فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب لا يتزوج أكثر من أربع

( بابٌُ لَا يتَزَوَّجُ أكْثَرَ مِنْ أرْبعٍ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ أَنه لَا يتَزَوَّج الرجل أَكثر من أَربع نسْوَة، وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ بِالْإِجْمَاع، وَلَا يتلفت إِلَى قَول الروافض بِأَنَّهُ يتَزَوَّج إِلَى تسع نسْوَة.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: { مثنى وَثَلَاث وَربَاع} ( النِّسَاء: 3) .
.

     وَقَالَ  عليُّ بنُ الحُسَيْنِ، علَيْهما السّلامُ.
يعْنِي مثْنى أوْ ثُلاَثَ أوْ رُباعَ، و.

     قَوْلُهُ  جَلَّ ذِكْرُهُ { ( 35) أولي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع} ( فاطر: 1) يَعْنِي: مَثْنى أوْ ثُلاَث أوْ رُباعَ

أَي: لأجل قَوْله تَعَالَى، ذكره فِي معرض الِاسْتِدْلَال على أَن الْأَكْثَر من الْأَرْبَع لَا يجوز بَيَانه أم المُرَاد بِهِ التَّخْيِير بَين الْأَعْدَاد الثَّلَاثَة لَا الْجمع، لِأَنَّهُ لَو أَرَادَ الْجمع بَين تسع لم يعدل عَن لفظ الِاخْتِصَار، ولقال: فانحكوا تسعا، وَالْعرب لَا تدع أَن تَقول: تِسْعَة، وَتقول: اثْنَان وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة، فَلَمَّا قَالَ: مثنى وَثَلَاث وَربَاع، صَار التَّقْدِير مثنى مثنى وَثَلَاث وَثَلَاث وَربَاع وَربَاع، فَيُفِيد التَّخْيِير، وَقد علم أَن مثنى معدول عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَثَلَاث عَن ثَلَاثَة ثَلَاثَة، وَربَاع عَن أَرْبَعَة أَرْبَعَة.
قَوْله: ( وَقَالَ عَليّ بن الْحُسَيْن) ، وَهُوَ عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن الْوَاو هُنَا بِمَعْنى: أَو الَّتِي هِيَ للتنويع، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فِي ذكر صفة أَجْنِحَة الْمَلَائِكَة: { مثنى وَثَلَاث وَربَاع} ( فاطر: 1) أَرَادَ: مثنى أَو ثَلَاث أَو رباع، واستدلاله بقول عَليّ بن الْحُسَيْن زين العابدين، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من أحسن الْأَدِلَّة فِي الرَّد على الروافض لكَونه من أئمتهم الَّذين يرجعُونَ إِلَى قَوْلهم وَيدعونَ أَنهم معصومون، فَإِن قَالُوا: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ عَن تسع، وَلنَا بِهِ أُسْوَة، قُلْنَا: إِن ذَاك من خَصَائِصه، كَمَا خص أَن ينْكح بِغَيْر صدَاق، وَأَن أَزوَاجه لَا ينكحن بعده، وَغَيره ذَلِك من خَصَائِصه، وَمَوته عَن تسع كَانَ اتِّفَاقًا، وَصَحَّ أَن غيلَان بن سَلمَة أسلم وَتَحْته عشر نسْوَة، فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( إختر مِنْهُنَّ أَرْبعا وَفَارق سائرهن) .



[ قــ :4826 ... غــ :5098 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدٌ أخبرنَا عَبْدَةُ عنْ هِشامٍ عنْ أَبِيه عنْ عائِشَة: { وَإِن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} ( النِّسَاء: 3) قالَت اليتيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُل وهْوَ وليُّها فَيَتَزَوَّجُها علَى مَا لَهَا ويُسِيءُ صُحْبَتَها وَلَا يَعْدِلُ فِي مالِها، فَلْيَتَزَوَّجْ مَا طَابَ لَهُ مِنَ النِّساءِ سِوَاها مَثْنَى وثلاَثَ ورُباعَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَمُحَمّد هُوَ ابْن سَلام البُخَارِيّ البيكندي، وَعَبدَة، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: هُوَ ابْن سُلَيْمَان، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي تَفْسِير قَوْله عز وَجل: { وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} ( النِّسَاء: 3) قَوْله: ( أَن لَا تقسطوا) .
أَي: أَن لَا تعدلوا.
قَوْله: ( قَالَت) ، أَي: عَائِشَة فِي تَفْسِير قَوْله: { وَإِن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا} ويروي: قَالَ، بالتذكير، فَإِن صحت فوجهها أَن يُقَال: قَالَ عُرْوَة رَاوِيا عَن عَائِشَة.
قَوْله: ( ويسيء) ، بِضَم الْيَاء من الْإِسَاءَة.
قَوْله: ( فليتزوج) ، جَوَاب الشَّرْط.