فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون

( بابٌُُ: { مَا كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زَمَانه وَأَصْحَابه يَأْكُلُون.



[ قــ :5118 ... غــ :5411 ]
- حدَّثنا أبُو النِّعمانِ حدَّثنا حَمّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ عَبَّاسٍ الجُرَيْرِيِّ عَنْ أبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ: قَسَمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْما بَيْنَ أصْحَابِهِ تَمْرا فَأَعْطَى كلَّ إنْسَانٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ، فَأعْطَانِي سَبْعَ تَمَرَاتٍ إحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ تَمْرَةٌ أعْجَبُ إلَيَّ مِنْهَا شَدَّتْ فِي مَضَاغِي.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ إشعارا لبَيَان مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه، يَأْكُلُون وَأَنه فِي غَالب الْأَوْقَات التَّمْر، ويقنعون باليسير من ذَلِك.

وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل الَّذِي يُقَال لَهُ عَارِم السدُوسِي الْبَصْرِيّ، وعباس بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالسِّين الْمُهْملَة ابْن فروج بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الرَّاء المضمومة وبالجيم الْجريرِي بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء الأولى الْبَصْرِيّ، وَهُوَ نِسْبَة إِلَى جرير بن عباد أخي الْحَارِث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن بكر بن وَائِل وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ بِفَتْح النُّون نِسْبَة إِلَى نهد بن زيد بن لَيْث بن سودين ألحاف بن قضاعة.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن عَمْرو بن عَليّ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الزّهْد عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.

قَوْله: ( حَشَفَة) ، وَهُوَ أردأ التَّمْر، وَهُوَ الَّذِي لم يطب فِي النَّخْلَة وَلم يتناهى طيبه فييبس.
قَوْله: ( مِنْهَا) ، أَي: من الْحَشَفَة.
قَوْله: ( شدت) ، الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الْحَشَفَة.
قَوْله: ( فِي مضاغى) ، بِفَتْح الْمِيم عِنْد الْأصيلِيّ وَكسرهَا.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: المضاغ بِالْفَتْح الطَّعَام يمضغ وَهُوَ المضغ نَفسه، يُقَال: لقْمَة لينَة المضاغ وشديدة المضاغ أَرَادَ أَنَّهَا كَانَت قَوِيَّة عِنْد مضغها.
وَطَالَ مضغه لَهَا كالعلك فَلذَلِك قَالَ: ( فَلم يكن فِيهِنَّ تَمْرَة أعجب إليّ مِنْهَا) .





[ قــ :5119 ... غــ :541 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا وَهْبُ بنُ جَرِيرٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: رَأيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالَنا طعامٌ إلاَّ وَرَقُ الْحَبْلَةِ، أوْ الْحَبُلَةِ، حَتَّى يَضَعَ أحَدُنا مَا تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أصْبَحَتْ بَنُو أسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإسْلامِ، خَسِرْتُ إِذا وَضَلَّ سَعْيِي.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ إشعارا لبَيَان مَا كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فِي قلَّة من الْعَيْش مَعَ القناعة وَالرِّضَا بِمَا قسم الله عز وَجل.

وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد، وَقيس هُوَ ابْن أبي حَازِم، وَسعد هُوَ ابْن أبي وَقاص، أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ، وَوَقع فِي ( التَّوْضِيح) عَن قيس بن سعد عَن أَبِيه.
كَأَنَّهُ توهمه أَنه قيس بن سعد ابْن عبَادَة، وَهُوَ غلط فَاحش، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم عَن قيس سَمِعت سعد بن أبي وَقاص.

والْحَدِيث قد مضى فِي مَنَاقِب سعد فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَمْرو بن عون عَن خَالِد عَن عبد الله عَن إِسْمَاعِيل عَن قيس.
قَالَ: سَمِعت سَعْدا إِلَى آخِره، وَفِي آخِره، وَكَانُوا وشوابه إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالُوا: لَا يحسن يُصَلِّي، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( رَأَيْتنِي) ، أَي: رَأَيْت نَفسِي.
قَوْله: ( سَابِع سَبْعَة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَرَادَ بِهِ أَنه كَانَ قديم الْإِسْلَام، وَأَنه سَابِع من أسلم أَولا، وَوَقع عِنْد أبي خَيْثَمَة، هَؤُلَاءِ السَّبْعَة.
وهم أَبُو بكر وَعُثْمَان وَعلي وَزيد بن حَارِثَة وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَوْله: ( مَا لنا طَعَام إلاَّ ورق الحبلة) أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنهم كَانُوا فِي ذَلِك الْوَقْت فِي قلَّة وضيق معيشة وَلم يكن طعامهم إلاَّ من ورق الحبلة، بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ ثَمَر السمر يشبه اللوبيا، وَقيل: ثَمَر العضاء وَهُوَ شجر لَهُ شوك كالطلح والعوسج.
قَوْله: ( أَو الحبلة) ، شكّ من الرَّاوِي وَهُوَ بِضَم الْحَاء وَالْبَاء مَعًا، وَلم يَقع عِنْد الْأصيلِيّ إلاَّ الأول، والحبلة بِفتْحَتَيْنِ ورق الْكَرم،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: وَرُبمَا سكن الْبَاء.
قَوْله: ( ثمَّ أَصبَحت بَنو أَسد) ، قيل: أَرَادَ بِهِ قَبيلَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِذْ هُوَ من بني أَسد، كَذَا نَقله الْكرْمَانِي وَهُوَ غير صَحِيح، وَلكنه مَعْذُور لِأَنَّهُ نَقله من كَلَام ابْن بطال حَيْثُ قَالَ: وَعمر بن الْخطاب من بني أَسد، وَهَذَا خلاف الْإِجْمَاع على أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من رَهْط عدي بن كَعْب وَلَيْسوا من بني أَسد.
قَوْله: ( تعزرني) ، ويروى: يعزروني من التَّعْزِير بِمَعْنى التَّأْدِيب أَي: يؤدبونني على ( الْإِسْلَام) ويعلمونني أَحْكَامه، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا وشوا بِهِ إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَتَّى قَالُوا: لَا يحسن يُصَلِّي، وأصل التَّعْزِير التَّأْدِيب، وَلِهَذَا يُسمى الضَّرْب دون الْحَد التَّعْزِير.
قَوْله: ( خسرت إِذا) ، جَوَاب وَجَزَاء أَي: إِن كنت كَمَا قَالُوا: مُحْتَاجا إِلَى تأديبهم وتعليمهم خسرت حِينَئِذٍ وضل سعيي فِيمَا تقدم.

فَإِن قلت: مَا وَجه قَول سعد: مَا لنا طَعَام إلاَّ ورق الحبلة، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْهِ من النَّضِير وفدك قوته وقوته عِيَاله لسنة؟ وَأَنه كَانَ يُعْطي الأعطية الَّتِي لَا يذكر مثلهَا عَمَّن تقدم من الْمُلُوك مَعَ كَونه بَين أَرْبابُُ الْأَمْوَال الْعِظَام كَأبي بكر وَعُثْمَان وشبههما؟ وَكَذَلِكَ قَول عَائِشَة: مَا شبع آل مُحَمَّد مُنْذُ قدم الْمَدِينَة.
من طَعَام الْبر ثَلَاث لَيَال حَتَّى قبض وَشبهه مِمَّا جَاءَ مثل ذَلِك؟ قلت:.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ، رَحمَه الله كَانَ ذَلِك حينا بعد حِين لِأَن من كَانَ مِنْهُم ذَا مَال كَانَ مُسْتَغْرقا فِي نَوَائِب الْحُقُوق ومواساة الضيفان حَتَّى يقل كَثِيره أَو يذهب جَمِيعه، فَغير مستنكر لَهُم ضيق الْحَال الَّتِي يَحْتَاجُونَ مَعهَا إِلَى الاستسلاف وأكلهم الحبلة كَمَا قَالَ سعد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأما قَول عَائِشَة فوجهه أَن الْبر كَانَ قَلِيلا عِنْدهم فَغير نَكِير أَن يُؤثر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل بَلَده من الشّعير وَالتَّمْر، وَيكرهُ أَن يخص نَفسه بِمَا لَا سَبِيل للْمُسلمين إِلَيْهِ من الْغذَاء، وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَه بأخلاقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأما مَا رُوِيَ من أَنه لم يشْبع من خبز الشّعير، فَإِن ذَلِك لم يكن لعوز وَلَا لضيق فِي غَالب أَحْوَاله.
لِأَن الله تَعَالَى أَفَاء عَلَيْهِ قبل وَفَاته بِلَاد الْعَرَب كلهَا وَنقل إِلَيْهِ الْخراج من أَكثر بِلَاد الْعَجم، وَلَكِن بعضه لَا يثار نَوَائِب الْحق، وَبَعضه كَرَاهِيَة مِنْهُ للشبع وَكَثْرَة الْأكل.
فَإِن قلت: كَيفَ جَازَ لسعد أَن يمدح نَفسه، وَمن شَأْن الْمُؤمن التَّوَاضُع؟ قلت: إِذا اضْطر الْمَرْء إِلَى التَّعْرِيف بِنَفسِهِ حسن، قَالَ الله عز وَجل حاكيا عَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام { إِنِّي حفيظ عليم} ( يُوسُف: 55) .





[ قــ :510 ... غــ :5413 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا يَعْقُوبُ عَنْ أبِي حَازِمٍ قَالَ: سَألْتُ سَهْلَ بنَ سَعْدٍ فَقُلْتُ: هَلْ أكَلَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، النَّقِيَّ؟ فَقَالَ سَهْلٌ: مَا رَأى رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّقِيَّ مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ الله حَتَّى قَبَضَهُ الله.
قَالَ: فَقُلْتُ: هَلْ كَانَتْ لَكُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَنَاخِلُ؟ قَالَ: مَا رَأى رَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْخُلاً مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ الله حَتَّى قَبَضَهُ الله.
قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِير غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَالَ: كُنَّا نَطْحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ فَيَطِيرُ مَا طَارَ وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْناهُ فَأكَلْناهُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
لِأَن فِيهِ بَيَان مَا كَانَ يَأْكُلُونَهُ.
وَيَعْقُوب هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي، من القارة، حَلِيف بني زهرَة وَأَبُو حَازِم، وَهُوَ سَلمَة بن دِينَار رَاوِي رِوَايَة سهل، كَمَا أَن سُلَيْمَان رَاوِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة.

والْحَدِيث مضى عَن قريب.

قَوْله: ( مناخل) ، جمع منخل.
قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ الغربال.
قلت: المنخل غير الغربال.
لِأَن الغربال يغربل بِهِ الْقَمْح وَالشعِير وَنَحْوهمَا، والمنخل مَا ينخل بِهِ الدَّقِيق، وَهُوَ أحد مَا جَاءَ من الأدوات على مفعل بِضَم الْمِيم.
قَوْله: ( ثريناه) ، بتَشْديد الرَّاء من ثريت السويق إِذا بللته بِالْمَاءِ، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى عجنه وخبزه، كَذَا قَالَه بَعضهم، وَهُوَ خلاف مَا قَالَه أهل اللُّغَة، وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا العجن وَلَا الْخبز، وَإِنَّمَا المُرَاد أَنهم كَانُوا إِذا طحنوا الشّعير يَأْخُذُونَ دقيقه وينفخونه فيطير مِنْهُ القشور وَمَا بَقِي يرشون عَلَيْهِ المَاء ثمَّ يَأْكُلُونَهُ، وَكَذَا قَالَ ابْن الْأَثِير فِي قَوْله: ( فَأتى بالسويق فَأمر بِهِ فثرى) أَي: بل بِالْمَاءِ من ثرى التُّرَاب يثريه تثرية إِذا رش عَلَيْهِ المَاء.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: ثريت السويق بللته، وثريت الْموضع تثرية إِذا رششته،.

     وَقَالَ  أَيْضا: الثرى التُّرَاب الندي.





[ قــ :511 ... غــ :5414 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ أخبرَنا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ حدَّثنا ابنُ أبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ المَغِيرِيِّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ الله عَنْهُ، أنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَةٌ.
فَدَعَوْهُ فَأبَى أنْ يَأْكُلَ.
قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنَ الخُبْزِ الشَّعِيرِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن أَبَا هُرَيْرَة استحضر حِينَئِذٍ مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فِي ضيق من الْعَيْش، فَلذَلِك ترك من الْأكل من تِلْكَ الشَّاة الَّتِي كَانَت بَين يَدي الْقَوْم، وَالْحَال أَنهم دَعوه، وَلَيْسَ هَذَا بترك الْإِجَابَة لِأَنَّهُ فِي طَعَام الْوَلِيمَة لَا فِي كل طَعَام.

وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وَابْن أبي ذِئْب وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور، وَسَعِيد هُوَ ابْن أبي سعيد وَاسم أَبِيه أبي سعيد كيسَان الْمدنِي مولى بني لَيْث، وَإِنَّمَا سمى بالمقبري لِأَنَّهُ كَانَ يسكن بِالْقربِ من الْمقْبرَة.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( مصلية) ، أَي: مشوية.
قَالَ بَعضهم: من الصَّلَاة بِالْكَسْرِ وَالْمدّ وَهُوَ الشي، قلت: الصَّلَاة الشواء وَلَيْسَ بالشي، يُقَال: صليت اللَّحْم أصليه صليا: شويته، وصليته بِالتَّشْدِيدِ وأصليته: أَلقيته فِي النَّار.





[ قــ :51 ... غــ :5415 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ أبِي الأسْوَدِ حدَّثنا مُعاذٌ حدَّثني أبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنَسٍ بنِ مَالِكٍ.
قَالَ: مَا أكَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَلَى خِوانٍ وَلا فِي سكُرُّجَةٍ وَلا خُبِزَ لَهُ مُرَقّقٌ.

قُلْتُ لِقَتَادَةَ: عَلَى مَا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: عَلى السُّفَرِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعبد الله بن أبي الْأسود هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْأسود، وَاسم أبي الْأسود حميد بن الْأسود أَبُو بكر بن أُخْت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الْبَصْرِيّ الْحَافِظ.
مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ ومعاذ بِضَم الْمِيم ابْن هِشَام الدستوَائي يروي عَن أَبِيه هِشَام، وَيُونُس هُوَ ابْن أبي الْفُرَات الْقرشِي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ الإسكاف.
كَانَ سمع قَتَادَة، روى عَنهُ هِشَام الدستوَائي فِي الْأَطْعِمَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاده.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَطْعِمَة عَن مُحَمَّد بن بشار،.

     وَقَالَ : غَرِيب، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرَّقَائِق عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَفِي الْوَلِيمَة عَن عَمْرو بن عَليّ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَطْعِمَة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى والْحَدِيث مضى فِي: بابُُ الْخبز المرقق فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن معَاذ إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :513 ... غــ :5416 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنِ الأسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْها، قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ مِنْ طَعامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيَالٍ تِباعا حَتَّى قُبِضَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَالْأسود هُوَ ابْن يزِيد النَّخعِيّ، خَال إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ.

والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي الرقَاق عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَأخرجه مُسلم فِي أَوَاخِر الْكتاب عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن مُحَمَّد بن قدامَة.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَطْعِمَة عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي.

قَوْله: ( من طَعَام الْبر) ، من إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص أَو من بابُُ الْإِضَافَة البيانية نَحْو: شجر الْأَرَاك إِن أُرِيد بِالطَّعَامِ الْبر خَاصَّة.
قَوْله: ( تباعا) ، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة من تابعته على كَذَا مُتَابعَة وتباعا، والتباع الْوَلَاء الْمَعْنى ثَلَاث لَيَال متتابعة مُتَوَالِيَة.
قَوْله: ( حَتَّى قبض) ، أَي: إِلَى أَن قبض، وعَلى إِيثَار الْجُوع وَقلة الشِّبَع مَعَ وجود السَّبِيل إِلَيْهِ مرّة وَعَدَمه أُخْرَى مضى الأخيار من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ.
وروى أَسد بن مُوسَى من حَدِيث عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه قَالَ: أكلت ثريدة من لحم سمين فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنا أتجشؤ.
فَقَالَ: أكفف عَلَيْك من جشائك أَبَا جُحَيْفَة.
فَإِن أَكثر النَّاس شبعا فِي الدُّنْيَا أطولهم جوعا يَوْم الْقِيَامَة فَمَا أكل أَبُو جُحَيْفَة بملء بَطْنه حَتَّى فَارق الدُّنْيَا.
كَانَ إِذا تغدى لَا يتعشى، وَإِذا تعشى لَا يتغدى، وَرُوِيَ عَن وهب بن كيسَان عَن جَابر قَالَ: لَقِيَنِي عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمَعِي لحم اشْتَرَيْته بدرهم، فَقَالَ عمر: مَا هَذَا؟ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اشْتَرَيْته للصبيان وَالنِّسَاء.
فَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لَا يَشْتَهِي أحدكُم شَيْئا إلاَّ وَقع فِيهِ أَو لَا يطوي أحدكُم بَطْنه لجاره وَابْن عَمه أَيْن تذْهب عَنْكُم هَذِه الْآيَة.
{ أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} ( الْأَحْقَاف: ) .

     وَقَالَ  هشيم: عَن مَنْصُور عَن ابْن سِيرِين أَن رجلا قَالَ لِابْنِ عمر: اجْعَل جوارشنا.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: شَيْء إِذا لضك الطَّعَام فَأَصَبْت مِنْهُ سهل عَلَيْك، قَالَ ابْن عمر: مَا شبعت مُنْذُ أَرْبَعَة أشهر، وَمَا ذَاك أَن لَا أكون لَهُ واجدا.
وَلَكِن عهِدت قوما يشبعون مرّة ويجوعون مرّة.
قَوْله: ( إِذا لضك الطَّعَام) ، أَي: إِذا امْتَلَأت وأثقلك.