فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: الشرك والسحر من الموبقات

( بابٌُ الشِّرْكُ والسِّحْرُ مِنَ المُوبقاتِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَن الشّرك بِاللَّه وَالسحر من الموبقات أَي: المهلكات، وَهُوَ جمع موبقة، من أوبق يُقَال: وبق يبْق من بابُُ ضرب يضْرب، ووبق يوبق من بابُُ علم إِذا هلك، وأوبقه غَيره فَهُوَ موبق بِفَتْح الْبَاء، وَالْفَاعِل موبق بِكَسْرِهَا، وَهَذَا الْبابُُ لم يذكرهُ ابْن بطال وَغَيره، وَحذف الحَدِيث أَيْضا لكَونه سلف فِي الْوَصَايَا.



[ قــ :5455 ... غــ :5764 ]
- حدّثني عبْدُ العَزِيزِ بنُ عبْدِ الله قَالَ: حدّثني سُلَيْمانُ عنْ ثَوْرِ بنِ زَيْدٍ عنْ أبي الغيْثِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ أَن رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اجْتَنِبُوا الْمُوبِقاتِ الشِّرْكُ بِاللَّه والسِّحْرُ.
( انْظُر الحَدِيث: 2766 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي الْمدنِي، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وثور بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور ابْن زيد الدئلي الْمدنِي، وَأَبُو الْغَيْث بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالثاء الْمُثَلَّثَة سَالم مولى عبد الله بن مُطِيع، وَهَكَذَا أورد الحَدِيث مُخْتَصرا، وَقد تقدم فِي كتاب الْوَصَايَا فِي: بابُُ قَول الله تَعَالَى: إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما} ( النِّسَاء: 10) الْآيَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بِكَمَالِهِ بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله عَن سُلَيْمَان الخ ... قَالَ بَعضهم: النُّكْتَة فِي اقْتِصَاره على اثْنَتَيْنِ من السَّبع هُنَا الرَّمْز إِلَى تَأْكِيد أَمر السحر، وَظن بعض النَّاس أَن هَذَا الْقدر جملَة الحَدِيث، فَقَالَ: ذكر الموبقات وَهُوَ صِيغَة جمع وفسرها بِاثْنَتَيْنِ فَقَط، وَهُوَ من قبيل قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام ابراهيم وَمن دخله كَانَ آمنا} ( آل عمرَان: 97) فاقتصر على اثْنَتَيْنِ فَقَط، فَهَذَا على أحد الْأَقْوَال فِي الْآيَة وَلَكِن لَيْسَ الحَدِيث كَذَلِك فَإِنَّهُ فِي الأَصْل: سَبْعَة، حذف مِنْهَا البُخَارِيّ خَمْسَة، وَلَيْسَ شَأْن الْآيَة كَذَلِك انْتهى.
قلت: النُّكْتَة فِي اقْتِصَاره على اثْنَتَيْنِ من السَّبع هُنَا الرَّمْز إِلَى تَأْكِيد أَمر السحر كَلَام واهٍ جدا، لِأَنَّهُ لَو ذكر الحَدِيث كُله مَعَ وضع التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة لَهُ لما كَانَ فِيهِ رمز إِلَى تَأْكِيد أَمر السحر.
قَوْله: ( وَظن بعض النَّاس) الخ ... أَرَادَ بِهِ الْكرْمَانِي، وَلَكِن الَّذِي ذكره تَقول على الْكرْمَانِي فَإِنَّهُ لم يقل أَن هَذَا الْقدر جملَة الحَدِيث بل صرح بقوله: هَذَا الَّذِي فِي الْكتاب مُخْتَصر من مطول، وَلِهَذَا ذكر الاثنتين فَقَط.
وَقَوله: وَلَيْسَ شَأْن الْآيَة كَذَلِك، كَلَام مَرْدُود، وَكَيف لَا يكون كَذَلِك فَإِنَّهُ ذكر فِيهِ أَولا.
{فِيهِ آيَات بَيِّنَات} فَهَذَا يتَنَاوَل الْعدَد الْكثير ثمَّ ذكر مِنْهُ اثْنَيْنِ فَقَط، وهما: مقَام ابراهيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَقَوله: {وَمن دخله كَانَ آمنا} وَقد ذكر الزَّمَخْشَرِيّ فِيهِ وُجُوهًا كَثِيرَة، فَمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ فَليرْجع إِلَيْهِ.
قَوْله: ( الشّرك بِاللَّه وَالسحر) قَالَ ابْن مَالك: يجوز الرّفْع فيهمَا على تَقْدِير: مِنْهُنَّ.
قلت: الْأَحْسَن أَن يُقَال: إِن التَّقْدِير الأول: الشّرك بِاللَّه وَالثَّانِي السحر، وَكَذَلِكَ يقدر فِي الْبَوَاقِي هَكَذَا فَيكون وَجه الرّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف.