فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: كيف نزل الوحي، وأول ما نزل

( كِتابُ فَضائِلِ القُرْآنِ)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان فَضَائِل الْقُرْآن، وَلم يَقع لفظ كتاب، إلاَّ فِي رِوَايَة أبي ذَر، والمناسبة بَين كتاب التَّفْسِير وَبَين كتاب فَضَائِل الْقُرْآن ظَاهِرَة لَا تخفي، والفضائل جمع فَضِيلَة قَالَ الْجَوْهَرِي: الْفضل والفضيلة خلاف النَّقْص والنقيصة.


( بابٌُ: كَيْفَ نُزُولُ الوَحْي وأوَّلُ مَا نَزلَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كَيْفيَّة نزُول الْوَحْي وَبَيَان أول مَا نزل من الْوَحْي.
قَوْله: ( كَيفَ نزُول الْوَحْي) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: كَيفَ نزل الْوَحْي، بِلَفْظ الْمَاضِي،.

     وَقَالَ  بَعضهم، كَيفَ نزُول الْوَحْي: بِصِيغَة الْجمع.
قلت: كَأَنَّهُ ظن من عدم وُقُوفه على الْعُلُوم الْعَرَبيَّة أَن لفظ النُّزُول جمع وَهُوَ غلط فَاحش، وءنما هُوَ مصدر من نزل ينزل نزولاً وَقد تقدم فِي أول الْكتاب كَيْفيَّة نُزُوله وَبَيَان أول مَا نزل.
وَقَالَ ابنُ عبَّاسٍ المُهَيْمِنُ الأَمِينُ القُرْآنُ أمِينٌ علَى كلِّ كِتابٍ قَبْلَهُ

أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { وأنزلنا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ من الْكتاب ومهيمنا عَلَيْهِ} ( الْمَائِدَة: 84) وَفسّر الْمُهَيْمِن بالأمين، وَمن أَسمَاء الله تَعَالَى: الْمُهَيْمِن، قيل: أَصله مؤيمن فَقبلت الْهمزَة هَاء كَمَا قبلت فِي أرقت.
هرقت، وَمَعْنَاهُ: الْأمين الصَّادِق وعده، وَذكر لَهُ معَان أخر.
قَوْله: ( الْقُرْآن أَمِين على كل كتاب قبله) يَعْنِي: من الْكتب والصحف الْمنزلَة على الْأَنْبِيَاء وَالرسل، عَلَيْهِم السَّلَام، وَأثر ابْن عَبَّاس هَذَا رَوَاهُ عبد بن حميد فِي تَفْسِيره عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق، قَالَ: سَمِعت التَّمِيمِي عَن ابْن عَبَّاس.



[ قــ :4714 ... غــ :4978 ]
- حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوسى اعنْ شْيْبَانِ عنْ يَحْيَى عنْ أبي سَلَمَة، قَالَ: أخبرَتْنِي عائِشَةُ وابنَ عَبَّاسٍ، رَضِي الله عنهُمْ، قَالَا: لَبِثَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَليْهِ القُرْآنُ وبالمَدِينةِ عَشْرا..
مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة الظَّاهِرَة وشيبان أَبُو معوية النَّحْوِيّ؛ وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.

والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي.

قَوْله: ( عشرا) مُهِمّ كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: عشر سِنِين، يذكر مميزه وَهُوَ يُفَسر الْإِبْهَام الْمَذْكُور، فَإِن قلت: يُعَارض هَذَا مَا ذكره أَيْضا من حدث ابْن عُيَيْنَة: سَمِعت عَمْرو بن دِينَار: قلت لعروة إِن ابْن عَبَّاس يَقُول: لبث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة بضع عشر سنة قلت يحمل الأول على أَنه من حَيْثُ حمي الْوَحْي وتتابع وَرِوَايَة مقَامه بِمَكَّة ثَلَاث عشرَة سنة يُرِيد من حِين الْبعْثَة، وَقيل: يحمل على أَن إسْرَافيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وكل بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث سِنِين ثمَّ جَاءَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِالْقُرْآنِ.





[ قــ :4715 ... غــ :4980 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ حدّثنا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أبي عَن عُثْمانَ، قَالَ: أُنْبِئْتُ أنَّ جبْريلَ أتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعِنْدَهُ أُمُّ سَلمَةَ، فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمِّ سَلَمَةَ: مَنْ هاذَا؟ أوْ كَمَا قَالَ؟ قالَتْ: هاذَا دِحْيَةُ، فلَمَّا قامَ قالَتْ: وَالله مَا حَسِبْتُهُ إلاَّ إيَّاهُ حتَّى سمِعْتُ خُطْبَةَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ، أوْ كَما قَالَ: قَالَ أبي:.

قُلْتُ لأبي عُثْمانَ.
مِمَّنْ سَمِعْتَ هذَا؟ قَالَ: مِنْ أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ..
هَذَا أَيْضا يُطَابق الْجُزْء الأول للتَّرْجَمَة، ومعتمر هُوَ ابْن سُلَيْمَان التَّمِيمِي، يروي عَن أَبِيه عَن أبي عُثْمَان عبد الرَّحْمَن الْهِنْدِيّ، بِفَتْح النُّون؟ والْحَدِيث قد مُضر فِي عَلَامَات النُّبُوَّة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَبَّاس بن الْوَلِيد النَّرْسِي.

قَوْله: ( أنبئت) على صِيغَة الْمَجْهُول من الإنباء أَي: أخْبرت.
قَوْله: ( أَو كَمَا قَالَ) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( مَا حسبته إلاَّ إِيَّاه) كَلَام أم سَلمَة قَوْله: ( يخبر خبر جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) ويروي بِخَبَر جِبْرِيل بِالْبَاء الْمُوَحدَة فِي رِوَايَة مُسلم: فَقَالَت: أَيمن الله مَا حسبته إلاَّ إِيَّاه.
قَوْله: ( إلاَّ إِيَّاه) أَي: دحْيَة.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون هَذَا فِي قصَّة بني قُرَيْظَة فقد وَقع فِي دَلَائِل الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا رَأَتْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكلم رجلا وَهُوَ رَاكب، فَلَمَّا دخل قلت: من هَذَا الَّذِي كنت تكَلمه؟ قَالَ: بِمن تشبهين؟ قلت: بِدِحْيَةَ.
قَالَ: ذَاك جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، يَأْمُرنِي أَن أمضي إِلَى بني قُرَيْظَة.
قلت: هَذَا بعيد من وُجُوه: الأول: أَن الرائية فِي حَدِيث الْبابُُ أم سَلمَة وَهنا عَائِشَة.
وَالثَّانِي: فِيهِ اخْتِلَاف الروَاة عَنْهُمَا الثَّالِث: أَن الظَّاهِر أَن أم سَلمَة رَأَتْهُ فِي بَيتهَا وَعَائِشَة رَأَتْهُ خَارج بَيتهَا لقولها.
فَلَمَّا دخل، وَأَنَّهَا رَأَتْهُ وَهُوَ رَاكب، فعلى كل الْوُجُوه لَا دلَالَة على أَن قصَّة أم سَلمَة كَانَت فِي قصَّة بني قُرَيْظَة، وَالله أعلم.
قَوْله: ( قَالَ أبي) بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة، أَي: قَالَ مُعْتَمر بن سُلَيْمَان.
قَالَ أبي: لأبي عُثْمَان، وَهُوَ عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور: مِمَّن سَمِعت هَذَا الحَدِيث؟ قَالَ: سمعته من أُسَامَة بن زيد الصَّحَابِيّ، حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكر أَبُو مَسْعُود هَذَا الحَدِيث فِي مُسْند أُسَامَة وَكَذَلِكَ الْحَافِظ الْمزي،.

     وَقَالَ  الْحميدِي فِي مُسْند أم سَلمَة: وَقَالُوا: فِيهِ فَضِيلَة أم سَلمَة ودحية،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَفِيه نظر لِأَن أَكثر الصَّحَابَة رَأَوْا جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي صُورَة الرجل.
قلت: هَذَا فِيهِ نظر لِأَن ذكر هَذَا الْأُم سَلمَة فَضِيلَة لَا يسْتَلْزم نفي فَضِيلَة غَيرهَا من النِّسَاء.
وَقَوله: أَكثر الصَّحَابَة رَأَوْا جِبْرِيل، غير مُسلم على مَا لَا يخفى.





[ قــ :4716 ... غــ :4981 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حَدثنَا اللَّيْتُ حدَثنا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ عنْ أبِيهِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا منَ الأنبياءِ نَبيٌّ إِلَّا اعْطِيَ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَليْهِ البَشَرُ وإنَّما كانَ الَّذِي أوتِيتُهُ وحْيا أوْحاهُ الله إليَّ، فأرْجُو أنْ أكْثَرَهُمْ تابِعا يَوْمَ القِيامَةِ.

مطقابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( أُوتِيتهُ وَحيا أوحاه الله) وَسَعِيد المَقْبُري يروي عَن أَبِيه كيسَان.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الِاعْتِصَام عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَأخرجه مُسلم فِي الْأَيْمَان.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: ( مَا من الْأَنْبِيَاء نَبِي إلاَّ أعطي) يدل على أَن النَّبِي لَا بُد لهمن معجزه تَقْتَضِي إِيمَان من شَاهدهَا بصدقه وَلَا يضرّهُ مِمَّن أصر على المعاندة.
قَوْله: ( مَا مثله) كلمة: مَا، مَوْصُولَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ مفعول ثَان لأعطي.
قَوْله: ( مثله) مُبْتَدأ.
( وآمن عَلَيْهِ الْبشر) خَبره، وَالْجُمْلَة صلَة الْمَوْصُول، والمثل يُطلق وَيُرَاد بِهِ عين الشَّيْء أَو مَا يُسَاوِيه.
قَوْله: ( عَلَيْهِ) الْقيَاس يَقْتَضِي أَن يُقَال: بِهِ، لِأَن الْأَيْمَان يسْتَعْمل بِالْبَاء أَو بِاللَّامِ وَلَا يسْتَعْمل بعلى، وَلَكِن فِيهِ تضمين معنى الْغَلَبَة أَي: يُؤمن بذلك مَغْلُوبًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيع دَفعه عَن نَفسه، لَكِن قد يخذل فيعاند،.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: لفظ ( عَلَيْهِ) هُوَ حَال أَي: مَغْلُوبًا عَلَيْهِ فِي التحدي والمباراة، أَي: لَيْسَ نَبِي إلاّ قد أعطَاهُ الله من المعجزات الشَّيْء الَّذِي صفتُه أَنه إِذا شوهد اضْطر الشَّاهِد إِلَى الْأَيْمَان بِهِ، وتحريره أَن كل نَبِي اخْتصَّ بِمَا يثبت دَعْوَاهُ من خارق الْعَادَات بِحَسب زَمَانه: كقلب الْعَصَا ثعبانا، لِأَن الْغَلَبَة فِي زمَان مُوسَى للسحر، فَأَتَاهُم بِمَا فَوق السحر فاضطرهم إِلَى الْأَيْمَان بِهِ، وَفِي زمَان عِيسَى الطِّبّ، فجَاء بِمَا هُوَ أَعلَى من الطِّبّ وَهُوَ إحْيَاء الْمَوْتَى، وَفِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البلاغة فَجَاءَهُمْ بِالْقُرْآنِ.
قَوْله: ( آمن) ، وَقع فِي رِوَايَة حَكَاهَا ابْن قرقول ( أَو من) بِضَم ثمَّ وَاو، قَالَ أَبُو الْخطاب: كَذَا قيدناه فِي رِوَايَة الْكشميهني وَالْمُسْتَمْلِي،.

     وَقَالَ  ابْن دحْيَة: وَقَيده بَعضهم أَيمن بِكَسْر الْهمزَة بعْدهَا يَاء وَمِيم مَضْمُومَة، وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ: أَمن بِغَيْر مدمن الْأمان، وَالْكل رَاجع إِلَى معنى: الْإِيمَان، وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور.

وَقَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف فِي معنى هَذَا الحَدِيث على أَقْوَال: أَحدهَا: أَن كل نَبِي أعْطى من المعجزات مَا كَانَ مثله لمن كَانَ قبله من الْأَنْبِيَاء فَآمن بِهِ الْبشر وَأما معجزتي الْعَظِيمَة الظَّاهِرَة فَهِيَ الْقُرْآن الَّذِي لم يُعْط أحد مثله فَلهَذَا أَنا أَكْثَرهم تبعا.
وَالثَّانِي: أَن الَّذِي أُوتِيتهُ لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ تخييل بِسحر أَو تَشْبِيه، بِخِلَاف معْجزَة غَيْرِي فَإِنَّهُ قد يخيل السَّاحر بِشَيْء مِمَّا يُقَارب صورتهَا كَمَا خيلت السَّحَرَة فِي صُورَة عَصا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، والخيال قد يروج على بعض الْعَوام، وَالْفرق بَين المعجزة والتخييل يحْتَاج إِلَى فكر، فقد يخطىء النَّاظر فيعتقدهما سَوَاء.
وَالثَّالِث: أَن معجزات الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، انقرضت بانقراضهم وَلم يشاهدها إلاَّ من حضرها بحضرتهم، ومعجزة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن المستمر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.

قَوْله: ( وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتهُ وَحيا) كلمة: إِنَّمَا، للحصر، ومعجزة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم تكن منحصرة فِي الْقُرْآن، وَإِنَّمَا المُرَاد أَنه أعظم معجزاته وأفيدها فَإِنَّهُ يشْتَمل على الدعْوَة وَالْحجّة وَينْتَفع بِهِ الْحَاضِر وَالْغَائِب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَلهَذَا راتب عمله قَوْله: ( فأرجوان أكون أَكْثَرهم) أَي: أَكثر الْأَنْبِيَاء تَابعا أَي أمة تظهر يَوْم الْقِيَامَة.





[ قــ :4718 ... غــ :4983 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا سفْيانخ عَن الأسْوَدِ بنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جنْدَبا يَقُولُ: اشْتَكَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلمْ يَقُمْ لَيْلةً أوْ لَيْلَتَيْنِ، فأنَتْهُ امْرَأةٌ فقالَتْ: يَا مُحَمَّدُ! مَا أرَى شيْطانَكَ إلاّ قَدْ تَرَكَكَ؟ فأنْزَلَ الله عَزَّ وجَلَ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ} ( الضُّحَى: 1 3) ..
وَجه إِيرَاده هَذَا الحَدِيث هُنَا الْإِشَارَة إِلَى أَن تَأْخِير النُّزُول لَا لقصد التّرْك أصلا وَإِنَّمَا هُوَ لوجوه من الْحِكْمَة: تسهيل حفظه، لِأَنَّهُ لَو نزل دفْعَة وَاحِدَة لشق عَلَيْهِم لأَنهم أمة أُميَّة وغالبهم لَا يقْرَأ أَو لَا يكْتب، وَتردد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عز وَجل إِلَيْهِ وَلَا يَنْقَطِع إِلَى أَن يلقى الله تَعَالَى، ونزوله بِحَسب الوقائع والمصالح، وَكَون الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف مُنَاسِب أَن ينزل مفرقا إِذْ فِي نُزُوله دفْعَة وَاحِدَة كَانَت مشقة عَلَيْهِم.

والْحَدِيث مر عَن قريب فِي سُورَة الضُّحَى، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أَحْمد بن يُونُس عَن زُهَيْر عَن الْأسود، وَهنا أخرجه عَن أبي نعيم الْفضل بن دُكَيْن عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْأسود.
وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.