فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: السلطان ولي

( بابٌُ السُّلْطَانُ وَلِيٌّ لِقَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: زَوَّجْناكَها بِما مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ: أَن السُّلْطَان ولي من لَا ولي لَهُ،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: أجمع الْعلمَاء على أَن السطان ولي من لَا ولي لَهُ، وَأَجْمعُوا على أَن لَهُ أَن يُزَوّجهَا إِذا دعت إِلَى كُفْء وَامْتنع الْوَلِيّ أَن يُزَوّجهَا.
وَاخْتلفُوا إِذا غَابَ عَن الْبكر أَبوهَا وَعمي خَبره، وَضربت فِيهِ الْآجَال من يُزَوّجهَا؟ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يُزَوّجهَا أَخُوهَا بِإِذْنِهَا،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: يُزَوّجهَا السُّلْطَان دون بَاقِي الْأَوْلِيَاء، وَكَذَلِكَ الثّيّب إِذا غَابَ أقرب أوليائها.
وَاخْتلفُوا فِي الْوَلِيّ من هُوَ؟ فَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ: هُوَ الْعصبَة الَّذِي يَرث وَلَيْسَ الْخَال وَلَا الْجد لأم وَلَا الْأُخوة للْأُم أَوْلِيَاء عِنْد مَالك فِي النِّكَاح،.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن الْحسن: كل من لزمَه اسْم ولي فَهُوَ ولي يعْقد النِّكَاح وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر.
وَاخْتلفُوا فِيمَن أولى بِالنِّكَاحِ الْوَلِيّ أَو الْوَصِيّ؟ فَقَالَ بيعَة وَمَالك وَأَبُو حنيفَة وَالثَّوْري: الْوَصِيّ أولى،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: الْوَلِيّ أولى وَلَا ولَايَة للْوَصِيّ على الصَّغِير،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: وَلَا إِذن للْوَصِيّ فِي إنكاح أصلا لَا لرجل وَلَا لامْرَأَة صغيرين كَانَا أَو كبيرين.
قَوْله: ( لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ذكرع فِي معرض الِاحْتِجَاج على أَن السُّلْطَان ولي من لَا ولي لَهُ، ويروي: بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالْبَاء الْمُوَحدَة مَوضِع اللَّام، قَوْله: ( زَوَّجْنَاكهَا) بنُون الْجمع للتعظيم، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: زوجتكها، بِالْإِفْرَادِ.



[ قــ :4859 ... غــ :5135 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرَنا مالِكٌ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سهْلٍ سَعْدٍ قَالَ: جاءَتِ امْرَأةٌ إلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَتْ: إنِّي وهَبْتُ منْ نَفْسِي، فَقامَتْ طَوِيلاً، فَقَالَ رجُلٌ: زَوِّجْنِيها إنْ لَمْ تَكُنْ بِها حاجَةٌ.
قَالَ: هلْ عِنْدكَ مِنْ شَيْءٌ تُصْدِقُها؟ قَالَ: مَا عِنْدِي إلاَّ إزَارِي.
فَقَالَ: إنْ أعْطَيْتَها إيَّاهُ جلسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ فالْتَمِسْ شَيْئا.
فَقَالَ: مَا أجِدُ شَيْئا.
فَقَالَ: الْتَمِسْ ولوْ خاتَما مِنْ حَدِيدٍ، فَلَمْ يجدْ، فَقَالَ: أمَعكَ مِن القُرْآنِ شَيءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ سورَةُ كَذَا وسورَةُ كَذَا لِسْوَرٍ سَمَّاها.
فَقَالَ: زَوَّجْناكَها بِمَا مَعَك مِنَ القُرْآنِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحَدِيث قد مر غير مرّة، وَمر الْكَلَام فِيهِ قَرِيبا وبعيدا.

قَوْله: ( إِنِّي وهبت من نَفسِي) كلمة: من، زَائِدَة، وَجوز الْكُوفِيُّونَ زيادتها فِي الْمُثبت وَقِيَاسه: وهبت لَك، ويروي: وهبت مِنْك نَفسِي.
قَالَ النَّوَوِيّ: وَكَذَلِكَ: من، هُنَا زَائِدَة.