فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الثوب الأحمر

( بابُُ الثَّوْبِ الأحْمَرِ)

أَي: هَذَا بابُُ حكم لبس الثَّوْب الْأَحْمَر وَلم يبين الحكم فِي التَّرْجَمَة اكْتِفَاء بِمَا فِي حَدِيث الْبابُُ.



[ قــ :5534 ... غــ :5848 ]
- ( حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي إِسْحَق سمع الْبَراء رَضِي الله عَنهُ يَقُول كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مربوعا وَقد رَأَيْته فِي حلَّة حَمْرَاء مَا رَأَيْت شَيْئا أحسن مِنْهُ) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهُوَ يُوضح الحكم الَّذِي أبهمه فِي التَّرْجَمَة وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك وَأَبُو اسحق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي سمع الْبَراء بن عَازِب حَال كَونه يَقُول كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مربوعا أَي بَين الطَّوِيل والقصير يُقَال رجل ربعَة ومربوع وَجَاء فِي صفته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أطول من المربوع وَمضى الحَدِيث فِي صفة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن حَفْص بن عمر مطولا وَمضى تَفْسِير الْحلَّة عَن قريب والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي اللبَاس عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان وَالْأَدب عَن بنْدَار بِبَعْضِه فِي الشَّمَائِل بِتَمَامِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن عَليّ بن الْحُسَيْن الدرهمي وَغَيره فَإِن قلت أَكثر أَصْحَاب أبي اسحق رَوَوْهُ عَن أبي اسحق عَن الْبَراء وَخَالفهُم أَشْعَث فَقَالَ عَن أبي إِسْحَاق عَن جَابر بن سَمُرَة أخرجه النَّسَائِيّ وَأعله وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه قلت نقل عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ حَدِيث أبي اسحق عَن الْبَراء وَعَن جَابر بن سَمُرَة صَحِيحَانِ فَإِن قلت رويت أَحَادِيث فِي الْمَنْع عَن لبس الْأَحْمَر مِنْهَا أَن أنسا روى أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يكره الْحمرَة.

     وَقَالَ  الْجنَّة لَيْسَ فِيهَا حمرَة وَمِنْهَا حَدِيث عباد بن كثير عَن هِشَام عَن أَبِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يحب الخضرة وَلَا يحب الْحمرَة وَمِنْهَا حَدِيث خَارِجَة بن مُصعب عَن عبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد عَن أَبِيه مثله ( وَمِنْهَا) حَدِيث الْحسن ابْن أبي الْحسن أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْحمرَة زِينَة الشَّيْطَان والشيطان يحب الْحمرَة قلت هَذَا كُله غير مُسْتَقِيم الْإِسْنَاد وأكثرها مَرَاسِيل فَإِن قلت أخرج ابْن ماجة من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن المفدم بِالْفَاءِ وَتَشْديد الدَّال وَهُوَ المشبع بالعصفر قلت هَذَا مَحْمُول على أَنه يصْبغ كُله بلون وَاحِد وَمَعَ هَذَا لَا يُقَاوم حَدِيث الْبَراء وَاعْلَم أَن فِي لبس الثَّوْب الْأَحْمَر سَبْعَة أَقْوَال الأول الْجَوَاز مُطلقًا جَاءَ عَن عَليّ وَطَلْحَة وَعبد الله بن جَعْفَر والبراء وَغير وَاحِد من الصَّحَابَة وَعَن سعيد بن الْمسيب وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وَأبي قلَابَة وَأبي وَائِل وَجَمَاعَة من التَّابِعين الثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا للأحاديث الْمَذْكُورَة الثَّالِث يكره لبس الثَّوْب المشبع بالحمرة دون مَا كَانَ صبغة خَفِيفا رُوِيَ ذَلِك عَن عَطاء وَطَاوُس وَمُجاهد الرَّابِع يكره لبس الْأَحْمَر مُطلقًا لقصد الزِّينَة والشهرة وَيجوز فِي الْبيُوت والمهنة جَاءَ ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا الْخَامِس يجوز لبس مَا صبغ غزله ثمَّ نسج وَيمْنَع مَا صبغ بعد النسج وَمَال إِلَيْهِ الْخطابِيّ السَّادِس اخْتِصَاص النَّهْي بِمَا يصْبغ بالعصفر لوُرُود النَّهْي عَنهُ وَلَا يمْنَع مَا صبغ بِغَيْرِهِ من الأصباغ السَّابِع تَخْصِيص الْمَنْع بِالثَّوْبِ الَّذِي يصْبغ كُله وَأما مَا فِيهِ لون آخر غير الْأَحْمَر من بَيَاض وَسَوَاد وَغَيرهمَا فَلَا وعَلى ذَلِك تحمل الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْحلَّة الْحَمْرَاء فَإِن الْحلَل اليمانية غَالِبا تكون ذَات خطوط حمر وَغَيرهَا -