى قَوْلِهِ: { لِلْعُسْرَى} .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَسعد بن عُبَيْدَة أَبُو حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي: ختن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ واسْمه عبد الله، والسلمي بِضَم السِّين وَفتح اللَّام، وَعلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز فِي: بابُُ موعظة الْمُحدث عِنْد الْقَبْر، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (فِي بَقِيع الْغَرْقَد) ، بِإِضَافَة البقيع بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْقَاف إِلَى الْغَرْقَد بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْقَاف وبالدال الْمُهْملَة وَهُوَ مَقْبرَة الْمَدِينَة قَوْله: (أَفلا نَتَّكِل) ، أَي: أَفلا نعتمد على كتَابنَا الَّذِي قدر الله علينا، فَقَالَ: أَنْتُم مأمورون بِالْعَمَلِ فَعَلَيْكُم بمتابعة الْأَمر فَكل وَاحِد مِنْكُم ميسر لما خلق لَهُ وَقدر عَلَيْهِ.
قَوْله: (فَأَما من أعْطى) ، أَي: مَاله وَاتَّقَى ربه واجتنب مَحَارمه وَصدق بِالْحُسْنَى.
أَي: بالخلف يَعْنِي: أَيقَن أَن الله تَعَالَى سيخلف عَلَيْهِ، وَعَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَالضَّحَّاك، وَصدق بِالْحُسْنَى بِلَا إلاه إلاَّ الله، وَعَن مُجَاهِد وَصدق بِالْجنَّةِ، وَعَن قَتَادَة وَمُقَاتِل: بموعود الله تَعَالَى.
قَوْله: (فسنيسره) ، أَي: فسنهيئه لليسرى، أَي: للخلة الْيُسْرَى، وَهُوَ الْعَمَل بِمَا يرضاه الله تَعَالَى.