فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {اقرأ وربك الأكرم} [العلق: 3]

(بابٌُُ .

     قَوْلُهُ : { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} (العلق: 3)

هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { اقْرَأ وَرَبك الأكرم} هَذَا التكرير للتَّأْكِيد، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون الأول للْعُمُوم، وَالثَّانِي للخصوص.
قَوْله: (وَرَبك الأكرم) ، أَي: الَّذِي لَهُ الْكَمَال فِي زِيَادَة كرمه على كَلَام كل كريم إِذْ ينعم على عباده بنعمه الَّتِي لَا تحصى ويحلم عَنْهُم فَلَا يعاجلهم بالعقوبة مَعَ كفرهم وجحودهم لنعمه وركوبهم المناهي وأطراحهم الْأَوَامِر.



[ قــ :4692 ... غــ :4956 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
ح.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ حدَّثني عُقَيْلٌ قَالَ مُحَمَّدٌ أخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا أوَّلُ مَا بُدِيَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرؤْيا الصَّادِقَةُ جَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ { اقْرَأُ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَق اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} (العلق: 1، 4) .

هَذَا أَيْضا مُخْتَصر من حَدِيث عَائِشَة جدا، وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن عبد الله بن مُحَمَّد المسندي عَن عبد الرَّزَّاق بن همام عَن معمر بِفَتْح الميمين بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
وَالثَّانِي: عَن اللَّيْث عَن عقيل بن خَالِد بن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة، وَهَذَا مُعَلّق وَصله فِي بَدْء الْوَحْي ثمَّ فِي الْبابُُ الَّذِي قبله، ثمَّ فِي التَّعْبِير أخرجه فِي الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث؟ .




(بابٌُُ: { الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} (العلق: 4) أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { الَّذِي علم بالقلم} (العلق: 4) وَهَذِه التَّرْجَمَة لأبي ذَر وَحده.
قَوْله: (علم بالقلم) أَي: علم الْخط وَالْكِتَابَة بالقلم.



[ قــ :469 ... غــ :4957 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ الله عَنْها فَرَجَعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَذَكَرَ الحَدِيثَ.

وَهَذَا أَيْضا طرف من حَدِيث بَدْء الْوَحْي وَالْكَلَام فِي إرْسَال هَذَا قد مر عَن قريب.


(بابٌُُ: { كَلاّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} (العلق: 51، 61)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { كلا} إِلَى آخِره وَسقط لغير أبي ذَر لفظ: بابُُ، وَمن نَاصِيَة إِلَى آخِره قَوْله: { لَئِن لم ينْتَه} أَي: أَبُو جهل عَن إنذار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَهْيه عَن الصَّلَاة.
قَوْله: (لنسفعن) أَي: لنأخذن بالناصية، وَقد مر تَفْسِيره عَن قريب، وَكتب بِالْألف فِي الْمُصحف على حكم الْوَقْف قَوْله: نَاصِيَة بدل من قَوْله بالناصية، وَوصف الناصية بِالْكَذِبِ وَالْخَطَأ على الْإِسْنَاد الْمجَازِي، وَالْكذب وَالْخَطَأ فِي الْحَقِيقَة لصَاحِبهَا أَي: صَاحب الناصية كَاذِب خاطىء.



[ قــ :469 ... غــ :4958 ]
- حدَّثنا يَحْيَى حدَّثنا عَبْدِ الرَّزَاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الْجِزَرِيِّ عَنْ عِكْرَمَةَ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ أبُو جَهْلٍ لَئِنْ رَأيْتُ مُحَمَّدا يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ لأَطْأنَّ عَلَى عُنُقِهِ فَبَلَغَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَوْ فَعَلَ لأخَذَتْهُ المَلائِكَةُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَيحيى إِمَّا ابْن مُوسَى وَإِمَّا ابْن جَعْفَر، وَعبد الْكَرِيم بن مَالك الْجَزرِي، بِفَتْح الْجِيم وَالزَّاي.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التفسيرعن عبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن أبي رَافع عَن عبد الرَّزَّاق وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله.

قَوْله: (قَالَ أَبُو جهل) اسْمه: عَمْرو بن هِشَام المَخْزُومِي، وَهَذَا من مرسلات عبد الله بن عَبَّاس لِأَنَّهُ لم يدْرك زمن قَول أبي جهل ذَلِك لِأَن مولده قبل الْهِجْرَة نَحْو ثَلَاث سِنِين، وَيحمل على أَنه سَمعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من صَحَابِيّ آخر قَوْله: (على عُنُقه) بالنُّون وَالْقَاف، ويروى بِالْقَافِ وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْأول أصح.
قَوْله: (لَو فعل) أَي: أَبُو جهل.
قَوْله: (لَأَخَذته الْمَلَائِكَة) أَي: مَلَائِكَة الْعَذَاب، وَوَقع عِنْد البلاذري نزل اثْنَا عشر ملكا من الزَّبَانِيَة رؤوسهم فِي السَّمَاء وأرجلهم فِي الأَرْض وَأخرج النَّسَائِيّ من طَرِيق أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة نَحْو حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَزَاد فِي آخِره فَلم يفجأهم مِنْهُ إلاَّ وَهُوَ.
أَي: أَبُو جهل نكص على عقبه ويتقى بِيَدِهِ.
فَقيل لَهُ: مَالك؟ قَالَ: إِن بيني وَبَينه لَخَنْدَقًا من نَا وَهولا وَأَجْنِحَة.
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَو دنا لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَة عضوا عضوا) .

تَابَعَهُ عَمْرُو بنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ الله عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ

أَي: تَابع عبد الرَّزَّاق أَو يحيى فِي رِوَايَته عَمْرو بن خَالِد الْحَرَّانِي من شُيُوخ البُخَارِيّ عَن عبيد الله بن عَمْرو الرقي بالراء وَالْقَاف عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي الْمَذْكُور، وَهَذِه الْمُتَابَعَة وَصلهَا عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ فِي (منتخب الْمسند) لَهُ عَن عَمْرو بن خَالِد فَذكره.