فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب آنية المجوس والميتة

( بابُُُ: { آنِيَةِ المَجُوسِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم آنِية الْمَجُوس فِي الْأكل وَالشرب مِنْهَا، وَقد ترْجم هَكَذَا، وَلَيْسَ فِي حَدِيث الْبابُُ ذكر الْمَجُوس وَإِنَّمَا فِيهِ ذكر أهل الْكتاب، فَقيل: لَعَلَّ البُخَارِيّ يرى أَن الْمَجُوس من أهل الْكتاب، وَقيل: بني الحكم هَكَذَا لِأَن الْمَحْذُور من ذَلِك وَاحِد وَهُوَ عدم توقيهم النَّجَاسَات،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هما متساويان فِي عدم التوقي عَن النَّجَاسَات فَحكم بِأَحَدِهِمَا على الآخر بِالْقِيَاسِ، وَبِاعْتِبَار أَن الْمَجُوس يَزْعمُونَ التَّمَسُّك بِالْكتاب، وَقيل: نَص فِي بعض طرق الحَدِيث على الْمَجُوس، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن قدور الْمَجُوس؟ فَقَالَ: اتقوها غسلا واطبخوا فِيهَا وَمن عَادَة البُخَارِيّ أَنه يترجم بِهِ ثمَّ يُورد على الْبابُُ مَا يُؤْخَذ مِنْهُ الحكم بطرِيق الْإِلْحَاق.

[ قــ :5201 ... غــ :5496 ]
- حدَّثنا أبُو عَاصِمٍ عَنْ حَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ قَالَ حدَّثني رَبِيعَةَ بنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حدَّثني أبُو إدْرِيسَ الخَولانِيُّ قَالَ: حدَّثني أبُو ثَعْلَبَةَ الخُشْنِيُّ قَالَ: أتَيْتُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله { إنَّا بأرْضِ أهْلِ الكِتَابِ} فَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ وَبِأرْضِ صَيْدٍ أصِيدُ بِقَوْسِي وَأصِيدُ بِكَلْبِي المُعَلِّمِ وبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلِّمٍ فَقَالَ: النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أمَّا مَا ذكَرْتَ أنَّكَ بِأرْضِ أهْلِ كِتَابٍ فَلا تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ إلاَّ أنْ لَا تَجِدُوا بِدّا فَإنْ لَمْ تَجِدُوا بُدّا مَا ذَكَرْتَ أنَّكَ بِأرْضِ أهْلِ كِتَابٍ فَلا تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ إلاَّ أنْ لَا تَجِدُوا فَإنْ لَمْ تَجِدُوا بُدّا فَاغْسِلُوها وَكُلُوا فِيهَا، وَأمَّا مَا ذَكَرْتَ أنَّكُمْ بِأرْضِ صَيْدٍ فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ الله وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ فَاذْكُر اسْمَ الله.
وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْهُ.


وَجه الْمُطَابقَة قد ذَكرنَاهَا وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل الضَّحَّاك بن مخلد وَأَبُو ادريس عَائِذ الله بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة والْحَدِيث قد مر عَن قريب فِي بابُُ مَا جَاءَ فِي التصيد وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ قَوْله بدا أَي فراقاً.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي قَوْلهم لَا بُد من كَذَا كَأَنَّهُ قَالَ لَا فِرَاق مِنْهُ وَيُقَال البد الْعرض.





[ قــ :50 ... غــ :5497 ]
- حدَّثنا المَكِّيُّ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثني يَزِيدُ بنُ أبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ قَالَ: لَمَّا أمْسَوْا يَوْمَ فَتَحُوا خَيْبَر أوْ قَدُوا النِّيرَانَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَلَى مَا أوْقَدْتُمْ هاذهِ النِّيرَانَ؟ قَالُوا: لحُومِ الْحُمْرِ الإنْسِيَّةِ { قَالَ: أهْرِيقُوا مَا فِيهَا وَاكْسِرُوا قُدُورَها فَقَامَ رَجلٌ مِنْ القَوْمِ فَقَالَ: نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسلُها} فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوْ ذَاكَ.


وَجه إِيرَاد هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبابُُ هُوَ أَنه لما ثَبت تَحْرِيم الْحمر الْأَهْلِيَّة صَارَت كالميتة، وَلما أَبَاحَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اسْتِعْمَال الْقُدُور بعد غسلهَا صَارَت كَذَلِك آنِية الْمَجُوس، فَيجوز اسْتِعْمَالهَا بعد غسلهَا، لِأَن ذَبَائِحهم ميتَة وَهَذَا الحَدِيث هُوَ السَّابِع عشر من ثلاثيات البُخَارِيّ.

والمكي علم بِخِلَاف مَا قَالَه الْكرْمَانِي إِنَّه مَنْسُوب إِلَى مَكَّة المشرفة، وَقد مضى فِي الْمَظَالِم فِي: بابُُ هَل تكسر الدنان الَّتِي فِيهَا الْخمر؟ بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( أهريقوا) ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْهَاء من أهراق يهريق، وَالْهَاء فِيهِ زَائِدَة.
قَوْله: ( أَو ذَاك) ، إِشَارَة إِلَى التَّخْيِير بَين الْكسر وَالْغسْل.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: مَا أَمر أَولا بِكَسْرِهَا جزما يحْتَمل أَنه كَانَ بِوَحْي أَو اجْتِهَاد، ثمَّ نسخ أَو تغير الِاجْتِهَاد.