فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب يلحق الولد بالملاعنة

( بابٌُ يُلْحَقُ الوَلدُ بالمُلاَعَنِةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَن الْوَلَد يلْحق بِالْمَرْأَةِ الْمُلَاعنَة إِذا نَفَاهُ الزَّوْج قبل الْوَضع أَو بعده.



[ قــ :5029 ... غــ :5315 ]
- حدّثنا يحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حَدثنَا مالِك قَالَ: حدّثني نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاعَنَ بَيْنَ رجُلٍ وامْرَأتِهِ فانْتَفَى مِنْ وَلدها، فَفَرَّقَ بَيْنَهما وألْحق الوَلَدَ بالمَرْأَةِ.

ابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

والْحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن يحيى بن قزعة.
وَأخرجه مُسلم فِي اللّعان عَن يحيى بن يحيى وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطَّلَاق عَن القعْنبِي.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي النِّكَاح، وَالنَّسَائِيّ فِي الطَّلَاق جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطَّلَاق عَن أَحْمد بن سِنَان عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي سبعتهم عَن مَالك بِهِ.

وَهَذَا الحَدِيث مُشْتَمل على ثَلَاثَة أَحْكَام.

الأول: اللّعان، وَلَيْسَ فِيهِ خلاف وَأَجْمعُوا على صِحَّته ومشروعيته.

الثَّانِي: التَّفْرِقَة.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِيهَا، وَقد ذكرنَا عَن قريب عَن مَالك وَالشَّافِعِيّ أَنه تقع الْفرْقَة بَينهمَا بِنَفس التلاعن، وَعَن أبي حنيفَة.
لَا يحصل إلاَّ بتفريق الْحَاكِم لظَاهِر الحَدِيث الْمَذْكُور، وَهُوَ حجَّة على الْمُخَالفين.

الثَّالِث: إِلْحَاق الْوَلَد بِالْأُمِّ.
بِظَاهِر الحَدِيث، وَذَلِكَ أَنه إِذا لاعنها وَنفى عَنهُ نسب الْحمل انْتَفَى عَنهُ وَيثبت نسبه من الْأُم ويرثها وترث مِنْهُ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: ذهب قوم إِلَى أَن الرجل إِذا نفى ولد امْرَأَته لم ينتف بِهِ وَلم يُلَاعن بِهِ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْوَلَد للْفراش وللعاهد الْحجر.
قلت: أخرجه الْجَمَاعَة من حَدِيث عَائِشَة غير التِّرْمِذِيّ قَالُوا: الْفراش يُوجب حق الْوَلَد فِي إِثْبَات نسبه من الزَّوْج وَالْمَرْأَة فَلَيْسَ لَهما إِخْرَاجه بِلعان وَلَا غَيره.
قلت: أَرَادَ الطَّحَاوِيّ بالقوم هَؤُلَاءِ: عَامر الشّعبِيّ وَمُحَمّد بن أبي ذِئْب وَبَعض أهل الْمَدِينَة، وَخَالفهُم الْآخرُونَ وهم جُمْهُور الْفُقَهَاء من التَّابِعين وَمن بعدهمْ، مِنْهُم الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وأصحابهم فَإِنَّهُم قَالُوا: إِذا نفى الرجل ولد امْرَأَته يُلَاعن وينتفي نسبه مِنْهُ، وَيلْزم أمه ثمَّ فِيهِ خلاف آخر من وَجه آخر، فَقَالَ أَصْحَابنَا: إِذا كَانَ الْقَذْف بِنَفْي الْوَلَد بِحَضْرَة الْولادَة أَو بعْدهَا بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ أَو نَحْو ذَلِك من مُدَّة يَأْخُذ فِيهَا التهنئة وابتياع آلَات الْولادَة عَادَة صَحَّ ذَلِك.
فَإِن نَفَاهُ بعد ذَلِك لَا يَنْتَفِي، وَلم يُوَقت أَبُو حنيفَة، رَحمَه الله، وقتا، وروى عَنهُ أَنه وقَّت لذَلِك سَبْعَة أَيَّام وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وقتاه بِأَكْثَرَ النّفاس وَهُوَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَالشَّافِعِيّ، رَحمَه الله: اعْتبر الْفَوْر، فَقَالَ: إِن نَفَاهُ على الْفَوْر انْتَفَى وإلاَّ لَا.
وَأَجَابُوا عَن حَدِيث أهل الْمقَالة الأولى أَنه: لَا يَنْفِي وجوب اللّعان بِنَفْي الْوَلَد، وَلَا يُعَارض الْأَحَادِيث الَّتِي تدل على ذَلِك.