فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4]

( بابُُ قَوْلِهِ تَعَالَى: { ( 65) وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} ( الطَّلَاق: 4) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَأولَات الْأَحْمَال} ( الطَّلَاق: 4) وَقد مر بَيَانه عَن قريب، وَأولَات الْأَحْمَال الحبالى.



[ قــ :5032 ... غــ :5318 ]
- حدّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حَدثنَا اللّيْثُ عنْ جَعْفَرِ بنِ ربِيعَةَ عنْ عبْد الرَّحْمانِ بنِ هُرْمُزَ الأعْرَجِ قَالَ: أَخْبرنِي أبُو سَلَمَة بنُ عبدِ الرَّحمْنِ أنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أبي سَلَمَة أخْبَرَتْهُ عنْ أُمِّها أُمِّ سَلَمَة زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنَّ امْرَأةً مِنْ أسْلَمَ يُقالُ لَهَا: سُبَيْعَةُ، كانَتْ تَحْتَ زَوْجِها تُوُفِّيَ عنْها وهْي حُبْلَى، فَخَطَبَها أبُو السَّنابِلِ بنُ بَعْكَكٍ، فأبَتْ أنْ تَنْكِحَهُ، فَقَالَ: وَالله مَا يَصْلُحُ أنْ تَنْكحِيهِ حتَّى تَعْتَدِّي آخِرَ الأجَلْيْنِ، فَمَكَثَتْ قَرِيباً مِنْ عَشْرِ لَيالٍ ثُمَّ جاءَتِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أنْكِحِي.

( انْظُر الحَدِيث: 9094) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّلَاق أَيْضا عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث بن سعد عَن أَبِيه عَن جده بِهِ.

قَوْله: ( من أسلم) بِلَفْظ أفعل التَّفْضِيل نِسْبَة إِلَى أسلم بن أفصى بن حَارِثَة بن عَمْرو.
قَوْله: ( سبيعة) مصغر السَّبْعَة الَّتِي بعد السِّتَّة بنت الْحَارِث، وَزوجهَا سعد بن خَوْلَة من بني عَامر بن لؤَي من أنفسهم، وَقيل: هُوَ حَلِيف لَهُم، مَاتَ بِمَكَّة فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ الصَّحِيح.
قَوْله: ( وَهِي حُبْلَى) الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( أَبُو السنابل) جمع سنبلة، واسْمه عَمْرو، وَقيل: حَبَّة بن بعكك بن الْحجَّاج بن الْحَارِث ابْن السباق بن عبد الدَّار بن قصي الْقرشِي الْعَبدَرِي، كَانَ من مسلمة الْفَتْح، وَكَانَ شَاعِرًا وَمَات بِمَكَّة.
قَوْله: ( فَأَبت أَن تنكحه) أَي: فامتنعت من أَن تنكحه، وَأَن مَصْدَرِيَّة.
قَوْله: ( فَقَالَ) الْقَائِل هُوَ أَبُو السنابل، وَوَقع عِنْد الشَّيْخ أبي الْحسن: فَقَالَت، وَهُوَ تَحْرِيف لِأَن أَبَا السنابل خاطبها بذلك.
قَوْله: ( آخر الْأَجَليْنِ) يَعْنِي: وضع الْحمل وتربص أَرْبَعَة أشهر وَعشر، يَعْنِي: تعتدي بأطولها.
قَوْله: ( أنكحي) أمرهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنِّكَاحِ لِأَن مدَّتهَا انْقَضتْ بِوَضْع الْحمل لقَوْله تَعَالَى: { وَأولَات الْأَحْمَال} ( الطَّلَاق: 4)
الْآيَة وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا أَيْضا خصص عُمُوم الْآيَة لِأَن الْآيَة وَهِي قَوْله تَعَالَى: { وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا} ( الطَّلَاق: 4) عَامَّة فِي كل مُعْتَدَّة من طَلَاق أَو وَفَاة إِذْ جَاءَت مجملة لم يذكر فِيهَا أَنَّهَا للمطلقة خَاصَّة، وَلَا للمتوفى عَنْهَا زَوجهَا، خَاصَّة.
وَالْعَمَل على حَدِيث الْبابُُ بالحجاز وَالْعراق وَالشَّام، وَلَا يعلم فِيهِ مُخَالف إلاَّ مَا رُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي آخر الْبابُُ الَّذِي قبل.





[ قــ :5033 ... غــ :5319 ]
- حدّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ عنِ اللَّيْثِ عنْ يَزيدَ أنَّ ابنَ شِهابٍ كَتَبَ إلَيْهِ أنَّ عُبَيْدَ الله ابنَ عبْدِ الله أخْبَرَهُ عنْ أبِيهِ أنّهُ كَتَبَ إِلَى ابنِ الأرْقَمِ أَن يَسْألَ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةَ: كَيْفَ أفْتاها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فقالَتْ: أفْتانِي إذَا وضَعْتُ أنْ أنْكَحَ.

( انْظُر الحَدِيث: 1993) .
هَذَا طَرِيق آخر عَن يحيى بن بكير عَن يزِيد، وَيزِيد هَذَا من الزِّيَادَة هُوَ ابْن أبي حبيب أَبُو رَجَاء الْمصْرِيّ وَاسم أبي حبيب سُوَيْد، أَعتَقته امْرَأَة مولاة لبني حسان بن عَامر بن لؤَي الْقرشِي، وَأم يزِيد مولاة نجيب، كَذَا قَالَ أَبُو مَسْعُود فِي ( أَطْرَافه) إِنَّه يزِيد بن أبي حبيب، وَصرح بِهِ أَبُو نعيم وَالطَّبَرَانِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي رواياتهم.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : وَأبي ذَلِك شَيخنَا أَبُو مُحَمَّد الدمياطي، فَقَالَ: يزِيد هَذَا هُوَ ابْن عبد الله بن أُسَامَة بن الْهَاد، وَخَالفهُم وَخَالف الشُّرَّاح أَيْضا.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) وَصَاحب ( التَّوْضِيح) : فَينْظر، وَقيل: هَذَا وهم مِنْهُ.
قلت: الظَّاهِر أَنه وهم.

قَوْله: ( كتب إِلَيْهِ) فِيهِ حجَّة فِي جَوَاز الرِّوَايَة بالمكاتبة.
قَوْله: ( أَن عبيد الله بن عبد الله أخبرهُ عَن أَبِيه) ، هُوَ عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود.
قَوْله: ( إِلَى ابْن الأرقم) هُوَ عمر بن عبد الله بن الأرقم، كَذَا فِي ( صَحِيح مُسلم) مُصَرحًا بِهِ، وَلَفظه: عَن ابْن شهَاب قَالَ: حَدثنِي عبيد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَن أَبَاهُ كتب إِلَى عمر بن عبد الله ابْن الأرقم، وَجَمِيع الشُّرَّاح جزموا أَنه عبد الله بن الأرقم، وَالظَّاهِر أَن أول شَارِح للْبُخَارِيّ وهم فِيهِ ثمَّ تبعه كل من أَتَى بعده من الشُّرَّاح، وَأما تَرْجَمَة عبد الله فَهُوَ: عبد الله بن الأرقم بن عبد يَغُوث بن وهب بن عبد منَاف بن زهرَة، أسلم يَوْم الْفَتْح وَكتب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ لأبي بكر ثمَّ لعمر، وَاسْتَعْملهُ عُثْمَان على بَيت المَال سِنِين، ثمَّ استعفاه فأعفاه.
.

     وَقَالَ  خَليفَة بن خياط: لم يزل عبد الله بن الأرقم على بَيت المَال خلَافَة عمر كلهَا وسنتين من خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
.

     وَقَالَ  عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: مَا رَأَيْت أحدا أخْشَى لله مِنْهُ.





[ قــ :5034 ... غــ :530 ]
- حَدثنَا يَحْيَى بن قَزَعَةَ حَدثنَا مالِكٌ عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ أنَّ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وفاةِ زوْجِها بِلَيالٍ، فَجَاءَتِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاستَأْذَنَتْهُ أنْ تَنْكِحَ، فأذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ.

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن يحيى بن قزعة إِلَى آخِره.

قَوْله: ( نفست) ، بِضَم النُّون وَفتحهَا وَكسر الْفَاء من النّفاس بِمَعْنى الْولادَة،.

     وَقَالَ  الْهَرَوِيّ: إِذا حَاضَت فالفتح لَا غَيره.
قَوْله: ( بِليَال) ، قيل: خمس وَعِشْرُونَ لَيْلَة، وَقيل: أقل من ذَلِك، وَوَقع فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ: ( فَلم تلبث أَن وضعت) ، وَعند أَحْمد: ( فَلم أمكث إلاَّ شَهْرَيْن حَتَّى وضعت) ، وَفِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة فِي تَفْسِير الطَّلَاق: فَوضعت بعد مَوته بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة، وَعند النَّسَائِيّ: بِعشْرين لَيْلَة، وَعند أبي حَاتِم: بِعشْرين أَو خمس عشرَة، وَعند التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ: بِثَلَاثَة وَعشْرين يَوْمًا أَو خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا، وَعند ابْن مَاجَه ببضع وَعشْرين، وَالْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات مُتَعَذر لِاتِّحَاد الْقِصَّة، فَلَعَلَّ ذَلِك هُوَ السِّرّ فِي إِبْهَام من أبهم الْمدَّة.