فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تزويج المعسر

(بابُُ تَزْويجِ المُعْسِرِ لقَوْلهِ تَعالى { (24) إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} (النُّور: 23)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز تَزْوِيج الْمُعسر، وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بقوله تَعَالَى: { إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} (النُّور: 23) ، وَحَاصِل الْمَعْنى: أَن الأعسار فِي الْحَال لَا يمْنَع التَّزْوِيج لاحْتِمَال حُصُول المَال فِي الْمَآل.



[ قــ :4815 ... غــ :5087 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ أبي حازمٍ عنْ أبيهِ عنْ سَهْل بن سَعدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: جاءَتِ امْرَأةٌ إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقالَتْ: يَا رسولَ الله { جِئْتُ أهَبُ لَكَ نفسِي.
قَالَ: فنَظَرَ إليْها رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وصَوَّبَهُ ثُمَّ طأطأ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رأْسَهُ، فلَمَّا رأتِ المَرْأَةُ أنّهُ لَمْ يقْضِ فِيهَا شَيئا جلَسَتْ، فقامَ رجُلٌ منْ أصْحابهِ فَقَالَ: يَا رسولُ الله}
إنْ لَمْ يكُنْ لَكَ بِها حاجَةٌ فزَوَّجْنِيها، فَقَالَ: وهَلْ عِنْدَكَ منْ شَيْءٍ؟ قَالَ: لَا وَالله يَا رسولَ الله، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى أهْلِكَ فانظُرْ هَلْ تجِدُ شَيْئا، فذَهَبَ ثُمَّ رجَعَ فَقَالَ: لَا وَالله مَا وجدت شَيْئا.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنظر لَو خَاتمًا من جديث.
فَذهب ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَالله يَا رسولَ الله، وَلَا خَاتمًا منْ حَدِيدٍ ولاكنْ هاذا إزَارِي، قَالَ: سهْلٌ: مالَهُ رِدَاءٌ فلَها نِصْفُهُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا تَصْنَ بإِزَارِك إنْ لبِسْتَهُ لَمْ يكُنْ عَلَيْها مِنْهُ شَيءٌ، وإنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ علَيْكَ شَيْءٌ؟ فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إذَا طالَ مَجْلِسُهُ قامَ، فرَآهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُوَلِّيا، فأمَرَ بهِ فدُعِيَ، فلَمَّا جاءَ قَالَ: ماذَا معَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِي سورَةُ كَذَا وسورَةُ كَذا، عَدَّدَها، فَقَالَ: تَقْرَؤُهُنَّ عنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: إذْهَبْ فقَدْ ملَّكْتكَها بمَا معَكَ مِنَ القرْآنِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، يروي عَن أَبِيه أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار، وَهَذِه التَّرْجَمَة ذكرهَا البُخَارِيّ فِيمَا قبل فِي كتاب النِّكَاح بقوله: بابُُ تَزْوِيج الْمُعسر الَّذِي مَعَه الْقُرْآن وَالْإِسْلَام،.

     وَقَالَ  فِيهِ: سهل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْفرق بَين الترجمتين أَن تِلْكَ أخص من هَذِه، وَأورد حَدِيث سهل هَذَا فِيمَا قبل فِي: بابُُ الْقِرَاءَة عَن ظهر الْقلب، أخرجه بِتَمَامِهِ عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد، وَأعَاد هُنَا بِهَذِهِ التَّرْجَمَة عَن قُتَيْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن أَبِيه عَن سهل إِلَى آخِره، بِنَحْوِ ذَاك الْمَتْن بِعَيْنِه، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوْفِي.

قَوْله: (فَصَعدَ النّظر إِلَيْهَا) أَي: رفع نظره إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَة.
قَوْله: (وَصَوَّبَهُ) أَي: خفض نظره.
قَوْله: (عَن ظهر قَلْبك) ، لفظ: الظّهْر، مقحم، أَو مَعْنَاهُ على استظهار قَلْبك.