فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي

( بابٌُ إِذا أسلْمَتِ المُشْرِكَةُ أوِ النَّصْرَانِيّةُ تَحْتَ الذِّمِّيِّ أَو الحَرْبِيِّ.
)


أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا إِذا أسلمت المشركة أَو النَّصْرَانِيَّة، واقتصاره على النَّصْرَانِيَّة لَيْسَ بِقَيْد لِأَن الْيَهُودِيَّة أَيْضا مثلهَا.
وَلَو قَالَ: إِذا أسلمت المشركة أَو الذِّمِّيَّة لَكَانَ أحسن وأشمل، وَلم يذكر جَوَاب: إِذا الَّذِي هُوَ الحكم لإشكاله.
قَالَ بَعضهم: قلت: هَذَا غير موجه فَإِذا كَانَ مُشكلا فَمَا فَائِدَة وضع التَّرْجَمَة؟ بل جرت عَادَته على أَنه يذكر غَالب التراجم مُجَرّدَة عَن بَيَان الحكم فِيهَا اكْتِفَاء بِمَا يعلم الحكم من أَحَادِيث الْبابُُ الَّتِي فِيهِ، وَحكم الْمَسْأَلَة الَّتِي وضعت التَّرْجَمَة لَهُ هُوَ أَن الْمَرْأَة إِذا أسلمت قبل زَوجهَا هَل تقع الْفرْقَة بَينهمَا بِمُجَرَّد إسْلَامهَا أَو يثبت لَهَا الْخِيَار أَو يُوقف فِي الْعدة؟ فَإِن أسلم اسْتمرّ النِّكَاح وإلاَّ وَقعت الْفرْقَة بَينهمَا.

وَفِيه اخْتِلَاف مَشْهُور.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: الَّذِي ذهب إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس وَعَطَاء إِن إِسْلَام النَّصْرَانِيَّة قبل زَوجهَا فاسخ لنكاحها لعُمُوم قَوْله عز وَجل: { لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ} ( الممتحنة: 01) فَلم يخص وَقت الْعدة من غَيرهَا، وروى مثله عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ قَول طَاوُوس وَأبي ثَوْر.
.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: إِذا أسلم فِي الْعدة تزَوجهَا، هَذَا قَول مُجَاهِد وَقَتَادَة، وَبِه قَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو عبيد.
.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: إِذا عرض على زَوجهَا الْإِسْلَام فَإِن أسلم فهما على نِكَاحهمَا وَإِن أَبى أَن يسلم فرق بَينهمَا، وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة إِذا كَانَا فِي دَار الْإِسْلَام، وَأما فِي دَار الْحَرْب فَإِذا أسلمت وَخرجت إِلَيْنَا بَانَتْ مِنْهُ بافتراق الدَّاريْنِ، وَفِيه قَول آخر يرْوى عَن عمر بن الْخطاب أَنه: خيَّر نَصْرَانِيَّة أسلمت وَزوجهَا نَصْرَانِيّ إِن شَاءَت فارقته وَإِن شَاءَت أَقَامَت مَعَه.

وَقَالَ عبْدُ الوَارِث: عنْ خالِدٍ عنْ عِكْرِمَةَ عَن ابنِ عَبّاسٍ: إِذا أسْلمَتِ النَّصْرَانِيّةُ قبْلَ زَوْجِها بِساعةٍ حَرُمَتْ علَيْهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وتوضيح التَّرْجَمَة أَيْضا أوردهُ مُعَلّقا عَن عبد الْوَارِث بن سعيد التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ عَن خَالِد الْحذاء إِلَى آخِره، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَهُوَ عَام يَشْمَل الْمَدْخُول بهَا وَغَيرهَا.

وَقَالَ داوُدُ: عنْ إبْرااهِيم الصَّائِغِ سُئِلَ عَطَاءٌ عنِ امْرَأةٍ منْ أهْلِ العَهْدِ أسْلَمتْ ثُمَّ أسْلَمَ زَوْجُها فِي العِدَّةِ أهِيَ امْرَأتُه؟ قَالَ: لَا، إلاَّ أنْ تَشاءَ هِيَ بِنكاحٍ جدِيد وصَدَاقِ.

أخرج هَذَا الْمُعَلق عَن دَاوُد ن أبي الْفُرَات واسْمه عَمْرو بن الْفُرَات عَن إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون الصَّائِغ الْمروزِي، قتل سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح.
قَوْله: ( من أهل الْعَهْد) أَي: من أهل الذِّمَّة إِلَى آخِره.
وَأخرج ابْن أبي شيبَة بِمَعْنَاهُ: عَن عبَادَة بن الْعَوام عَن حجاج عَن عَطاء فِي النَّصْرَانِيَّة تسلم تَحت زَوجهَا، قَالَ: يفرق بَينهمَا.

وَقَالَ مُجاهِدٌ: إِذا أسْلَمَ فِي العِدَّةِ يتَزَوِّجُها.

أخرج هَذَا الْمُعَلق أَيْضا عَن مُجَاهِد: إِذا أسلم ذمِّي فِي عدَّة الْمَرْأَة صورته أسلمت امْرَأَته، ثمَّ أسلم هُوَ فِي عدتهَا لَهُ أَن يَتَزَوَّجهَا، وَوَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ.

وَقَالَ الله تَعَالَى: { ( 60) لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ} ( الممتحنة: 01) [/ ح.

أورد البُخَارِيّ هَذِه الْآيَة للاستدلال بهَا فِي تَقْوِيَة قَول عَطاء الْمَذْكُور ( الْآن) وَأَنه اخْتَار هَذَا القَوْل، وَهُوَ أَن النَّصْرَانِيَّة إِذا أسلمت ثمَّ أسلم زَوجهَا فِي الْعدة فَإِنَّهَا لَا تحل لَهُ إلاّ بِنِكَاح جَدِيد وصداق.
فَإِن قلت: روى عَطاء فِي الْبابُُ الَّذِي قبله عَن ابْن عَبَّاس أَن الْمَرْأَة إِذا هَاجَرت من أهل الْحَرْب لم تخْطب حَتَّى تحيض وتطهر، فَإِذا طهرت حل لَهَا النِّكَاح، فَإِن هَاجر زَوجهَا قبل أَن تنْكح ردَّتْ إِلَيْهِ.
.
الحَدِيث، فَبين قَوْله، وَرِوَايَته عَن ابْن عَبَّاس تعَارض.
قلت: أُجِيب بِأَن قَوْله: لم تخْطب حَتَّى تحيض وتطهر، يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ انْتِظَار إِسْلَام زَوجهَا مَا دَامَت هِيَ فِي عدتهَا، وَيحْتَمل أَيْضا أَن تَأْخِير الْخطْبَة إِنَّمَا هُوَ لكَون الْمُعْتَدَّة لَا تخْطب مَا دَامَت فِي الْعدة، فَإِذا حمل على الِاحْتِمَال الثَّانِي يَنْتَفِي التَّعَارُض.
وَقَالَ الحَسَنُ وقَتادَةُ فِي مَجُوسِيَّيْنِ أسْلمَا: هُما عَلى نِكاحِهما، وإذَا سَبَقَ أحَدُهُما صاحِبَهُ وأبَى الآخَرُ بانَتْ، لَا سَبِيلَ لهُ علَيْها.

أَي قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَقَتَادَة ن دعامة.
إِلَى آخِره، وَهُوَ ظَاهر، وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كل مِنْهُمَا نَحوه.

وَقَالَ ابنُ جُرَيْجٍ:.

قُلْتُ لِعَطاءٍ: امْرَأةٌ منَ المُشرِكِينَ جاءَتْ إِلَى المُسْلِمِينَ، أيُعاوَضُ زَوْجُها مِنْها؟ لقَوْلِهِ تَعَالَى { ( 60) وَآتُوهُمْ مَا أَنْفقُوا} ( الممتحنة: 01) قَالَ: لَا! إنَّمَا كانَ ذَاكَ بَيْنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبَيْنَ أهْلِ العَهْدِ.

أَي: قَالَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج إِلَى آخِره.
.
قَوْله: ( أيعاوض) على صِيغَة الْمَجْهُول، من الْمُعَاوضَة، ويروى: أيعاض، من الْعِوَض أَرَادَ: هَل يعْطى زَوجهَا الْمُشرك عوض صَدَاقهَا؟ قَالَ عَطاء: لَا يعْطى لِأَن قَوْله تَعَالَى: { وَآتُوهُمْ مَا أَنْفقُوا} إِنَّمَا كَانَ فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين الْمُشْركين من أهل الْعَهْد، وَكَانَ الصُّلْح انْعَقَد بَينهم على ذَلِك، وَأما الْيَوْم فَلَا.
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء ... إِلَى آخِره نَحوه.

وَقَالَ مُجاهدٌ: هَذَا كُلهُ فِي صُلْحِ بَيْنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبَيْنَ قُرَيْشٍ.

أَشَارَ بقوله هَذَا إِلَى إِعْطَاء الْمَرْأَة الَّتِي جَاءَت إِلَى الْمُسلمين زَوجهَا الْمُشرك عوض صَدَاقهَا.
ويوضح هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { واسألوا مَا أنفقتم وليسألوا مَا أَنْفقُوا} ( الممتحنة: 01) قَالَ: من ذهب من أَزوَاج الْمُسلمين إِلَى الْكفَّار فليعطهم الْكفَّار صدقاتهن وليمسكوهن، وَمن ذهب من أَزوَاج الْكفَّار إِلَى أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَذَلِك، هَذَا كُله فِي صلح كَانَ بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين قُرَيْش.



[ قــ :5002 ... غــ :5288 ]
-
حدّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدثَنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عَن ابنِ شِهابٍ.
.

     وَقَالَ  إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ: حدّثني ابنُ وهْبٍ حَدثنِي يُونسُ قَالَ ابنُ شهَاب: أخْبرِني عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قالَتْ: كانَتِ المُؤْمِناتُ إذَا هاجَرْنَ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يمْتَحِنُهُنَّ بقَوْلِ الله تَعَالَى: { ( 60) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم.
.
فامتحنوهن}
( الممتحنة: 01) إِلَى آخرِ الآيةِ.
قالَتْ عائِشَةُ: فَمنْ أقَرَّ بهاذا الشَّرْطِ من المُؤْمِناتِ فقَدْ أقَرَّ بالْمِحْنَةِ، فكانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إذَا أقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قوْلهِنَّ قَالَ لَهُنَّ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: انْطَلِقْنَ فقَدْ بايَعْتُكُنَّ لَا وَالله مَا مَسَّتْ يَدُ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
يَدَ امْرَأةٍ قَطُّ غيْرَ أنّهُ بايَعَهُنَّ بالكَلاَمِ، وَالله مَا أخَذَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على النِّساءِ إلاّ بمَا أمَرَهُ الله يقُولُ لهُنَّ إذَا أخَذَ عَلَيْهِنَّ: قَدْ بايَعْتُكُنَّ كَلاَماً.

ابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن لَهُ تعلقاً بِأَصْل الْمَسْأَلَة الَّذِي تضمنتها التَّرْجَمَة وَلَا يلْزم التنقير فِي وَجه الْمُطَابقَة، بل الْوَجْه الْيَسِير كافٍ فَافْهَم.

وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين: أَحدهمَا مَوْصُول: عَن يحيى بن بكير وَهُوَ يحيى بن عبد الله ابْن بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ عَن اللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ عَن عقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد الْأمَوِي الْأَيْلِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ.
وَالْآخر مُعَلّق: عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر بن عبد الله الْمَدِينِيّ عَن عبد الله بن وهب عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن ابْن شهَاب فرواية الْمَوْصُول تقدّمت فِي أول الشُّرُوط فِيمَا مضى، والمعَلق وَصله ابْن مَسْعُود عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر.

قَوْله: ( إِذا هَاجَرْنَ) أَي: من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة قبل عَام الْفَتْح.
قَوْله: ( يمتحنهن) أَي: يختبرهن فِيمَا يتَعَلَّق بِالْإِيمَان فِيمَا يرجع إِلَى ظَاهر الْحَال دون الإطلاع على مَا فِي الْقُلُوب، وَإِلَى ذَلِك الْإِشَارَة بقوله تَعَالَى: { الله اعْلَم بإيمانهن} ( الممتحنة: 01) قَوْله: ( وَالْمُؤْمِنَات) سماهن مؤمنات لتصديقهن بألسنتهن ونطقهن بِكَلِمَة الشَّهَادَة.
وَلم يظْهر مِنْهُنَّ مَا ينافى ذَلِك قَوْله: ( مهاجرات) نصب على الْحَال جمع مهاجرة أَي: حَال كونهن مهاجرات من دَار الْكفْر إِلَى دَار الْإِسْلَام.
قَوْله تَعَالَى: { فامتحنوهن} ( الممتحنة: 01) أَي: فابتلوهن بِالْحلف وَالنَّظَر فِي الأمارات ليغلب على ظنونكم صدق إيمانهن.
وَعَن ابْن عَبَّاس: معنى امتحانهن أَن يستحلفن مَا خرجن من بغض زوج، وَمَا خرجن رَغْبَة من أَرض إِلَى أَرض، وَمَا خرجن لالتماس دنيا، وَمَا خرجن إلاَّ حبًّا لله وَرَسُوله.
قَوْله: ( الله أعلم بإيمانهن) يَعْنِي: أعلم مِنْكُم لأنكم لَا تكسبون فِيهِ علما تطمئِن مَعَه نفوسكم وَإِن استحلفتموهن.
وَعند الله حَقِيقَة الْعلم بِهِ، فَإِن علمتموهن مؤمنات الْعلم الَّذِي تبلغه طاقتكم، وَهُوَ الظَّن الْغَالِب بِالْحلف وَظُهُور الأمارات، فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار يَعْنِي: لَا تردوهن إِلَى أَزوَاجهنَّ الْكفَّار، لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لهنَّ لِأَنَّهُ أَي: لَا حل بَين المؤمنة والمشرك، وَآتُوهُمْ مَا أَنْفقُوا مثل مَا دفعُوا إلَيْهِنَّ من الْمهْر.
وَلَا جنَاح عَلَيْكُم أَن تنكحوهن إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ أَي: مهورهن، وَإِن كَانَ لَهُنَّ أَزوَاج كفار فِي دَار الْحَرْب لِأَنَّهُ فرق الْإِسْلَام بَينهم.
قَوْله: ( وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر) ( الممتحنة: 01) قَالَ ابْن عَبَّاس: لَا تَأْخُذُوا بِعقد الكوافر، فَمن كَانَت لَهُ امْرَأَة كَافِرَة بِمَكَّة فَلَا يعتدن بهَا فقد انْقَطَعت عصمتها مِنْهُ وَلَيْسَت لَهُ بِامْرَأَة، وَإِن جَاءَت امْرَأَة من أهل مَكَّة وَلها بهَا زوج فَلَا تعتدن بِهِ فقد انْقَطَعت عصمته مِنْهَا، والعصم جمع عصمَة وَهِي مَا يعتصم بِهِ من عقد.
قَوْله: ( واسألوا مَا أنفقتم) أَي: أسالوا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين ذهبت أَزوَاجهم فلحقن بالمشركين مَا أنفقتم عَلَيْهِنَّ من الصَدَاق من يزوجهن مِنْهُم.
قَوْله: ( وليسألوا) يَعْنِي الْمُشْركين الَّذين لحقت أَزوَاجهم بكم مؤمنات إِذا تزوجهن فِيكُم من يَتَزَوَّجهَا مِنْكُم مَا أَنْفقُوا، أَي: أَزوَاجهنَّ الْمُشْركُونَ من الْمهْر.
قَوْله: ( ذَلِكُم) إِشَارَة إِلَى جَمِيع مَا ذكر فِي هَذِه الْآيَة، حكم الله يحكم بَيْنكُم كَلَام مُسْتَأْنف، وَقيل: حَال من حكم الله على حذف الضَّمِير أَي: يحكمه الله بَيْنكُم وَالله عليم بِجَمِيعِ أحوالكم، حَكِيم يضع الْأَشْيَاء فِي محلهَا، وَإِنَّمَا فسرت هَذِه الْآيَة بكمالها لِأَنَّهُ قَالَ: ( فامتحنوهن.
.
)
الْآيَة.
قَوْله: ( قَالَت عَائِشَة) مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( فَمن أقرّ بِهَذَا الشَّرْط) وَهُوَ أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين.
قَوْله: ( فقد أقرّ بالمحنة) أَي: بالامتحان،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: مَا المُرَاد بِالْإِقْرَارِ بالمحنة؟ فَأجَاب بقوله: من أقرّ بِعَدَمِ الْإِشْرَاك وَنَحْوه فقد أقرّ بِوُقُوع المحنة وَلم يحوجه فِي وُقُوعهَا إِلَى الْمُبَايعَة بِالْيَدِ وَنَحْوهَا، وَلِهَذَا جَاءَ فِي بَقِيَّة الرِّوَايَة: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا التزمن هَذِه الْأُمُور كَانَ يَقُول: انطلقن، يَعْنِي: فقد حصل الامتحان.
قَوْله: ( انطلقن فقد بايعتكن) بيّنت هَذَا بعد ذَلِك بقولِهَا فِي آخر الحَدِيث: فقد بايعتكن كلَاما، أَي: بقوله، وَوَقع فِي رِوَايَة عقيل: كلَاما مَا يكلمها بِهِ وَلَا يُبَايع بِضَرْب الْيَد على الْيَد كَمَا كَانَ يُبَايع الرِّجَال، وأوضحت ذَلِك بقولِهَا: لَا وَالله مَا مست يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... إِلَى آخِره.
وَفِي رِوَايَة عقيل فِي الْمُبَايعَة: غير أَنه بايعهن بالْكلَام.