فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الأيمن فالأيمن في الشرب

( بابٌُ الأيْمَنُ فالأيْمَنُ فِي الشُّرْبِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ يقدم الَّذِي على يَمِين الشَّارِب، فارتفاع الْأَيْمن بِالْفِعْلِ الْمُقدر الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَيجوز أَن يكون مَرْفُوعا على أَنه مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر، وَالتَّقْدِير: الْأَيْمن أَحَق لفضيلة الْيَمين على الشمَال.
قَوْله: ( فالأيمن) عطف عَلَيْهِ، وَيجوز فيهمَا النصب أَيْضا أَي: أعْط الْأَيْمن.
فالأيمن.
قَوْله: ( فِي الشّرْب) أَعم من شرب المَاء وَغَيره من المشروبات، وَنقل عَن مَالك وَحده أَنه خصّه بِالْمَاءِ قَالَ ابْن عبد الْبر: لَا يَصح هَذَا عَن مَالك.



[ قــ :5320 ... غــ :5619 ]
- حدّثنا إسْماعيلُ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنِ ابنِ شِهاب عنْ أنَسِ ابْن مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِماءٍ وعَنْ يَمينِه أعْرَابِيُّ وعَنْ شِمالهِ أبُو بَكرٍ، فَشَرِبَ ثمَّ أعْطَى الأعْرَابِيَّ،.

     وَقَالَ : الأيْمَنَ فالأيْمَنَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس.
والْحَدِيث مر عَن قريب فِي أول شرب اللَّبن بِالْمَاءِ.

قَوْله: ( قد شيب) على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمَاضِي من الشوب وَهُوَ الْخَلْط، وأصل شيب شوب قلبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا.
قَوْله: ( وَعَن يَمِينه أَعْرَابِي) الْوَاو فِيهِ للْحَال أَي: وَالْحَال أَن الَّذِي عَن يَمِينه أَعْرَابِي، وَالَّذِي عَن شِمَاله أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَإِن قلت: يُقَال: عَن يَمِينه وعَلى يَمِينه، وَعَن شِمَاله وعَلى شِمَاله، فَمَا الْفرق بَينهمَا؟ قلت: معنى: على يَمِينه، أَنه تمكن من جِهَة الْيَمين تمكن المستعلي من المستعلى عَلَيْهِ، وَمعنى: عَن يَمِينه، أَنه جلس متجافياً عَن صَاحب الْيَمين، ثمَّ كثر اسْتِعْمَاله فِي المتجافي وَغَيره،.

     وَقَالَ  الملهب: التَّيَامُن فِي الْأكل وَالشرب وَجَمِيع الْأَشْيَاء من السّنَن، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يحب التَّيَامُن استشعاراً مِنْهُ بِمَا شرف الله عز وَجل بِهِ أهل الْيَمين.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: إِنَّمَا أعْطى الْأَعرَابِي لِأَنَّهُ كَانَ من كبار قومه، وَلذَلِك جلس عَن يَمِينه.
قلت: الْأَظْهر أَنه سنة، أَو لَعَلَّه سبق إِلَى الْيَمين، فَلذَلِك لم يقمه لأجل الصدِّيق، فَإِنَّهُ سبقه بِهِ بِخِلَاف الصَّلَاة، لقَوْله: ليلني مِنْكُم أولو الأحلام والنهى، وَإِن لم يكن فِي الْيَمين أحد فالأكبر الْأَكْبَر، كَمَا مضى فِي مَوْضِعه.