فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب القران في التمر

( بابُُُ: { القِرَانِ فِي التَّمْرِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْقرَان فِي التَّمْر وَلم يذكر حكمه اكْتِفَاء بِالَّذِي ذكره فِي حَدِيث الْبابُُ، وَهُوَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَنهُ وَالْقرَان: بِكَسْر الْقَاف من قرن بَين الشَّيْئَيْنِ يقرن ويقرن بِضَم الرَّاء وَكسرهَا قرانا وَالْمرَاد ضم تَمْرَة إِلَى تَمْرَة لمن أكل مَعَ جمَاعَة، وَقد ورد فِي لفظ الحَدِيث الْقرَان والإقران من أقرن، وَالْمَشْهُور اسْتِعْمَاله ثلاثيا وَعَلِيهِ اقْتصر الْجَوْهَرِي.
وَحكى ابْن الْأَثِير: الإقران.

[ قــ :5153 ... غــ :5446 ]
- حدَّثنا آدَمُ حدَّثنا شُعْبَةُ حدَّثنا جَبَلَةُ بنُ سُحَيْمٍ قَالَ: أصابَنا عَامُ سَنةٍ مَعَ ابنِ الزُّبَيْرِ رُزِقَنا تَمْرا فَكَانَ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنا وَنَحْنُ نَأْكُلُ وَيَقُولُ: لَا تُقارِنُوا فَإنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى عَنِ القِرَانِ، ثُمَّ يَقُولُ: إلاَّ أنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أخاهُ.

قَالَ شُعْبَةُ: الإذْنُ مِنْ قَوْلِ ابنِ عُمَرَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وجبلة بِفَتْح الْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْخَفِيفَة، من سحيم، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف التَّابِعِيّ الْكُوفِي الثِّقَة مَاله فِي البُخَارِيّ عَن غير ابْن عمر شَيْء.

والْحَدِيث قد مضى فِي الْمَظَالِم عَن حَفْص ابْن عمر، وَفِي الشّركَة عَن أبي الْوَلِيد.
وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( عَام سنة) بِالْإِضَافَة أَي: عَام قحط وَغَلَاء.
قَوْله: ( مَعَ ابْن الزبير) ، وَهُوَ عبد الله بن الزبير بن الْعَوام أَرَادَ أَيَّامه فِي الْحجاز.
قَوْله: ( رزقنا) ، ويروى: فرزقنا بِالْفَاءِ أَي أَعْطَانَا فِي أرزاقنا.
وَهُوَ الْقدر الَّذِي كَانَ يصرف لَهُم فِي كل سنة من الْخراج وَغَيره بدل النَّقْد تَمرا لقلَّة النَّقْد إِذْ ذَاك بِسَبَب المجاعة الَّتِي حصلت.
قَوْله: ( وَنحن نَأْكُل) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( لَا تقارنوا) وَفِي رِوَايَة أبي الْوَلِيد فِي الشّركَة.
فَيَقُول: لَا تقرنوا، وَكَذَا لأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي ( مُسْنده) قَوْله: ( نهى عَن الْقرَان) وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: عَن الإقران من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ قَوْله: ( أَخَاهُ) أَي: صَاحبه الَّذِي اشْترك مَعَه فِي أكل التَّمْر، فَإِذا أذن لَهُ فِي ذَلِك جَازَ.

وَقَالَ النَّوَوِيّ: اخْتلفُوا فِي هَذَا النَّهْي: هَل هُوَ على التَّحْرِيم أَو الْكَرَاهَة؟ الصَّوَاب: التَّفْصِيل فَإِن كَانَ الطَّعَام مُشْتَركا بَينهم فالقران حرَام إلاَّ برضاهم، وَيحصل بتصريحهم أَو بِمَا يقوم مقَامه من قرينَة حَال بِحَيْثُ يغلب على الظَّن ذَلِك، وَإِن كَانَ الطَّعَام لغَيرهم حرم، وَإِن كَانَ لأَحَدهم وَأذن لَهُم فِي الْأكل اشْترط وَيحرم بِغَيْرِهِ، وَذكر الْخطابِيّ: أَن شَرط هَذَا الاسْتِئْذَان إِنَّمَا كَانَ فِي زمنهم حَيْثُ كَانُوا فِي قلَّة من الشَّيْء فأمَّا الْيَوْم مَعَ اتساع الْحَال لَا يحْتَاج إِلَى الاسْتِئْذَان، وَاعْترض عَلَيْهِ النَّوَوِيّ بِأَن الصَّوَاب التَّفْصِيل لِأَن الْعبْرَة لعُمُوم اللَّفْظ لَا لخُصُوص السَّبَب لَو ثَبت السَّبَب كَيفَ وَهُوَ غير ثَابت؟ وَيُقَوِّي هَذَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه الْبَزَّار من طَرِيق الشّعبِيّ عَنهُ قَالَ: قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَمرا بَين أَصْحَابه فَكَانَ بَعضهم يقرن فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقرن إلاّ بِإِذن أَصْحَابه، وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي ( الْمُسْتَدْرك) بِلَفْظ: كنت فِي الصّفة فَبعث إِلَيْنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَمْر عَجْوَة.
فَسَكَبت بَيْننَا وَكُنَّا نقرن الثِّنْتَيْنِ من الْجُوع، فَكُنَّا إِذا قرن أَحَدنَا قَالَ لأَصْحَابه: أَنِّي قد قرنت فأقرنوا، قَالَ هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ،.

     وَقَالَ  الْبَزَّار: لم يروه عَن عَطاء بن السَّائِب عَن الشّعبِيّ إلاَّ جرير بن عبد الحميد، وَرَوَاهُ عمرَان بن عُيَيْنَة عَن عَطاء عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن أبي هُرَيْرَة انْتهى.
قَالَ: شَيخنَا وَعَطَاء بن السَّائِب تغير حفظه بِآخِرهِ، وَجَرِير مِمَّن روى عَنهُ بعد اخْتِلَاطه، قَالَه أَحْمد بن حَنْبَل: فَلَا يَصح الحَدِيث إِذا وَالله أعلم.
فَإِن قلت: روى الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) من رِوَايَة يزِيد بن يزِيغ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كنت نَهَيْتُكُمْ عَن الإقران فِي التَّمْر، فَإِن الله قد وسع عَلَيْكُم فأقرنوا.
قلت: يزِيد بن يزِيغ ضعفه يحيى بن معِين وَالدَّارَقُطْنِيّ.

قَوْله: ( قَالَ شُعْبَة: الْإِذْن من قَول ابْن عمر) ، هُوَ مَوْصُول بالسند الَّذِي قبله، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه مدرج، وَالْحَاصِل أَن أَصْحَاب شُعْبَة اخْتلفُوا فأكثرهم رَوَاهُ عَنهُ.
مدرجا وَطَائِفَة مِنْهُم رووا عَنهُ التَّرَدُّد فِي كَون هَذِه الزِّيَادَة مَرْفُوعَة أَو مَوْقُوفَة.
وآدَم فِي رِوَايَة البُخَارِيّ جزم عَن شُعْبَة بِأَن هَذِه الزِّيَادَة من قَول ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.