فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وسلم وآنيته

( بابُُ الشُّرْبِ منْ قَدَحِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآنِيَتِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان شرب جمَاعَة من قدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( وآنيته) أَي: وَالشرب من آنِية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ من عطف الْعَام على الْخَاص لِأَن الْآنِية أَعم من أَن تكون قدحاً أَو قَصْعَة أَو مخضباً أَو طشتاً أَو نَحْو ذَلِك، وَقيل: أَرَادَ البُخَارِيّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة دفع توهم من يَقع فِي خياله أَن الشّرْب فِي قدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد وَفَاته تصرف فِي ملك الْغَيْر بِغَيْر إِذن، فَبين أَن السّلف كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُورث وَمَا تَركه فَهُوَ صَدَقَة، وَلَا يُقَال: إِن الْأَغْنِيَاء كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك، وَالصَّدَََقَة لَا تحل للغني لِأَن الْجَواب: أَن الْمُمْتَنع على الْأَغْنِيَاء من الصَّدَقَة هُوَ الْمَفْرُوض مِنْهَا، وَهَذَا لَيْسَ من الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة.
قلت: الْأَحْسَن أَن يُقَال: إِنَّمَا كَانُوا يشربون من قدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لأجل التَّبَرُّك بِهِ، أما فِي حَيَاته فَلَا نزاع فِيهِ، وَأما بعد مَوته فَكَذَلِك للتبرك بِهِ، وَلَا يُقَال: إِن من كَانَ عِنْده شَيْء من ذَلِك أَنه استولى عَلَيْهِ بِغَيْر وَجه شَرْعِي، أَلا ترى أَنه كَانَ عِنْد أنس قدح، وَعند سهل قدح، وَعند عبد الله بن سَلام آخر؟ وَكَانَت جبته عِنْد أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَلَا يُقَال: إِنَّهُم حازوا هَذِه الْأَشْيَاء بِغَيْر وَجه شَرْعِي.

{ وَقَالَ أبُو بُرْدَةَ: قَالَ لِي عَبْدُ الله بنُ سَلامٍ: أَلا أسْقِيكَ فِي قَدَحٍ شَرِبَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهِ؟} .
أَبُو بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء هُوَ ابْن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، واسْمه عَامر، وَعبد الله بن سَلام بتَخْفِيف اللاّم صَحَابِيّ مَشْهُور، وَهُوَ طَرِيق من حَدِيث سَيَأْتِي مَوْصُولا فِي كتاب الِاعْتِصَام.
قَوْله: ( أَلا) بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف اللَّام للعرض والحث، وَهَذَا يدل على أَن هَذَا الْقدح كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن التَّرْجَمَة تدل عَلَيْهِ، ثمَّ حازه عبد الله بن سَلام بِوَجْه شَرْعِي، وَلَا يظنّ فِيهِ أَنه استولى عَلَيْهِ بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي.



[ قــ :5338 ... غــ :5637 ]
- حدّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ حدَّثنا أبُو غَسَّانَ قَالَ حدّثني أبُو حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، رضيَ الله عَنهُ قَالَ: ذُكِرَ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرأةٌ منَ العَرَب، فأمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أنْ يُرْسِلَ إلَيْها، فأرْسلَ إلَيْها فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حتَّى جاءَها، فَدَخَلَ عَلَيْها فإذَا امْرَأةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَها، فَلمَّا كلَّمَها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ: أعوذُ بِاللَّه مِنْكَ.
فَقَالَ: قَدْ أعَذْتُكِ مِنِّي.
فقالُوا لَها: أتَدْرِينَ مَنْ هاذا؟ قالَتْ: لَا.
قالُوا: هاذا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاءَ لِيخْطُبَكِ.
قالَتْ: كنْتُ أَنا أشْقَى مِنْ ذالِكَ.
فأقْبَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَئِذٍ حتَّى جلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي ساعِدَةَ هُوَ وأصْحابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اسْقِنا يَا سَهْلُ.
فَخَرجْتُ لَهُمْ بِهاذا القَدَحِ فأسْقَيْتُهُمْ فِيهِ، فأخْرَجَ لَنا سَهْلٌ ذالكَ القَدَحَ فَشَربْنا مِنْهُ قَالَ: ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بنُ عبْدِ العَزِيزِ بعْدَ ذالكَ فَوَهَبَهُ لهُ.
( انْظُر الحَدِيث 5256) .


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( فَخرجت لَهُم بِهَذَا الْقدح فأسقيتهم فِيهِ) وَوجه الْمُطَابقَة أَن التَّرْجَمَة فِي شربهم من قدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَو لم يكن الْقدح فِي الأَصْل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم تُوجد الْمُطَابقَة، وَمِمَّا يدل عَلَيْهِ استيهاب عمر بن عبد الْعَزِيز هَذَا الْقدح من سهل لِأَنَّهُ إِنَّمَا استوهبه مِنْهُ لكَونه فِي الأَصْل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لأجل التَّبَرُّك بِهِ، وَهَذَا شَيْء ظَاهر لَا يخفى، وَلم أر أحدا من الشُّرَّاح وَلَا مِمَّن يعتني بِبَيَان التراجم ومطابقة الْأَحَادِيث لَهَا ذكر شَيْئا هُنَا.

بَيَان رِجَاله: سعيد بن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم أَو الحكم بن مُحَمَّد بن أبي مَرْيَم، وَاسم أبي مَرْيَم سَالم الجُمَحِي مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ، مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَأَبُو غَسَّان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة وبالنون اسْمه مُحَمَّد بن مطرف على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من التطريف وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار، وَسَهل بن سعد بن مَالك السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو أسيد مصغر أَسد مَالك بن ربيعَة السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة عَن مُحَمَّد بن سهل وَأبي بكر بن إِسْحَاق، كِلَاهُمَا عَن ابْن أبي مَرْيَم بِهِ.

قَوْله: ( ذكر امْرَأَة) وَهِي الْجَوْنِية بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وبالنون، قيل: اسْمهَا أُمَيْمَة، بِضَم الْهمزَة وَقد تقدّمت قصَّة خطبتها فِي أول كتاب الطَّلَاق.
قَوْله: ( فِي أجم) بِضَم الْهمزَة وَالْجِيم، هُوَ بِنَاء يشبه الْقصر وَهُوَ من حصون الْمَدِينَة، وَالْجمع آجام مثل أَطَم وآطام.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الأجم والأطم بِمَعْنى، وَأغْرب الدَّاودِيّ فَقَالَ: الآجام الْأَشْجَار والحوائط،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الأجم جمع أجمة وَهِي الغيضة.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: هُوَ حصن بناهُ أهل الْمَدِينَة من الْحِجَارَة وَهُوَ الصَّوَاب.
قَوْله: ( فَإِذا امْرَأَة) كَلمه: إِذا، للمفاجأة.
قَوْله: ( منكسة) قَالَ الْكرْمَانِي: على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من الإنكاس والتنكيس.
قَوْله: ( كنت أَشْقَى من ذَلِك) لَيْسَ أفعل التَّفْضِيل هُنَا على بابُُه، وَإِنَّمَا مرادها إِثْبَات الشَّقَاء لَهَا لما فاتها من التَّزَوُّج برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة) وَهِي ساباط كَانَت لبني سَاعِدَة الأنصاريين، وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي وَقعت فِيهِ الْبيعَة لأبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( فَخرجت لَهُم بِهَذَا الْقدح) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة المستملى، وَفِي رِوَايَة غَيره: فأخرجت لَهُم هَذَا الْقدح.
قَوْله: ( فَأخْرج لنا سهل) قَائِل هَذَا أَبُو حَازِم الرَّاوِي، وَصرح بذلك مُسلم.
قَوْله: ( ثمَّ استوهبه عمر بن عبد الْعَزِيز) ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ( كَانَ استيهابه لما كَانَ هُوَ مُتَوَلِّي إمرة الْمَدِينَة) .

وَفِيه: أَن الشّرْب من قدحه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآنيته من بابُُ التَّبَرُّك بآثاره.

( لعَلي أَرَاهُم أَو أرى من يراهُمُ)

وَمن بابُُ الْإِمْسَاك بفضله، كَمَا كَانَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا، يُصَلِّي فِي الْمَوَاضِع الَّتِي كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِيهَا، ويدور نَاقَته حَيْثُ أدارها تبركاً بالاقتداء بِهِ وحرصاً على اقتفاء آثاره.
وَفِيه: التبسط على الصاحب واستدعاء مَا كَانَ عِنْده من مَأْكُول ومشروب، وتعظيمه بدعائه بكنيته.





[ قــ :5339 ... غــ :5638 ]
- حدّثنا الحَسَنُ بنُ مُدْرِكٍ قَالَ: حدّثني يَحيى بنُ حَمَّادٍ أخبرنَا أبُو عَوَانَةَ عنْ عاصِمٍ الأحْوَلِ، قَالَ: رَأيْتُ قَدَحَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
عِنْدَ أنَسِ بنِ مالِكٍ، وكانَ قَدِ انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ.
قَالَ: وهْوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ منْ نُضار، قَالَ: قَالَ أنَسٌ: لَقَدْ سَقَيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي هاذا القَدَحِ أكْثَرَ مِنْ كَذَا وكَذا.

قَالَ:.

     وَقَالَ  ابنُ سِيرينَ: إنَّهُ كانَ فيهِ حَلْقَة مِنْ حَدِيدٍ فأرَادَ أنَسٌ أنْ يَجْعَلَ مَكَانَها حلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أوْ فِضَّةٍ، فَقَالَ لَهُ أبُو طَلْحَةَ: لَا تُغَيِّرَنَّ شَيْئاً صَنَعَهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَتَرَكَهُ.
( انْظُر الحَدِيث 3109) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو عوَانَة الوضاح الْيَشْكُرِي.

والْحَدِيث قد مرت مِنْهُ قِطْعَة فِي أَوَاخِر كتاب الْجِهَاد فِي: بابُُ مَا جَاءَ من درع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَصَاهُ وسيفه وقدحه وخاتمه، أخرجهَا عَن عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَن عَاصِم عَن ابْن سِيرِين عَن أنس ابْن مَالك: أَن قدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْكَسَرَ فَاتخذ مَكَان الشّعب سلسلة من فضَّة، قَالَ عَاصِم: رَأَيْت الْقدح وشربت مِنْهُ.

قَوْله: ( قد انصدع) أَي: انْشَقَّ.
قَوْله: ( فسلسله بِفِضَّة) ، أَي: وصل بعضه بِبَعْض، وَظَاهره أَن الَّذِي وَصله هُوَ أنس، وَيحْتَمل أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ ظَاهر رِوَايَة أبي حَمْزَة الْمَذْكُورَة الْآن.
قَوْله: ( قَالَ: وَهُوَ قدح) الْقَائِل هُوَ عَاصِم الْأَحول.
قَوْله: ( عريض) يَعْنِي: لَيْسَ بمتطاول، بل طوله أقصر من عمقه.
قَوْله: ( من نضار) بِضَم النُّون وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة وبالراء.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة بِضَم النُّون وَكسرهَا وَهُوَ أَجود الْخشب للآنية وَيعْمل مِنْهُ مَا رقّ من الأقداح واتسع وَمَا غلظ،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: النضار النبع،.

     وَقَالَ  أَيْضا: هُوَ شجر الأثل، والنضار الْخَالِص من كل شَيْء،.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: من التبر والخشب.
.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: النضار أثل يكون بالغور، وَقيل: إِنَّه من الأثل الطَّوِيل الْمُسْتَقيم الغصون،.

     وَقَالَ  الْقَزاز: الْعَرَب تَقول: قدح نضار، مُضَاف إِلَى هَذَا الْخشب، وَإِنَّمَا سمى الأثل نضاراً لِأَنَّهُ ينْبت فِي الْجَبَل، وَذكر شمر أَن النضار هَذِه الأقداح الْحمر الحبشانية.
قَوْله: ( قَالَ: قَالَ أنس) أَي: قَالَ عَاصِم الْأَحول: قَالَ أنس بن مَالك: ( لقد سقيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وروى مُسلم من حَدِيث ثَابت عَن أنس قَالَ: لقد سقيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقدحي هَذَا الشَّرَاب كُله: الْعَسَل والنبيذ وَالْمَاء وَاللَّبن.

قَوْله: ( قَالَ:.

     وَقَالَ  ابْن سِيرِين)
أَي: قَالَ عَاصِم:.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن سِيرِين، مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدّم.
قَوْله: ( أَو فضَّة) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( قَالَ أَبُو طَلْحَة) هُوَ زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ زوج أم سليم وَالِدَة أنس.
قَوْله: ( لَا تغيرن) كَذَا بنُون التَّأْكِيد فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لَا تغير، بِدُونِ نون التَّأْكِيد.
وَكَلَام أبي طَلْحَة هَذَا إِن كَانَ سَمعه ابْن سِيرِين من أنس وإلاَّ فَيكون أرْسلهُ عَن أبي طَلْحَة لِأَنَّهُ لم يلقه.

وَفِي الحَدِيث: جَوَاز اتِّخَاذ ضبة الْفضة، وَكَذَلِكَ السلسلة وَالْحَلقَة، وَلَكِن فِيهِ اخْتِلَاف.
فَقَالَ الْخطابِيّ: مَنعه مُطلقًا جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث، وَعَن مَالك: يجوز من الْفضة إِذا كَانَ يَسِيرا، وَكَرِهَهُ الشَّافِعِي،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: فَلَا بَأْس إِذا اتَّقى وَقت الشّرْب مَوضِع الْفضة، وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر، وَتحرم ضبة الذَّهَب مُطلقًا وَمِنْهُم من سوّى بَين ضبتي الْفضة وَالذَّهَب.
فَإِن قلت: روى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق زَكَرِيَّاء ابْن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُطِيع عَن أَبِيه عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من شرب فِي إِنَاء من ذهب أَو فضَّة، أَو فِي إِنَاء فِيهِ شَيْء من ذَلِك، فَإِنَّمَا يجر جر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم.
قلت: قَالَ أَبُو الْحسن بن الْقطَّان: زَكَرِيَّاء وَأَبوهُ لَا يعرف لَهما حَال، وَقيل: الحَدِيث مَعْلُول بإبراهيم، فَإِنَّهُ مَجْهُول وَكَذَا وَلَده وروى الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) من حَدِيث أم عَطِيَّة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى عَن لبس الذَّهَب وتفضيض الأقداح، ثمَّ رخص فِي تفضيض الأقداح، وَهُوَ حجَّة على الشَّافِعِي.