فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه، إذا لم يعرف منه كراهية

( بابُُُ: { مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالِي القَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز من تتبع حوالي الْقَصعَة أَي: جوانبها وَهُوَ بِفَتْح اللَّام.
يُقَال: رَأَيْت النَّاس حوله وحوليه وحواليه، وَاللَّام مَفْتُوحَة فِي الْكل، وَلَا يجوز كسرهَا.
قَوْله: ( إِذا لم يعرف مِنْهُ) ، أَي: من الَّذِي يتتبع حوالي الْقَصعَة، أَرَادَ أَن التتبع الْمَذْكُور إِنَّمَا لَا يكره إِذا لم يعرف مِنْهُ كَرَاهِيَة.
قلت: هَذَا يُخَالف الحَدِيث الَّذِي قبله فِي الْأَمر بِالْأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ؟ قلت: حمل البُخَارِيّ هُنَا الْجَوَاز على مَا إِذا علم رضَا من يَأْكُل مَعَه.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: رمز البُخَارِيّ بذلك إِلَى تَضْعِيف حَدِيث عكراش الَّذِي أخرجه التِّرْمِذِيّ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا الْعَلَاء بن فضل بن عبد الْملك بن أبي سَرِيَّة أَبُو الْهُذيْل، حَدثنَا عبيد الله بن عكراش عَن أَبِيه عكراش بن ذُؤَيْب قَالَ: بَعَثَنِي بَنو مرّة بن عبيد بصدقات أَمْوَالهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقدمت الْمَدِينَة فَوَجَدته جَالِسا بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار.
قَالَ: ثمَّ أَخذ بيَدي فَانْطَلق بِي إِلَى بَيت أم سَلمَة.
فَقَالَ: هَل من طَعَام؟ فأتتنا بحفنة كَثِيرَة الثَّرِيد والودك.
فأقبلنا نَأْكُل مِنْهَا، فَجعلت بيَدي فِي نَوَاحِيهَا وَأكل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَين يَدَيْهِ، فَقبض بِيَدِهِ الْيُسْرَى على يَدي الْيُمْنَى، ثمَّ قَالَ: يَا عكراش؟ كل من مَوضِع وَاحِد ثمَّ أئتنا بطبق فِيهِ ألوان التَّمْر أَو الرطب، شكّ عبيد الله، فَجعلت آكل من بَين يَدي، وجالت يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الطَّبَق قَالَ: يَا عكراش كل من حَيْثُ شِئْت فَإِنَّهُ غير لون وَاحِد! الحَدِيث.
ثمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَقد تفرد الْعَلَاء بِهَذَا الحَدِيث،.

     وَقَالَ  ابْن حبَان لَهُ صُحْبَة غير أَنِّي لست بمعتمد على إِسْنَاد خَبره،.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ فِي ( التَّارِيخ) روى عَنهُ الْعَلَاء بن الْمفضل وَلَا يثبت،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: مَجْهُول،.

     وَقَالَ  ابْن حبَان: مُنكر الحَدِيث.
قلت: لَيْت شعري مَا دَلِيل هَذَا الْقَائِل على أَن البُخَارِيّ رمز هُنَا إِلَى تَضْعِيف هَذَا الحَدِيث؟ .



[ قــ :5087 ... غــ :5379 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إسْحَاقَ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبِي طَلْحَةَ أنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بنَ مَالِكٍ يَقُولُ: إنَّ خَيَّاطا دَعَا رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِطعامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالِي القَصْعَةِ قَالَ: فَلَمْ أزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمَئِذٍ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْبيُوع عَن عبد الله بن يُوسُف، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( الدُّبَّاء) ، بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالمد، وَحكى الْقَزاز الْقصر وَوَقع للنووي فِي ( شرح الْمُهَذّب) أَنه القرع الْيَابِس، وَمَا ذَاك إلاَّ سَهْو، وواحده دباءة ودبة تَقْتَضِي أَن تكون الْهمزَة زَائِدَة، وَيدل عَلَيْهِ أَن الْهَرَوِيّ أخرجه فِي بابُُ دبب.
وَأخرجه الْجَوْهَرِي على أَن همزته منقلبة.
قَالَ ابْن الْأَثِير: وَكَأَنَّهُ أشبه،.

     وَقَالَ  أَيْضا: وَوزن الدُّبَّاء فعال ولامه همزَة لِأَنَّهُ لم يعرف انقلاب لامه عَن وَاو أَو يَاء قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ.