فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق

( بابُُ مَنْ طَلَّقَ، وهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأتَهُ بالطّلاَقِ؟)

أَي: هَذَا بابُُ وَهُوَ مُشْتَمل على جزأين: أَحدهمَا: قَوْله: ( من طلق) وَهَذَا كَلَام لَا يُفِيد، إلاَّ بِتَقْدِير شَيْء، فَقَالَ بَعضهم: كَأَن البُخَارِيّ قصد إِثْبَات مَشْرُوعِيَّة جَوَاز الطَّلَاق، وَحمل حَدِيث: أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق، على مَا إِذا وَقع من غير سَبَب.
قلت: هَذَا بعيد جدا، فَكيف قَوْله: من يُطلق، على هَذَا الْمَعْنى؟ وَلِهَذَا حذف ابْن بطال هَذَا من التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ لم يظْهر لَهُ معنى، وعَلى تَقْدِير وجوده يُمكن أَن يُقَال: تَقْدِيره: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من طلق امْرَأَته هَل يُبَاح لَهُ ذَلِك؟ وَلم يذكر جَوَابه، وَهُوَ: نعم يُبَاح ذَلِك، لِأَن الله عز وَجل شرع الطَّلَاق كَمَا شرع النكاج.
الْجُزْء الثَّانِي: وَهُوَ قَوْله: ( وَهل يواجه الرجل امْرَأَته بِالطَّلَاق) وَهَذَا الِاسْتِفْهَام مَعْطُوف على الِاسْتِفْهَام الَّذِي قدرناه، وَلم يذكر جَوَابه أَيْضا، اعْتِمَادًا على مَا يفهم من حَدِيث الْبابُُ.



[ قــ :4975 ... غــ :5254 ]
- حدّثنا الحُمَيْدِيُّ حَدثنَا الولِيدُ حَدثنَا الأوْزَاعِيُّ قَالَ: سألْتُ الزُّهْرِيَّ أيُّ أزْوَاجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَالَ: أخبرَني عُرْوَةُ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، أنَّ ابْنَةَ الجَوْن لمّا أُدْخِلَتْ علَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودَنا مِنْها، قالَتْ: أعْوذُ بِاللَّه مِنْكَ.
فَقَالَ لَها: لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الحَقِي بأهْلِكِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تؤخذه من قَوْله: ( إلحقي بأهلك) لِأَنَّهُ كِنَايَة عَن الطَّلَاق، وَقد واجهها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك، فَدلَّ على أَنه يجوز، وَلَكِن تَركه أرْفق وألطف، إلاَّ أَن احْتِيجَ إِلَى ذَلِك.

والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى مَنْسُوب إِلَى حميد أحد أجداده، والوليد هُوَ ابْن مُسلم الدِّمَشْقِي، وَالْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن بن عمر، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي النِّكَاح أَيْضا عَن حُسَيْن بن حُرَيْث وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ أَيْضا عَن دُحَيْم.

قَوْله: ( إِن ابْنة الجون) ، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره نون: اسْمهَا أُمَيْمَة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي مصغر الْأمة قلت: مصغر الْأمة أُميَّة وَهَذِه أُمَيْمَة مصغر أمة بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْمِيم وَقع فِي ( كتاب الصَّحَابَة) لأبي نعيم: عَن عَائِشَة أَن عمْرَة بنت الجون تعوذت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين أدخلت عَلَيْهِ، وَفِي سَنَده عبيد بن الْقَاسِم مَتْرُوك، وَقيل: اسْمهَا أَسمَاء بنت كند الْجَوْنِية، رَوَاهُ يُونُس عَن ابْن إِسْحَاق،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: أَجمعُوا على أَنه تزوج أَسمَاء بنت النُّعْمَان بن أبي الجون بن شرَاحِيل، وَقيل: أَسمَاء بنت الْأسود بن الْحَارِث بن النُّعْمَان الكندية، وَاخْتلفُوا فِي فراقها، فَقيل: لما دخلت عَلَيْهِ دَعَاهَا فَقَالَت: تعال أَنْت، وأبت أَن تَجِيء، وَزعم بَعضهم أَنَّهَا استعاذت مِنْهُ فَطلقهَا، وَقيل بل كَانَ بهَا وضح كوضح العامرية، فَفعل بهَا كَفِعْلِهِ بهَا، وَقيل: المستعيذة امْرَأَة من بلعنبر من سبي ذَات الشقوق، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وبالقافين أولاهما مَضْمُومَة، وَهِي اسْم منزل بطرِيق مَكَّة، وَكَانَت جميلَة فخافت نساؤه أَن تغلبهن عَلَيْهِ، فَقُلْنَ لَهَا: إِنَّه يُعجبهُ أَن تقولي أعوذ بِاللَّه مِنْك.
.

     وَقَالَ  ابْن عقيل: نكح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة من كِنْدَة وَهِي الشقية، فَسَأَلته أَن يردهَا إِلَى أَهلهَا فَردهَا إِلَى أَهلهَا مَعَ أبي أسيد، فَتَزَوجهَا المُهَاجر بن أبي أُميَّة، ثمَّ خلف عَلَيْهَا قيس بن مكشوح.

وَفِي ( الِاسْتِيعَاب) : تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عمْرَة بنت يزِيد الْكلابِيَّة، فَبَلغهُ أَن بهَا بَيَاضًا فَطلقهَا، وَقيل: إِنَّهَا هِيَ الَّتِي تعوذت مِنْهُ.
وَذكر الرشاطي أَن أَبَاهَا وصفهَا لسيدنا رَسُول الله، فَقَالَ: وَأَزِيدك أَنَّهَا لم تمرض قطّ.
فَقَالَ: مَا لهَذِهِ عِنْد الله خير قطّ، فَطلقهَا وَلم يبين عَلَيْهَا.
.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا أسيد السَّاعِدِيّ ليخطب عَلَيْهِ هِنْد بنت يزِيد بن البرصاء، فَقدم بهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا بنى عَلَيْهَا وَلم يكن رَآهَا رأى بهَا بَيَاضًا فَطلقهَا، وَذكر الشهرستاني: تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة بنت الضَّحَّاك الْكلابِيَّة، فَلَمَّا خير نِسَاءَهُ اخْتَارَتْ قَومهَا فَكَانَت تلقط البعر وَتقول: أَنا الشقية.

قَوْله: ( لقد عذت) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة من العوذ وَهُوَ الالتجاء.
قَوْله: ( بعظيم) أَي: بِرَبّ عَظِيم.
قَوْله: ( إلحقي) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون اللَّام من اللحوق،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: اخْتلفُوا فِي قَول إلحقي بأهلك وَشبهه من كنايات الطَّلَاق، فَقَالَت طَائِفَة، يَنْوِي فِي ذَلِك فَإِن أَرَادَ طَلَاقا، وَإِن لم يردهُ لم يلْزمه شَيْء، هَذَا قَول الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة، قَالَا: إِذا نوى وَاحِدَة أَو ثَلَاثًا فَهُوَ مَا نوى، وَإِن نوى ثِنْتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَة،.

     وَقَالَ  مَالك: إِن أَرَادَ بِهِ الطَّلَاق فَهُوَ مَا نوى وَاحِدَة أَو ثِنْتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، وَإِن لم يرد شَيْئا فَلَيْسَ بِشَيْء.
.

     وَقَالَ  الْحسن وَالشعْبِيّ: إِذا قَالَ: إلحقي بأهلك، أَو: لَا سَبِيل عَلَيْك أَو: الطَّرِيق لَك وَاسع إِن نوى طَلَاقا فَهِيَ وَاحِدَة وَإِلَّا فَلَيْسَ بِشَيْء.

قَالَ أبُو عبْدِ الله: روَاهُ حَجَّاجُ بنُ أبي مَنِيعٍ عنْ جَدِّهِ عنِ الزّهْرِيِّ أنَّ عُرْوَةَ أخْبَرَهُ أنَّ عائِشَةَ قالَتْ.

أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه وَلَيْسَ بموجود فِي بعض النّسخ.
قَوْله: ( رَوَاهُ) أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور حجاج ابْن أبي منيع، بِفَتْح الْمِيم وَكسر النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره عين مُهْملَة، وَهُوَ حجاج بن يُوسُف بن أبي منيع، وَاسم أبي منيع عبيد الله بن أبي زِيَاد الْوَصَّافِي بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الصَّاد الْمُهْملَة وبالفاء، وَكَانَ يكون بحلب، وَلم يخرج لَهُ البُخَارِيّ إلاَّ مُعَلّقا، وَكَذَا لجده، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ يَعْقُوب بن سُفْيَان النسوى فِي مشيخته، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر للجونية إِنَّمَا فِيهِ: أَنَّهَا كلابية،.

     وَقَالَ : حَدثنَا حجاج بن أبي منيع عبيد الله بن أبي زِيَاد بحلب، حَدثنَا جدي عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَالِيَة بنت ظبْيَان بن عَمْرو، من بني أبي بكر بن كلاب، فَدخل بهَا فَطلقهَا،.

     وَقَالَ  حجاج: حَدثنَا جدي حَدثنَا مُحَمَّد بن مُسلم أَن عُرْوَة أخبرهُ أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: فَدلَّ الضَّحَّاك بن سُفْيَان من بني أبي بكر بن كلاب عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: بيني وَبَينهَا الْحجاب يَا رَسُول الله، هَل لَك فِي أُخْت أم شبيب؟ قَالَت: وَأم شبيب امْرَأَة الضَّحَّاك.





[ قــ :4976 ... غــ :555 ]
- حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا عبدُ الرَّحْمنِ بنُ غَسِيلٍ عنْ حَمْزَةَ بنِ أبي أُسَيْدٍ عنْ أبي أُسَيْدٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: خَرَجْنَا معَ النبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حائَطٍ يُقالُ لهُ الشَّوْظ حتَّى انْتَهَيْنا إِلَى حائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُما، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْلِسُوا هاهُنا، ودَخَلَ وقَدْ أُتِيَ بالجَوْنِيّةِ فأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَها دايَتُها حاضِنَةٌ لَها، فَلمَّا دَخَلَ علَيْها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: هَبِي نَفْسَكِ لي: قالَتْ: وهَلْ تَهَبُ المَلِكةُ نَفْسَها لِلسُّوقَةِ؟ قَالَ: فأهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْها لَتَسْكُنَ، فَقَالَتْ أعُوذُ بِاللَّه مِنْكَ فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمعاذٍ ثُمَّ خَرَجَ علَيْنا فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَيْد! إكسُها رازقِيَّيْنِ وألحِقْها بِأَهْلِهَا.

( انْظُر الحَدِيث 555 طرفه فِي: 755)
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يواجه الْجَوْنِية الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث بقوله الحقي بأهلك، وَإِنَّمَا قَالَ لأبي أسيد: ( ألحقها بِأَهْلِهَا) .
والترجمة بالاستفهام من غير تعْيين شَيْء من أَمر المواجهة وَعدمهَا، وَقد ذكرنَا أَنه يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ، غير أَن ترك المواجهة أرْفق وألطف، وَهَهُنَا الْمُطَابقَة فِي ترك المواجهة.
فَافْهَم.

وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ دلّ الحَدِيث على التَّرْجَمَة إِذْ لَا طَلَاق إِذْ لم يكن ثمَّة عقد نِكَاح، إِذا مَا وهبت نَفسهَا وَلم يكن أَيْضا بالمواجهة إِذْ قَالَ بعد الْخُرُوج: ( ألحقها بِأَهْلِهَا؟) قلت: لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُزَوّج من نَفسه بِلَا إِذن الْمَرْأَة ووليها، وَكَانَ صُدُور قَوْله: ( هبي بِنَفْسِك لي) مِنْهُ لاستماله خاطرها وَأما حِكَايَة المواجهة فقد ثبتَتْ فِي الحَدِيث السَّابِق بقوله: الْحق بأهلك، وَأمره أَبَا أسيد بالإلحاق بعد الْخُرُوج لَا يُنَافِيهِ، بل يعضده انْتهى.
قلت: هَذَا كُله كَلَام لَا طائل تَحْتَهُ، لِأَن سُؤَاله أَولا بقوله: إِذْ لَا طَلَاق، إِلَى: وَلم يكن أَيْضا بالمواجهة، غير موجه لِأَنَّهُ كَانَ من الْمَعْلُوم قطعا أَن الَّذِي ذكره فِي الْجَواب من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يَقع سُؤَاله فِي مَحَله، وَكَذَلِكَ قَوْله وَأما حِكَايَة المواجهة ... الخ غير وَاقع فِي مَحَله، لِأَن ثُبُوت المواجهة فِي الحَدِيث السَّابِق لَا يسْتَلْزم المواجهة فِي هَذَا الحَدِيث، فَكيف يثبت بِهَذَا الْكَلَام الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث؟ وَمَعَ هَذَا لم يرد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خطابه إِيَّاهَا على قَوْله: ( قد عذت بمعاذ) وَلم يَأْمر بالإلحاق إلاَّ لأبي أسيد، فَأَيْنَ المواجهة لَهَا بذلك؟ وَكَذَلِكَ قَوْله وَأمره أَبَا أسيد بالإلحاق بعد الْخُرُوج، لَا يُنَافِيهِ غير صَوَاب لِأَن عدم الْمُنَافَاة إِنَّمَا يكون لَو قَالَ لَهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إلحقي بأهلك ثمَّ قَالَ لأبي أسيد: ألحقها بِأَهْلِهَا، وَلم يكتف بِمَا قَالَ هَذِه الْمقَالة حَتَّى يَقُول: بل يعضده، وَكَيف يعضده شَيْء لم يقلهُ؟ وَهَذَا عَجِيب جدا وَمِمَّا يؤكده مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَه ابْن بطال: لَيْسَ فِي هَذَا أَنه واجهها بِالطَّلَاق، وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم بِأَن ذَلِك ثَبت فِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أول أَحَادِيث الْبابُُ، فَيحمل على أَنه قَالَ لَهَا: إلحق بأهلك، ثمَّ لما خرج إِلَى أبي أسيد قَالَ لَهُ: ألحقها بِأَهْلِهَا، فَلَا مُنَافَاة، فَالْأول قصد بِهِ الطَّلَاق، وَالثَّانِي أَرَادَ بِهِ حَقِيقَة اللَّفْظ، وَهُوَ أَن يُعِيدهَا إِلَى أَهلهَا انْتهى.
قلت: يرد هَذَا الِاعْتِرَاض بِمَا رددنا بِهِ كَلَام الْكرْمَانِي، لِأَن كلاميهما من وَجه وَاحِد، وأعجب من الْكل أَن بَعضهم نقل كَلَام الْكرْمَانِي برمتِهِ بطرِيق الإدماج حَيْثُ قَالَ: وَاعْترض بَعضهم بِأَنَّهُ لم يَتَزَوَّجهَا، إِذْ لم يجر ذكر صُورَة العقد، وَسَاقه مثل مَا قَالَه الْكرْمَانِي، لَكِن بتغيير الْعبارَة، وَرَضي بِهِ حَيْثُ قَالَ فِي آخر كَلَامه: وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي رِوَايَة لِابْنِ غسيل أَنه اتّفق مَعَ أَبِيهَا على مِقْدَار صَدَاقهَا، وَأَن أَبَاهَا قَالَ لَهُ: أَنَّهَا رغبت فِيك وحطت إِلَيْك، انْتهى.
قلت: سُبْحَانَ الله مَا أبعد هَذَا عَن الْمَقْصُود، لِأَن الْكَلَام فِي أَمر المواجهة وَعدمهَا، وَقد ذكرنَا وَجه ذَلِك من غير تعميق فِيمَا لَا يَنْبَغِي.

ثمَّ إِن البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث عَن أبي نعيم وَهُوَ الْفضل بن دُكَيْن يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن غسيل بِدُونِ الْألف وَاللَّام فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: عبد الرَّحْمَن بن الغسيل، بِالْألف وَاللَّام وَعبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ ابْن سُلَيْمَان بن عبد الله بن حَنْظَلَة بن أبي عَامر الْأنْصَارِيّ، وحَنْظَلَة هُوَ غسيل الْمَلَائِكَة، اسْتشْهد بِأحد وَهُوَ جنب فغسلته الْمَلَائِكَة، وقصته مَشْهُورَة وَعبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور نسب إِلَى جد أَبِيه، وَلَعَلَّ الرِّوَايَة كَانَت ابْن غسيل الْمَلَائِكَة، فَسَقَطت لَفْظَة: الْمَلَائِكَة، وعوضت عَنْهَا الْألف وَاللَّام، وَحَمْزَة بن أبي أسيد بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين، يروي عَن أَبِيه أبي أيد، واسْمه مَالك بن ربيعَة بن الْبدن بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالنُّون، وَقيل: الْبَدِيِّ بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف، وَهُوَ تَصْحِيف ابْن عَامر بن عَوْف بن حَارِثَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج بن سَاعِدَة الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ شهد بَدْرًا وأحدا والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَات بِالْمَدِينَةِ سنة سِتِّينَ فِيمَا ذكره الْمَدَائِنِي، وَهُوَ آخر من مَاتَ من الْبَدْرِيِّينَ.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( إِلَى حَائِط) ، هُوَ الْبُسْتَان من النخيل إِذا كَانَ عَلَيْهِ جِدَار.
قَوْله: ( الشوظ) بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو فِي آخِره ظاء مُعْجمَة، وَقيل: مُهْملَة، وَهُوَ بُسْتَان فِي الْمَدِينَة مَعْرُوف.
قَوْله: ( وَدخل) أَي: إِلَى الْحَائِط.
قَوْله: ( وَقد أَتَى) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( بالجونية) نِسْبَة إِلَى الجون، قَالَ الْكرْمَانِي بِضَم الْجِيم، قلت: لَيْسَ كَذَلِك بل بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وبالنون،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: بَنو الجون قَبيلَة من الأزد،.

     وَقَالَ  الرشاطي: الجون فِي كِنْدَة وَفِي الأزد، فَالَّذِي فِي كِنْدَة الجون وَهُوَ مُعَاوِيَة بن حجر آكل المرار، وَسَاقه إِلَى كِنْدَة، ثمَّ قَالَ: مِنْهُم أَسمَاء بنت النُّعْمَان بن الْأسود بن الْحَارِث بن شرَاحِيل بن كِنْدَة تزوج بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتعوذت مِنْهُ فَطلقهَا،.

     وَقَالَ  ابْن حبيب: والجونية امْرَأَة من كِنْدَة وَلَيْسَت بأسماء، وَالَّذِي فِي الأزد الجون بن عَوْف بن مَالك،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: اسْم الْجَوْنِية أَمَامه.
قَوْله: ( فِي بَيت فِي نخل فِي بَيت) كلهَا بِالتَّنْوِينِ.
قَوْله: ( أُمَيْمَة) بِالرَّفْع بدل عَن الْجَوْنِية أَو عطف بَيَان لَهَا وَهِي بنت النُّعْمَان بن شرَاحِيل، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة.
قَوْله: ( وَمَعَهَا دايتها) بِالدَّال الْمُهْملَة وَبعد الْألف يَاء آخر الْحُرُوف الْمَفْتُوحَة بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق قَالَ: أَي ظئرها،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الظِّئْر الْمُرْضع، قلت: لَيْسَ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا الداية هِيَ الْمَرْأَة الَّتِي تولد الْأَوْلَاد، وَهِي الْقَابِلَة، وَهُوَ لفظ مُعرب.
قَوْله: ( هِيَ) أَمر للمؤنث من وهب يهب وَأَصله: أوهبي حذفت الْوَاو تبعا لفعله الْمُضَارع، واستغنيت عَن الْهمزَة فَصَارَت هِيَ على وزن على قَوْله: ( للسوقة) ، بِضَم السِّين الْمُهْملَة، يُقَال للْوَاحِد من الرّعية وَالْجمع، وَإِنَّمَا قيل لَهُم ذَلِك لِأَن الْملك يسوقهم فيساقون لَهُ على مُرَاده، وَأما أهل السُّوق فالواحد مِنْهُم يُسمى سوقيا.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: السوقة خلاف الْملك، وَلم تعرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَا وَكَانَت بعد ذَلِك تسمي نَفسهَا بالشقية.
قَوْله: فَأَهوى بِيَدِهِ أَي أمالها إِلَيْهَا، وَوَقع فِي رِوَايَة لِابْنِ سعد: فَأَهوى إِلَيْهَا ليقبلها.
قَوْله: ( فَقَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك) ، روى ابْن سعد عَن هِشَام بن مُحَمَّد عَن عبد الرَّحْمَن بن الغسيل بِإِسْنَاد حَدِيث الْبابُُ: أَن عَائِشَة وَحَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، دخلتا عَلَيْهَا أول مَا قدمت، فمشطتاها وخضبتاها،.

     وَقَالَ ت لَهَا إِحْدَاهمَا: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعجبهُ من الْمَرْأَة إِذا دخل عَلَيْهَا أَن تَقول: أعوذ بِاللَّه مِنْك.
قَوْله: ( قد عذت بمعاذ) بِفَتْح الْمِيم قَالَ الْكرْمَانِي: اسْم مَكَان العوذ قلت يجوز أَن يكون مصدرا ميميا بِمَعْنى العوذ والتنوين فِيهِ للتعظيم، وَفِي رِوَايَة ابْن سعد: فَقَالَ بمكه على وَجهه.

     وَقَالَ : عذت معَاذًا، ثَلَاث مَرَّات وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ: أَمن عَائِذ الله.
قَوْله: ( ثمَّ خرج) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( رازقيين) برَاء وَبعد الْألف زَاي مَكْسُورَة ثمَّ قَاف على لفظ تَثْنِيَة صفة موصوفها مَحْذُوف أَي: بثوبين رازقيين والرازقية ثِيَاب من كتَّان بيض طوال قَالَه أَبُو عُبَيْدَة، وَقيل؛ يكون فِي دَاخل بياضها زرقة، والرازقي الصفيق، وَمعنى: اكسها رازقيين: أعْطهَا ثَوْبَيْنِ من ذَلِك الْجِنْس،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين مَتعهَا بذلك، إِمَّا وجوبا وَإِمَّا تفضلاً لقولها.
قَوْله: ( وألحقها) بِفَتْح الْهمزَة من الْإِلْحَاق.





[ قــ :4976 ... غــ :556 ]
- وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ الوَلِيدِ النَّيْسابُورِيُّ: عنْ عبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عَبَّاس بنِ سَهْلٍ عَن أبِيهِ، وَأبي أُسَيْدٍ قَالَا: تَزَوَّجَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ فَلَمَّا أُدْخِلَتْ علَيْهِ بَسَدَ يَدَهُ إلَيْهَا فَكأنَّها كَرِهَتْ ذالِكَ، فأمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَن يُخْرِجَها ويَكْسُوَها ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ.

( انْظُر الحَدِيث 555)
الْحُسَيْن بن الْوَلِيد، بِفَتْح الْوَاو النَّيْسَابُورِي الْفَقِيه السخي الْوَرع وَرِوَايَة البُخَارِيّ عَنهُ معلقَة لِأَن وَفَاة الْحُسَيْن سنة ثِنْتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ ومولد البُخَارِيّ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة، ووفاته سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن الغسيل وعباس بن سهل يروي عَن أَبِيه سهل بن سعد وَأبي أسيد الْمَذْكُور، كِلَاهُمَا قَالَا: تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى آخِره، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) من طَرِيق أبي أَحْمد الْفراء عَن الْحُسَيْن بن الْوَلِيد.

قَوْله: ( أُمَيْمَة بنت شرَاحِيل) وَهِي أُمَيْمَة بنت النُّعْمَان بن شرَاحِيل الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث السَّابِق، وَلَكِن هُنَا نَسَبهَا إِلَى جدها.
قَوْله: ( أَن يُخرجهَا) ويروى: ويجهزها ويكسوها، قَالَ ابْن المرابط: أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالكسوة لَهَا تفضلاً مِنْهُ عَلَيْهَا، لِأَن ذَلِك لم يكن لَازِما لَهُ لِأَنَّهَا لم تكن زَوْجَة، وَبِهَذَا التَّبْوِيب خرجه النَّسَائِيّ، فَإِن قلت: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: إِن بعض نِسَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت لَهَا: إِذا أردْت الخطوة فَقولِي لَهُ: أعوذ بِاللَّه مِنْك قلت: فِيهِ نظر لما فِي نفس الحَدِيث من أَنَّهَا لم تعرفه، وَإِنَّمَا نظر إِلَيْهَا نظر الْخَاطِب للمخطوبة.
فَإِن قلت: ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي ( سنَنه) عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كشف خمار امْرَأَة وَنظر إِلَيْهَا فقد وَجب الصَدَاق دخل بهَا أَو لم يدْخل قلت: هَذَا مَعَ إرْسَاله فِيهِ ابْن لَهِيعَة، وَيحمل على أَنه بعد العقد، وَذكر الْمُهلب أَن هَذِه الْكسْوَة هِيَ الْمُتْعَة الَّتِي للمطلقة الَّتِي لم يدْخل بهَا.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يكون عقد نِكَاحهَا تفويضا فَيكون لَهَا الْمُتْعَة، أَو يكون سمى لَهَا صَدَاقا فتفضل عَلَيْهَا بذلك.





[ قــ :4976 ... غــ :557 ]
- حدّثني عبْدُ الله بنُ مُحَمَّد حَدثنَا إبْرَاهِيمُ بنُ أبي الوَزِيرِ حَدثنَا عبْدُ الرَّحْمانِ عنْ حَمْزَةَ عنْ أبِيهِ وعنْ عبَّاس بنِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ عنْ أبِيهِ بِهَذَا.

( انْظُر الحَدِيث 655 طرفه: 7365)
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي عَن إِبْرَاهِيم بن أبي الْوَزير وَاسم أبي الْوَزير عمر بن مطرف الْحِجَازِي: نزل الْبَصْرَة وَقد أدْركهُ البُخَارِيّ، وَلم يلقه، وروى عَنهُ بِوَاسِطَة.
وَذكره فِي ( تَارِيخه) مَا مَاتَ فِي بضع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع، وَهُوَ يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن الغسيل عَن حَمْزَة بن أبي أسيد عَن أَبِيه أبي أسيد، ويروى أَيْضا عَن عَبَّاس بن سهل وَهُوَ يروي عَن أَبِيه سهل بن سعد.
قَوْله: ( حَدثنِي) ويروى: حَدثنَا.
قَوْله: ( بِهَذَا) أَي: بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور.





[ قــ :4977 ... غــ :558 ]
- حدّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ حَدثنَا همَّامُ بنُ يحْيَى عنْ قَتَادَةَ عنْ أبي غَلاَّبٍ يُونُسَ ابْن جُبَيْرٍ قَالَ:.

قُلْتُ لابنِ عُمَرَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأتَهُ وهْيَ حائِضٌ، فَقَالَ: تَعْرِفُ ابنَ عُمَرَ؟ إنَّ ابنَ عُمَرَ طلَّق امْرأتَهُ وهْيَ حائِضٌ، فأتَى عُمَرُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لهُ، فأمَرَهُ أَن يُرَاجِعَها، فإذَا طهرت طَهُرَتْ فأرَادَ أَن يُطَلِّقَها فَلْيُطَلِّقْها.
قُلْتُ: فَهَلْ عَدَّ ذالِكَ طَلاَقا؟ قَالَ: أرَأيْتَ إنْ عَجَزَ واسْتَحْمَقَ.

كَانَ وَجه إِيرَاد هَذَا الحَدِيث فِي الْبابُُ الَّذِي قبله.
وَلَكِن يُمكن أَن يُقَال بالتعسف إِن قَوْله: ( إِن ابْن عمر طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض) أَعم من أَنه واجهها بِالطَّلَاق أَو لَا.
وَلَكِن قيل: إِنَّه واجهها لِأَنَّهُ طَلقهَا عَن شقَاق، وَفِيه نظر لَا يخفى، وَالْكَلَام فِيهِ قد مر فِي الْبابُُ الَّذِي قبله.

وَهَمَّام على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ هُوَ ابْن يحيى بن دِينَار الْبَصْرِيّ، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، وَأَبُو غلاب بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام وبالباء الْمُوَحدَة هُوَ كنية يُونُس بن جُبَير بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ.

قَوْله: ( فَقَالَ: أتعرف ابْن عمر) إِنَّمَا قَالَ لَهُ ذَلِك مَعَ أَنه يعرف أَنه يعرفهُ، وَهُوَ الَّذِي يخاطبه ليقرر على اتِّبَاع السّنة، وعَلى الْقبُول من ناقلها وَإنَّهُ يلْزمه الْعَامَّة الِاقْتِدَاء بمشاهير الْعلمَاء فقرره على مَا يلْزمه من ذَلِك لَا أَنه ظن أَنه لَا يعرفهُ.
قَوْله: ( أَرَأَيْت) أَي: أَخْبرنِي وَلم يشْتَرط هُنَا تكْرَار الطُّهْر بِخِلَاف الحَدِيث الَّذِي سبق لِأَن التّكْرَار هُوَ الْأَوْلَوِيَّة والأفضلية وَإِلَّا فَالْوَاجِب هُوَ حُصُول الطُّهْر فَقَط.