فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين، ويذكر سمينين

( بابٌُُ: { فِي أضْحِيَّةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَبْشَيْنِ أقْرَنَيْنِ وَيُذْكَرُ سَمِينَيْنِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أضْحِية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بكبشين تَثْنِيَة كَبْش، وَهُوَ فَحل الضَّأْن فِي أَي سنّ كَانَ قَوْله: أقرنين أَي: صاحبا قرن يَعْنِي: لكل مِنْهُمَا قرنان.
قَوْله: وَيذكر سمينين، يَعْنِي: كبشين، سمينين وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خيرا لأضحى الْكَبْش، وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت، وَفِيه الأقرن، وَفِيه اسْتِحْبابُُ التَّضْحِيَة بالأقرن وَأَنه أفضل من الأجم مَعَ الِاتِّفَاق على جَوَاز تضحية الأجم، وَهُوَ الَّذِي لَا قرن لَهُ وَاخْتلفُوا فِي مكسور الْقرن وروى الْبَزَّار من حَدِيث أبي رَافع مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا ضحى اشْترى كبشين سميتين أقرنين أملحين الحَدِيث.

{ وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أبَا أُُمَامَةَ بنَ سَهْلٍ قَالَ: كُنَّا نُسِّنُ الأضْحِيَّةَ بِالمَدِينَةِ وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسْمِّنُونَ}
يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو أُمَامَة بِضَم الْهمزَة واسْمه أسعد الصَّحَابِيّ، وادّعى ابْن التِّين أَنه من كبار التَّابِعين، وَولد فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَيْسَ لَهُ حَدِيث قلت سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وبرك عَلَيْهِ وَهُوَ أحد السِّتَّة من الصَّحَابَة مِمَّن يكنى بِأبي أُمَامَة، وتعليقه وَصله أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) من طَرِيق أَحْمد بن حَنْبَل عَن عبَادَة ابْن الْعَوام أَخْبرنِي يحيى بن سعيد بِهِ.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: كَانَ بعض الْمَالِكِيَّة يكره تسمين الْأُضْحِية لِئَلَّا يتشبه باليهود، وَقَول أبي أُمَامَة أَحَق قَالَه الدَّاودِيّ.



[ قــ :5257 ... غــ :5553 ]
- حدَّثنا آدَمُ بنُ إياسٍ حدَّثنا شَعْبَةُ حدَّثنا عَبْدِ العَزِيزِ بنُ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مَالِكٍ، رَضِيَ الله عَنهُ، قَالَ: كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ وَأنا أضَحِّي بِكَبْشَيْنِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَفِيه أفضيلة الضَّأْن فِي الْأُضْحِية.





[ قــ :558 ... غــ :5554 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةَ بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَابِ عَنْ أيُّوبَ عَنْ أبِي قِلابَةَ عَنْ أنَسٍ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، انْكَفَأَ إلَى كَبْشَيْنِ أقْرَنَيْنِ أمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة بِكَسْر الْقَاف عبد الله بن زيد الْجرْمِي.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( انكفأ) أَي: انعطف وَمَال قَوْله: ( أملحين) تَثْنِيَة أَمْلَح وَهُوَ الأغبر وَهُوَ الَّذِي فِيهِ سَواد وَبَيَاض وَعبارَة الْعين الملحة وَالْملح بَيَاض يشوبه شَيْء من سَواد وكبش أَمْلَح وعنب ملاحي لضرب مِنْهُ فِي حبه طول وَعبارَة الْجَوْهَرِي وَابْن فَارس الأملح الْأَبْيَض يخالط بياضه سَواد وَقد أَمْلَح الْكَبْش أملاحاً صَار أَمْلَح وَعبارَة ابْن الْأَعرَابِي أَنه التقى الْبيَاض.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد الْكسَائي وَأَبُو زيد أَنه الَّذِي فِيهِ الْبيَاض والسواد وَيكون الْبيَاض أَكثر قَوْله فذبحهما بِيَدِهِ فِيهِ أَن ذبح الشَّخْص أضحيته بِيَدِهِ أفضل إِذا كَانَ يحسن الذّبْح.

{ تابَعَهُ وُهَيْبٌ عنْ أَيُّوبَ}
أَي تَابع عبد الْوَهَّاب الْمَذْكُور عبد الْوَهَّاب الْمَذْكُور وهيب مصغر وهب ابْن خَالِد الْبَصْرِيّ فِي رِوَايَته عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن أبي قلَابَة عَن أنس وَأخرج الْإِسْمَاعِيلِيّ هَذِه الْمُتَابَعَة من طَريقَة كَذَلِك كَذَا وَقع مُتَابعَة وهيب مقدما على قَوْله.

     وَقَالَ  إِسْمَاعِيل إِلَى آخِره فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر بِالْعَكْسِ.

{ وَقَالَ إسماعِيلُ وحاتُم بنُ وَرْدان عنْ أَيُّوبَ عنِ ابنِ سِيرينَ عنْ أَنَسِ}
أَي قَالَ إِسْمَاعِيل بن علية إِلَى آخِره إِنَّمَا قَالَ هُنَا.

     وَقَالَ  إِسْمَاعِيل وَفِي رِوَايَة وهيب تَابعه لِأَن القَوْل إِنَّمَا يسْتَعْمل إِذا كَانَ على سَبِيل المذاكرة وَأما الْمُتَابَعَة فَهِيَ عِنْد النَّقْل والتحميل أما حَدِيث إِسْمَاعِيل فقد وَصله البُخَارِيّ بعد أَرْبَعَة أَبْوَاب فِي أثْنَاء حَدِيث وَأما حَدِيث حَاتِم بن وردان فوصله مُسلم كَذَا قَالَ بَعضهم وَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَن مُسلما مَا ذكر حَدِيث حَاتِم بن وردان إِلَّا فِي بابُُ من ذبح قبل الصَّلَاة نعم ذكر فِي بابُُ الضحية بكبشين أملحين أقرنين من طَرِيق شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ ضحى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بِيَدِهِ.





[ قــ :559 ... غــ :5555 ]
- حدَّثنا عَمْرو بنُ خالدِ حدَّثنا اللَّيثُ عنْ يَزِيدَ عَنْ أَبي الخَيْرِ عنْ عُقْبَةَ بنِ عامِر رَضِي الله عنهُ أَن النَّبيَّ أَعطاهُ غَنَماً يَقْسِمُها عَلى صَحابَتِه ضَحايا فبَقِيَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ للنبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ضحِّ أنتَ بهِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن عطاه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحاياه لأَصْحَابه كَأَنَّهُ ذبح عَنْهُم فيضاف نسبته إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَعَمْرو بن خَالِد الْجَزرِي الْحَرَّانِي سكن مصر وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي حبيب أَو رَجَاء الْمصْرِيّ وَأَبُو الْخَيْر مرْثَد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وبالدال الْمُهْملَة ابْن عبد الله الْيَزنِي بِالْيَاءِ أخر الْحُرُوف الْمصْرِيّ وَعقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ والْحَدِيث مر فِي أَو الْوكَالَة بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن وَفِي الشّركَة أَيْضا فِي بابُُ قسْمَة الْغنم وَالْبدل فِيهَا عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن اللَّيْث إِلَى آخِره نَحوه قَوْله ( غنما) يَشْمَل الضَّأْن والمعز قَوْله ( على صحابته) ويروى ( على أَصْحَابه) قيل الضَّمِير فِيهِ يحْتَمل أَن يكون عَائِدًا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيحْتَمل أَن يكون عَائِدًا إِلَى عقبَة قلت الظَّاهِر أَنه عَائِد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل يحْتَمل أَن يكون الْغنم ملكا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمر بقسمتها بَينهم شرعا وَيحْتَمل أَن يكون من الْفَيْء وَإِلَيْهِ مَال الْقُرْطُبِيّ حَيْثُ قَالَ فِي الحَدِيث أَن الإِمَام يَنْبَغِي لَهُ أَن يفرق الضَّحَايَا على من لَا يقدر عَلَيْهَا من بَيت مَال الْمُسلمين.

     وَقَالَ  ابْن بطال إِن كَانَ قسمتهَا بَين الْأَغْنِيَاء فَهِيَ من الْفَيْء وَإِن كَانَ خص بهَا الْفُقَرَاء فَهِيَ من الزَّكَاة قَوْله ( فبقى عتود) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَضم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَهُوَ من أَوْلَاد الْمعز خَاصَّة وَهُوَ مَا رعى وَلم يبلغ سنة وَقيل العتود الْجذع من الْمعز قَالَ ابْن بطال وَهُوَ ابْن خَمْسَة أشهر وَنقل ابْن التِّين عَن أهل اللُّغَة أَن الصَّغِير من أَوْلَاد الْمعز إِذا قوى ورعى وأتى عَلَيْهِ حول فَهُوَ عتود واعتدة وعتدان وعودان على الأَصْل وَعبارَة الداودى أَنه الْجذع وَلَا يجوز الْجذع من الْمعز فِي الضَّحَايَا وَإِنَّمَا يجوز مِنْهَا الثنى وَهُوَ بعد دُخُوله فِي السّنة الثَّانِيَة فَالْحَدِيث خَاص لعبة لَا يجوز لغيره إِلَّا أَبَا بردة بن نيار الَّذِي رخص لَهُ الشَّارِع مثله دون غَيرهمَا وَجزم ابْن التِّين بِأَنَّهُ مَنْسُوخ بِحَدِيث أبي بردة قَالَ أَو يكون سنّ العتود فَوق الْجذع وَالله أعلم.
قَوْله ضح بِهِ أَنْت ويروى ضح أَنْت بِهِ وَزَاد الْبَيْهَقِيّ فِي رِوَايَته من طَرِيق يحيى بن بكير عَن اللَّيْث وَلَا رخصَة لَا حِدة فِيهَا بعْدك.