فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ذبيحة الأعراب ونحوهم

( بابُُُ: { ذَبِيحَةِ الأعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم ذَبِيحَة الْأَعْرَاب، وهم ساكنو الْبَادِيَة من الْعَرَب الَّذين لَا يُقِيمُونَ فِي الْأَمْصَار وَلَا يدْخلُونَ المدن إلاَّ لحَاجَة، وَالْعرب اسْم لهَذَا الْجَبَل الْمَعْرُوف من النَّاس لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه أَقَامَ بالبادية أَو المدن، والنسية إِلَيْهِمَا أَعْرَابِي وعربي.
قَوْله: ( وَنَحْوهم) ، بِالْوَاو فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني والنسفي، ونحرهم بالراء من نحر الْإِبِل.



[ قــ :5212 ... غــ :5507 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ الله حدَّثنا أُسَامَةَ بنُ حَفْص المَدَنِيُّ عَنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنها.
أنَّ قَوْما قَالُوا لِلنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إنَّ قَوْما يأتُونا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْهِ أمْ لَا؟ فَقَالَ: سَمُّوا عَلَيْهِ أنْتُمْ وَكُلُوهُ.
قَالَت: وَكَانُوا حَدِيثي عَهْدٍ بِالْكُفْرِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( إِن قوما يأْتونَ) لِأَن المُرَاد مِنْهُم الْأَعْرَاب الَّذين يأْتونَ إِلَيْهِم من الْبَادِيَة.

وَمُحَمّد بن عبيد الله بن زيد أَبُو ثَابت بالثاء الْمُثَلَّثَة وَالْمُوَحَّدَة والمثناة، مولى عُثْمَان بن عَفَّان الْقرشِي الْأمَوِي الْمدنِي، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَأُسَامَة بن حَفْص الْمدنِي يروي عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة، وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( يَأْتُونَا) ، بِالْإِدْغَامِ والفك.
قَوْله: ( بِاللَّحْمِ) ، فِي رِوَايَة أبي خَالِد باللحمان، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: إِن نَاسا من الْأَعْرَاب، وَفِي رِوَايَة مَالك: من الْبَادِيَة.
قَوْله: ( أذكر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول والهمزة فِيهِ للاستفهام، وَفِي رِوَايَة الطفَاوِي الَّتِي مَضَت فِي الْبيُوع: اذْكروا وَفِي رِوَايَة أبي خَالِد: لَا نَدْرِي يذكرُونَ، وَزَاد أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَته: أم لم يذكرُوا أفنأكل مِنْهَا؟ قَوْله: ( وَكَانُوا) ، أَي: الْقَوْم السائلون.

وَقد اسْتدلَّ قوم بِهَذَا الحَدِيث على أَن التَّسْمِيَة على الذَّبِيحَة لَيست بواجبة، إِذْ لَو كَانَت وَاجِبَة لما أَمرهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِأَكْل ذَبِيحَة الْأَعْرَاب أهل الْبَادِيَة.
وَأجِيب: بِأَن هَذَا كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن مَالِكًا زَاد فِي آخِره.
وَذَلِكَ فِي أول الْإِسْلَام، وَيُمكن أَنهم لم يَكُونُوا جاهلين بِالتَّسْمِيَةِ.

{ تَابَعَهُ عَلِيٌّ عَنْ الدَّراوَرْدِيِّ}
يَعْنِي: تَابع أُسَامَة بن حَفْص عَن هِشَام عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَالرَّاء وَالْوَاو وَسُكُون الرَّاء وبالدال الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى دراورد قَرْيَة من قرى خُرَاسَان وَمرَاده من مُتَابَعَته إِيَّاه أَنه رَوَاهُ عَن هِشَام بن عُرْوَة مَرْفُوعا، كَمَا رَوَاهُ أُسَامَة بن حَفْص، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق يَعْقُوب بن حميد عَن الدَّرَاورْدِي.

{ وَتَابَعَهُ أبُو خَالِدٍ وَالطُّفاوِيُّ}
أَي: وتابع أُسَامَة بن حَفْص أَيْضا أَبُو خَالِد سُلَيْمَان بن حَيَّان الْأَحْمَر فِي رِوَايَته عَن هِشَام بن عُرْوَة مَرْفُوعا وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة البُخَارِيّ فِي كتاب التَّوْحِيد مُتَّصِلا عَن يُوسُف بن مُوسَى عَنهُ قَوْله: والطفاوي أَي: وَتَابعه أَيْضا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطفَاوِي بِضَم الطَّاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْفَاء وَالْوَاو نِسْبَة إِلَى طفاوة بنت حزم بن زِيَاد بن ثَعْلَب بن حلوان بن عمرَان بن ألحاف بن قضاعة، وَوصل مُتَابَعَته البُخَارِيّ فِي كتاب الْبيُوع عَن أَحْمد بن الْمِقْدَام الْعجلِيّ عَنهُ وَسَماهُ هُنَاكَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، وَزَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنه تَابعه أَيْضا عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان وَيُونُس بن بكير ومحاضر وَمَالك بن أنس، وَزَاد الدَّارَقُطْنِيّ: تَابعه أَيْضا النَّضر بن شُمَيْل وَعمر بن مجمع،.

     وَقَالَ  فِي ( غرائب الْمُوَطَّأ) تفرد بِهِ عبد الْوَهَّاب عَن مَالك مُتَّصِلا وَغَيره يرويهِ عَن مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه مُرْسلا وادّعى أَبُو عمر أَنه لم يخْتَلف عَن مَالك فِي إرْسَاله،.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ فِي ( علله) وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة وَحَمَّاد بن زيد وَابْن عُيَيْنَة وَيحيى الْقطَّان ومفضل بن فضَالة عَن هِشَام عَن أَبِيه مُرْسلا لَيْسَ فِيهِ عَن عَائِشَة، والمرسل أشبه بِالصَّوَابِ وَله طَرِيق آخر مُرْسل أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) عَن الشّعبِيّ: أَنِّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي غَزْوَة تَبُوك بمحنية، فَقيل: إِن هَذَا طَعَام يصنعه الْمَجُوس، فَقَالَ: اذْكروا اسْم الله عَلَيْهِ وكلوه.