فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا تزوج البكر على الثيب

( بابٌُ إذَا تَزَوَّجَ البِكْرَ علَى الثَّيِّب)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يفعل الرجل إِذا تزوج امْرَأَة بكرا على امْرَأَة ثيب وَلم يذكر جَوَاب: إِذا، الَّذِي هُوَ يبين الحكم اكْتِفَاء بِمَا فِي حَدِيث الْبابُُ، وَالْبكْر خلاف الثّيّب ويقعان على الرجل وَالْمَرْأَة،،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الثّيّب من لَيْسَ ببكر، وَيَقَع على الذّكر وَالْأُنْثَى، يُقَال: رجل ثيب وَامْرَأَة ثيب، وَقد يُطلق على الْمَرْأَة الْبَالِغَة وَإِن كَانَت بكرا مجَازًا واتساعا، وَاصل الْكَلِمَة الْوَاو لِأَنَّهُ من ثاب يثوب إِذا رَجَعَ، فَإِن الثّيّب بصدد الْعود وَالرُّجُوع قلت: أصل الثّيّب ثويب اجْتمعت الْوَاو وَالْيَاء وسبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ فقلبت الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء، فَافْهَم.



[ قــ :4935 ... غــ :5213 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا بِشْرٌ حَدثنَا خالِدٌ عنْ أبي قِلاَبَةَ عَن أنَسٍ، رَضِي الله عنهُ، ولَوْ شِئْتُ أَن أقُولَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ولكِنْ قَالَ: السُّنَّةُ إذَا تَزَوَّجَ البِكْرَ أَقَامَ عِنْدَها سَبْعا، وإذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أقامَ عِنْدَها ثَلاثا.

( انْظُر الحَدِيث 3125 طرفه فِي: 4125)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَبشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن الْمفضل بن لَاحق أَبُو إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ، وخَالِد هُوَ ابْن مهْرَان الْحذاء الْبَصْرِيّ، وَأَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف اللَّام: عبد الله بن زيد الْجرْمِي.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن مُحَمَّد بن رَافع وَغَيره.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أبي سَلمَة يحيى بن خلف.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن هناد بن السّري عَن عَبدة بن سُلَيْمَان.

قَوْله: ( وَلَو شِئْت أَن أَقُول: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) اخْتلف فِي قَائِل هَذَا القَوْل أَعنِي قَوْله: ( وَلَو شِئْت) فَقيل: خَالِد الْحذاء رَاوِي الحَدِيث.
وَقد صرح بِهِ فِي رِوَايَة مُسلم، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: أخبرنَا هشيم عَن خَالِد عَن أبي قلَابَة عَن أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: إِذا تزوج الْبكر على الثّيّب أَقَامَ عِنْدهَا سبعا وَإِذا تزوج الثّيّب على الْبكر أَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا، قَالَ خَالِد: وَلَو قلت إِنَّه رَفعه لصدقت، وَلكنه قَالَ: السّنة كَذَلِك انْتهى.
وَقيل: هُوَ أَبُو قلَابَة الرَّاوِي، وَقد صرح بهما البُخَارِيّ فِي الحَدِيث الَّذِي يَأْتِي عقيب هَذَا الْبابُُ، على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله قَوْله: ( وَلَكِن قَالَ: السّنة إِذا تزوج الْبكر) إِلَى آخِره، أَي: وَلَكِن قَالَ أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ السّنة إِلَى آخِره، وخَالِد أَو أَبُو قلَابَة لَو قَالَ: قَالَ أنس: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَكَانَ صَادِقا فِي تصريحه بِرَفْعِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لكنه رأى أَن الْمُحَافظَة على اللَّفْظ أولى، وَقَوله: ( السّنة) يَقْتَضِي أَن يكون مَرْفُوعا بطرِيق اجتهادي احتمالي.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هَذَا اللَّفْظ يَقْتَضِي رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا قَالَ الصَّحَابِيّ: السّنة كَذَا، أَو من السّنة كَذَا فَهُوَ فِي الحكم كَقَوْلِه: قَالَ التبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: ( سبعا) أَي: سبع ليَالِي وَيدخل فِيهَا الْأَيَّام،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: السَّبع تَخْصِيص للبكر لَا يحْسب بهَا وَعَلَيْهَا، وَكَذَا الثَّلَاث للثيب، ويستأنف الْقِسْمَة بعده، وَهَذَا من الْمَعْرُوف الَّذِي أَمر الله بِهِ فِي معاشرتهن، وَذَلِكَ أَن الْبكر لما فِيهَا من الْحيَاء وَلُزُوم الخدر تحْتَاج إِلَى فضل إمهال وصبر وتأن ورفق، وَالثَّيِّب قد جربت الرِّجَال إِلَّا أَنَّهَا من حَيْثُ استجداد الصُّحْبَة أكرمت بِزِيَادَة الوصلة، وَهِي مُدَّة الثَّلَاث.