فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الخزيرة

( بابُُُ: { الخَزِيرَةِ} )

قَالَ النَّضْرُ الخَزِيرَةُ مِنَ النُّخَالَةِ، وَالحَرِيرَة مِنَ اللَّبَنِ.

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ ذكر الخزيرة، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالزَّاي الْمَكْسُورَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف الساكنة ثمَّ الرَّاء الْمَفْتُوحَة وَهُوَ مَا يتَّخذ من الدَّقِيق على هَيْئَة العصيدة لكنه أرق مِنْهَا قَالَه الطَّبَرِيّ،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: دَقِيق يخلط بشحم،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: الخزيرة أَن يُؤْخَذ اللَّحْم فَيقطع صغَار أَو يصب عَلَيْهِ مَاء كثير، فَإِذا نضج ذَر عَلَيْهِ الدَّقِيق، وَإِن لم يكن فِيهَا لحم فَهِيَ عصيدة.
وَقيل: الخزيرة مرقة تصفى من بلالة النخالة ثمَّ تطبخ، وَقيل: هِيَ حساء من دَقِيق ودسم،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الحساء، بِالْفَتْح وَالْمدّ طبيخ يتَّخذ من دَقِيق وَمَاء ودهن، وَقد يحلَّى وَيكون رَقِيقا يحسى.

قَوْله: ( قَالَ النَّضر) ، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره رَاء: هُوَ ابْن شُمَيْل، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْمِيم: النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الْمُحدث الْمَشْهُور، يكنى أَبَا الْحسن، أَصله من الْبَصْرَة ومولده بمر والروذ، خرج مَعَ أَبِيه هَارِبا إِلَى الْبَصْرَة من الْفِتْنَة سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة، وَهُوَ ابْن سِتّ سِنِين ثمَّ رَجَعَ إِلَى مرو والروذ وَسمع إِسْرَائِيل وَشعْبَة وَهِشَام بن عُرْوَة وَغَيرهم، روى عَنهُ إِسْحَاق الْحَنْظَلِي ومحمود بن غيلَان وَمُحَمّد بن مقَاتل وَآخَرُونَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَر الدَّارمِيّ: مَاتَ سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ.
قَوْله: ( الخزيرة من النخالة) ، يَعْنِي: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، ( والحريرة) بِالْحَاء الْمُهْملَة ( من اللَّبن) وَوَافَقَهُ على هَذَا أَبُو الهشيم لَكِن قَالَ: من الدَّقِيق، بدل: اللَّبن.



[ قــ :5109 ... غــ :5401 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شهابٍ قَال: أخْبَرَنِي مَحْمُودُ بنُ الرَّبِيعِ الأنْصَارِيَّ أنَّ عِتْبَانَ بنَ مَالِك، وَكَانَ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرا مِنَ الأَنْصَارِ، أنَّهُ أتَى رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! إنَّنِي أنْكَرْتُ بَصْرِي وَأنا أُصَلِّي لِقَوْمِي، فَإذَا كَانَتِ الأمْطَارُ سالَ الوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ لَمْ أسْتَطِيعْ أنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُُصَلِّيَ لَهُمْ، فَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ الله أنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي فِي بَيْتِي فَأتَّخِذُهُ مُصَلًّى.
فَقَالَ: سأفْعَلُ إنْ شَاءَ الله، قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدا عَلَيَّ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارِ، فَاسْتأْذَنَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذِنْتُ لهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ البَيْتَ ثُمَّ قَالَ لِي: أيْنَ تُحِبُّ أنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ فَأشَرْتُ إلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ فَقَامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَبَّرَ فَصَفَفْنا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ وَحَبَسْناهُ عَلَى خَزِيرٍ صَنَعْناهُ.
فَثابَ فِي البَيْتِ رِجالٌ مِنْ أهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أيْنَ مَالِكُ ابنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ.
قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تَقُلْ أَلا تَرَاهُ قَالَ: لَا إلاه إلاَّ الله، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ الله؟ قَالَ: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالَ: قُلْنا: فَإنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إلَى المُنافِقِينَ، فَقَالَ: فَإنَّ الله حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إلاهَ إلاَّ الله يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ الله.

قَالَ ابنُ شِهابٍ: ثُمَّ سَألْتُ الحُصَيْنَ بنَ مُحَمَّدٍ الأنْصَارِيَّ: أحَدَ بَنِي سَالِمٍ وَكَانَ مِنْ سَرَاتهِمْ عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودٍ فَصَدَّقَهُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وحبسناه على خزير) .

والْحَدِيث قد مضى فِي الصَّلَاة فِي: بابُُ مَسَاجِد الْبيُوت، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن عفير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب إِلَى آخِره نَحوه، وَمضى أَيْضا مُخْتَصرا فِي: بابُُ الرُّخْصَة فِي الْمَطَر وَالْعلَّة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.

قَوْله: ( أَن عتْبَان) ، ويروى عَن عتْبَان، قيل: الصَّحِيح عَن قَالَ الْكرْمَانِي: أَن أَيْضا صَحِيح وَيكون أَن ثَانِيًا تَأْكِيدًا لِأَن الأول كَقَوْلِه تَعَالَى: { أيعدكم أَنكُمْ إِذا متم وكنتم تُرَابا وعظاما أَنكُمْ مخرجون} ( الْمُؤْمِنُونَ: 25) قَوْله: ( أنْكرت بَصرِي) ، أَي: ضعف بَصرِي أَو هُوَ عمي.
قَوْله: ( وحبسناه) ، أَي: منعناه عَن الرُّجُوع عَن منزلنا لأجل خزير صنعناه لَهُ ليَأْكُل وَكلمَة: على هُنَا للتَّعْلِيل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { ولتكبروا الله على مَا هديكم} ( الْبَقَرَة: 185) قَوْله: ( فَثَابَ) أَي: اجْتمع قَوْله: ( من أهل الدَّار) ، أَي: من أهل الْمحلة.
قَوْله: ( ابْن الدخشن) بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وبالنون، ويروى: الدخيشن، بِالتَّصْغِيرِ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: الدخشن بالنُّون ابْن مَالك بن الدخشن بن غنم بن عَوْف بن عَمْرو بن عَوْف، شهد الْعقبَة فِي قَول ابْن إِسْحَاق ومُوسَى والواقدي:.

     وَقَالَ  أَبُو مُعْتَمر: لم يشْهد،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: لم يخْتَلف أَنه شهد بَدْرًا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد.
وَكَانَ يتهم بالنفاق وَلَا يَصح عَنهُ النِّفَاق، وَقد ظهر من حسن إِسْلَامه مَا يمْنَع من اتهامه.
قَوْله: ( فَقَالَ بَعضهم) قيل: إِنَّه عتْبَان بن مَالك، قَوْله: ( ونصيحته) أَي: إخلاصه ونقاوته.

قَوْله: ( قَالَ ابْن شهَاب) هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( الْحصين) بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة.
مصغر حصن وَهُوَ ابْن مُحَمَّد السالمي الْأنْصَارِيّ التَّابِعِيّ، وَضَبطه الْقَابِسِيّ بضاد مُعْجمَة وَلم يُوَافقهُ أحد عَلَيْهِ، وَنقل ابْن التِّين من الشَّيْخ أبي عمر أَن قَالَ: لم يدْخل البُخَارِيّ فِي ( جَامعه) الْحضير، يَعْنِي: بِالْمُهْمَلَةِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وبالراء فِي آخِره، وَأدْخل الْحصين بالمهملتين وبالنون، قيل: هَذَا قُصُور مِنْهُ فَإِن أسيد بن حضير، وَإِن لم يخرج لَهُ البُخَارِيّ من رِوَايَته مَوْصُولا.
وَلكنه علق عَنهُ، وَوَقع ذكره عِنْده فِي غير مَوضِع، فَلَا يَلِيق نفي إِدْخَاله فِي كِتَابه انْتهى.
قلت: الْكَلَام هُنَا فِي الْحصين بالمهملتين وبالنون.
لَا فِي حضير بِمُهْملَة ومعجمة وَرَاء، فَلَا حَاجَة إِلَى ذكره هَاهُنَا.
قَوْله: ( من سراتهم) ، سراة الْقَوْم ساداتهم وأشرافهم وَهُوَ جمع سري: وَهُوَ جمع عَزِيز أَن يجمع فعيل على فعلة، وَلَا يعرف غَيره، وَجمع السراة سراوات وأصل هَذِه الْمَادَّة من السِّرّ، وَهُوَ السخاء والمروءة.
يُقَال: سرا يسرو وسرى بِالْكَسْرِ يسري سروا فيهمَا، وسرو، يسرو سراوة أَي: صَار سريا.