فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الإمام للمتلاعنين: «إن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب»

( بابُُ قَوْلِ الإمامِ لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ: إنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُما تائِبٌ؟ .
)


أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَول الإِمَام إِلَى آخِره،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فِيهِ تَغْلِيب الْمُذكر على الْمُؤَنَّث.
قلت: لَا يُقَال فِي مثل هَذَا: تَغْلِيب للمذكر على الْمُؤَنَّث، لِأَن التَّثْنِيَة إِذا كَانَت للخطاب يَسْتَوْفِي فِيهَا الْمُذكر والمؤنث،.

     وَقَالَ  عِيَاض: فِي قَوْله: أَحَدكُمَا، رد على من قَالَ من النُّحَاة: إِن لفظ أحد لَا يسْتَعْمل إلاَّ فِي النَّفْي، وعَلى من قَالَ مِنْهُم: لَا يسْتَعْمل إلاَّ فِي الْوَصْف، وَأَنه لَا يوضع مَوضِع وَاحِد وَلَا يَقع موقعه، وَقد جَاءَ فِي هَذَا الحَدِيث فِي غير وصف وَلَا نفي، وَبِمَعْنى: وَاحِد، ورد عَلَيْهِ بِأَن الَّذِي قالته النُّحَاة إِنَّمَا هُوَ فِي أحد الَّذِي للْعُمُوم نَحْو: فِي الدَّار من أحد، وَمَا جَاءَنِي من أحد، وَأما أحد بِمَعْنى وَاحِد فَلَا خلاف فِي اسْتِعْمَاله فِي الْإِثْبَات.
نَحْو: { قل هُوَ الله أحد} ( الْإِخْلَاص: 1) وَنَحْو: { فشهادة أحدهم} ( النُّور: 6) وَنَحْو: أَحَدكُمَا كَاذِب.
قَوْله: ( فَهَل مِنْكُمَا تائب) يحْتَمل أَن يكون إرشاداً لِأَنَّهُ لم يحصل مِنْهُمَا وَلَا من أَحدهمَا اعْتِرَاف، وَلِأَن الزَّوْج إِذا أكذب نَفسه كَانَت تَوْبَة مِنْهُ.



[ قــ :5026 ... غــ :5312 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ عَمْرٌ و: سَمِعْتُ سَعيدَ بنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: سألْتُ ابنَ عُمَرَ عَن المُتَلاعِنَيْنِ، فَقال: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ: حِسابُكُما علَى الله، أحَدُكُما كاذِبٌ لاَ سَبِيلَ لَكَ عَليْها.
قَالَ: مالِي؟ قَالَ: لَا مالَ لَكَ، إنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا استحللت فَهُوَ من فرجهَا وَإِن كنت كذبت عَلَيْها فَذَاكَ أبْعَدُ لَكَ.

قَالَ سُفيْانُ: حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍ و.
.

     وَقَالَ  أيُّوبُ سَمِعْتُ سَعِيد بنَ جُبَيْرٍ قَالَ:.

قُلْتُ لابنِ عُمَرَ: رجلٌ لَا عَنَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ باصْبَعَيْهِ، وفَرَّقَ سُفْيانُ بَيْنَ أصْبَعَيْهِ السَّبَّايَةِ والوُسْطَى، وفَرَّقَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ أخَوَيْ بَنِي العَجْلاَنِ،.

     وَقَالَ : الله يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ فَهَلْ مِنْكما تائِبٌ؟ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، قَالَ سُفْيانُ: حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍ ووأيُّوبَ كَمَا أخْبَرْتُكَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار.

قَوْله: ( عَن المتلاعنين) أَي: عَن حكمهمَا.
قَوْله: ( لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا) أَي: على الْمُلَاعنَة لِأَن اللّعان رفع سَبيله عَلَيْهَا.
قَوْله: ( فَذَاك) ويروى: فَذَلِك إِشَارَة إِلَى الطّلب، وَاللَّام فِي ذَلِك للْبَيَان نَحْو: هيت لَك.

قَوْله: ( وَقَالَ أَيُّوب) مَوْصُول بالسند الْمُتَقَدّم وَلَيْسَ بتعليق.
قَوْله: ( فَقَالَ بإصبعيه) هُوَ من إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل.
قَوْله: ( قَالَ سُفْيَان: حفظته من عَمْرو وَأَيوب) ، هَذَا من كَلَام عَليّ بن عبد الله شيخ البُخَارِيّ، يُرِيد بِهِ سَماع سُفْيَان من عَمْرو وَأَيوب.