فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من ذبح قبل الصلاة أعاد

( بابُُُ: { مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ أعادَ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَن من ذبح نُسكه قبل صَلَاة الْعِيد أَعَادَهُ.



[ قــ :5265 ... غــ :5561 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أنَسٍ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصلاةَ فَلْيُعِدْ.
فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ وَذَكَرَ هَنَةً مِنْ جِيرَانِهِ فَكأن النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَذَرَهُ، وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْنِ، فَرَخَّصَ لهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلا أدْرِي بَلَغَتِ الرُّخْصَةُ أمْ لَا، ثُمَّ انْكَفَأَ إلَى كَبْشَيْنِ، يَعْنِي: فَذَبَحَهُمَا ثُمَّ انْكَفَأَ النَّاسُ إلَى غُنَيْمَهِ فَذَبَحُوها.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَالْأسود بن قيس الْعَبْدي، وجندب بِضَم الْجِيم وَسُكُون النُّون وَفتح الدَّال وَضمّهَا ابْن عبد الله بن سُفْيَان البَجلِيّ بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالْجِيم.

والْحَدِيث مضى فِي الْعِيدَيْنِ فِي: بابُُ كَلَام الإِمَام وَالنَّاس فِي خطْبَة الْعِيد فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسلم عَن شُعْبَة عِنْد الْأسود عَن جُنْدُب إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَمضى عَن قريب أَيْضا فِي الذَّبَائِح فِي: بابُُ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( فليذبح على اسْم الله) فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن قُتَيْبَة عَن أبي عوَانَة عَن الْأسود عَن جُنْدُب إِلَى آخِره.

قَوْله: ( وَمن لم يذبح) ، أَي: قبل الصَّلَاة ( فليذبح) بعد الصَّلَاة وَاحْتج بِهِ من يرى وجوب الْأُضْحِية.





[ قــ :567 ... غــ :5563 ]
- حدَّثنا مُوسى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ البَرَاءِ قَالَ صَلَّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ذَاتَ يَوْمٍ.
فَقَالَ: مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَلا يَذْبَحْ حَتَّى نَنْصَرِفَ، فَقَامَ أبُو بُرْدَةَ بنُ نِيارٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! فَعَلْتُ.
فَقَالَ: هُوَ شَيْءٌ عَجَّلْتَهُ.
قَالَ: فَإنَّ عِنْدِي جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُها؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ لَا نَجْزِي عَنْ أحَدٍ بَعْدَكَ قَالَ عَامِرٌ: هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتِهِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( فَلَا يذبح حَتَّى ننصرف) وَمن قَوْله: ( هِيَ شَيْء عجلته) ، لِأَن مَعْنَاهُ: لَا يقوم ذَلِك عَن الْأُضْحِية فَلَا بُد من إِعَادَتهَا.

وَأَبُو عوَانَة الوضاح، وفراس بِكَسْر الْفَاء وَتَخْفِيف الرَّاء وبالسين الْمُهْملَة ابْن يحيى، وعامر هُوَ الشّعبِيّ ومباحث حَدِيث الْبَراء قد تقدّمت على تكراره.

قَوْله: ( من صلى صَلَاتنَا واستقبل قبلتنا) مَعْنَاهُ: من كَانَ على دين الْإِسْلَام.
قَوْله: ( حَتَّى ننصرف) أَي: نَحن أَو ينْصَرف، أَي: هُوَ وَالْمعْنَى إِذا انْصَرف من الصَّلَاة ذبح بعْدهَا.
قَوْله: ( فعلت) بِضَم التَّاء أَي: فعلت الذّبْح قبل الصَّلَاة.
قَوْله: ( عجلته) من التَّعْجِيل أَي: قَدمته لأهْلك.
قَوْله: ( مُسنَّتَيْنِ) تَثْنِيَة مُسِنَّة.
قَالَ الدَّاودِيّ: هِيَ الَّتِي أسقطت أسنانها للبدل، قَالَ الْجَوْهَرِي: يكون ذَاك فِي الظلْف والحافر فِي السّنة الثَّالِثَة وَفِي الْخُف فِي السَّادِسَة.
قَوْله: ( آذبحها) همزَة الِاسْتِفْهَام فِيهِ مقدرَة أَي: أأذبحها؟ قَالَ: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( نعم أذبحها) .
قَوْله: ( قَالَ عَامر) هُوَ الشّعبِيّ: ( هِيَ خير نسيكته) أَي: الْجَذعَة الموصوفة خير ذَبِيحَة.
قيل: اسْم التَّفْضِيل يَقْتَضِي الشّركَة والذبيحة الأولى لم تكن نسيكة.
( وَأجِيب) أَنه وَإِن وَقعت لحم شَاة لَهُ فِيهَا ثَوَاب لكَونه قَاصِدا جيران الْجِيرَان، وَهِي أَيْضا عبَادَة، أَو صورتهَا كَانَت صُورَة النسيكة.

وَفِي الحَدِيث إِن من ذبح قبل الصَّلَاة فَعَلَيهِ الْإِعَادَة بِالْإِجْمَاع لِأَنَّهُ ذبح قبل وقته، وَاخْتلفُوا فِيمَن ذبح بعد الصَّلَاة وَقبل ذبح الإِمَام فَذهب أَبُو حنيفَة الثَّوْريّ، وَاللَّيْث إِلَى أَنه يجوز.
.

     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ: لَا يجوز لأحد أَن يذبح قبل الإِمَام.
أَي: مِقْدَار الصَّلَاة وَالْخطْبَة وَاخْتلفُوا فِي ذبح أهل الْبَادِيَة، فَقَالَ عَطاء: يذبح أهل الْقرى بعد طُلُوع الشَّمْس،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: وَقتهَا كَمَا فِي الْحَاضِرَة مِقْدَار رَكْعَتَيْنِ وخطبتين، وَبِه قَالَ أَحْمد،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: من ذبح من أهل السوَاد بعد طُلُوع الْفجْر أَجزَأَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِم صَلَاة الْعِيد، وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَإِسْحَاق.





[ قــ :567 ... غــ :5563 ]
- حدَّثنا مُوسى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ البَرَاءِ قَالَ صَلَّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ذَاتَ يَوْمٍ.
فَقَالَ: مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَلا يَذْبَحْ حَتَّى نَنْصَرِفَ، فَقَامَ أبُو بُرْدَةَ بنُ نِيارٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! فَعَلْتُ.
فَقَالَ: هُوَ شَيْءٌ عَجَّلْتَهُ.
قَالَ: فَإنَّ عِنْدِي جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُها؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ لَا نَجْزِي عَنْ أحَدٍ بَعْدَكَ قَالَ عَامِرٌ: هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتِهِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَمَا يحرم عَلَيْهِ) ، إِلَى آخِره أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى.
يُقَال لَهُ: مرْدَوَيْه السمسار الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد.

والْحَدِيث مضى فِي الْحَج فِي: بابُُ تَقْلِيد الْغنم فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بأخصر مِنْهُ عَن أبي نعيم عَن زَكَرِيَّا عَن عَامر عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة وَقد مضى أَيْضا عَن عمْرَة عَن عَائِشَة، وَعَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة وَعَن الْأسود عَن عَائِشَة الْكل فِي الْحَج، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا.
قو لَهُ: ( أَن تقلد) على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّقْلِيد وَهُوَ أَن يعلق فِي عُنُقهَا شَيْء ليعلم أَنَّهَا هدي قَوْله: ( بدنته) هِيَ نَاقَة تنحر بِمَكَّة.
قَوْله: ( قَالَ: فَسمِعت) أَي: قَالَ مَسْرُوق: فَسمِعت ( تصفيقها) أى: تصفيق عَائِشَة وَهُوَ ضرب إِحْدَى الْيَدَيْنِ على الْأُخْرَى ليسمع لَهَا صَوت، وَإِنَّمَا صفقت عَائِشَة إِمَّا تَعَجبا من ذَلِك، وَأما تأسفا على وُقُوع ذَلِك.

وَفِي هَذَا الحَدِيث رد على من قَالَ: إِن من بعث بهدية إِلَى الْحرم لزمَه الْإِحْرَام إِذا قَلّدهُ ويجتنب مَا يجتنبه الْحَاج حَتَّى ينْحَر هَدْيه، وَرُوِيَ هَذَا عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عَمْرو بِهِ قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح وأئمة الْفَتْوَى على خِلَافه.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: هَذَا الحَدِيث يرد مَا رُوِيَ عَن أم سَلمَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قَالَ: من رأى مِنْكُم هِلَال ذِي الْحجَّة وَأَرَادَ أَن يُضحي فَلَا يَأْخُذ من شعره وأظفاره حَتَّى يُضحي رَوَاهُ مُسلم فِي ( صَحِيحه) مَرْفُوعا، وَبِه قَالَ سعيد بن الْمسيب وَأحمد وَإِسْحَاق،.

     وَقَالَ  اللَّيْث: قد جَاءَ هَذَا الحَدِيث وَأكْثر النَّاس على خِلَافه،.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: حَدِيث عَائِشَة أحسن مجيئا من حَدِيث أم سَلمَة لِأَنَّهُ قد جَاءَ مجيئا متواترا وَحَدِيث أم سَلمَة قد طعن فِي إِسْنَاده، فَقيل: إِنَّه مَوْقُوف على أم سَلمَة وَلم يرفعهُ وَفِي ( التَّوْضِيح) ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي وَأَبُو ثَوْر وَأهل الظَّاهِر، فَمن دخل عَلَيْهِ عشر ذِي الْحجَّة وَأَرَادَ أَن يُضحي فَلَا يمس من شعره وَلَا من أَظْفَاره شَيْئا.
وَنقل ابْن الْمُنْذر عَن مَالك وَالشَّافِعِيّ أَنَّهُمَا كَانَا يرخصان فِي أَخذ الشّعْر والأظفار لمن أَرَادَ أَن يُضحي مَا لم يحرم غير أَنَّهُمَا يستحبان الْوُقُوف عَن ذَلِك عِنْد دُخُول الْعشْر إِذا أَرَادَ أَن يُضحي، وَرَأى الشَّافِعِي أَن أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَمر اخْتِيَار.