فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب التلبينة

( بابُُُ: { التَّلْبِينَةِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان التلبينة بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون اللَّام وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْبَاء آخر الْحُرُوف وبالنون، وَهِي طَعَام يتَّخذ من دَقِيق أَو نخالة وَرُبمَا يَجْعَل فِيهِ عسل، سميت بذلك لشبهها بِاللَّبنِ فِي بياضها والرقة، والنافع مِنْهَا مَا كَانَ رَقِيقا نضيجا لَا غليظا نيا وَيُقَال: التلبينة حساء من دَقِيق أَو نخالة، وَيُقَال التلبين أَيْضا لِأَنَّهُ يشبه اللَّبن فِي بياضه فَإِن كَانَت ثخينة فَهِيَ الخزيرة.
وَقد يَجْعَل فِيهَا الْعَسَل وَاللَّبن.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: التلبين والتلبينة حساء يعْمل من دَقِيق، وَهِي تَسْمِيَة بالمرة من التلبين مصدر لبن الْقَوْم إِذا اسقاهم اللَّبن،.

     وَقَالَ : الحساء بِالْفَتْح وَالْمدّ طبيخ يتَّخذ من دَقِيق وَمَاء ودهن، وَقد يحلى وَيكون رَقِيقا يحسى من الحسوة.
وَهِي الجرعة.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بالمشنئة النافعة التلبين، وَفِي أُخْرَى بالبغيض النافع التلبينة.
قلت: المشنئة بِمَعْنى البغيضة إِنَّمَا قَالَت: البغيضة لِأَن الْمَرِيض يبغضها كَمَا يبغض الْأَدْوِيَة.
وَذكره ابْن قرقول فِي بابُُ الْبَاء الْمُوَحدَة مَعَ الْغَيْن، قَالَ: وَعند الْمروزِي التغبض بالنُّون، قَالَ: وَلَا معنى لَهُ.



[ قــ :5124 ... غــ :5417 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهاب عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنَّها كَانَتْ إذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أهْلِها فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءِ ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إلاَّ أهْلَها وَخَاصَّتَها أمَرَتْ بِبُرْمَة مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْها فَإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: التَّلْبِينَةُ مَجَمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَال إِسْنَاده على هَذَا الْوَجْه مرت غير مرّة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ عَن حبَان بن مُوسَى، وَأخرجه مُسلم فِي الطِّبّ أَيْضا عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن حُسَيْن بن مُحَمَّد الْجريرِي.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن مُحَمَّد بن حَاتِم، وَفِي الطِّبّ عَن نصير بن الْفرج.

قَوْله: ( مجمة) ، بِفَتْح الْمِيم وَالْجِيم وَفتح الْمِيم الْأُخْرَى الشَّدِيدَة أَي: مَكَان الاسْتِرَاحَة أَي: استراحة قلب الْمَرِيض، ويروى: مجمة، بِضَم الْمِيم وَكسر الْجِيم أَي: مريحة يُقَال: جم الْفرس إِذا ذهب إعياؤه، والجمام الرَّاحَة،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: الجمام الرَّاحَة وَضَبطه بِضَم الْمِيم على أَنه اسْم فَاعل من أجم،.

     وَقَالَ  الشَّيْخ أَبُو الْحسن الَّذِي أعرف بِفَتْح الْمِيم فَهِيَ على هَذَا مفعلة من جم يجم،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: يرْوى بِفَتْح الْمِيم وَالْجِيم وبضم الْمِيم وَكسر الْجِيم، فعلى الأول يكون مصدرا.
وعَلى الثَّانِي يكون اسْم فَاعل،.

     وَقَالَ  عبد اللَّطِيف: الْفُؤَاد هُنَا رَأس الْمعدة، وفؤاد الحزين يضعف باستيلاء اليبس على أَعْضَائِهِ وعَلى معدته خَاصَّة لتقليل الْغذَاء، وَهَذَا الْغذَاء يرطبها ويقويها وَيفْعل مثل ذَلِك بفؤاد الْمَرِيض.