فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها، ونفقة الولد

( بابُُُ: { نَفَقَةِ المَرْأةِ إذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُها وَنَفَقَةِ الوَلَدِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان نَفَقَة الْمَرْأَة إِلَى آخِره.



[ قــ :5067 ... غــ :5359 ]
- حدَّثنا ابنُ مِقَاتِلٍ أخْبَرَنا عَبْدُ الله أخْبَرَنا يُونُسُ عَنِ ابنِ شِهابٍ أخْبَرَنِي عُرْوَةُ أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْها.
قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إنَّ أبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مَسِيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيالَنا؟ قَالَ: لَا، إلاّ بِالمَعْرُوفِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
فِي نَفَقَة الْوَلَد فَقَط لِأَن أَبَا سُفْيَان كَانَ حَاضرا فِي الْمَدِينَة.

وَابْن مقَاتل هُوَ مُحَمَّد بن مقَاتل الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور عَن يحيى بن بكير عَن لَيْث.

قَوْله: ( هِنْد بنت عتبَة) بِضَم الْعين وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن ربيعَة عبد شمس بن عبد منَاف أم مُعَاوِيَة أسلمت عَام الْفَتْح بعد إِسْلَام زَوجهَا أبي سُفْيَان بن حَرْب فأقرهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على نِكَاحهمَا، وَتوفيت فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَبُو قُحَافَة والذ أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَاسم أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف، مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فِي خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَصلى عَلَيْهِ ابْنه مُعَاوِيَة.
وَقيل: عُثْمَان، وَدفن بِالبَقِيعِ وَهُوَ ابْن ثَمَان وَثَمَانِينَ سنة.
وَقيل: ابْن بضع وَتِسْعين سنة.
قَوْله: ( مسيك) بِفَتْح الْمِيم وَكسر السِّين الْمُهْملَة الْخَفِيفَة وبكسر الْمِيم وَتَشْديد السِّين يَعْنِي: بخيل لَا يُعْطي من مَاله شَيْئا.
فَالْأول فعيل بِمَعْنى فَاعل، وَالثَّانِي صِيغَة مُبَالغَة، قَوْله: ( حرج) أَي: إِثْم قَوْله: ( من الَّذِي لَهُ) أَي: من الشَّيْء الَّذِي لَهُ مِمَّا يملكهُ.
قَوْله: ( عيالنا) مَنْصُوب بقوله: ( أَن أطْعم) قَوْله: ( قَالَ لَا إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ) أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تطعمي إلاَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقيل: مَعْنَاهُ: لَا حرج عَلَيْك وَلَا تنفقي إلاَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ الَّذِي يتعارفه النَّاس فِي النَّفَقَة على أَوْلَادهم من غير إِسْرَاف.
وَقيل: مَعْنَاهُ لَا تسرفي وأنفقي بِالْمَعْرُوفِ.

وَفِيه الدّلَالَة على وجوب نَفَقَة الْوَلَد.





[ قــ :5068 ... غــ :5360 ]
- حدَّثنا يَحْيَى حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَال: إذَا أنْفَقَتِ المَرْأةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِها عَنْ غَيْر أمْرِهِ فَلَهُ نِصْفُ أجْرِهِ.


قيل: لَا وَجه لإيراد هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبابُُ، فَلَا مُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة وَأجِيب: بِأَنَّهُ كَمَا كَانَ للْمَرْأَة أَن تَتَصَدَّق من مَال زَوجهَا من غير أمره بِمَا تعلم أَنه يسمح بِمثلِهِ، وَهُوَ غير وَاجِب، كَانَ لَهَا أَن تَأْخُذ من مَاله بِمَا يجب عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الأولى.
وَهَذَا هُوَ الْجَامِع بَين الْحَدِيثين، وَهَذَا الْقدر كافٍ فِي الْمُطَابقَة.

وَيحيى شيخ البُخَارِيّ قَالَ الْكرْمَانِي: أما يحيى بن مُوسَى الْبَلْخِي الَّذِي يُقَال لَهُ: خَتّ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَأما يحيى بن جَعْفَر بن أعين البيكندي البُخَارِيّ، سمع عبد الرَّزَّاق بن همام عَن معمر بن رَاشد عَن همام بن مُنَبّه أخي وهب بن مُنَبّه.
قلت: لَا يحْتَاج إِلَى التَّرَدُّد فِي يحيى فَإِن الحَدِيث مر فِي الْبيُوع فِي: بابُُ قَول الله تَعَالَى: { انفقوا من طَيّبَات مَا كسبتم} ( الْبَقَرَة: 6) فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن وَصرح فِيهِ بقوله: حَدثنِي يحيى بن جَعْفَر عَن عبد الرَّزَّاق إِلَى آخِره.

قَوْله: ( فَلهُ نصف أجره) وَوَجهه أَن ذَلِك من الطَّعَام الَّذِي يكون فِي الْبَيْت لأجل قوتهما جَمِيعًا.
وَقيل المُرَاد بِغَيْر أمره الصَّرِيح بِأَن يَكْتَفِي فِي الْإِنْفَاق بِالْعَادَةِ أَو بالقرائن فِي الْإِذْن وَالْكَلَام المستوفي فِيهِ قد مر هُنَاكَ.
<