فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب لحوم الخيل

( بابُُُ: { لُحُومِ الخَيْلِ} ) أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز أكل لُحُوم الْخَيل، وَإِنَّمَا لم يُصَرح بالحكم لتعارض الْأَدِلَّة فِيهِ.



[ قــ :5224 ... غــ :5519 ]
- حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ حدَّثنا سُفْيَانُ حدَّثنا هِشامٌ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أسْمَاءَ قَالَتْ: نَحَرْنا فَرَسا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأكَلْناهُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحميدِي عبد الله بن حميد بن عِيسَى وَنسبه إِلَى أحد أجداده، وَحميد بِضَم الْحَاء وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة وَفَاطِمَة هِيَ بنت الْمُنْذر زَوْجَة هِشَام الرَّاوِي، وَأَسْمَاء هِيَ بنت أبي بكر الصّديق، رَضِي الله عَنْهُمَا.

والْحَدِيث مضى عَن قريب: فِي بابُُ النَّحْر وَالذّبْح، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن خَلاد بن يحيى عَن سُفْيَان إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ، والصحابي إِذا قَالَ: كُنَّا نَفْعل كَذَا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ لَهُ حكم الرّفْع.





[ قــ :55 ... غــ :550 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرو بنِ دِينارٍ عَنْ مُحَمَّدٍ بنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ بنِ عَبْدِ الله، رَضِيَ الله عَنهم، قَالَ: نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الخَيْلِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، وَهُوَ الباقر أَبُو جَعْفَر.

والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَة خَيْبَر، وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الذَّبَائِح عَن يحيى بن يحيى وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَة عَن سُلَيْمَان بن حَرْب بِهِ وَعَن غَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّيْد وَفِي الْوَلِيمَة عَن قُتَيْبَة وَأحمد بن عَبدة.
وَاحْتج بِهَذَا الحَدِيث عَطاء وَابْن سِيرِين وَالْحسن وَالْأسود بن يزِيد وَسَعِيد بن جُبَير وَاللَّيْث وَابْن الْمُبَارك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأحمد وَأَبُو ثَوْر على جَوَاز أكل لحم الْخَيل.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك وَأَبُو عبيد: يكره أكله ثمَّ قيل: الْكَرَاهَة عِنْد أبي حنيفَة: كَرَاهَة تَحْرِيم، وَقيل: كَرَاهَة تَنْزِيه.

     وَقَالَ  فَخر الْإِسْلَام وَأَبُو معِين: هَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَأخذ أَبُو حنيفَة فِي ذَلِك بقوله تَعَالَى: { وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها وزينة} ( النَّحْل: 8) خرج مخرج الامتنان وَالْأكل من أَعلَى مَنَافِعهَا والحكيم لَا يتْرك الامتنان بِأَعْلَى النعم ويمتن بأدناها وَلِأَنَّهُ آلَة إرهاب الْعَدو فَيتْرك أكله احتراما لَهُ.
وَاحْتج أَيْضا بِحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد عَن خَالِد بن الْوَلِيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى عَن أكل لُحُوم الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير.
وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه والطَّحَاوِي، وَلما رَوَاهُ أَبُو دَاوُد سكت عَنهُ فسكوته دلَالَة رِضَاهُ بِهِ غير أَنه قَالَ: وَهَذَا مَنْسُوخ،.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: وَيُشبه أَن كَانَ هَذَا صَحِيحا أَن يكون مَنْسُوخا ويعارض حَدِيث جَابر وَالتَّرْجِيح للْمحرمِ، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ فِي غَزْوَة خَيْبَر.
وَأما لحم الْحمر الْأَهْلِيَّة.
فَقَالَ: ابْن عبد الْبر: لَا خلاف بَين عُلَمَاء الْمُسلمين الْيَوْم فِي تَحْرِيمه، وَإِنَّمَا حكى عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة إِبَاحَته بِظَاهِر قَوْله تَعَالَى: { قل لَا أجد فِيمَا أوحى إِلَى محرما} ( الْأَنْعَام: 145) الْآيَة.
قلت: ذكر فِي التَّفْرِيع للمالكية وَلَا بَأْس بِأَكْل لحم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَلَا الْبَغْل، وَيكرهُ أكل لُحُوم الْخَيل، وَسَيَجِيءُ الْكَلَام فِيهِ عَن قريب، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.