فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب خاتم الحديد

( بابُُ خاتَمِ الحَدِيدِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الْخَاتم من حَدِيد، وَلَا يفهم من هَذِه التَّرْجَمَة وَلَا من حَدِيث الْبابُُ كَيفَ الحكم فِي الْخَاتم من الْحَدِيد وَاعْتذر بَعضهم عَنهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَدِيث على شَرطه، فَلذَلِك لم يذكر فِيهِ شَيْئا.
قلت: لما كَانَ الْأَمر كَذَلِك لم يبْق فَائِدَة فِي إِيرَاده حَدِيث الْبابُُ إلاَّ التَّنْبِيه على اخْتِلَاف إِسْنَاده وَاخْتِلَاف بعض الْمَتْن، وَأما الَّذِي ورد فِي منع خَاتم الْحَدِيد فَمِنْهُ مَا رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة من رِوَايَة عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَلِيهِ خَاتم من شبه، فَقَالَ: مَالِي أجد مِنْك ريح الْأَصْنَام؟ فطرحه، ثمَّ جَاءَ وَعَلِيهِ خَاتم من حَدِيد، فَقَالَ: مَالِي أرى عَلَيْك حلية أهل النَّار؟ فطرحه، فَقَالَ: يَا رَسُول الله! من أَي شَيْء أَتَّخِذ؟ قَالَ: اتخذ من ورق، وَلَا تَتِمَّة مِثْقَالا.
وَفِي سَنَده أَبُو طيبَة بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا بَاء مُوَحدَة اسْمه عبد الله بن مُسلم الْمروزِي، قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ.
قلت: أخرج ابْن حبَان حَدِيثه وَصَححهُ، وَمن ذَلِك مَا رَوَاهُ أَحْمد فِي ( مُسْنده) من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه لبس خَاتمًا من ذهب فَنظر إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ كرهه فطرحه، ثمَّ لبس خَاتمًا من حَدِيد فَقَالَ لَهُ: هَذَا أَخبث وأخبث فطرحه، ثمَّ لبس خَاتمًا من ورق فَسكت عَنهُ.
وَفِي سَنَده عبد الله بن المؤمل وَهُوَ ضَعِيف، وَمن ذَلِك مَا رَوَاهُ أَحْمد أَيْضا من حَدِيث عمار بن عمار: أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى فِي يَد رجل خَاتمًا من ذهب فَقَالَ: إلقِ ذَا فتختم بِخَاتم من حَدِيد، فَقَالَ: ذَا شَرّ مِنْهُ، فتختم من فضَّة فَسكت.
قَالَ شَيخنَا: رِوَايَة عمار بن عمار عَن عمر مُرْسلَة.



[ قــ :5557 ... غــ :5871 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ أبي حازِمٍ عَنْ أبِيهِ أنَّهُ سَمِعَ سَهْلاً يَقُولُ: جاءَتِ امْرَأةٌ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فقالَتْ: جئْتُ أهَبُ نَفْسي، فقامَتْ طوِيلاً فَنَظَرَ وَصَوَّبَ، فَلمَّا طالَ مَقامُها فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنيها إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِها حاجَةٌ.
قَالَ: عِنْدَكَ شَيْءٌ تُصْدِقُها؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: انْظُرْ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: وَالله إنْ وجَدْتُ شَيْئاً.
قَالَ: إذْهَبْ فالتَمِسْ وَلَوْ خاتِماً مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، قَالَ: لاَ وَالله وَلَا خاتَماً مِنْ حَدِيدٍ، وعَلَيْهِ إزارٌ مَا عَلَيْهِ رِداءٌ، فَقَالَ: أُصْدِقُها إزارِي.
فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إزارُكَ إنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ، وإنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْها مِنْهُ شَيْءٌ، فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَلَسَ، فَرَآهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُوَلِّياً فأمَرَ بِهِ فَدُعِي، فَقَالَ: مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآن؟ قَالَ: سُورَةُ كَذا وكذَا، لِسُوَرٍ عَدَّدَها، قَالَ: قَدْ مَلَّكْتُكَها بِما مَعَكَ مِنَ القُرْآن.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلَو خَاتمًا من حَدِيد) وَعبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي يروي عَن أَبِيه سَلمَة ابْن دِينَار الْأَعْرَج الْقَاص من عباد أهل الْمَدِينَة وزهادهم، يروي عَن سهل بن سعد الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي النِّكَاح فِي: بابُُ عرض الْمَرْأَة نَفسهَا على الرجل الصَّالح، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.

قَوْله: ( وَصوب) أَي: خفض رَأسه.
قَوْله: ( مقَامهَا) بِفَتْح الْمِيم أَي: قِيَامهَا.
قَوْله: ( إِن وجدت شَيْئا) أَي: مَا وجدت شَيْئا.
قَوْله: ( تصدقها) من الإصداق، وَكَذَلِكَ قَوْله: أصدقهَا.