فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض

( بابُُ حُبِّ الرَّجلِ بَعْضَ نِسائِهِ أفْضَلَ منْ بَعْضٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر حب الرجل بعض نِسَائِهِ حبا أفضل أَي أَزِيد حبا من حب بعض وَالْحب فِي اللُّغَة خلاف البغض، وَفِي الِاصْطِلَاح: الْحبّ ميل الْقلب وتوجهه إِلَى شَيْء وَذكره إِيَّاه فِي أَكثر أوقاته بِلِسَانِهِ وَذكره بِقَلْبِه.



[ قــ :4940 ... غــ :5218 ]
- حدّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا سُلَيْمانُ عنْ يَحْيَى عنْ عُبَيْدِ بنِ حُنَيْن سمِعَ ابنَ عبَّاسٍ عنْ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُم، دخلَ علَى حَفصَةَ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ لَا يَغُرَّنَّكِ هاذِهِ الّتي أعْجَبَها حُسْنها حُبُّ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إيَّاها يُرِيدُ عائِشَةَ، فَقَصَصْتُ علَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَبَسَّمَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاهَا يَعْنِي: عَائِشَة) فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُحِبهَا أَكثر من سَائِر نِسَائِهِ وَلَا حرج على الرجل إِذا آثر بعض نِسَائِهِ فِي الْمحبَّة إِذا سوَّى بَينهُنَّ فِي الْقسم والمحبة مِمَّا لَا تجلب بالاكتساب وَالْقلب لَا يملكهَا وَلَا يُسْتَطَاع فِيهِ الْعدْل، وَرفع الله عز وَجل فِيهِ عَن عباده الْحَرج، قَالَ الله عز وَجل: { لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} ( الْبَقَرَة: 682) وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى العامري الأويسي الْمَدِينِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَعبيد بن حنين مولى زيد بن الْخطاب، وحنين مصغر حن بِالْحَاء الْمُهْملَة.

وَهَذَا طرف من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد مر فِي: بابُُ موعظة الرجل ابْنَته وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( يَا بنية) كَذَا هُوَ فِي الْأُصُول، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو ذَر، وروى: يَا بني، مرخما وَيفتح ياؤه وَيضم قَوْله: ( أعجبها حسنها حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ويروى: وَحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ الْكرْمَانِي: حب، بِدُونِ الْوَاو إِمَّا بدل أَو عطف بِتَقْدِير حرف الْعَطف عِنْد من جوز تَقْدِيره.
قلت: هَذَا بدل الْغَلَط وَلَا يَقع هَذَا فِي الْقُرْآن وَلَا فِي الحَدِيث الصَّحِيح الفصيح، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: إِن قَوْله حب، مَرْفُوع على أَنه فَاعل: أعجب، وحسنها مَنْصُوب على التَّعْلِيل، وَالتَّقْدِير: أعجبها حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأجل حسنها.