فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة

( بابُُُ: { مَا يُكْرَهُ مِنَ المُثْلَةِ وَالمَصْبُورَةِ وَالمُجَثَّمَةِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كَرَاهَة الْمثلَة بِضَم الْمِيم وَهُوَ قطع أَطْرَاف الْحَيَوَان أَو بَعْضهَا يُقَال: مثل بِالْحَيَوَانِ يمثل مثلا كَقَتل يقتل قتلا إِذا قطع أَطْرَافه أَو أَنفه أَو أُذُنه وَنَحْو ذَلِك، والمثلة الِاسْم.
قَوْله: ( والمصبورة) ، هِيَ الدَّابَّة الَّتِي تحبس وَهِي حَيَّة لتقتل بِالرَّمْي وَنَحْوه، ( وَالْمُجَثمَة) بِالْجِيم والثاء الْمُثَلَّثَة الْمَفْتُوحَة الَّتِي تجثم ثمَّ ترمى حَتَّى تقتل، وَقيل: إِنَّهَا فِي الطير خَاصَّة والأرنب وَأَشْبَاه ذَلِك.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الْمُجثمَة هِيَ المصبورة بِعَينهَا.
.

     وَقَالَ : بَين الْمُجثمَة والجاثمة فرق لِأَن الجاثمة هِيَ الَّتِي جثمت بِنَفسِهَا فَإِذا صيدت على تِلْكَ الْحَال لم تحرم، وَالْمُجَثمَة هِيَ الَّتِي ربطت وحبست قهرا وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن أكل الْمُجثمَة وَهِي الَّتِي تصبر بِالنَّبلِ،.

     وَقَالَ : حَدِيث غَرِيب وَهُوَ من أَفْرَاده وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث الْعِرْبَاض بن سَارِيَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى يَوْم خَيْبَر عَن كل ذِي نَاب من السَّبع وَعَن كل ذِي مخلب من الطير وَعَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَعَن الْمُجثمَة وَعَن الخليسة وَأَن تُوطأ الحبالى حَتَّى يَضعن مَا فِي بطونهن.
قَالَ مُحَمَّد بن يحيى هُوَ شيخ التِّرْمِذِيّ: فِي هَذَا الحَدِيث سَأَلَ أَبُو عَاصِم عَن الْمُجثمَة فَقَالَ: أَن ينصب الطير أَو الشَّيْء فَيرمى وَسُئِلَ عَن الخليسة فَقَالَ: الذِّئْب أَو السَّبع يُدْرِكهُ الرجل فَيَأْخُذ مِنْهُ فَيَمُوت فِي يَده قبل أَن يذكيه.
قلت: الخليسة، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام وَسُكُون الْبَاء آخر الْحُرُوف وبسين مُهْملَة وَهِي فعيلة بِمَعْنى مفعولة، والجثوم من جثم الطَّائِر جثوما إِذا لزم الأَرْض والتصق بهَا، وَهُوَ بِمَنْزِلَة البروك لِلْإِبِلِ.



[ قــ :5218 ... غــ :5513 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنْ هِشام بنِ زَيْدٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أنَسٍ عَلَى الحَكَمِ بنِ أيُّوبَ فَرَأى غِلْمانا أوْ فِتْيانا نَصَبُوا دَجَاجَةَ يَرْمُونَها.
فَقَالَ أنَسٌ: نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنْ تُصبَرَ البَهَائِمُ.


مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَهِشَام بن زيد بن أنس بن مَالك يروي عَن جده أنس بن مَالك.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الذَّبَائِح عَن أبي مُوسَى عَن غنْدر وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَضَاحِي عَن أبي الْوَلِيد، وَفِيه قصَّة أُخْرَى.
وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن وَكِيع.

قَوْله: ( على الحكم بن أَيُّوب) ، بن أبي عقيل الثَّقَفِيّ ابْن عَم الْحجَّاج بن يُوسُف نَائِبه على الْبَصْرَة وَزوج أُخْت زَيْنَب بنت يُوسُف، وَهُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ جرير يمدحه:
( حَتَّى انخناها على بابُُ الحكم ... خَليفَة الْحجَّاج غير الْمُتَّهم)

وَقع ذكره فِي عدَّة أَحَادِيث، وَكَانَ يضاهي فِي الْجور ابْن عَمه.
قَوْله: ( وفتيانا) ، شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( أَن تصبر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: تحبس لترمى حَتَّى تَمُوت، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَضْييع لِلْمَالِ وتعذيب للحيوان.
وَأخرج الْعقيلِيّ فِي ( الضُّعَفَاء) من طَرِيق الْحسن عَن سَمُرَة.
قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن تصبر الْبَهِيمَة وَأَن يُؤْكَل لَحمهَا إِذا صبرت.

     وَقَالَ  الْعقيلِيّ: جَاءَ فِي النَّهْي عَن صَبر الْبَهِيمَة أَحَادِيث جيادا وَأما النَّهْي عَن أكلهَا فَلَا يعرف إلاَّ فِي هَذَا.
.

     وَقَالَ  شَيخنَا فِي ( شرح التِّرْمِذِيّ) فِيهِ تَحْرِيم أكل المصبورة لِأَنَّهُ قتل مَقْدُور عَلَيْهِ بِغَيْر ذَكَاة شَرْعِيَّة.
قلت: إِن أدْركْت وذكيت فَلَا بَأْس كَمَا فِي الْمَقْتُول بالبندقة.





[ قــ :519 ... غــ :5514 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يَعْقُوبَ أخْبَرَنَا إسْحَاقَ بنُ سَعِيدِ بنِ عَمَرو عَنْ أبِيهِ أنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُما.
أنَّهُ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ وَغُلامٌ مِنْ بَنِي يَحْيَى رَابِطٌ دَجَاجَةً يَرْمِيهَا فَمَشَى إلَيْها ابنُ عُمَرَ حَتَّى حَلَّها، ثُمَّ أقْبَل بِها وَبِالْغُلام مَعَهُ فَقَالَ: ازْجُرُوا غُلامَكُمْ عَنْ أنْ يَصْبِرَ هَذَا الطَيْرَ لِلْقَتْلِ فَإنِّي سَمِعْتُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى أنْ تُصْبَرَ بِهِيمَةٌ أوْ غَيْرُها لِلْقَتْلِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأحمد بن يَعْقُوب المَسْعُودِيّ الْكُوفِي، وَإِسْحَاق بن سعيد يروي عَن أَبِيه سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ الْأمَوِي، وَهُوَ أَخُو عَمْرو الْمَعْرُوف بالأشدق، وَسَعِيد هَذَا يروي عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( وَغُلَام من بني يحيى) .
يَعْنِي: ابْن سعيد الْمَذْكُور، وَكَانَ ليحيى أَوْلَاد ذُكُور وهم: عُثْمَان وعنبسة وَأَبَان وَإِسْمَاعِيل وَسَعِيد وَمُحَمّد وَهِشَام وَعَمْرو، وَكَانَ يحيى بن سعيد قد ولى إمرة الْمَدِينَة مرّة كَذَلِك أَخُوهُ عمر.
وَقَوله: ( حَتَّى حلهَا) بتَشْديد اللَّام هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: حملهَا من الحملان، وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأبي نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) ، فَحل الدَّجَاجَة انْتهى.
قَوْله: ( غلامكم) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: غِلْمَانكُمْ قَوْله: ( عَن أَن يصبر) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَن يصبروا قَوْله: ( هَذَا الطير) قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا على لُغَة قَليلَة فِي إِطْلَاق الطير على الْوَاحِد وإلاَّ فَالْمَشْهُور أَن الْوَاحِد يُقَال لَهُ: الطَّائِر، وَالْجمع: الطير.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَهُوَ هُنَا مُحْتَمل لإِرَادَة الْجمع، بل الأولى أَنه لإِرَادَة الْجِنْس.
قلت: هَذَا غير موجه لِأَنَّهُ أَشَارَ بقوله: هَذَا الطير.
إِلَى قَوْله: دجا جة، وَهِي وَاحِدَة فَكيف يحْتَمل إِرَادَة الْجمع ودعواه الْأَوْلَوِيَّة لإِرَادَة الْجِنْس أبعد من الأول لِأَن الْإِشَارَة إِلَيْهَا تنَافِي ذَلِك على مَا لَا يخفى.
قَوْله: ( وَغَيرهَا) ، فلفظة أَو هُنَا للتنويع لَا للشَّكّ فَيتَنَاوَل الطُّيُور والبهائم.





[ قــ :50 ... غــ :5515 ]
- حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ أبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ بنِ جُبَيْرٍ.
قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابنِ عُمَرَ فَمَرُّوا بِفَتِيَةٍ أوْ بِنَفَرٍ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَلَمَّا رَأوُا ابنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْها.
.

     وَقَالَ  ابنُ عُمَرَ مَنْ فَعَلَ هاذا؟ إنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هاذا.


مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة فَإِن المنصوبة هِيَ المصبرة وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل، وَأَبُو عوَانَة الوضاح، وَأَبُو بشر جَعْفَر بن أبي وحشية وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه لمتون أُخْرَى قد مر غير مرّة.

قَوْله: ( بفتية) ، جمع فَتى.
قَوْله: ( وبنفر) ، شكّ من الرَّاوِي، وَهُوَ رَهْط الْإِنْسَان وعشيرته وَهُوَ اسْم جمع يَقع على جمَاعَة من الرِّجَال خَاصَّة مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه قَوْله: ( من فعل هَذَا) ، أَشَارَ بِهِ إِلَى نصبهم دجَاجَة للرمي، وَفِي رِوَايَة مُسلم: لعن الله من اتخذ شَيْئا فِيهِ الرّوح فرضا بالمعجمتين وَفتح الرَّاء، وَهُوَ الَّذِي ينصب للرمي، وَفِي رِوَايَة مُسلم وَابْن مَاجَه من حَدِيث جَابر بن عبد الله يَقُول: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يقتل شَيْء من الدَّوَابّ صبرا وروى الْبَزَّار من حَدِيث سَمُرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا شَيْئا فِيهِ الرّوح غَرضا وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على قوم من الْأَنْصَار يرْمونَ حمامة فَقَالَ: لَا تَتَّخِذُوا الرّوح عرضا.
وَإِسْنَاده حسن، وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على نَاس وهم يرْمونَ كَبْشًا بِالنَّبلِ، فكره ذَلِك، فَقَالَ: لَا تمثلوا بالبهائم وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ.
قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يمثل بالبهائم وروى ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) من حَدِيث أبي أَيُّوب قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى عَن صَبر الْبَهِيمَة.

تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ { حدَّثنا المِنْهالُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابنِ عُمَرَ لَعَنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ}

أَي: تَابع أَبَا بشر الْمَذْكُور سُلَيْمَان بن حَرْب، وَرَوَاهُ عَن شُعْبَة عَن الْمنْهَال بِكَسْر الْمِيم ابْن عَمْرو عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَمْرو، وصل هَذِه الْمُتَابَعَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي عَن سُلَيْمَان بن حَرْب.
قَوْله: ( من مثل) ، بِالتَّشْدِيدِ أَي: صيره مثلَة.

{ وَقَالَ عَدِيٌّ: عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم}
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن عدي بن ثَابت خَالف أَبَا بشر والمنهال فروى الحَدِيث الْمَذْكُور عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة شُعْبَة عَن عدي بن ثَابت عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قَالَ: ( لَا تَتَّخِذُوا شَيْئا فِيهِ الرّوح عرضا) ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي ( سنَنه) وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الثَّوْريّ عَن سماك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يتَّخذ شَيْء فِيهِ الرّوح غَرضا.



[ قــ :50 ... غــ :5515 ]
- حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ أبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ بنِ جُبَيْرٍ.
قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابنِ عُمَرَ فَمَرُّوا بِفَتِيَةٍ أوْ بِنَفَرٍ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَلَمَّا رَأوُا ابنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْها.
.

     وَقَالَ  ابنُ عُمَرَ مَنْ فَعَلَ هاذا؟ إنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هاذا.


مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة فَإِن المنصوبة هِيَ المصبرة وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل، وَأَبُو عوَانَة الوضاح، وَأَبُو بشر جَعْفَر بن أبي وحشية وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه لمتون أُخْرَى قد مر غير مرّة.

قَوْله: ( بفتية) ، جمع فَتى.
قَوْله: ( وبنفر) ، شكّ من الرَّاوِي، وَهُوَ رَهْط الْإِنْسَان وعشيرته وَهُوَ اسْم جمع يَقع على جمَاعَة من الرِّجَال خَاصَّة مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه قَوْله: ( من فعل هَذَا) ، أَشَارَ بِهِ إِلَى نصبهم دجَاجَة للرمي، وَفِي رِوَايَة مُسلم: لعن الله من اتخذ شَيْئا فِيهِ الرّوح فرضا بالمعجمتين وَفتح الرَّاء، وَهُوَ الَّذِي ينصب للرمي، وَفِي رِوَايَة مُسلم وَابْن مَاجَه من حَدِيث جَابر بن عبد الله يَقُول: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يقتل شَيْء من الدَّوَابّ صبرا وروى الْبَزَّار من حَدِيث سَمُرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا شَيْئا فِيهِ الرّوح غَرضا وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على قوم من الْأَنْصَار يرْمونَ حمامة فَقَالَ: لَا تَتَّخِذُوا الرّوح عرضا.
وَإِسْنَاده حسن، وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على نَاس وهم يرْمونَ كَبْشًا بِالنَّبلِ، فكره ذَلِك، فَقَالَ: لَا تمثلوا بالبهائم وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ.
قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يمثل بالبهائم وروى ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) من حَدِيث أبي أَيُّوب قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى عَن صَبر الْبَهِيمَة.

تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ { حدَّثنا المِنْهالُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابنِ عُمَرَ لَعَنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ}

أَي: تَابع أَبَا بشر الْمَذْكُور سُلَيْمَان بن حَرْب، وَرَوَاهُ عَن شُعْبَة عَن الْمنْهَال بِكَسْر الْمِيم ابْن عَمْرو عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَمْرو، وصل هَذِه الْمُتَابَعَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي عَن سُلَيْمَان بن حَرْب.
قَوْله: ( من مثل) ، بِالتَّشْدِيدِ أَي: صيره مثلَة.

{ وَقَالَ عَدِيٌّ: عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم}
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن عدي بن ثَابت خَالف أَبَا بشر والمنهال فروى الحَدِيث الْمَذْكُور عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة شُعْبَة عَن عدي بن ثَابت عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قَالَ: ( لَا تَتَّخِذُوا شَيْئا فِيهِ الرّوح عرضا) ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي ( سنَنه) وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الثَّوْريّ عَن سماك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يتَّخذ شَيْء فِيهِ الرّوح غَرضا.





[ قــ :51 ... غــ :5516 ]
- حدَّثنا حَجَّاجُ بن مِنهالٍ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ: أخْبرَنِي عَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ يَزِيدَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنَّهُ نَهَى عَنِ النُّهْبَةِ وَالمُثْلَةِ.


مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الله بن يزِيد بن زيد الخطمي الْأنْصَارِيّ أَمِير الْكُوفَة.

والْحَدِيث مضى فِي الْمَظَالِم فِي: بابُُ النَّهْي بِغَيْر إِذن صَاحبه، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن آدم بن أبي إِيَاس عَن شُعْبَة إِلَى آخِره.

قَوْله: ( النهبة) ، بِضَم النُّون وَسُكُون الْهَاء ويروى عَن النَّهْي مَقْصُورا وَهُوَ أَخذ مَال الْغَيْر قهرا جَهرا وَمِنْه أَخذ مَال الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة اختطافا بِغَيْر تَسْوِيَة انْتهى.