فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به

( بابُُ مَنْ رَايا بِقرَاءَتهِ القُرْآنِ أوْ تأكَّلَ بِه، أوْ فجَرَ بهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان إِثْم من رايا من المرايات، ويروي من: رأى، بِهَمْزَة وَفِي بعض النّسخ: بابُُ إِثْم من رايا.
قَوْله: ( بقرَاءَته الْقُرْآن) بِنصب القرآنْ، ويروي: بِقِرَاءَة الْقُرْآن، بِالْجَرِّ على الْإِضَافَة.
قَوْله: ( أَو تَأْكُل) .
من بابُُ: تفعل، بِالتَّشْدِيدِ أَي: طلب الْأكل بِهِ، أَي: بِالْقُرْآنِ.
قَوْله: ( أَو فجر) بِالْجِيم فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين من الْفُجُور،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين فِي رِوَايَة: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة من الفخرة.



[ قــ :4787 ... غــ :5057 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ أخبرَنا سُفْيانُ حثنا الأعْمَشُ عنْ خَيْثَمَةَ عنْ سُوَيْدِ بن غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ علِيُّ، رَضِي الله عنهُ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: يأتِي ي آخِرِ الزَّمانِ قوْمٌ حُدَثاءُ الأسْنانِ سُفَهاءُ الأحْلاَمِ يَقُولونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ البَرِيّة، يَمْرُقُونَ منَ الأَسْلاَمِ كَما يَمْرُقُ السَّهْمُ منَ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إيمَانُهُمْ حنَاجِرَهُمْ، فأيْنَما لَقِيتُمُوهُمْ فإِنَّ قَتْلَهُمْ أجْرٌ لمَنْ قتَلَهُمْ يوْمَ القِيَامَةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث وَهِي أَن الْقِرَاءَة إِذا كَانَت لغير الله فَهِيَ للرياء أَو للتأكل بِهِ أَو نَحْو ذَلِك.

وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ أكل بِالْقُرْآنِ وَمَا تَأْكُل، وَفرق بَين الْأكل والتأكل أَو أَنه قَرَأَ لجِهَة الرّقية لَا لجِهَة الْقِرَاءَة.

وَأخرجه عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن خَيْثَمَة، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة: ابْن عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي عَن سُوَيْد، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن غَفلَة، بالغين الْمُعْجَمَة وَالْفَاء المفتوحتين، مر فِي كتاب اللّقطَة عَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى بأتم مِنْهُ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد.

قَوْله: ( سفاء الأحلام) ، أَي: الْعُقُول.
قَوْله: ( يَقُولُونَ من قَول خير الْبَريَّة) ، قيل: صَوَابه: قَول خير الْبَريَّة.
وَأجِيب: بِأَنَّهُ من بابُُ الْقلب أَو مَعْنَاهُ خير من قَول الْبَريَّة، أَي: من كَلَام الله، وَهُوَ الْمُنَاسب للتَّرْجَمَة أَو خير أَقْوَال الْخلق، أَي: قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( يَمْرُقُونَ) ، أَي: يخرجُون.
قَوْله: ( الرَّمية) ، بِكَسْر الْمِيم الْخَفِيفَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، فعلية بِمَعْنى الْمَفْعُول أَي: الصَّيْد المرمي مثلا.
قَوْله: ( حَنَاجِرهمْ) ، جمع حنجرة، وَهِي رَأس الغلصمة حَيْثُ ترَاهُ ناتئا من خَارج الْحلق.
قَوْله: ( فاقتلوهم) قَالَ مَالك: من قدر عَلَيْهِ مِنْهُم استتيب، فَإِن تَابَ وإلاَّ قتل.
.

     وَقَالَ  سَحْنُون: من كَانَ يَدْعُو إِلَى بِدعَة قوتل حَتَّى يُؤْتى عَلَيْهِ أَو يرجع إِلَى الله.
وَإِن لم يدع يضنع بِهِ مَا صنع عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يسجن ويكرر عَلَيْهِ الضَّرْب حَتَّى يَمُوت.
قَوْله: ( يَوْم الْقِيَامَة) ظرف لِلْأجرِ لَا للْقَتْل.





[ قــ :4788 ... غــ :5058 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرَنا مالِكٌ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عنْ مُحَمَّدٍ بنِ إبْرَاهِيمَ بنِ الحَارِثِ التيْمِيِّ عَنْ أبي سَلمَةَ بنِ عبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِي الله عَنهُ، أنّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: يَخْرُجُ فِيكُمْ قوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ معَ صَلاتِهِمْ وصِيامَكُمْ معَ صِيامِهِمْ وعَمَلَكُمْ معَ عمَلِهِمْ، ويَقْرأوْنَ القُرْآنَ لَا يُجاوِزُ حَناجرَهُمْ، يَمْرُقُونَ منَ الدِّين كَما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ فِي النّصْلِ فَلاَ يَرَى شَيْئا ويَنْظُرُ فِي القِدْحِ فَلا يَرَى شَيْئَا.
ويَنظُرُ فِي الرِّيشِ فَلاَ يَرَى شَيْئا، ويَتَمارَى فِي الفُوقِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة نَحْو مُطَابقَة الحَدِيث الَّذِي قبله.
وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة مطولا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، ولنذكر بعض شَيْء.

قَوْله: ( وعملكم مَعَ عَمَلهم) من عطف الْعَام على الْخَاص.
قَوْله: ( ينظر) أَي: الرَّامِي: هَل فِيهِ شَيْء من أثر الصَّيْد من الدَّم وَنَحْوه، وَلَا يرى أثرا مِنْهُ، والنصل هُوَ حَدِيد السهْم، والقدح بِكَسْر الْقَاف السهْم قبل أَن يراش ويركب بنصله.
قَوْله: ( ويتمارى) أَي: يشك الرَّامِي ( فِي الفوق) بِضَم الْفَاء وَهُوَ مدْخل الْوتر مِنْهُ هَل فِيهِ شَيْء من أثر الصَّيْد يَعْنِي: نفذ السهْم المرمي بِحَيْثُ لم يتَعَلَّق بِهِ شَيْء وَلم يظْهر أَثَره فِيهِ، فَكَذَلِك قراءتهم لاتحصل لَهُم مِنْهَا فَائِدَة قَالَ الْكرْمَانِي: وَيحْتَمل أَن يكون ضمير: يتمارى، رَاجعا إِلَى الرَّاوِي، أَي: يشك الرَّاوِي فِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الفوق أم لَا، وَالله أعلم.





[ قــ :4789 ... غــ :5059 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا يَحْيى اعنْ شُعْبَةَ عنْ قَتادَةَ عنْ أنَسِ بنِ مالِك عنْ أبي مُوسَى عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: المُؤْمِنُ الَّذَي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَعْمَلُ بِهِ كالأُتْرُجَّة، طَعْمُها طَيِّبٌ ورِيحُها طَيِّبٌ، والمُئْمِنُ الَّذِي: لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كالتمْرَةِ طَعْمُها طَيِّبٌ وَلَا ريحَ لَهَا، ومَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِييَقْرَأُ القُرْآنَ كالرَّيْحانَةِ رِيحُها طيِّبٌ وطَعْمُها مُر، ومَثَلُ المُنافِق الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ كالحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ أوْ خَبِيثٌ مُرٌّ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والْحَدِيث مضى فِي: بابُُ فضل الْقُرْآن على سَائِر الْكَلَام، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن هدبة بن خَالِد عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس.

قَوْله: ( كالتمرة) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق لَا بِالْمُثَلثَةِ.
قَوْله: ( وَيعْمل بِهِ كالتمرة) عطف على قَوْله: ( لَا يقْرَأ) لَا، على ( يقْرَأ) .