فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الرقى بفاتحة الكتاب

( بابُُ الرُّقَى بِفاتِحَةِ الكِتابِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الرّقية بِقِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب، أَرَادَ بِهِ جَوَاز ذَلِك.
فَإِن قلت: روى شُعْبَة عَن الركين قَالَ: سَمِعت الْقَاسِم بن حسان يحدث عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره الرقي إلاَّ بالمعوذات.
قلت: قَالَ الطَّبَرِيّ: هَذَا حَدِيث لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِمثلِهِ إِذْ فِيهِ من لَا يعرف، ثمَّ إِنَّه لَو صَحَّ لَكَانَ إِمَّا غَلطا أَو مَنْسُوخا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رقية.

ويُذْكَرُ عنِ ابنِ عَبَّاس عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

يذكر على صِيغَة الْمَجْهُول وَهُوَ صِيغَة التمريض، وَلَا يذكر صِيغَة التمريض إلاَّ إِذا كَانَ الحَدِيث على غير شَرطه مَعَ أَنه ذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب وَهُوَ الَّذِي أخرجه فِي الْبابُُ الَّذِي يَأْتِي عقيب هَذَا الْبابُُ، وَهُوَ: بابُُ الشَّرْط فِي الرّقية أخرجه عَن سيدان بن مضَارب، على مَا يَأْتِي عَن قريب، وَهَذَا يُعَكر عَلَيْهِ.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : هَذَا يرد قَول ابْن الصّلاح وَغَيره: إِن البُخَارِيّ إِذا علق بِصِيغَة التمريض يكون غير صَحِيح عِنْده.
قلت: ابْن الصّلاح وَغَيره من أهل الحَدِيث على أَن الَّذِي يُورِدهُ البُخَارِيّ بِصِيغَة التمريض لَا يكون على شَرطه، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس على شَرطه كَمَا ذكرنَا، وَإِلَّا يُرَاد عَلَيْهِ بَاقٍ غير أَن أحد مَشَايِخنَا ساعد البُخَارِيّ، وَذكر أَنه قد يصنع ذَلِك إِذا ذكر الْخَبَر بِالْمَعْنَى، وَلَا شكّ أَن الَّذِي ذكره عَن ابْن عَبَّاس لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالرقية بِفَاتِحَة الْكتاب، وَفِيه نظر لَا يخفى.



[ قــ :5428 ... غــ :5736 ]
- حدّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ أبي بُشْرٍ عنْ أبي المُتَوَكِّلِ عنْ أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله عَنهُ أنَّ نَاسا مِنْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أتَوْا عَلى حيٍّ مِنْ أحْياءٍ العَرَب فلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَما هُم كَذالِكَ إذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولائِكَ، فَقَالُوا: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَواءٍ أوْراقٍ؟ فَقَالُوا: إنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونا وَلَا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنا جُعْلاً، فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعاً مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ ويجْمَعُ بُزاقَهُ ويَتفِل، فَبَرَأ، فأتَوْا بالشَّاءِ فَقَالُوا: لَا نَأْخُذَهُ حتَّى نَسْألَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَألوهُ فَضَحِكَ،.

     وَقَالَ : وَمَا أدْراكَ أنَّها رُقْيَةٌ؟ خُذُوها واضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ.
( انْظُر الحَدِيث: 2276) .


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( فَجعل يقْرَأ بِأم الْكتاب) وَهِي الْفَاتِحَة، وغندر هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَفِي بعض النّسخ صرح باسمه، وَأَبُو بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة جَعْفَر بن أبي وحشية واسْمه إِيَاس الْيَشْكُرِي الْبَصْرِيّ، وَيُقَال: الوَاسِطِيّ، وَأَبُو المتَوَكل عَليّ بن دَاوُد النَّاجِي بالنُّون وَالْجِيم السَّامِي بِالسِّين الْمُهْملَة من سامة بن لؤَي، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ سعد بن مَالك والْحَدِيث مضى فِي الْإِجَارَة فِي: بابُُ مَا يعْطى فِي الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب، وَمر الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( فَلم يقروهم) أَي: فَلم يضيفوهم.
قَوْله: ( فبيناهم) ويروى: فبينماهم، بِزِيَادَة الْمِيم.
قَوْله: ( أَو راقٍ) أَصله: راقي، فَاعل إعلال قاضٍ قَوْله: ( جعلا) بِضَم الْجِيم مَا جعل للْإنْسَان الْغَيْر الْمعِين من الشَّيْء على عمل يعمله ( والقطيع) بِفَتْح الْقَاف: الطَّائِفَة من الْغنم، وَقيل: كَانَ ثَلَاثِينَ.
قَوْله: ( بالشاء) جمع شَاة.
قَوْله: ( فَجعل يقْرَأ) أَي: طفق يقْرَأ أَبُو سعيد لما ثَبت أَنه كَانَ الراقي.
قَوْله: ( ويتفل) بِالْيَاءِ وَضم الْفَاء وَكسرهَا.
قَوْله: ( بِسَهْم) أَي: نصيب.