فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس

( بابُُ مَا يَجُوزُ أنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بالمَرْأةِ عِندَ النَّاسِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يجوز أَن يَخْلُو الرجل بِالْمَرْأَةِ، حَاصِلَة أَن الرجل الْأمين لَيْسَ عَلَيْهِ بَأْس إِذا خلا بِامْرَأَة فِي نَاحيَة من النَّاس لما تسأله عَن بواطن أمرهَا فِي دينهَا وَغير ذَلِك من أمورها، وَلَيْسَ المُرَاد من قَوْله: ( أَن يَخْلُو الرجل) أَن يغيب عَن أبصار النَّاس، فَلذَلِك قَيده بقوله: ( عِنْد النَّاس) وَإِنَّمَا يَخْلُو بهَا حَيْثُ لَا يسمع الَّذِي بالحضرة كَلَامهَا وَلَا شكواها إِلَيْهِ.
فَإِن قلت لَيْسَ فِي حَدِيث الْبابُُ أَنه خلا بهَا عِنْد النَّاس قلت: قَول أنس فِي الحَدِيث فَخَلا بهَا، يدل على أَنه كَانَ مَعَ النَّاس فَتنحّى بهَا نَاحيَة لِأَن أنسا الَّذِي هُوَ رَاوِي الحَدِيث كَانَ هُنَاكَ، وَجَاء فِي بعض طرقه أَنه كَانَ مَعهَا صبي أَيْضا، فصح أَنه كَانَ عِنْد النَّاس، وَلَا سِيمَا.
أَنهم سمعُوا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْتُم أحب النَّاس إِلَيّ، يُرِيد بهم الْأَنْصَار، وهم قوم الْمَرْأَة.



[ قــ :4956 ... غــ :5234 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارِ غُنْدَرٌ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ هِشامٍ قَالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مَالك، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: جاءَتِ امْرَأةٌ منَ الأنْصارِ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَلاَ بِها، فَقَالَ: وَالله إنَّكُنَّ لأحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ.

( انْظُر الحَدِيث 6873 وطرفه)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَخَلا بهَا) .
وغندر قد تكَرر ذكره وَهُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَهِشَام هُوَ ابْن زيد بن أنس بن مَالك يروي عَن جده أنس.

والْحَدِيث مضى فِي فضل الْأَنْصَار عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن بهز بن أَسد عَن شُعْبَة عَن هِشَام بن زيد، وَلَيْسَ فِيهِ: ( فَخَلا بهَا) وَمَعَهَا صبي لَهَا، وَفِيه: إِنَّكُم أحب النَّاس إِلَيّ، مرَّتَيْنِ.

وَأخرجه فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور من طَرِيق وهب بن جرير عَن شُعْبَة لفظ ثَلَاث مَرَّات، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

وَفِيه: أَن مُفَاوَضَة الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة سرا لَا يقْدَح فِي الدّين عِنْد أَمن الْفِتْنَة.
وَفِيه: سَعَة حلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتواضعه وَصَبره على قَضَاء حوائج الصَّغِير وَالْكَبِير.
وَفِيه: منقبة عَظِيمَة للْأَنْصَار.
وَفِيه: تَعْلِيم الْأمة وَكَيْفِيَّة الْخلْوَة بِالْمَرْأَةِ.