فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب التصيد على الجبال

( بابُُُ: { التَّصَيُّد عَلَى الجِبَالِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان التصيد على الْجبَال، جمع جبل بِفَتْح الْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة.



[ قــ :5197 ... غــ :5492 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ الجُعَفِيُّ قَالَ: حدَّثني ابنُ وَهْبٍ أخْبَرَنا عَمْروٌ أنَّ أبَا النَّضْر حدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أبِي قَتَادَةَ وَأبِي صَالِحٍ مَوْلَى التَوْأمَةِ قَالا: سَمِعْنا أبَا قَتَادَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِيما بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَأنَا رَجُلٌ حِلٌّ عَلَى فَرَسٍ وَكُنْتُ رَقَّاءً عَلَى الجِبَالِ، فَبَيْنا أنَا عَلَى ذالِكَ إذْ رَأيْتُ النَّاسَ مُتَشَوِّفِينَ لِشَيْء فَذَهَبْتُ أنْظُرُ فَإذا هُوَ حِمارُ وَحْشِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: مَا هاذا قَالُوا: لَا نَدْرِي.
.

قُلْتُ هُوَ حِمَارٌ وَحْشِيٌ؟ فَقَالُوا: هُوَ مَا رَأيْتَ، وَكُنْتُ نَسِيتُ سَوْطِي فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوِلُونِي سَوْطِي فَقَالُوا: لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ، فَنَزَلْتُ فَأخَذْتُهُ ثُمَّ ضَرَبْتُ فِي أثَرِهِ فَلَمْ يَكُنْ إلاَّ ذَاكَ حَتَّى عَقَرْتُهُ فَأتَيْتُ إلَيْهِمْ فَقُلْتُ لَهُمْ: قُومُوا فَاحْتَمِلُوا قَالُوا: لَا تَمَسُّهُ فَحَمَلْتُهُ حَتَّى جِئْتُهُمْ بِهِ، فَأبَى بَعْضُهُمْ وَأكَلَ بَعْضُهُمْ.
فَقُلْتُ: أنَا أسْتَوقْفُ لَكُمْ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأدْرَكْتُهُ فَحَدَّثْتُهُ الحَدِيثَ فَقَالَ لِي: أبَقِيَ مَعَكُمْ شَيْءٌ مِنْهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: كُلُوا فَهُوَ طُعْمٌ أطْعَمَكُمُوهَا الله.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( وَكنت رقاء على الْجبَال) لِأَن مَعْنَاهُ: كنت كثير الرقي على الْجبَال، من رقى يرقى من بابُُ علم يعلم رقيا ورقيا بِالتَّشْدِيدِ للْمُبَالَغَة، والرقي الصعُود والارتفاع، وَلَا يَخْلُو من الْمَشَقَّة والتكلف والترجمة فِيهَا معنى التَّكَلُّف، وَمرَاده.
كَانَ فِي ذَلِك الْوَقْت على الْجَبَل، وَلِهَذَا يَقُول: فَنزلت.
أَي: من الْجَبَل أَو من الْفرس.

وَيحيى بن سُلَيْمَان أَبُو سعيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي نزل مصر، يروي عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ يروي عَن عَمْرو بن الْحَارِث الْمصْرِيّ عَن أبي النَّضر بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة سَالم عَن نَافِع مولى أبي قَتَادَة، وَأبي صَالح نَبهَان بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة مولى التؤمة، حكى عِيَاض عَن الْمُحدثين بِضَم الثَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق،.

     وَقَالَ : الصَّوَاب فتح أَوله، وَحكى ابْن التِّين والتؤمة، بِوَزْن الحطمة.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: مولى التؤمة بِفَتْح الفوقانية، يُقَال: أتأمت الْمَرْأَة إِذا وضعت اثْنَيْنِ فِي بطن، والولدان توأمان، يُقَال: هَذَا توأم لهَذَا، وَهَذِه توأمة لهَذِهِ، وَالْجمع توائم نَحْو: جَعْفَر وجعافر، وَهِي بنت أُميَّة بن خلف الجُمَحِي وَسميت بهَا لِأَنَّهَا كَانَت مَعَ أُخْت لَهَا فِي بطن أمهَا وَلَيْسَ لنبهان هَذَا فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث وَنَافِع الْمَذْكُور وَأَبُو صَالح كِلَاهُمَا يرويان عَن أبي قَتَادَة والْحَدِيث مَحْفُوظ لأبي صَالح نَبهَان لَا لِابْنِهِ صَالح، وَمن ظن غير هَذَا فقد غلط.

قَوْله: ( وهم محرمون) الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَكَذَلِكَ الْوَاو فِي ( وَأَنا رجل حل) بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام أَي: حَلَال قَوْله: ( فَبينا) طرف مُضَاف إِلَى جملَة.
قَوْله: ( إِذْ رَأَيْت النَّاس) جَوَابه.
قَوْله: ( متشوفين) من قَوْلهم: تشوف فلَان للشَّيْء أَي: لمح لَهُ وَنظر إِلَيْهِ، ومادته شين مُعْجمَة، وواو وَفَاء.
قَوْله: ( فِي أَثَره) أَي: وَرَاءه،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: يُقَال: خرجت فِي أَثَره وأثره يَعْنِي: بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وبفتحهما أَيْضا.
قَوْله: ( عقرته) أَي: جرحته.
قَوْله: ( فاحتملوا) صِيغَة أَمر للْجَمَاعَة قَوْله: ( فَأبى بَعضهم) يَعْنِي: امْتنع بَعضهم من الْأكل.
قَوْله: ( استوقف لكم) أَي: أسأله أَن يقف لكم.
قَوْله: ( أبقى) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على وَجه الاستخبار.