فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} [النساء: 128]

( بابٌُ { وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} ( النِّسَاء: 821)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَإِن امْرَأَة} إِلَى آخِره، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر: ( أَو إعْرَاضًا) قَوْله: ( وَإِن امْرَأَة) أَي: وَإِن خَافت امْرَأَة كَمَا فِي قَوْله: { وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك} ( التَّوْبَة: 6) وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة مَا ذكره الْمُفَسِّرُونَ بِأَن سَوْدَة خشيت أَن يطلقهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله! لَا تُطَلِّقنِي وَاجعَل يومي لعَائِشَة، فَفعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت: ( من بَعْلهَا) أَي: من زَوجهَا.
قَوْله: ( بنشوزا) وَهُوَ الترفع عَنْهَا وَمنع النَّفَقَة.
قَوْله: ( أَو إعْرَاضًا) وَهُوَ الِانْصِرَاف عَن مسله إِلَى غَيرهَا، وَجَوَاب: إِن هُوَ قَوْله: { فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا} .



[ قــ :4930 ... غــ :5206 ]
- حدّثنا ابنُ سَلاَمٍ أخبرنَا أبُو مُعاوِيَةَ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا { وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} ( النِّسَاء: 821) قَالَت: هيَ المَرْأةُ تَكُون عِنْدَ الرَّجُلِ لاَ يَسْتَكْثِرُ مِنْها فَيُريدُ طَلاَقَها وَيَتَزَوَّجُ غَيْرَها، تَقُولُ لهُ: أمْسِكْنِي وَلَا تُطَلِّقْنِي ثُمَّ تَزَوَّجْ غيْرِي، فأنْت فِي حلٍّ مِنَ النفَقَةِ علَيَّ والقِسْمَةِ لِي فَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى: فَلاَ جُناح عَلَيْهِما أنْ يصالحا بَيْنَهُما صُلْحا والصُّلْحُ خَيْرٌ.

)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَابْن سَلام هُوَ مُحَمَّد بن سَلام بتَشْديد اللَّام وتخفيفها، وَأَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم الضَّرِير، يروي عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا.

والْحَدِيث قد مضى فِي تَفْسِير سُورَة النِّسَاء، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( وَلَا يستكثر) أَي: لَا يستكثر من مضاجعتها ومحادثتها والاختلاط بهَا وَلَا تعجبه.
قَوْله: ( فَأَنت فِي حل) أَي: أحللت عَلَيْك النَّفَقَة وَالْقِسْمَة فَلَا تنْفق عَليّ وَلَا تقسم لي قَوْله: ( أَن يصالحا) أَي: أَن يصطلحا، وقرىء أَن يصلحا بِمَعْنى يصطلحا أَيْضا قَوْله: ( وَالصُّلْح خير) لِأَن فِيهِ قطع النزاع، وَقَامَ الْإِجْمَاع على جَوَاز هَذَا الصُّلْح.

وَاخْتلفُوا: هَل ينْتَقض هَذَا الصُّلْح؟ فَقَالَ عُبَيْدَة: هما على مَا اصطلحا عَلَيْهِ، وَإِن انْتقض فَعَلَيهِ أَن يعدل أَو يُفَارق، وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم وَمُجاهد وَعَطَاء، قَالَ ابْن الْمُنْذر: هُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد،.

     وَقَالَ  الْكُوفِيُّونَ: الصُّلْح فِي ذَلِك جَائِز.
قَالَ أَبُو بكر: لَا أحفظ فِي الرُّجُوع شَيْئا،.

     وَقَالَ  الْحسن: لَيْسَ لَهَا أَن تنقض، وهما على مَا اصطلحا عَلَيْهِ، وَهُوَ قَول قَتَادَة، وَقَول الْحسن هُوَ قِيَاس قَول مَالك فِيمَن اُنْظُرْهُ بِالدّينِ أَو أَعَارَهُ عَارِية إِلَى مُدَّة أَن لَا يرجع فِي ذَلِك.
وَقَول عُبَيْدَة هُوَ قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لِأَنَّهَا مَنَافِع طارئة لم تقبض، فَجَاز فِيهَا الرُّجُوع.