فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {الله الصمد} [الإخلاص: 2] «

(بابٌُ قوْلُهُ اللَّهُ الصَّمَدُ} (الْإِخْلَاص: 2)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل {الله الصَّمد} (الْإِخْلَاص: 2) وَلم تثبت هَذِه التَّرْجَمَة إلاّ لأبي ذَر.

والعَرُبُ تُسَمِّي أشْرَافَها الصَّمَد.
قَالَ أبُو وَائِلٍ: هُوَ السَّيِّدُ الذِي انْتَهَى سُودَدُهُ

أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن معنى الصَّمد عِنْد الْعَرَب الشّرف، وَلِهَذَا يسمون رؤساءهم: الْأَشْرَاف بالصمد.
وَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ السَّيِّد الَّذِي قد كمل أَنْوَاع الشّرف والسؤدد، وَقيل: هُوَ السَّيِّد الْمَقْصُود فِي الْحَوَائِج، تَقول الْعَرَب: صمدت فلَانا أصمده صمدا، بِسُكُون الْمِيم: إِذا قصدته والمصمود صَمد، وَيُقَال: بَيت مصمود إِذا قَصده النَّاس فِي حوائجهم.
قَوْله: (وَقَالَ أَبُو وَائِل) بِالْهَمْزَةِ بعد الْألف كنية شَقِيق بن مسلمة، وَهَذَا ثَبت النَّسَفِيّ هُنَا، وَقد ذكر فِي تَفْسِير الصَّمد مَعَاني كَثِيرَة.



[ قــ :4711 ... غــ :4975 ]
- حدَّثنا إسْحاقُ بنُ منْصُورٍ قَالَ: وَحدثنَا عبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرَنا مَعْمَرٌ عنْ هَمَّامِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله: كذَّبَنِي ابنُ آدَمَ ولَمْ يَكُنْ لَهُ ذالِكَ، وشَتَمَني ولَم يَكُنْ لَهُ ذالك؛ أمَّا تَكْذِيبُهُ إيَّاي أنْ يقُولَ: إنِّي لَنْ أعِيدَهُ كَما بَدَأْتُهُ، وأمَّا شَتْمُهُ إيَّاي أنْ يقُولَ { اتخذ الله ولدا} (الْبَقَرَة: 611) وَأَنا الصَّمدُ الّذِي لَمْ أَلِدْ ولَمْ أُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤا أحَدٌ.

(انْظُر الحَدِيث 3913 وطرفه) .

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور أخرجه عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور الْمروزِي عَن عبد الرَّزَّاق بن همام عَن معمر بن رَاشد عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة.

قَوْله: (كَذبَنِي ابْن آدم) ، أَي: بعض بني آدم، وَالْمرَاد بهم المنكرون للبعث من مُشْركي الْعَرَب وَغَيرهم من عباد الْأَوْثَان وَالنَّصَارَى.
قَوْله: (وَلم يكن لَهُ ذَلِك) ثَبت هَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَلم يثبت لبَقيَّة الروَاة عَن الْفربرِي، وَكَذَا النَّسَفِيّ.
قَوْله: (أما تَكْذِيبه إيَّايَ أَن يَقُول) الْقيَاس: أَن يُقَال: فَأن يَقُول، بِالْفَاءِ وَهَذَا دَلِيل من جوز حذف الْفَاء من جَوَاب أما قَوْله: (وَلم يكن لي كُفؤًا أحد) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: وَلم يكن لَهُ، بطرِيق الِالْتِفَات.

كُفُؤا وكَفيئا وكِفاءً واحدٌ أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن كفوا بِضَمَّتَيْنِ بِدُونِ الْهمزَة، وكفيئا على وزن فعيل.
وكفاءً على وزن فعال بِالْكَسْرِ بِمَعْنى وَاحِد، والكفؤ الْمثل والنظير وَلَيْسَ لله عز وَجل كفؤ وَلَا مثيل وَلَا شَبيه،.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ فِي قَوْله: وَلم يكن لَهُ كُفؤًا أحد، على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير أَي لَيْسَ لَهُ أحد كُفؤًا.
وَقَرَأَ حَمْزَة وَيَعْقُوب: كفئا، سَاكِنة الْفَاء ممهوزة وَمثله رُوِيَ الْعَبَّاس عَن أبي عَمْرو وَإِسْمَاعِيل عَن نَافِع وَحَفْص عَن عَاصِم وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَم الْفَاء وَفتح حَفْص الْوَاو بِغَيْر همزَة، وَرُوِيَ فِي الشواذ عَن سُلَيْمَان بن على أَنه قَرَأَ: كفاء، بِكَسْر ثمَّ مد، وَرُوِيَ عَن نَافِع مثله لَكِن بِغَيْر مد.





[ قــ :3453 ... غــ :3454 ]
- (سورَةُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (الفلق: 1)

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض شَيْء من سُورَة: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} (الفلق: 1) وَفِي بعض النّسخ {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} من غير ذكر سُورَة وَفِي بَعْضهَا وَفِي بَعْضهَا سُورَة الفلق.

{بِسم الله الرحمان الرَّحِيم}
لم تثبت الْبَسْمَلَة إِلَّا لأبي ذَر.

وَهِي مَدَنِيَّة فِي قَول سُفْيَان وَفِي رِوَايَة همام وَسَعِيد عَن قَتَادَة مَكِّيَّة وَكَذَا قَالَه السّديّ.

     وَقَالَ  سُفْيَان الفلق وَالنَّاس تزلتا فِيمَا كانلبيد بن الأعصم سحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقصته مسهورة فِي التفاسير وَهِي أَرْبَعَة وَسَبْعُونَ حرفا وَثَلَاث وَعِشْرُونَ كلمة وَخمْس آيَات والفلق الصُّبْح كَذَا روى عَن ابْن عَبَّاس وَعنهُ سجن فِي جَهَنَّم وَعَن السّديّ جب فِي جَهَنَّم وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ يرفعهُ بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ الفلق جب فيجهنم مغطى وَعَن كَعْب الْجب بَيت فِي جَهَنَّم إِذا فتح صَاح أهل النَّار من شَرّ حره وَقيل غير ذَلِك.

{وَقَالَ مُجَاهِد الفلق الصُّبْح وغاسق اللَّيْل إِذا وَقب غرُوب الشَّمْس يُقَال أبين من فرق وفلق الصُّبْح وَقب إِذا دخل فِي كل شَيْء وأظلم}
أَي قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن شَرّ غَاسِق إِذا وَقب} أَن الْغَاسِق اللَّيْل وَإِذا وَقب غرُوب الشَّمْس وَكَذَا روى عَن أبي عُبَيْدَة ووقب من الوقوب وَهُوَ غرُوب الشَّمْس وَالدُّخُول فِي موضعهَا وَيُقَال وَقب إِذا دخل فِي كل شَيْء وأظلم وَهُوَ كَلَام الْفراء وَكَذَا قَوْله يُقَال أبين من فرق وفلق الصُّبْح من كَلَام الْفراء.





[ قــ :471 ... غــ :4976 ]
- حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد حَدثنَا سُفْيَان عَن عَاصِم وَعَبدَة عَن زر بن حُبَيْش قَالَ سَأَلت أبي بن كَعْب عَن المعوذتين فَقَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي فَقلت فَنحْن نقُول كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وسُفْيَان وَهُوَ ابْن عُيَيْنَة وَعَاصِم هُوَ ابْن أبي النجُود بِفَتْح النُّون وَضم الْجِيم وبالمهملة أحد الْقُرَّاء السَّبْعَة وَعَبدَة ضد الْحرَّة ابْن أبي لبابَُُة بِضَم اللَّام وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة الأولى الْأَسدي وزر بِكَسْر الزَّاي وَشدَّة الرَّاء ابْن جبيش مصغر الْحَبَش بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا عَن قُتَيْبَة قَوْله: ( عَن المعوذتين) بِكَسْر الْوَاو وَمعنى السُّؤَال عَنْهُمَا لأجل قَول ابْن مَسْعُود أَن المعوذتين ليستا من الْقُرْآن فَسَأَلَ عَنْهُمَا من أَبى من هَذِه الْجِهَة فَقَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قيل لي أعوذ أَي إقرأنيهما جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يعْنى أَنَّهُمَا من الْقُرْآن قَوْله ( فَنحْن نقُول) من كَلَام أبي رضى الله تَعَالَى عَنهُ.





[ قــ :87641 ... غــ :8764 ]
- حَدثنَا قُتَيْبَ( سُورَة { قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} ) >
أَي هَذَا فِي تَفْسِير بعض شَيْء من سُورَة ( قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) وَفِي بعض النّسخ لم يذكر لفظ: سُورَة وَفِي بَعْضهَا بِسُورَة النَّاس، وَهِي مَدَنِيَّة، وَهِي تِسْعَة وَتسْعُونَ حرفا، وَعِشْرُونَ كلمة، وست آيَات.

ويُذْكَرُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: الوَسْوَاسِ إذَا وُلِدَ خَنَسَةُ الشّيْطانُ فإِذَا ذُكِرَ الله عَزَّ وجلَّ ذَهَبَ، وإذَا لَمْ يُذْكَرِ الله ثَبَتَ علَى قَلْبِهِ كَذَا فِي وَقع لغير أبي ذَر، وَوَقع لَهُ:.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس، وَالْأول أولى لِأَن إِسْنَاد الحَدِيث إِلَى ابْن عَبَّاس ضَعِيف أخرجه الطَّبَرِيّ وَالْحَاكِم فِي إِسْنَاده حَكِيم بن جُبَير وَهُوَ ضَعِيف، وَلَفظه: مَا من مَوْلُود إلاَّ على قلبه الوسواس، فَإِذا عمل فَذكر الله خنس، وَإِذا غفل وسوس.
قَوْله: ( خنس الشَّيْطَان) ، قَالَ الصَّاغَانِي الأولى نخسه الشَّيْطَان، مَكَان خنسه الشَّيْطَان، فَإِن سلمت اللَّفْظَة من الانقلاب والتصحيف فَالْمَعْنى، وَالله أعلم: أَخّرهُ وأزاله عَن مَكَانَهُ لشدَّة نخسه وطعنه فِي خاصرته.





[ قــ :4713 ... غــ :4977 ]
- حدَّثنا عَليُّ بنُ عبْد الله حدّثنا سُفْيانُ حدّثنا عَبْدَةُ بنُ أبِي لُبابَُةَ عنْ زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ وحدّثنا عاصِمٌ عنْ زِرٍّ قَالَ: سألْتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ قُلْتُ: يَا أَبَا المُنْذِرِ! إنَّ أخاكَ ابنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وكَذَا، فَقَالَ أبَيُّ: سألْتُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لِي: قِيلَ لي.
فَقُلْتُ.
قَالَ، فَنَحْنُ نَقُولُ كَما قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن أبي كَعْب أخرجه عَن عَليّ بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة إِلَى آخِره.

قَوْله: ( وَحدثنَا عَاصِم) الْقَائِل: وَحدثنَا عَاصِم، هُوَ سُفْيَان وَكَأَنَّهُ كَانَ يجمعهما تَارَة ويفردهما أُخْرَى، وَأَبُو الْمُنْذر كنية أبي بن كَعْب وَله كنيته أُخْرَى: أَبُو الطُّفَيْل.
قَوْله: ( إِن أَخَاك) يَعْنِي فِي الدّين.
قَوْله: ( كَذَا وَكَذَا) ، يَعْنِي: أَنَّهُمَا ليستا من الْقُرْآن.
قَوْله: ( قيل لي) ، أَي: إنَّهُمَا من الْقُرْآن، وَهَذَا كَانَ مِمَّا اخْتلف فِيهِ الصَّحَابَة ثمَّ ارْتَفع الْخلاف وَوَقع الْإِجْمَاع عَلَيْهِ، فَلَو أنكر الْيَوْم أحد قرآنيتهما كفر،.

     وَقَالَ  بَعضهم: مَا كَانَت الْمَسْأَلَة فِي قرآنيتهما بل فِي صفة من صفاتهما وخاصة من خاصتهما، وَلَا شكّ أَن هَذِه الرِّوَايَة تحتملهما، فالحمل عَلَيْهَا أولى وَالله أعلم.
فَإِن قلت: قد أخرج أَحْمد وَابْن حَيَّان من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم بِلَفْظ: أَن ابْن مَسْعُود كَانَ لَا يكْتب المعوذتين فِي مصحفه، وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زيادات الْمسند وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْأَعْمَش عَن أبي إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد النَّخعِيّ.
قَالَ: كَانَ عبد الله بن مَسْعُود يحك المعوذتين من مصاحفه، وَيَقُول: إنَّهُمَا ليستا من الْقُرْآن، أَو من كتاب الله تَعَالَى.
قلت: قَالَ الْبَزَّار: لم يُتَابع ابْن مَسْعُود على ذَلِك أحدٌ من الصَّحَابَة، وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَهَا فِي الصَّلَاة، وَهُوَ فِي صَحِيح مُسلم عَن عبة بن عَامر وَزَاد فِيهِ ابْن حَيَّان من وَجه آخر عَن عقبَة بن عَامر فَإِن اسْتَطَعْت أَن لانفوتك قراءتهما فِي صَلَاة فافعل، وَأخرج أَحْمد من طَرِيق أبي الْعَلَاء بن الشخير عَن رجل من الصَّحَابَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرأه المعوذتين،.

     وَقَالَ  لَهُ: إِذا أَنْت صليت فاقرأ بهما، وَإِسْنَاده صَحِيح، وَرُوِيَ سعيد بن مَنْصُور من حَدِيث معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الصُّبْح فَقَرَأَ فيهمَا بالمعوذتين قَوْله: ( قَالَ: فَنحْن نقُول) ، الْقَائِل هُوَ أبي بن كَعْب.