فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب كفران العشير وهو الزوج، وهو الخليط، من المعاشرة

( بابُُ كُفْرَانِ العَشِيرِ وهُوَ الزَّوْجُ وهُوَ الخَلِيطُ مِنَ المُعَاشَرَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كفران الْمَرْأَة العشير، وَأَرَادَ بالكفران ضد الشُّكْر وَهُوَ جحود النِّعْمَة وَالْإِحْسَان وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الْكفْر الَّذِي يخرج بِهِ عَن أصل الْإِيمَان، والكفران مصدر من كفر يكفر كفورا وَكفرا وكفرانا مثل ضِدّه شكر يشْكر شكُورًا وشكرا أَو شكرانا.
قَوْله: ( وَهُوَ الزَّوْج) أَي: العشير هُوَ الزَّوْج، والعشير على وزن فعيل بِمَعْنى معاشر كالمصادق فِي الصّديق لِأَنَّهَا تعاشرا ويعاشرها من الْعشْرَة وَهِي الصُّحْبَة.
قَوْله: ( وَهُوَ الخليط) أَي: العشير هُوَ الخليط أَي المخالط لِأَن بَينهمَا مُخَالطَة.
قَوْله: ( من المعاشر) أَرَادَ بِهِ أَن العشير الَّذِي هُوَ الزَّوْج مَأْخُوذ من المعاشرة الَّتِي بِمَعْنى المصاحبة، وَاحْترز بِهِ عَن العشير الَّذِي بِمَعْنى الْعشْر، بِالضَّمِّ كَمَا فِي الحَدِيث تِسْعَة أعشراء الرزق فِي التِّجَارَة، وَهُوَ جمع عشير كنصيب وأنصباء وَمن العشير الَّذِي بِمَعْنى المعشور فَإِنَّهُ من عشرت المَال أعشره إِذا أخذت عشره.

فِيهِ عنْ أبي سَعِيدٍ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: فِي هَذَا الْمَعْنى روى عَن أبي سعيد بن مَالك الْخُدْرِيّ.



[ قــ :4921 ... غــ :5197 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخْبرنا مالِكٌ عنْ زيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ عطاءِ بن يَسارٍ عنْ عبْدِ الله بنِ عَبَّاسٍ أنَّهُ قَالَ: خَفَتِ الشَّمْس على عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَصَلَّى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والنّاسُ معَهُ فقامَ قِياما طَوِيلاً نَحْوا مِنْ سورَةِ البَقَرَةِ، ثُمَّ ركَعَ رُكُوعا طَوِيلاً ثُمَّ رَفَعَ فقامَ قِياما طَوِيلاً وهْوَ دُونَ القِيامِ الأوَّل ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعا طَوِيلاً وهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ فقامَ قِيَاما طَوِيلاً وهْوَ دُونَ القيامِ الأوَّل، ثمَّ رَكَعَ رُكُوعا طَوِيلاً وهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّل، ثُمَّ رفَعَ فَقَامَ قِياما طَوِيلاً وهْوَ دُونَ القِيامِ الأوَّلِ، ثُمَّ ركَعَ ركُوعا طوِيلاً وهْوَ الرُّكُوعِ الأوَّل، ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَف وقدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتانِ مِنْ آيَاتِ الله لاَ يَخْسِفانِ لَموتِ أحَدٍ وَلَا لِحَياتِهِ، فإذَا رَأيْتُمْ ذالِكَ فاذْكُرُ الله.
قالُوا: يَا رسُولَ الله! رأيناكَ تَناوَلْتَ شَيْئا فِي مَقامِكَ هاذا، ثمَّ رأيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ.
فَقَالَ: إنِّي رأيْتُ الجَنَّةَ أوْ أُرِيتُ الجَنَّة، فَتنَاوَلْتُ مِنْها عُنُقُودا، ولَوْ أخَذْتُهُ لأكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيا، ورأيْتُ النّارَ فَلَمْ أرَ كالْيَوْمِ مَنْظَرا قَطُّ، ورَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِها النسِّاءَ قالُوا: لِمَ يَا رسُولَ الله؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ.
قيلَ: يكْفُرْنَ بِاللَّه؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ ويَكْفُرْنَ الإحْسَانَ لوْ أحْسَنْتَ إِلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رأتْ مِنْكَ شَيْئا قالَتْ: مَا رَأيْتُ مِنْكَ خيْرا قَطُّ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( يكفرن العشير) وَعَطَاء بن يسَار بِفَتْح الْبَاء آخر الْحُرُوف وَتَخْفِيف السِّين الْمُهْملَة.
والْحَدِيث قد مضى فِي الصَّلَاة فِي: بابُُ صَلَاة الْكُسُوف جمَاعَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك عَن زيد بن أسلم إِلَى آخِره وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( تكعكعت) أَي: تَأَخَّرت.





[ قــ :49 ... غــ :5198 ]
- حدّثنا عُثْمانُ بنُ الْهَيْثَمِ حَدثنَا عَوْفٌ عنْ أبي رَجَاء عنْ عمْرَانَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اطَّلَعْتُ فِي الجَتَّةِ فَرَأَيْتُ أكْثَرَ أهْلِها الفُقَرَاء، واطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِها النَّساء.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إنَّهُنَّ لما كن مصرات على كفر النِّعْمَة وَعدم الشُّكْر فِي حق أَزوَاجهم وَهُوَ مَعْصِيّة، وَالْمَعْصِيَة من أَسبابُُ الْعَذَاب استحققن دُخُول النَّار، وَأما كونهن أَكثر أهل النَّار وفبالنظر إِلَى وَقت دخولهن، وَقيل: هَذَا من بابُُ التَّغْلِيظ وَفِيه نظر.

وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة الْبَصْرِيّ كَانَ مُؤذنًا بِجَامِع الْبَصْرَة، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وعَوْف هُوَ الْأَعرَابِي وَأَبُو رَجَاء بِالْجِيم عمرَان بن ملْحَان جاهلي أسلم يَوْم الْفَتْح عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة وَتُوفِّي فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَقيل: غير ذَلِك، وَعمْرَان هُوَ ابْن أبي الْحصين، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث قد مضى فِي صفة الْجنَّة.

تابَعَهُ أيُّوبُ وسَلْمُ بن زَرِيرٍ
أَي: تَابع عوفا عَن أبي رَجَاء أيوبُ السّخْتِيَانِيّ، وَوصل النَّسَائِيّ مُتَابَعَته من حَدِيث أَيُّوب عَن أبي رَجَاء عَن عمرَان هَكَذَا فِي رِوَايَة عبد الْوَارِث، وَفِي رِوَايَة غَيره: عَن أَيُّوب عَن أبي رَجَاء عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَوْله: ( وَسلم) أَي وتابع عوفا أَيْضا سلم بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام ابْن زرير بِفَتْح الزاء وَكسر الرَّاء الأولى الْبَصْرِيّ، وَوصل مُتَابَعَته البُخَارِيّ فِي صفة الْجنَّة فِي بَدْء الْخلق، وَفِي: بابُُ فضل الْفقر من الرقَاق.