فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب القباء وفروج حرير

( بابُُ القَباءِ وفَرُّوجٍ حَرِير وهْوَ القَباءُ.
ويُقالُ: هُوَ الَّذِي لهُ شَقٌّ مِنْ خَلْفِهِ)


أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ ذكر القباء، بِفَتْح الْقَاف وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وبالمد، فَارسي مُعرب،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: هُوَ مَأْخُوذ من قبوت الشَّيْء إِذا جمعته.
.
قَوْله: ( وفروج) بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الرَّاء المضمومة وبالجيم.
قَوْله: ( حَرِير) ، بِالْجَرِّ صفته.
قَوْله: ( وَهُوَ القباء) أَي: الْفروج هُوَ القباء.
قَوْله: ( وَيُقَال: هُوَ الَّذِي) أَي: الْفروج هُوَ الَّذِي لَهُ شقّ بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة من خَلفه،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: القباء والفروج كِلَاهُمَا ثوب ضيق الكمين وَالْوسط مشقوق من خَلفه يلبس فِي السّفر وَالْحَرب لِأَنَّهُ أعون على الْحَرَكَة،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: القباء من لبس الْأَعَاجِم.



[ قــ :5487 ... غــ :5800 ]
- حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعيدٍ حَدثنَا اللَّيْثُ عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ عنِ المِسْوَر بنِ مخْرمَةَ أنَّهُ قَالَ: قَسَمَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقْبِيَةً ولَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةً شيْئاً، فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنا إِلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَالَ: ادْخُلْ فادْعُهُ لي، قَالَ: فَدَعَوْتُهُ لهُ فَخَرَجَ إلَيْهِ وعَليْهِ قَباءٌ مِنْها، فَقَالَ: خَبأْتُ هاذَا لَكَ؟ قَالَ: فَنظَرَ إلَيْهِ فَقَالَ: رضيَ مَخْرَمَةُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَابْن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، والمسور بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو وبالراء ابْن مخرمَة بِفَتْح الميمين وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء كِلَاهُمَا صحابيان، ومخرمة بن نَوْفَل الزُّهْرِيّ كَانَ من رُؤَسَاء قُرَيْش وَمن العارفين بِالنّسَبِ وأنصاب الْحرم، وَتَأَخر إِسْلَامه إِلَى الْفَتْح وَشهد حنيناً وَأعْطى من تِلْكَ الْغَنِيمَة مَعَ الْمُؤَلّفَة، وَمَات مخرمَة سنة أَربع وَخمسين وَهُوَ ابْن مائَة وَخمْس عشرَة سنة، ذكره ابْن سعد.

والْحَدِيث قد مضى فِي الْهِبَة فِي: بابُُ كَيفَ يقبض العَبْد وَالْمَتَاع بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن، وَمضى فِي الشَّهَادَات أَيْضا وَالْخمس.

قَوْله: ( ادخل فَادعه لي) وَفِي رِوَايَة حَاتِم بن وردان: فَقَامَ أبي على الْبابُُ فَتكلم، فَعرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَوته.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: لَعَلَّ خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد سَماع صَوت مخرمَة صَادف دُخُول الْمسور إِلَيْهِ.
قَوْله: ( فَخرج) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( وَعَلِيهِ قبَاء مِنْهَا) أَي من تِلْكَ الأقبية، ظَاهره اسْتِعْمَال الْحَرِير، قيل: وَيجوز أَن يكون قبل النَّهْي، وَيجوز أَن يكون خرج، وَقد نشرها على يَدَيْهِ فَيكون قَوْله: ( وَعَلِيهِ) من إِطْلَاق الْكل على الْجُزْء، وَقد وَقع فِي رِوَايَة حَاتِم: فَخرج وَمَعَهُ قبَاء وَهُوَ يرِيه محاسنه.
قَوْله: ( قَالَ: رَضِي مخرمَة) قَالَ الدَّاودِيّ: هَذَا من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقيل: من كَلَام مخرمَة، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ بأبسط من هَذَا.





[ قــ :5488 ... غــ :5801 ]
- حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعيدٍ حَدثنَا اللَّيْثُ عنْ يَزِيدَ بنِ أبي حَبِيبٍ عنْ أبي الخَيْرِ عنْ عُقْبَةَ ابنِ عامِرٍ رَضِي الله عَنهُ أنَّهُ، قَالَ: أُُهْدِيَ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلبِسَهُ ثُمَّ صَلى فيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَنَزَعَهُ نَزْعاً شَدِيداً كالْكارِهِ لهُ، ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي هاذَا لِلْمُتقِينَ.
( انْظُر الحَدِيث: 375) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فروج حَرِير) وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي حبيب واسْمه سُوَيْد الْمصْرِيّ، وَأَبُو الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي.

والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بابُُ من صلى فِي فروج حَرِير ثمَّ نَزعه، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن اللَّيْث إِلَى آخِره.

قَوْله: ( فروج حَرِير) بِالْإِضَافَة، وَفِي رِوَايَة أَحْمد: فروج من حَرِير، وَفِي ( التَّوْضِيح) : الْفروج بِفَتْح الْفَاء وَضمّهَا.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: هُوَ قَمِيص صَغِير، قَالَ: وَيُقَال: هُوَ القباء، وَفِي بعض الرِّوَايَات مخفف الرَّاء وَفِي بَعْضهَا بِالتَّشْدِيدِ، وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِأَن أَحدهمَا غير مُضَاف وَالْآخر مُضَاف كَثوب حَرِير وَبابُُ حَدِيد، وَفِي بعض الْكتب ضبط أَحدهمَا بِفَتْح الْفَاء وَالْآخر بضَمهَا وَالْفَتْح أوجه فَافْهَم قَوْله: ( نزعاً شَدِيدا) وَزَاد فِي رِوَايَة أَحْمد: عنيفاً، أَي: بِقُوَّة ومبادرة لذَلِك على خلاف عَادَته فِي الرِّفْق، وَيجوز أَن يكون ذَلِك لأجل وُقُوع التَّحْرِيم حينئذٍ.
قَوْله: ( هَذَا) يجوز أَن يكون إِشَارَة إِلَى اللّبْس وَأَن يكون إِشَارَة للحرير لكَونه حرم حينئذٍ،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: يُمكن أَن يكون نَزعه لكَونه كَانَ حَرِيرًا صرفا، وَيُمكن أَن يكون نَزعه لِأَنَّهُ من جنس لِبَاس الْأَعَاجِم،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: المُرَاد بالمتقين الْمُؤْمِنُونَ، لأَنهم هم الَّذين خَافُوا الله تَعَالَى واتقوه بإيمَانهمْ وطاعتهم لَهُ.

تابَعَهُ عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ عنِ اللَّيْثِ،.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: فَرُّوجٌ حَرِيرٌ
أَي: تَابع قُتَيْبَة بن سعيد فِي رِوَايَته عَن اللَّيْث عبد الله بن يُوسُف شيخ البُخَارِيّ، وَرَوَاهُ عَن اللَّيْث، وَمر هَذَا مُسْندًا فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ من صلى فِي فروج حَرِير، ثمَّ نَزعه؛ حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث عَن يزِيد عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر إِلَى آخِره.
قَوْله: ( وَقَالَ غَيره) أَي: غير عبد الله بن يُوسُف، قَالَ: فروج، يَعْنِي أَن لفظ حَرِير مَرْفُوع صفة لفروج، وَقد روى هَذِه الرِّوَايَة أَحْمد عَن حجاج بن مُحَمَّد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة، والْحَارث عَن يُونُس بن مُحَمَّد الْمُؤَدب كلهم عَن اللَّيْث.

وَاخْتلفُوا فِي الْمُغَايرَة بَين الرِّوَايَتَيْنِ على خَمْسَة أوجه.
الأول: التَّنْوِين وَالْإِضَافَة كَمَا تَقول: ثوبُ خَز بِالْإِضَافَة، وثوبٌ خزٌ بِالصّفةِ.
الثَّانِي: ضم الْفَاء فِيهِ وَفتحهَا حَكَاهُ ابْن التِّين من حَيْثُ الرِّوَايَة، قَالَ: وَالْفَتْح أوجه، لِأَن فعولًا لم يرد إلاَّ فِي سبوح وقدوس وفروخ فرخ الدَّجَاج، وَحكى عَن أبي الْعَلَاء المغربي جَوَاز الضَّم،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: حُكيَ الضَّم وَالْفَتْح وَالضَّم هُوَ الْمَعْرُوف.
الثَّالِث: تَشْدِيد الرَّاء وتخفيفها، حَكَاهُ عِيَاض.
الرَّابِع: هَل هُوَ بجيم فِي آخِره أَو بخاء مُعْجمَة؟ حَكَاهُ عِيَاض أَيْضا الْخَامِس: مَا حَكَاهُ الْكرْمَانِي فَقَالَ: الأول فروج من حَرِير بِزِيَادَة: من، وَالثَّانِي: بحذفها،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَزِيَادَة: من، لَيْسَ فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) قلت: مَا ادّعى الْكرْمَانِي أَنَّهَا فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد.