فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الحلواء والعسل

( بابُُُ: { الحَلْوَاءِ وَالعَسَلِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر الْحَلْوَاء وَالْعَسَل، والحلواء عِنْد الْأَصْمَعِي مَقْصُور يكْتب بِالْيَاءِ وَعند الْفراء مَمْدُود، وكل مَمْدُود يكْتب بِالْألف، وَقيل: يمد وَيقصر،.

     وَقَالَ  اللَّيْث: هُوَ مَمْدُود عِنْد أَكْثَرهم، وَهُوَ كل حُلْو يُؤْكَل.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: اسْم الْحَلْوَاء لَا يَقع إلاَّ على مَا دَخلته الصَّنْعَة.
وَفِي ( الْمُخَصّص) لِابْنِ سَيّده.
هُوَ كل مَا عولج من الطَّعَام بحلاوة، وَهُوَ أَيْضا الْفَاكِهَة.



[ قــ :5138 ... غــ :5431 ]
- حدَّثني إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ عَنْ أبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشامٍ قَالَ: أخْبَرَنِي أبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالعَسَلَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَإِسْحَاق هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه، والحنظلي نِسْبَة إِلَى حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد بن منات بن تَمِيم بطن عامتهم بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا مَاتَ بنيسابور سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام بن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة عَن عبد الله بن أبي شيبَة وَفِيه وَفِي الطِّبّ عَن عَليّ بن عبد الله، وَفِي ترك الْحِيَل عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل الْكل عَن أبي أُسَامَة وَأخرجه مُسلم فِي الطَّلَاق عَن أبي كريب وَهَارُون بن عبد الله.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَشْرِبَة عَن الْحسن بن عَليّ الْخلال عَن أبي أُسَامَة.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَطْعِمَة عَن سَلمَة بن شبيب وَغَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَفِي الطِّبّ عَن عبيد الله بن سعيد وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَطْعِمَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره.

قَوْله: ( يحب الْحَلْوَاء) ، قَالَ ابْن بطال: الْحَلْوَى وَالْعَسَل من جملَة الطَّيِّبَات الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى: { كلوا من الطَّيِّبَات} وَفِيه تَقْوِيَة لقَوْل من قَالَ: المُرَاد بِهِ المستلذ من الْمُبَاحَات، وَدخل فِي معنى هَذَا الحَدِيث كل مَا شابه الْحَلْوَى وَالْعَسَل من أَنْوَاع المآكل اللذيذة، وَقَالَ الْخطابِيّ: لم يكن حبه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهَا على معنى كَثْرَة التشهي لَهَا وَشدَّة نزاع النَّفس إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا كَانَ يتَنَاوَل مِنْهَا إِذا حضرت إِلَيْهِ نيلاً صَالحا فَيعلم بذلك أَنَّهَا تعجبه.





[ قــ :5139 ... غــ :543 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ شَيْبَةَ قَالَ: أخْبَرَنِي ابنُ أبِي الفُدَيْكِ عَنِ ابنِ أبِي ذُؤَيْبٍ عَنِ المَقْبُرِيِّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ: كُنْتُ ألْزَمُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِشبَع بَطْنِي حِينَ لَا آكُلُ الخَمِيرَ وَلا ألْبَسُ الحَرِيرَ وَلا يَخدُّمُنِي فُلان وَلا فُلانَةُ.
وَأُلْصِقُ بَطْنِي بُالحَصْبَاءِ وَأسْتَقْرِىءُ الرَّجُلَ الآيَةَ وَهِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي، وَخَيْرُ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرُ بنُ أبِي طَالِبٍ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى إنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إلَيْنَا العُكَةَ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فَنَشْتَقُّها فَنَلْعَقُ مَا فِيها.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( العكة) لِأَن الْغَالِب يكون الْعَسَل فِيهَا، على أَنه جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي بعض طرقه.

وَعبد الرَّحْمَن بن شيبَة هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عبد الْملك بن مُحَمَّد بن شيبَة أَبُو بكر الْقرشِي الخزامي بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمدنِي وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى جد أَبِيه، وَقد غلط بَعضهم فَقَالَ: عبد الرَّحْمَن بن أبي شيبَة وَزَاد لَفظه أبي وَمَا لعبد الرَّحْمَن هَذَا فِي البُخَارِيّ إلاَّ فِي موضِعين أَحدهمَا: هَذَا، وَابْن أبي فديك هُوَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك بِضَم الْفَاء مصغر فدك بِالْفَاءِ وَالدَّال الْمُهْملَة وَالْكَاف ويروى ابْن أبي الفديك بِالْألف وَاللَّام، وَابْن أبي ذِئْب مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب بِكَسْر الذَّال بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور والمقبري، هُوَ سعيد بن أبي سعيد وَقد مر عَن قريب.

والْحَدِيث قد مضى فِي مَنَاقِب جَعْفَر بن أبي طَالب، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( لشبع بَطْني) أَي: لأجل شبع بَطْني، والشبع بِكَسْر الشين وَفتح الْبَاء وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بشبع بَطْني، أَي: بِسَبَب شبع بَطْني، ويروى ليشبع بَطْني بِصِيغَة الْمَجْهُول وَاللَّام فِيهِ للتَّعْلِيل.
قَوْله: ( الخمير) بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْمِيم الخمير والخميرة الَّتِي تجْعَل فِي الْخبز، يُقَال: عِنْدِي خبز خمير أَي: خبز بائت.
قَوْله: ( وَلَا ألبس الْحَرِير) ، براءين كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وبالياء الْمُوَحدَة بدل الرَّاء الأولى فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ والقابسي وعبدوس، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْحَمَوِيّ، وَرجح عِيَاض الرِّوَايَة بِالْبَاء الْمُوَحدَة،.

     وَقَالَ : هُوَ الثَّوْب المحبر وَهُوَ المزين الملون مَأْخُوذ من التحبير، وَهُوَ التحسين.
وَقيل: الحبير ثوب وشي مخطط، وَقيل: الْجَدِيد.
قَوْله: ( وَلَا يخدمني فلَان وَلَا فُلَانَة) ، هما كنايتان عَن الْخَادِم والخادمة.
قَوْله: ( وَهِي معي) ، أَي: تِلْكَ الْآيَة محفوظي وَفِي خاطري.
لَكِن استقرىء أَي: أطلب الْقِرَاءَة من الرجل حَتَّى يوديني إِلَى بَيته فيطعمني قَوْله: ( فنشتفها) ضَبطه عِيَاض بالشين الْمُعْجَمَة وَالْفَاء،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين بِالْقَافِ وَهُوَ الْأَظْهر لِأَن معنى الَّذِي بِالْفَاءِ أَن نشرب مَا فِي الْإِنَاء وَالَّذِي بِالْقَافِ أَن نشق العكة حَتَّى يلعقوها.